_اختي نرجس أنت تعرفين أنني بعيد كل البعد عن التصرفات الصبيانية التي تصدر عن اكثر الطلاب ولم أفكر في يوم من الأيام ان اعقد صداقة مع إحدى الطالبات ولم أفكر حتى بالزواج من إحداهن.. وهذا كان طوال العامين الماضيين،
لكني هذه السنة تغيرت فكرتي تلك فلقد بدأت إحدى الفتيات تجذب انتباهي بتصرفاتها المتزنة وبتغيراتها الايجابية، أكيد عرفتيها إنها صديقتك (اشجان).. فأنا منذ العام الماضي لاحظت هذا التغيير لكني خفت أن تكون اشجان مقلدة لك لا أكثر ولا أقل أما هذه السنة فأشعر ان وجهها قد اشرق بنور الايمان وبأنها التزمت نتيجة عقيدة في داخلها وليست نزوة أو تقليد .
أرجوك يا نرجس هل أنا محق بتفكيري أم انني مخطئ وان افكاري هذه مجرد أوهام !؟
ابتسمت نرجس وهي مطرقة الرأس كالعادة وقالت :فعلا يا أخي ان اشجان تغيرت تغيرا جذرياً
_وكيف هذا أرجو التوضيح اكثر ان امكن؟
_لقد كانت اشجان من عائلة غير ملتزمة دينياً وبيئتها لم تكن تشجعها على الالتزام الديني
ولانها ورغم كل هذا كانت سليمة القلب فقد هداها الله الى الايمان وملأ قلبها بحب المهدي(ع) وبدأت منذ ذلك الحين تسير كما أمر النبي وآله.. ولهذا ترى أنوارهم (ع) ومحبتهم قد اشرقت ونورت وجهها..
_الآن فقط عرفت سبب تمسكي بتلك الفتاة قال تقي جملته هذه وقد احمّر وجهه ثم اكمل: صدقيني يا أختي نرجس ..أنا لست ممن يتطلع في وجوه الفتيات أو ينظر اليهن بربية ولا اعرف ما الذي جعلتي أنتبه لاشراقة تلك الفتاة.. رغم انني لم اكن مهتما بها عندما كانت غير ملتزمة.. قد يكون ايمانها وطيبة قلبها وسلامة فطرتها هو الذي جعلني اتمسك بها وهو نفس السبب الذي جعلني الآن أقف أمامك طالباً منك ان تتكلمي معها وعن مشاعري اتجاهها .. قولي لها ان تقي لا يريد علاقة زائفة أو صداقة منحلة فأنا هدفي أسمى من هذا بكثير فالذي أريده هو أن اطلب يدها للزواج. .
وفي هذه الأثناء جاءت اشجان وتعجبت عندما شاهدت نرجس تتحدث مع أحد الطلاب ... ومع من مع تقي ! بدأت تقترب منها وما إن وصلت حتى بادرت بالتحية :السلام عليكم
_اجابت نرجس وكذلك تقي :وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
_قال تقي : و الآن أنا أستأذن للذهاب وأرجو ان لا تنسي يا نرجس بأني أنتظر الرد على ما تكلما فيه ...عن اذنكما
_قالت نرجس:حسناً يا أخي سوف يحصل ان شاء الله
_ذهب تقي ولم تنتظر اشجان فلقد اختلطت عليها الامور فسألت صديقتها :ما الذي يحدث يا نرجس ؟ وما الذي أراده ذلك الشاب منك ؟
_ابتسمت نرجس وفي لهجة مازحة قالت :انه يريد ان اتكلم مع احدى الفتيات بشأنه
_بشأنه ! وما هو شأنه؟
_انه معجب بإحدى الطالبات في صفنا ويريد أن أتوسط إليه حتى تقبل تلك الفتاة الارتباط به
_نعم نعم فهمت الآن...لكن من هي هذه الفتاة التي اعجبت تقي ؟وهل هناك أصلاً فتاة تعجبه ! انه شبه مغرور ومتزمت و...
_قاطعتها نرجس:مهلا مهلا يا أشجان !هل لانه شاب ملتزم ولا ينظر الى الفتيات ولا يجاملهن نقول عنه هكذا؟
_خجلت اشجان وقالت :فعلا يا نرجس انه ملتزم ولم أقصد أن اتكلم عنه بسوء ولكن الا تتصورين بانه لا توجد فتاة بيننا تستحقه؟
_ضحكت نرجس وقالت:هااا...قولي هكذا ! إذن انتِ ترين انه اكبر قدرا من أن يرتبط بواحدة من الطالبات ...أليس كذلك؟
_غضبت اشجان لكلام نرجس وقالت لها :ما بك اليوم يا نرجس !؟ لماذا تحاولين اتهامي كلما تكلمت بكلمة ،هااا...ماذا دهاكِ؟
_قالت نرجس وقد توقفت عن المزاح بعد ان استجمعت قواها لتخبر اشجان عن الحقيقة :اسمعي يا اشجان إن تقي معجب بشخصيتك.
_قالت اشجان وهي لا تصدق ماسمعت :ماذا ...أنا؟؟!
_عادت نرجس الى لهجة المزاح وهي تقول :انا لم أقل أنه معجب بشكلك او جمالك يا صديقتي ! أنا قلت انه معجب بشخصيتك.
_امسكت اشجان بيد نرجس بقوة وقالت:ارجوك يانرجس لا تلفي وتدوري ... ولا تلعبي بمشاعري وعواطفي قولي الحقيقة هل أنا هي نفس الفتاة التي أعجبت تقي ؟
_نعم يا حبيبتي أنت صدقيني ...أنا لا أمزح إنه يراك فتاة احلامه و...
_قاطعتها اشجان وقد تغيرت ملامحها عندما تذكرت قصتها مع ذلك الفتى رافد :و يريد مني علاقة ؟
_أنا لم أقل ذلك.. ومن ثم إن تقي بعيد كل البعد عن هذه الأفكار الشيطانية ،لقد أخبرني بأنه يريد الارتباط بك عن طريق طلب يدك من أهلك وباسرع وقت إن أمكن..
_هنا دمعت عينا اشجان ورددت : إلهي هل أنا استحق كل هذا الكرم منك يا ارب؟ طالما تمنيت ان أتزوج شابا ملتزما يقربني أكثر لربي و ديني و إمامي الحبيب وها انت يارب ترسل لي(تقي) اكثر طلابنا التزاماً وتديناً ،آه ...كم أنت كريم يا الهي وكم نحن البشر جاحدين وغافلين عن هذا الكرم !
_دمعت عينا نرجس هي الاخرى ورددت الاية الكريمة:{ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ }
ثم قالت لها:حسناً سوف أذهب لأخبر تقي بانك موافقة وليس لديك أي مانع لأنه الآن ينتظرك على أحر من الجمر .
وفعلا تكلمت نرجس مع تقي وما كان إلا أن يخرج ورقة وقلما ليعلن عن استعداده لكتابه العنوان الكامل لمنزل اشجان .
إذ قال لنرجس بصوت مضطرب من شدة الفرح : أخبريني بعنوان أهلها وسنكون نهاية الاسبوع في منزلهم أنا وأهلي لتتم الخطبة بشكل رسمي ان شاء الله..
لم تمض أيام حتى شاع خبر خطوبة اشجان لتقي و أغلب الذين كانوا يسمعون الخبر سواء طلاب أو أساتذة كانت كلماتهم ومشاعرهم هي: أنهما يليقان ببعضهما وليبارك الله في حياتهما لقد اختار تقي ونعم الاختيار..
انتهى الفصل الدراسي الأول من المرحلة الثالثة وعادت فتياتنا كل إلى مدينتها وأهلها ليقضين العطلة هناك.. وخلال هذان الاسبوعان جاء خطيب رؤى لزيارتها فاستقبلته وكلها شوق للجلوس معه والتحدث اليه بعد هذه الفترة الطويلة من الفراق .
كان أحمد شاباً مؤدبا وخلوقا يحب رؤى كثيرًا ويتمنى ان يُنفّذ لها كل ما تريده ،ومنذ أن فكر بالزواج كانت رؤى قد احتلت المرتبة الاولى في قائمة اختيار الزوجة له.. فهي متميزة قريباتها بالأدب والأخلاق والتدين وهذا ما شده اليها ،وها هو اليوم اكثر نهاره مع زوجة المستقبل وحبية القلب رؤى.
_قال لها :اتمنى ان تمضي الايام سريعا وارى نفسي فجأة وقد جمعني معك بيت واحد .
_ابتسمت رؤى بحزن ثم قالت :انها امنيتي انا ايضا يا أحمد لكن هناك شيء واحد يقلقني.
_وما هو يا حبيبتي؟
_لقد قالت لي والدتي انك هذه الايام تستهين بالصلاة وتؤخر وقتها بل في بعض الاحيان تتكاسل عنها ولا تؤديها فهل صحيح ما نقلوه عنك يا أحمد؟
_صمت احمد فهو لا يستطيع أن يكذب والدته!
_كانت رؤى تحب خطيبها وتحترمه لكن لا يمكن أن تستهين هي الأخرى بهذا الأمر قالت له:لماذا الصمت يا أحمد اذن انك فعلا تتهاون في صلاتك
_ارجوك يا رؤى لا تعكري الجو
_ماذا وهل التكلم بهكذا موضوع يعكر الجو؟
ان الامر اهم مما تتصور يا زوجي العزيز !
وكانت رؤى قد قالت العبارة الأخيرة هذه بتشدد جعلت أحمد قلقاً ومضطربا..
حاول تهدئتها فإن المعروف عن رؤى انها عندما تصبح عصبية تنهار ولا تتمالك نفسها..
قال لها: أرجوك لماذا هذا الغضب ؟ لنتكلم بهدوء!
هنا تذكرت صديقتها نرجس وكيف كانت تهدئها في مثل هكذا مواقف.
وتذكرت كلماتها تلك (إن الاشخاص غير الملتزمين لايمكن جذبهم الى رحاب الله بهذه الطريقة، يجب اثبات صحة كلامنا بالادلة والبراهين مع الهدوء والابتعاد عن العصبية)
نعم تذكرت رؤى كلام نرجس كلمة كلمة حاولت أن تهدأ ثم بدأت تستحضر الآيات والأحاديث التي تبين عقوبة تارك الصلاة ودعت الله في نفسها أن يقويها ويعطيها قدرة على اقناع أحمد..
قالت بشئ من الهدوء :أحمد هل انت مؤمن ؟
_ان شاء الله
_وما معنى كلمة مؤمن يا أحمد ؟
صمت احمد بدون جواب وتجيب رؤى :انه من ثبت الايمان في قلبه .والايمان هو ما وقرته القلوب وصدقته الاعمال حسب أقوال ائمتنا (ع).. يعني انك لا تكون مؤمناً حتى يظهر أثر ايمانك على أعمالك وأفعالك.. وكيف تكون مؤمناً و أنت تارك الصلاة أو مستهين بها! وما هو هدفنا في هذه الحياة غير عبادة الله ومعرفته؟
ألم يقل تعالى :{ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ }
_صدقيني يا رؤى أنا مؤمن بوجود الله ومعترف به و أحبه ،ولو لا حبك لله وتدينك لما اخترتك من بين جميع الفتيات..
_ولو كنت فعلا تحب الله لسعيت إلى اطاعة أوامره ،ثم رددت على مسامعه الأبيات الشعرية المؤثرة:
تعصي الاله و أنت تظهر حبه هذا لعمرك في الفعال شنيع
لو كان حبك صادقا لأطعته إن المحب لمن أحب مطيع
واكملت :.....
#يتبع
✍🏻 رويده الدعمي