HOW CAN I SERVE YOU SIR ? ||...

بواسطة shinyiry

379K 14.2K 2.2K

[ THIS STORY CONTAINS A HOT SAUCE 🔥! ] « ملاكي، أنتِ ملاكي الصغير اللَّطيف أنسة ويلسون » « أوه بخصُوص هذا أن... المزيد

▶ CHAPTER 00 : PROLOGUE
▶ CHAPTER 01 : ACCEPTANCE
▶ CHAPTER 02 : TRADITIONS
▶ CHAPTER 03 : TOUCH
▶ CHAPTER 04 : DECISION
▶ CHAPTER 05 : TEMPTATION
▶ CHAPTER 06 : HEARTBEATS
▶ CHAPTER 07 : JEALOUSY
▶ CHAPTER 08 : FEELINGS
▶ CHAPTER 09 : SURVIVAL
▶ CHAPTER 11 : PALPITATIONS
▶ CHAPTER 12 : SUDDEN
▶ CHAPTER 13 : CONFESSION
▶ CHAPTER 14 : DREAM
▶ CHAPTER 15 : SHOCK
▶ CHAPTER 16 : KISS
▶ CHAPTER 17 : MY ANGEL
▶ CHAPTER 18 : SHE'S MINE
▶ CHAPTER 19 : MESS
▶ CHAPTER 20 : LOVE
▶ CHAPTER 21 : SECRET
▶ CHAPTER 22 : NOBODY KNOWS
▶ CHAPTER 23 : ATRICK
▶ CHAPTER 24 : GOODBYE
▶ CHAPTER 25 : SACRIFICE
▶ CHAPTER 26 : RUN
▶ CHAPTER 27 : WITHYOU
▶ CHAPTER 28 : THE END
▶ ADVERTISEMENT
▶ coffee !

▶ CHAPTER 10 : BACK

10.9K 515 42
بواسطة shinyiry

بعد مرُور عدَّة أيَّام.

« لا أُصدِّقُ أن الإدارة تتخذُ بعض القرارات من خلفي وأنا المسؤُول الأوَّلُ هُنا »

تنحنحتُ بصوت مُستاءٍ بينَّما أُقلِّبُ الأوراق لديَّ على منضدة المكتب، ليون الذي كان بجوار خزانة الملَّفاتِ يبحث بكسلٍ أعطاني نظرةً مُتفحصَّة قبل أن يتوقَّف عن التجوُّل بإصبعه بين ملايين الأوراق.

« أنت لن تتحدَّث عن أمرٍ مرَّ عليه قرنٌ كأنَّهُ البارحة صحيح ؟ »

بلغتني لهجتهُ الطبيعيَّة فرفعتُ بندُقيَّتاي إليه في صمتٍ وتنهدتُ بخشُونة.

« إنَّها أمورٌ روتينية في الإدارة إذا لم يُسجِّل أحدٌ حضورهُ لفترة يتِّمُ فصلهُ، لا تفكر بهذه الأمور السطحيَّة جون لديك أمورٌ أهمُّ منها »

أردَّف قائِلاً ثُمَّ رفع شفتيه بعد أن بلغ مُرادَهُ وجذب مُغلَّفاً أزرق كنُت قد أوصيتهُ بالبحث عنهُ في خزانتي التي باتت فوضوِّيةً بغياب الأنسة بيِّرل.

« أعتقدُ أنَّهُ يجبُ عليك الإستعانة بموظَّف ترتيب وتنظيم سيد جون الحالة يُرثى لها وتدفعُني إلى الجنون، أنا لا أستطيعُ فعل كلِّ شيءٍ وحدي »

إقترح ليون ومضى بإتِّجاهي وهو يمسِّكُ المُغلَّف بإهمال فأجبتهُ رافضاً

« لا أنا لا أثقُ بعمال الترتيب لأضعهُم أمام خزينة الملَّفاتِ السرِّية »

كان يعلِّمُ أنَّ هذا سيكونُ جوابي بالمقام الأوِّل لأنَّ الوحيدة التي كانت ترتِّبُ أغراضي فيما مضى هي السيدَّة أوليفيا والأن خِلفتُها بيِّرل وطوال الوقت لم أشتكي من أيِّ شيءٍ ضائع أو أيِّ ورقة مفقودة ولا حتى النُسخ منها.

« سكرتيرتُك ستعودُ اليوم أليسَ كذلك ؟ أنا متشوِّقٌ جدًا لرؤيتها مادُمت أنت وأُختُك تمداحانها طوال الوقت أمامي لتُشوِّها كرامتي كسكرتير »

« سكرتيرٌ مُساعد »

صحَّحتُ كلامهُ فعقد حاجبيه وقعد بمؤخرته اللَّعينة على الحافَّة لأنَّهُ من بين كلِّ الجملة هذا ما إنتبهتُ إليه وأنا أنجز ما بين يديَّ بعُمق.

« لا يهُم، سأثبتُ أنِّي أفضل منها وحين ينتهي عقابي عليك أن تُعيدني إلى وظيفتي الأصليَّة »

تحدَّث بتلكؤٍ ثُمَّ حرَّك ردفهُ بملامح عابسة بعد أن ثقبتهُ نظراتي القاتمة وأرعبتهُ، دون أن أضيف أيَّ شيءٍ بخصوصه هرب بعينيه بعيداً عنِّي وتفقد ساعتهُ قائلاً.

« سأُحضرُ لك القهوة يا سيِّد جون »

« كان يجدر بك أن تفعل منذ نصف ساعة »

حدَّثتهُ بلهجةٍ خشنة فتهرِّب فوراً، أنا سعيدٌ لأن الأنسة ويلسون ستعودُ اليوم بعد عطلتها المرضيَّة لأنَّني إكتفيتُ حقاً من ليون المُزعج، لحدِّ الأن لستُ أدركُ أيَّ نوع من العفاريت سكنَّ دماغي وجعلني أقبلُ توظيفهُ من جديد رغم أنِّي لم أُسامحهُ بعد، إنَّهُ رجلٌ لا يستحقُّ التوظِيف بعدما فعله لكنَّهُ ذلك اليوم توسَّلني كالمُطلَّقة.

« أنسة ويلسون عودي بسُرعة بحقِّ الرب »

رفعتُ إستنجادي إلى السقف وفتحتُ الدِّرج السفليَّ بحثاً عن ختمِّ إسم الشركة بين الأغراض المُبعثرة، تطلبني الأمرُ أكثر من فرز لأجدهُ حتى دخل عليَّ دميتري يلهثُ قائلاً.

« سيد جون تعالى أرجوك الأنسة أبجيل تفتعلُ شجاراً من جديد مع ليون في الردهة ! »

قلبتُ عيناي في ضجرٍ، إنها مرَّاتٌ لا تحصى قد فصلتُ بينهُما منذ أن طردتُ يوري ووظَّفتهُ هو والوضعُ يتأزِّمُ بمرور الوقت إذ أنِّي وقفتُ بين أختي التي أضحت متوحشِّة وصديقي الطاعون، لم أعد أستطيع تحمُّلَ هذا بحقِّ الجحيم.

« أنا قادم »

كنت أعلمُ أنَّهُ إن لم أتدخل هذه المرة أيضاً سيقلبُ كلاهُما طاولات المكاتب ويصنعان حرباً عالميةً ثالثة في المكتب غير مكترثين لي وأنا جدُّ مستاء لتصرُفاتهما الصبيانية.

غادرتُ مكاني وبلغتُ الردهة هناك لمحتهُما عند ألَّة القهوة يتناقشان بحدَّة وبألفاظٍ سوقية أمام حشد الموظَّفين كأنَّهُما في زريبة أو ما شابه ذلك.

« هلا تتوقفين عن التصرُف كأنِّك محورُ الكون لفترة ؟ لقد قلت سأخذُ القهوة أولاً يمكنُك الإنتظارُ حتى يحينَ دورُك ! »

« إذا لم تكُن تعلم هذا فسوف أخبرُك أنَّهُ لم يسبق لي الوقوف في الطابور وتلك عادةٌ لرُبَّما إكتسبتها أنت في إنتظار أن يُشفق عليك أحدٌ ويضُمِّك إلى خطِّ الأنابيب في أوروبا »

حرِّكت أبجيل شعرها الطويل إلى الخلف بغرورٍ بعد أن طارت جبهة ليون إلى درب التبَّانة وعندها إشتعل أكثر وتقدَّم إليها خطوَّة إضافيَّة.

« أوه حقًا على الأقلِّ لم أزحف خلف يوري كما فعلتِ أنتِ  لأنَّ خطَّ الأنابيب مشروعٌ لربَّما لن تحلمي بدخوله مُطلقاً فيما أنا كدتُ أكونُ جزءًا منهُ »

ردُّ ليون جعل من رغبة أبجيل في خنقه تتصاعدُ لذا جذبت ربطة عنقه المرتبة وجعَّدتها بعنف قبل أن تُعلن لهُ عن سخطها الواضح إتجاههُ.

« جملةٌ أخرى عن يوري وستجدُ نفسك مقتولاً ومحشوراً في ألة القهوة »

عندما شاهدني الموظَّفون أُطلُّ فضَّ التجمهُر وعاد كلٌّ إلى عمله فيما مررتُ أنا أمامهُما ضغطتُ على المكبس لأختار نوع قهوتي هامسا بنوعٍ من الغضب الشديد.

« أبجيل إلى مكتبي حالاً .. »

وجهتُ نظراتي الصارمة ناحيَّة ليون وأردفتُ بلهجةٍ باردة بينما تفلتهُ.

« وأنت أحضر قهوتي معك وإتبعنا »

تجاوزتني أبجيل إلى المكتب بتعابير ساخطة، كنتُ أدركُ جيدا أن هذا الحقد ماهو إلا نتيجةُ تلك الصور التي تمَّ إلتقاطُها لها مع يوري خلسةً من قبله ومع هذا لن أنكُر أنَّهُما كانا مثل القطِّ والفأر فيما مضى.

دلفتُ المكتب مُجدَّداً ونظرتُ إلى أبجيل التي صالبت ذراعيها أمام الواجهة الزُجاجية وجلست، بالطبع كانت لاتزالُ غاضبة مني لأنِّي طردتُ يوري.

« حتى لو لم يخبرني ليون عاجلاً أم أجلاً كنتُ سأعرفُ أنِّك تواعدينهُ »

نظرت إليَّ أبجيل بعيون جاحضة ثُمَّ فعلت لهجتها العدوانية وقالت.

« على الأقل كنت لتعرف بطريقة معقولة »

دخل ليون بعد فترة قصيرة ووضع قهوتي أمامي، حين تفحَّصتُها كانت فاترة وأنا لستُ مِمن يسعدُون بالمشاركة في مهرجان الأشياء الباردة.

« القهوة باردة ليون »

« أوه بخصوص هذا أعذرني لأنَّني إعتدتُ عقد المؤتمرات لا أن أكون شخصاً يوصلُ القهوة »

رتب ياقتهُ المُجعدة وتبادل معها نظراتٍ ساخطة قبل أن تُخاطبني مُجدَداً.

« لا أعلمُ لما توظفُ شخصا عديم الفائدة مثلهُ جون »

« من تُخاطِبين بعديم الفائدة يا عديمة الفائدة ! »

شنَّ ليون هجومهُ مجدَّداً وكاد حبلُ صمت أبجيل أن يفلت لو لم أضرب الطاولة وأقوقف الأمر عند ذلك الحدِّ فإنكمشت تعابيرهُما خجلاً وكلاهما لم يريدا مني إظهار جانبي الحازم لأنَّهُما سيندمان فيما بعدُ عند ظهور النتائج.

« ليون أنت تخاطبُ أختي توقف عندَ حدودك من فضلك ! من غير المسموح لك الإنجرافُ إلى هذه الصبيانية، وأنتِ آبي توقفي عن إفتعال المشاكل في كل موقف يسمح »

مرِّرتُ أناملي بين خصلات شعري بخشونة ثمَّ جلستُ في مقعدي وأردفتُ.

« بدل أن تعملا معا أنتُما تتقاتلان، عليكُما أن تتخليا عن ما تفعلانه لأنَّهُ عديمُ الجدوى ويُسبِّبُ لي الصُداع بحقِّ الجحيم ! »

طرقاتٌ خفيفة صدحت خلف باب مكتبي بينما أتحدَّثُ وحين أعطيتُ الإذن بالدخول ظهرت أيقونة المرأة النحيفة وهي ترتدي بنطلون جينز فضفاض بلون شاحب وبلوزة لؤلؤية مع سترة مُخمليَّة، كانت بيرل تجعلُ شعرها مُنسدلاً على كتفيها وتبتسمُ كعادتها.

« نهارُكم سعيد، أنا أسفة سيد جون لقد تأخرتُ لأنَّهُ كان عليَّ المرور على المستشفى »

كانت تلك المرَّة الأولى التي أشعر فيها أنِّي بحاجة شخص ما وأَنِّي سعيدٌ لرؤيته.

« بيِّرل ! تعالي لنشرب شيئاً ما في الخارج .. »

نهضت أختي بتعابير مُكفهرَّة ولفَّت ذراع السكرتيرة مصطحبةً إياها خلفها دون أن تعيرنا نحنُ الرجلان أي نوع من الإعتبار فيما صنعت أماراتُ بيِّرل نوعاً من الدهشة، نعم أبجيل عندما تشعر بالغضب تقسو وأنا الشخص الوحيدُ الذي سيدفع ثمن هذا لاحِقاً.

«  هذه هي بيِّرل ؟ »

سألني ليون فيما يُطالعُ الباب المُغلق خلفها ثمَّ أردفَ هامساً.

« ليست كما تخيَّلتُها .. »

حتى ليون أدركَ ذلك بنظرة واحدة فلم تكُن هناكَ إمرأة واحدة في الشَّركة تملكُ هالتها تلك، هالة الجذب غير الطبيعيَّة.

« جون إسمعني »

أصلح ليون تعابير وجهه وأماراتهُ السويَّة أعلمتني أنَّهُ إتَّسم بحسِّ الجدية وهو يجلسُ على الكرسيِّ المقابل لي.

« ماذا هُناك ليون ؟؟ »

حكَّ ليون ذقنهُ وإستغرقهُ الأمرُ لحيظاتٍ قبل أن ينظر إليَّ وينبس قائلاً.

« عليك أن تتفقد بعض المستندات المالية أؤكدُ لك أنَّ هناك إختلاس »

نظراتهُ لم تُعجبني فتحتها كان هُناك إتهامٌ مُباشر ليوري أنهُ غطَّى على شيءٍ ما وأنا بالكاد لديَّ الوقتُ لأتنفس وأقوم بعملي المُتراكم حتى أفتح تحقيقاً كاملاً بخصوص هذه القضيَّة وأطالع ألالاف الأوراق المكتبيَّة !

« هل أنت متأكدٌ مِما تقولهُ ؟ لأنَّ تلفيق تهمة كهذه أمرٌ خطير »

تلفظتُ، وجهُ ليون بقيَّ على حاله وأخبرني أنه لا يمزحُ مُطلقاً.

« إسمع، أنا لن أفتح تحقيقاً بناءً على فرضيَّاتك أو حاستك السادسة إذا كان هناك أمرٌ أنت متأكدٌ منهُ وتريدُ إخباري به أخبرني مباشرةً بدل اللَّف والدوران »

وضعتُ مقصدي في دُرج عقله مُباشرةً ثُمَّ أردفتُ.

« و الأن أخرج وساعد الأنسة بيِّرل في عملها »

كانت حالي في فوضى وعقلي مُرهقٌ للحدِّ الذي لم يعد يستطيعُ فيه العمل بشكل جيِّد، إحتجتُ إستراحة كعُطلة تدليك رُبَّما أو يوماً جبليا بدون هواتفي التي ترِّنُ كلَّ خمس دقائق.

لم أحظى بنومٍ جيد ليلة الأمس وهذا أثَّر على سيرورة عملي إذ أنِّي أصبحتُ أُرغمُ نفسي على فعل ما أُحبُّ فعله، شعرتُ أنِّي بدأتُ أنطفئُ قبل وصول فترة الغداءِ حتى ولم يكن بإمكاني الإنسحاب قبل أن أكمل نصف التراكُمات على الأقل.

« أنسة ويلسون هلا تأتين إلى المكتب ؟ »

إستدعيتُها عبر إتصال سريع فدخلت عبر بابي في اللِّحظة التالية وسألتني.

« كيف يجدُر بي خدمة سيدي ؟ »

« قبل أن تفعلي أي شيء غير مستعجل أريد منك ترتيب الخزانة »

قلتُ وشاهدتُها فورا تتوجَّهُ ناحية الخزانة وتفتحُ أبوابها الزجاجيَّة على مصرعيها، ' كيف يمكنُني خدمة سيدي ؟ ' كانت جملة مثيرة من الخطير أن تُقال لرجُل دماغهُ يترنِّحُ بين الإنحراف والإستقامة.

« حسب ترتيب حروف الأبجديَّة ؟ »

أومأتُ وشاهدتُها ببراعة تُفرغُ محتواها إلى الطاولة الزجاجية في الجوار.

« إذا وجدت ذلك صعباً يمكنك العودة بعد الغداء ! »

نبستُ وأنا أتفقدُ ساعة معصمي وأنهضُ من مكاني مترقِباً ردَّها.

« أنا لا أشعُر بالجوع سيد جون يمكنُني تجاوز الغداء لهذا اليوم »

رفعتُ حاجبايَّ ورتبتُ هندامي مُجيباً بينما أُحضَّرُ نفسي للمُغادرة.

« إذن أبجيل ستتناول الغداء وحيدة »

« لا، أبجيل غادرت منذ فترة قالت أنَّها لن تكون موجودة في بقيَّة اليوم لأنها تشعر بالتعب ولا تستطيع التركيز في العمل »

لا أعتقدُ أن الإرهاق والتعب حواجزُ ترغمُها على المُغادرة بل إن الأمر راجعٌ إلى شيءٍ أخر فأبجيل حتى لو بدت عديمة الفائدة بمُزاحها في الجوار خلف الستائر هي تكدِّحُ وتُرسلُ لي ألالاف الإيميلات الخاصة بالعمل.

« كل الأمور على ما يُرام آبي ؟ »
« أنت لم تهربي لمُقابلته صحيح ! »

أرسلتُ رسالة نصيَّة عبر هاتفي وماكدتُ أرجعهُ إلى جيبي حتى إهتزَّ مجدَّداً بردِّها، أبجيل أرسلت لي صورةً لها في المنزل وهي نائمة وكنت أستطيعُ أن أعرف أنها صورة حديثة من الساعة الإلكترونية بجانب رأسها.

« بربِّك جوناثان »

« هل أنت مريضة أو ما شابه ؟ »

سألتُ وظللّتُ أحدِّقُ بالنقاط التي تتراقصُ دلالةً على أنَّها تكتُب لي.

« أنا أشعر بالخيبة، الفشل الذي لحق بالمشروع يزعجني »
« عليَّ أن أعتذر مطوَّلاً عن ذلك »
« ورؤيةُ ليون تزيدُ الأمر سوءً إنهُ يصيبُني بالتوعُّك »

« إرتاحي اليوم وإحصُلي على طعامٍ جيِّد، لا تشغلي بالك بتلك الأمور »

رفعتُ بندُقيَّتاي إلى الأنسة ويلسون وإتكئتُ على منضدة الزينة، لم أنتبه لسرعتها وقد أتمَّت ترتيب رُبعها بمهارة وطريقة تسُرُّ الناظرين، إنَّها حقاً إمرأة شاطرة.

« ألن تحصُل على الغداء سيدي الرئيس ؟ »

بعد أن بالغتُ في النظر إلى تفاصيلها شعرت الأنسة بيِّرل بنظراتي تحرقانها وإلتفتت إليَّ ما أن تجاوزت الساعة الثانيَّة عشرة فأجبتُ بصوتٍ مُتحسِّر.

« أعتقد أن تناول الغداء المتأخر في الفترة السابقة أصبح عادة لديَّ، لا أظنُّ أنِّي جائعٌ أيضًا »

« يمكنُني تخمينُ الشخص الذي خرَّب شهيتك »

أعربت بعفوِّية وإبتسامة خجولة ثمَّ إلتقطت ملفاً أخر وحشرتهُ في الرَّفِ.

« نعم بالفعل، لقد تمَّ تعذيبي من قبل هذا السكرتير المُساعد »

علَّقتُ، زحزحةُ عيناي عنها لم تنفع لأنَّ قهقهتها اللَّطيفة جذبتني لتأمُّلها.

« حسناً لقد عدت وستكون الأمور على ألفِ خير مايُرام »

أظهرت ثقةً في جملتها فإبتسمتُ وقلتُ في المُقابل وأنا أحتضنُ هاتفي بين كلتا يديَّ.

« أنا سعيدٌ لأنِّك عُدت أنسة ويلسون رغم ماحدث لك، أنت أنسة قويَّة »

« الحياةُ تحبُّ أن تكونَ قاسيَّة وتجبرُك على أن تكون قوياً سيدي الرئيس »

توقفت بيرل لحظة ونظرت إلي مع جُملتها، لقد رأيتُ في عينيها الجميلتين نوعاً من الألم وشيئاً لا يُمكنُ فهمُه قبل أن تكمل الفرز.

« مالذي كانت الأنسة ويلسون تعملهُ قبل أن تجد هذه الوظيفة ؟ يمكنُك إخباري إن وددت ذلك .. »

« لقد كنت أعمل بدوامٍ جزئيٍّ .. أغسل الأطباق أحيانا في المطاعم »

أخبرتني وأحببتُ جدا تعابير الفخر في وجهها لأنها لم تخجل من ذكر ذلك لي ولم تعتبره أمراً مُهِيناً يمكنُ أن يستصغرها في نظري.

« مثالٌ حيُّ على المواهب الضَّائعة »

في النهاية لم يولد كل شخصٍ مثلي في عائلة ثريَّة كلُّ أملاك والده أصبحت لهُ، رغم أنِّي تلقيتُ دروساً صعبة في الحياة وجاهدتُ إلا أنِّي مُمتنٌ للدفعة الأولى التي حصلتُ عليها فلم أكن أعاني مشاكل ماليَّة أو ما شابه.

« لا بأس أنسة ويلسون إنَّهُ ليس عيباً، المُهمُّ هو هل تجدين راحتك في هذه الوظيفة الحالية ؟ »

بعد أن فرُغت بيِّرل من ترتيب الصفِّ الأول إلتفتت إليَّ ببُطىءٍ وأجابت.

« إنَّها أفضلُ وظيفة عملتُ فيها على الإطلاق »

إبتسمتُ وسع ثغري، أحبُّ الأشخاص الذين يُظهرون إمتنانهُم لأبسط الأشياء، الأشخاصُ الذين يقدرون الأشياء التي يملكونها قبل التي لا يملكُونها.

« مسرورٌ لسماع هذا »

لقد غمرني شعورٌ دافءٌ وأنا أُحدِّثُها، شعورٌ لا يشبه الشعور الذي كنت أحسُّ به وأنا أثرثرُ لأوليفيا، للمرَّة الأولى في حياتي لستُ أدركُ الغرض من هذا الذي يتراقصُ داخلي ولستُ أعرفُ ماهيتهُ لكنَّني أحببته.

بقيةُ اليوم كانت عاديَّة، رغم أنَّ الأنسة ويلسون لم تكن في قمَّة نشاطها المُعتادِ إلا أنَّنا أنجزنا أعمالنا وأَقمنا الإجتماعات في الوقت المُحدَّد وبنهاية اليوم غادرنا جميعُنا إلى المنزل بدل أن نعمل لساعات إضافيَّة.

كانت الساعةُ تشيرُ إلى حوالي السادسة والنصف عندما قرَّرتُ في أخر دقيقة أن أغيِّر الطريق وأَزور محلَّ الحلويات الذي تديرُه بيني، كان أشهر مخبز للحلويَّات التقليديَّة في بروكسل ولديه سُمعةٌ جيدة حقاً.

« أعتقدُ أنَّني وصلتُ متأخرًا ! »

ركنتُ سيارتي على الرصيف وترجلتُ ناحيَّة بيني مُطلقاً سلاماً مُبهِماً  بدورها كانت تغلقُ باب المتجر مبكراً على غير العادة وفي نفس اللَّحظة ردَّت عليَّ.

« لقد أغلقنا يرجى الزيارة غداٌ »

« لقد أتيتُ من أجلك بيني، هل يمكنُنا التحدُّث قليلاً ؟ »

كان صوتي غريباً عليها إلا أنَّها منذ اللَّحظة التي أبصرت فيها وجهي قطبت حاجبيها وعادت مجدِّداً لفتح باب المحلِّ، خلال دقيقتين كُنَّا أنا وهي مضطجعين إلى طاولة في الزاوية نحتسي مزيجاً من مشروب الشكولا والكريمة وبيننا حلوى الوافل بالزُبدَّة.

« إذن مالذي جعل الرجُل الوسيم يزورني ؟ »

« إن سمع ألفريدو هذا سيعتقدُ أنَّنا في موعد غرامي من خلف ظهره »

قلتُ وأنا أُصالبُ ذراعاي مُحدِّقاً للأسفل في كوبها فرفَعت شوكتها وطعنت الوافل بقوَّة تحملُ كلَّ شيءٍ إلا الرغبة في الحديث عن أخي.

« لا تُحدِّثني عنهُ فأنا و ألفريدو قد إنفصلنا منذ فترة »

هذه الأنسة الشقراء التي ترتدي الجينز الداكن والقميص الصيفي الأرجواني بصُندِّل مرتفع الكعب كنتُ قد قابلتُها في المنزل عدَّة مرات كونُها تكون خليلة ألفريدو التي ثقب رأسي بالحديث عنها والأمس تحديداً توسَّلني حتى أقابلها و أُرطِّبَ له الأجواءَ الجافة بينهُما.

منذ أيام الجامعة درست بيني معهُ لعدَّة سنوات في مجال إدارة الأعمال والأن بعد أن تخرَّجت تولَّت إدارة مخبز العائلة المتوارث الذي يزيدُ عمر وصفاته عن القرنين فيما ألفريدو البغلُ بشهاداته يجوبُ الحانات فحسب.

« تعلمين أنَّ ألفريدو يحبُّك أكثر من أيِّ شيءٍ أخر يا بيني »

قفزت نظراتُها غيرُ المُتفاجئة إليَّ، مرَّرت أناملها على فوَّهة كُوبها لكنَّها لم تشرب منهُ.

« لو كان يُحبُّني حقاً لكان قد وفى بوعده لي بدل أن يضع ملايين الحُجج »

عبستُ في وجهها كيفَ أنَّها تُقابلُ حبَّهُ المجنون لها بهذا البرود التام .

« هذا غيرُ صحيح ألفريدو كان يقول الحقيقة، الأمور في عائلتنا مُعقَّدة بعض الشيء، لو كان القرارُ راجعاً إليه لتزوَّجك منذُ زمن بعيد »

« كان بإمكانك أن تُساعد »

رفعت صوتها بإشمئزاز فإلتوت شفتاي بإبتسامة صغيرة وتركتُ نظراتي تجوب تصرُفاتها وهي ترمي بضفيرتها الطويلة إلى الخلف.

« هذا ما أفعلهُ بيني، أنا خاطبٌ الأن وسأعقدُ قراني بعد شهرين فقط»

تفحَّصت زُرقتاها بُنصرُي في شكٍّ فجذبتُ من جُحر بنطالي خاتم خطُوبتي.

« أنا لا أرتديه لأنَّهُ لا يشعرني بالرَّاحة »

قبل أسبوع أقامت أمي حفلاً بسيطاً يضُمُّ العائلتين فقط وخلال ذلك تبادلنا الخواتم دون نشر الخبر، لا أنا ولا يولندا كنَّا نحبُّ ذلك لكنَّ هذا تقرِّر بواسطة الكبار.

« بعد هذا لن يكون هُناك أيُّ عائق بينكُما لذا أعطي ألفريدو فرصةً أخرى ليثبت لك أنَّهُ يستحقُك »

قولي لشيءٍ بهذه الحساسية ووقوفي المُفاجئُ للمُغادرة جعل بيني تلتقطُ عيناي بسرعة ثمَّ أخيراً تعابيرها المتيبِّسةُ إضمحلَّت وحلَّ محلَّها ما هو أقلُّ صلابة.

« سأرى بشأن هذا »

لمست قفاها بطريقة ناعمة وأظهرت لي نوعاً من القبول، كنت أعلَّمُ أنَّها ستوافق لأنَّها أيضاً تحبُّه بجنون وكلاهما من نفس الطينة والعجينة.

« إذن سأغادر، إعتني بنفسك بيني »

كنت قد أعطيتُها ظهري عندما رفعت صوتها مجدَّداً و قالت.

« سمعتُ أنَّك تحبُّ الوافل هل تريدُ الحصول على البعض ؟ »

« نعم إن كانت الوصفة الشهيرة من القرن التاسع عشر »

إلتفتُّ ناحيتها ورأيتُها تنهضُ فوراً من جلستها لتُعِدَّ لي البعض في حين جهزتُ بطاقتي الماليَّة وسحبتُها من جيب سترتي الداخلي.

« إنَّها على حسابي »

كنتُ مُصراً على أن أدفع لكنَّ بيني رفضت، في أخر اللِّقاء رأيتُ ضحكتها الجميلة تظهرُ وبدى كما لو أنَّ رفرفة أمل قد غزت صدرها في قضيتها مع ألفريدو، أن أجمع بين عصفوري الحُبِّ كان شيئاً يستحقُّ أن أبادر من أجله رغم أنِّي لستُ أفهمُ رغبتهُما المُلحَّة في الإرتباطِ رسمياً.

To be continued  🌸

واصل القراءة

ستعجبك أيضاً

31.1K 1.9K 78
في حياتها الأخيرة ، كقاتلة بدم بارد ، ماتت دون أن تترك جسدها ورائها وولدت من جديد إلى الوقت الذي كانت فيه تبلغ من العمر 15 عامًا بقدرة خارقة للطبيعة...
279 54 8
إعطِ فرصة للغد.. فالحياة أقصر من أن يُتخلى عنها. 💤🍁
6.1K 322 9
"أتاها بما تخافُ هي و تزعُر فكان حريصاً على أن لا يعترفُ لها بل كان يفعل.. "هو فقط أراد حبها،.. أراد إهتمامها كما تفعلُ مع العالم؛ في ليلة زفافهما...
19.8K 921 37
أيَظُنُ أنّيْ لُعبَةٌ بيديهِ؟. أنا لا أُفَكِرَ بالرُجُوعِ إليهِ. أليَومَ عَادَ وكأنَّ شَيئًا لَمْ يَكُنْ، وَبرَائةُ الأطْفالِ فِي عَيِنيهِ، ليَقولَ ل...