ثلاثية دجى الليل

By B-novels

2.3M 29.3K 836

ثلاثية دُجى الليل منقولة أحداث هذه الرواية استندت على أكثر من قصة واقعية محتوى المُشكلات الإجتماعية بهذه الث... More

مقدمة الجزء الأول (ظلام البدر) والثلاثية
حقوق الطبع والنشر
شخصيات الجزء الأول (ظلام البدر)
الفصل الأول (ظلام البدر)
الفصل الثاني (ظلام البدر)
الفصل الثالث (ظلام البدر)
الفصل الرابع (ظلام البدر)
الفصل الخامس (ظلام البدر)
الفصل السادس (ظلام البدر)
الفصل السابع (ظلام البدر)
الفصل الثامن (ظلام البدر)
الفصل التاسع (ظلام البدر)
الفصل العاشر (ظلام البدر)
ملخص رواية ظلام البدر
الفصل الحادي عشر (ظلام البدر)
الفصل الثاني عشر (ظلام البدر)
الفصل الثالث عشر (ظلام البدر)
الفصل الرابع عشر (ظلام البدر)
الفصل الخامس عشر (ظلام البدر)
الفصل السادس عشر (ظلام البدر)
الفصل السابع عشر (ظلام البدر)
الفصل الثامن عشر (ظلام البدر)
الفصل التاسع عشر (ظلام البدر)
الفصل العشرون (ظلام البدر)
الفصل الحادي والعشرون (ظلام البدر)
الفصل الثاني والعشرون (ظلام البدر)
الفصل الثالث والعشرون (ظلام البدر)
الفصل الرابع والعشرون (ظلام البدر)
الفصل الخامس والعشرون (ظلام البدر)
الفصل السادس والعشرون (ظلام البدر)
الفصل السابع والعشرون (ظلام البدر)
الفصل الثامن والعشرون (ظلام البدر)
الفصل التاسع والعشرون (ظلام البدر)
الفصل الثلاثون (ظلام البدر)
الفصل الحادي والثلاثون (ظلام البدر)
الفصل الثاني والثلاثون (ظلام البدر)
الفصل الثالث والثلاثون (ظلام البدر)
الفصل الرابع والثلاثون (ظلام البدر)
الفصل الخامس والثلاثون (ظلام البدر)
الفصل السادس والثلاثون (ظلام البدر)
الفصل السابع والثلاثون (ظلام البدر)
الفصل الثامن والثلاثون (ظلام البدر)
الفصل التاسع والثلاثون (ظلام البدر)
الفصل الأربعون (ظلام البدر)
الفصل الحادي والأربعون (ظلام البدر)
الفصل الثاني والأربعون (ظلام البدر)
الفصل الثالث والأربعون (ظلام البدر)
الفصل الرابع والأربعون (ظلام البدر)
الفصل الخامس والأربعون (ظلام البدر)
الفصل السادس والأربعون والأخير .. (ظلام البدر)
مقدمة الجزء الثاني (عتمة الزينة)
فيديو عتمة الزينة
شخصيات الجزء الثاني (عتمة الزينة)
ملخص رواية عتمة الزينة
الفصل الأول (عتمة الزينة)
الفصل الثاني (عتمة الزينة)
الفصل الثالث (عتمة الزينة)
الفصل الرابع (عتمة الزينة)
الفصل الخامس (عتمة الزينة)
الفصل السادس (عتمة الزينة)
الفصل السابع (عتمة الزينة)
الفصل الثامن (عتمة الزينة)
الفصل التاسع (عتمة الزينة)
الفصل العاشر (عتمة الزينة)
الفصل الحادي عشر (عتمة الزينة)
الفصل الثاني عشر (عتمة الزينة)
الفصل الثالث عشر (عتمة الزينة)
الفصل الرابع عشر (عتمة الزينة)
الفصل الخامس عشر (عتمة الزينة)
الفصل السادس عشر (عتمة الزينة)
الفصل السابع عشر (عتمة الزينة)
الفصل الثامن عشر (عتمة الزينة)
الفصل العشرون (عتمة الزينة)
الفصل الحادي والعشرون (عتمة الزينة)
الفصل الثاني والعشرون (عتمة الزينة)
الفصل الثالث والعشرون (عتمة الزينة)
الفصل الرابع والعشرون (عتمة الزينة)
الفصل الخامس والعشرون (عتمة الزينة)
الفصل السادس والعشرون (عتمة الزينة)
الفصل السابع والعشرون (عتمة الزينة)
الفصل الثامن والعشرون (عتمة الزينة)
الفصل التاسع والعشرون (عتمة الزينة)
الفصل الثلاثون (عتمة الزينة)
الفصل الحادي والثلاثون (عتمة الزينة)
الفصل الثاني والثلاثون (عتمة الزينة)
الفصل الثالث والثلاثون (عتمة الزينة)
الفصل الرابع والثلاثون (عتمة الزينة)
الفصل الخامس والثلاثون (عتمة الزينة)
الفصل السادس والثلاثون (عتمة الزينة)
الفصل السابع والثلاثون والأخير (عتمة الزينة)

الفصل التاسع عشر (عتمة الزينة)

13.4K 219 1
By B-novels

"سليم.." تصنعت الإرهاق الشديد بنبرتها وهي تتلمس ذراعه من خلفه ليلتفت لها فقد فاجئه مجيئها "أنا سمعتك بتزعق من شوية.. معلش على ما قدرت أقوم، فيه حاجة ولا ايه؟" زيف ببراعة ملامحها المتألمة مُدعية اصابتها بالحمى الشديدة

"أروى،" همس متفاجئاً وهو ينظر لها بإستفسار وقلق على حالتها "مكنش لازم تقومي" أخبرها بملامح رافضة نهوضها هكذا "تعالي اقعدي؛ شكلك دايخ خالص" أومأ للأريكة بعد أن صدق تماماً بمرضها

"معلش بس هو دور برد شديد والـ antibiotic (مضاد حيوي) مدوخني شوية.." تصنعت مجدداً بنبرتها الإرهاق وتوجهت بخطوات بطيئة إلي الأريكة "أنا قعدت اهو؛ احكيلي بقا كنت بتزعق ليه؟" تحدثت بإجهاد مُزيف

"مفيش.. أنتي عارفة تفاصيل الشغل اللي مبتخلصش" اجابها بإقتضاب وهو يجلس بجانبها على مقربة منها

"طيب قولي يمكن اقدر اساعد" حدثته بهدوء وهي تتوق لمعرفة ما يخفيه وابتسمت لها بإقتضاب يلائم مرضها واستطاعت أن تمثل دورها ببراعة

فكر سليم كثيراً وهو يُحدق بها ملتفتاً لها برأسه، حسناً سيحدثها، لربما ستستجيب له أروى.. على الأقل إن استجابت هي له يتبقى فقط زينة وبعدها باقي أولاد عمته إياد وعاصم ولن يصعب معهما الأمر، فمهما كان هما بالنهاية رجال وسيستطيعان معرفة لماذا أخفى عنهما الأمر، بل وسيستجيبان له عند علمهما بحقارة تصرفات ابن عمهما المزوم!

"بصي" تنهد ثم التفت لها بكامل جسده "شهاب ابن عمكم، أنا مش عايزه يكون جنبنا بالمنظر ده طول الوقت.. تقدري تقولي إني صُدفة أكتشفت عنه حاجات مش كويسة.. وأنتوا في الآخر كلكم ولاد عمتي اللي بخاف عليكوا.. ومش هارضى لأي حد فيكو من أول إياد لغاية زينة إنه يجراله حاجة بسبب واحد حقير زي ده، عارف إني اتعصبت على الكل كتير من غير أسباب واضحة، وعارف إني كان باين عليا اوي إني مش عايز يكون ما بينا تعاملات بس خلاص احنا مضينا العقود واللي حصل حصل، وعارف إن مشاريعه كتيرة جداً وليه سمعته في السوق هو ووالده، وبردو احنا شركات كبيرة ولينا اسمنا.. بس مش عايزه يقرب أكتر من الشغل اللي ما بيننا" تريث لبرهة لتضيق أروى ما بين حاجبيها وانتهزت الفرصة كي تقترب من سليم أكثر

"لو كنت فهمتني الموضوع كده بهدوء مكنتش حددت معاه موضوع العقود.. أنا آسفة يا سليم، مكنتش أعرف فعلاً" أخبرته وهي تُزيف ملامح التأثر على وجهها بمنتهى الذكاء

"خلاص بقا اللي حصل حصل" زفر بإرهاق لتطرق هي على الحديد وهو ساخن، فهي لابد أن تعرف ما الذي حدث

"طيب هو عمل حاجة يعني ضايقتك؟!" أستفسرت وهي تحافظ على كذبها بمنتهى الإتقاب فلابد لها أن تعرف ما الذي يفعله شهاب تحديداً

"زينة معاه في كل موقع، وأنا زي ما كنت خايف عليكي وأنتي معاه قلقان بردو عليها، وكمان زينة لسه صغيرة ومعندهاش خبرة في الموضوع زينا" عقد حاجباه في إنزعاج لتقترب هي منه بجرأة وتلمست يده بجرأة

"متقلقش.. أكيد مفيش حاجة هتحصل.. أنا عارفة زينة عنيدة ودماغها ناشفة ومجنونة بس هتيجي سليمة إن شاء الله" تنهدت بينما نظر هو لها وأومأ برأسه متمنياً بداخله ألا يحدث لها شيء بسبب معرفتها واقترابها من ذلك الحقير وأطمئن قليلاً أن إياد أخبره بأنها بمنزل والديه الآن

"سليم" همست له وهي تزيد من قوة لمستها لكفه "زينة غيرنا، وعارفة إنها متدلعة أوي، وفعلاً هي مش بتعرف تتصرف وماشية بدماغها ومش بتحب تشارك حد في حاجة، ودايماً قرارتها غريبة ومش بتسمع كلام حد.. بكرة لما تعرف إن كان معاك حق هتندم، الكل عارف قد ايه أنت بتحبنا وبتخاف علينا وعايزنا كلنا نكون كويسين، هي لسة صُغيرة اوي ومش شايفة ده.. بكرة لما تفهم كلامك هتقدر عصبيتك.. متقلقش وأنا معاك في أي حاجة أنت عايز تعملها مع شهاب" ابتسمت له بتأكيد ليومأ لها بالموافقة ولكن كلماتها الذكية بل وكرهها الذي اتضح بنبرتها وهي تتحدث عن زينة قد دفع عقله للتفكير بالعديد من الأمور ولكنه أراد التريث بكل شيء.

"أنتي حاسة إنك بقيتي احسن النهاردة؟!" سألها وهي لا تزال تتلمس يده

"أنا حرارتي نزلت بس دايخة اوي يا سليم ولما بقوم من السرير بحس إني مش قادرة اتحرك وزوري وجسمي كله بيوجعني" أخبرته وهي تتصنع الإرهاق الشديد فهي علمت أنه سيفاتحها بأمر العودة وهذا الذي تريد أن تُبعده عنه تماماً ليومأ هو لها بإقتضاب

"ألف سلامة عليكي" تنهد مخبراً اياها "قومي نامي بس وهتكوني احسن بكرة إن شاء الله"

"إن شاء الله.." ابتسمت له ونهضت بصعوبة مبالغ في تزيفها بمنتهى الجودة التي لا تفعلها سوى ممثلة قديرة وتصنعت السقوط لتجده يسارع في مساعدتها وسنده سريعاً لتبتسم هي له بإمتنان مصطنع "آسفة.. حسيت إني دوخت أكتر" توسلت معتذرة له بينما هو أحاط ذراعه حول خصرها ليُدعمها كي تستطيع الوقوف

"من غير آسف.. أنتي قادرة تمشي أصلاً؟" سألها بإهتمام فطري لتومأ هي بالإنكار "طيب تعالي أنا هسندك لغاية أوضتك" أخبرها وهو ممسك بها لترتمي هي عله بكامل جسدها وادعت المزيد وأطلقت لساقيها إشاراتها الكاذبة لتقارب على السقوط وادعت الإرتجاف ليمنعها هو بسرعة وبتلقائية دعمها حتى لا تسقط

"مش قادرة أقف أنا آسفة" توسلت له ليومأ هو لها

"يا بنتي فيه ايه هو أنا غريب.. متتأسفيش" ابتسم لها بإقتضاب ليحملها بعفوية

"لأ يا سليم مش لازم تشيلني و.."

"ما خلاص يا أروى فيه ايه أنتي مش شايفة منظرك عامل ازاي؟!" سألها مستنكراً وهو يمشي حاملاً جسدها بين ذراعاه ولأول مرة تكن بالقرب منه هكذا فاستندت باحدى يداها على صدره بعفوية لتبتسم له بإمتنان

"شكراً يا سليم"

"بطلي هبل.." اخبرها وهو يريح جسدها بالسرير ثم جذب الغطاء عليها "يالا تصبحي على خير ومتنسيش تاخدي الدوا قبل ما تنامي" أخبرها بملامح تلقائية لتومأ له بالموافقة

"وأنت من أهله" ابتسمت لها ليتركها ويغادر لتكاد تصرخ بالسعادة بداخلها وما إن وصد الباب خلفه حتى أختلفت ملامحها المجهدة لتتحول نظرتها للخبث الشديد وغرقت بالتفكير..

"شهاب أكيد وراه مصيبة، وحلو أوي الحريقة اللي ما بين زينة وسليم دي.. عيلة صغيرة صحيح وحتى لو مكنتش أنا اتدخلت ما بينهم أكيد بغبائها كانت هتضيعه من ايديها.. حلو أوي كده.. ماما بقا لازم أكلمها وأقنعها أن زينة تفضل لازقة في شهاب عشان سليم يقرف من كل اللي هي بتعمله، وأنا بكرة أرجع وأعرف شهاب ده وراه ايه!!" ابتسمت بمكر وهي تتناول هاتفها لتتحدث لوالدتها..

زفر مظولاً بعد أن أقنع زينة بالنوم وهو يجر قدماه بصعوبة وبداخله يشعر بالحسرة والإنكسار الشديد وود لو أن انتهى عمره بأكمله ولا يتعرض لمثل ذلك الموقف الذي سيتعرض له عاجلاً أم آجلاً..

شعر بالخيبة، قلة الحيلة، الخوف الشديد بذلك الدمار لو أنه واجه سليم بحقيقته القديمة.. أو لربما هو يعرف حقيقته لذا لم يواجهه بحقيقة شهاب!

توقف من تلك الصدمة التي دوت كالبرق في منتصف عاصفة ضارية لم يسبق تواجدها بالكون بأكمله! استند على الحائط وملامحه تحولت للذهول الممزوج بالوجوم ما أن ادرك تلك الحقيقة! أحقاً قد أخفى سليم عليه الأمر ويعامله بحدود مؤخراً بعد أن عرف حقيقته التي ظن أنها تغيرت وأخفاها لسنوات بل دفنها بداخله ليأتي الآن ابنه الوحيد وصديقه ليراه بمنتهى الحقارة!

نعم هو يتذكر وصفه لشهاب، يتذكر أنه دعاه بالحقير، لقد رآى تلك المروءة التي غرس بذرتها بيده ولكن لم يكن ليظن أبداً أن ثمرتها ستكون أن يسقط من نظره هكذا!

ارتجف جسده، دمعت عيناه، لم تستطع قدمه حمله وهو لم يصل لغرفته بعد.. تهاوى جسده بإنكسار ليخر جالساً أرضاً كالمشلول.. لا يدري كيف سينظر بمقلتي ذلك الرجل الذي كبر ونما على يداه، تلك القيم والأخلاق الذي عمل على تشييدها، كيف له أن يدمرها بيداه؟ كيف له أن يواجهه ليخبره أنه كان يحاول إدعاء مشاعر وأخلاق لم تكن به هو نفسه؟ كيف له أن يهرب من تلك اللحظة التي أقترب منها ويشعر وكأنها ستحدث بعد ثوانٍ قليلة؟

لقد أعد لكل شيء مسبقاً.. يستطيع أن يواجه أبناء أخته بتلك الفجائع التي دمر بها والدهم، يستطيع أن يتعامل مع أياً كان يريد أن يقترب من عائلته، يسنطيع أن يحمي الجميع مثلما فعل دائماً بذلك الحصن المنيع الذي لا يتجرأ أحد على إختراقه.. ولكن أن يقف بوجه ابنه ليخبره أنه كان سادياً مريضاً بيوم ما لم تكن تلك المواجهة بحسبانه أبداً!

بم سيجيب عندما يسأله ابنه؟ سيخبره أنه كان سادياً وتعالج، ببساطة هكذا! ثم ماذا؟

ألن يسأله كيف تزوج؟ ألن يستفسر عن معاملته لليلى ونورسين؟ ألن يتعجب كيف أخفى كل ذلك وعاش بظلام لم يتخلله بصيص من ضياء إلا بعد سنوات عجاف؟

له كامل الحق بأن يسأل عن كل شيء! ليس فقط لأنه ابنه بل صديقه الوحيد الذي لم ولن يملك سواه إلي مماته..

كيف سيخبره بخوفه؟ بجبنه الذي آلم به والدته يوماً ما؟ نورسين أم ليلي، كيف سيقف أمامه ليُقر بكل ما فعله معهما؟ كيف سيستطيع التهرب وهو من جعل الصراحة بينهما أمراً مؤكداً تلقائياً أساسياً لا نهاية له بينهما وبعلاقتهما!

انهمرت الدموع من مقلتيه السوداوتين في رعب تام وانكسار لم يشعر به من قبل.. ذلك الآلم الذي يهشمه كاد أن يوقف قلبه عن ضخ الدماء لسائر جسده الذي قارب على الشلل التام من كل نلك الأفكار التي جعلته يدرك فاجعة تلك المصيبة التي ستحدث عاجلاً أم آجلاً.. علاقته بسليم ابنه وصديقه ستتدمر للأبد!

"بدر! فيه ايه مالك؟" هرولت نحوه نورسين التي تعجبت لغيابه وعدم وجوده بجانبها فخرجت لتتفقد أين هو لينظر لها باكياً فتلمست جسده لتجده يرتجف بشدة

"سليم! سليم هيضيع مني.. أنا خايف اوي يا نورسين" همس بصعوبة لتتوسع زرقاوتيها وأجهش هو بالبكاء بطريقة هيستيرية ذكرتها بماضٍ مؤلم للغاية.

لأول مرة تشعر بأن خالها يريد التخلص منها، لم تواجه منه تلك الطريقة أبداً..

بالطبع لكل شيء نهاية، كبير العائلة الآن يتخلى عنها ويعاملها مثلما يعامل طفلة لم تتعدى العشر أعوام من عمرها، يخذلها مثلما خذلها الجميع.. هديل والدتها، وخالتها شاهندة المنشغلة بأبناءها، خالها زياد الذي بالكاد رآته طيلة أعوام! بالطبع لن يكون بدر الدين الخولي مختلف عنهم جميعاً..

ابتسمت بتهكم ودموعها انهمرت في انكسار وحزن شديد عندما تذكرت كلمات شهاب لها! ها هو الشخص الذي بالكاد يعلم عن حياتها شيء وقد فهم وأدرك كل ما يحدث لها بسهولة.. لقد كان مُحقاً بكلماته اليوم..

"فيه ايه يا زينة أنتي كويسة؟" نظر لها مدعياً الإكتراث لتنظر هي له بغضب مقترناً بالآسى

"مش عارفة موبيلي اتقفل ازاي او مكنش مجمع network ولقيت إياد وسليم متصلين بيا كتير وأول ما فتحته إياد كلمني بطريقة زفت وبيقولي ارجعي حالاً.. وحتى ملحقتش اكمل مكالمتي معاه سليم كان waiting اتعصب عليا جداً.. أنا مش فاهمة فيه ايه" همست بحزن وعيناها شارفا على البكاء ليعقد شهاب حاجباه وادعى الإنفعال من أجلها وارتدى ثوب الغضب لتتفقده زرقاوتاها في تعجب وقبل أن تتحدث هي بادر هو بالحديث.

"بصي أنا مش فاهم فيه ايه! هما فاكرينك صغيرة ولا ايه؟ ليه عايزين يتحكموا فيكي بالشكل ده؟ يعني يادوب أنا لسه بعرفك الاقيكي بيحصلك كل ده! أنتي كبيرة يا زينة ومش صغيرة! ومحدش ليه حق يقولك تروحي فين وتيجي منين وتعملي ايه! ويعني ايه يعني بنت بموهبتك اللي شوفتها دي ومامتك تمنعك منها.. أنتي ليه سلبية كده؟ ليه بتسيبلهم الحق انهم يتحكموا فيكي؟ فعلاً حرام عليكي اللي بتعمليه في نفسك ده!" تحدث بسرعة وهو ينظر لها ببنيتيه القاتمتين في غضب لتنهمر دموعها فاقترب منها وتلمس يدها في دعم

"ليه بتعيطي وضعيفة كده؟ ليه لغاية دلوقتي بكل اللي بتحكهولي ده سايباهم يتحكموا فيكي حتى بعد ما كبرتي؟ كان عملولك ايه العيلة دي كلها؟ سواء مامتك ولا أخواتك ولا سليم ولا حتى خالك اللي بتقولي إنك بتحبيه اوي ولا خالتك اللي بتقولي انها طيبة؟.. كل واحد مشغول عنك بحياته وبأولاده.. لسه بيعاملوكي على أساس إنك صغيرة ومش فاهمة حاجة.. وانتي هتفضلي مدياهم الحق ده لغاية امتى.. بجد أنتي اللي بتتعبي نفسك وبتحملي نفسك فوق طاقتها" أخبرها بالمزيد لترتفع نبرتها الباكية

"أنا تعبت.. تعبت من كل حاجة" همست وهي تنتحب بشدة ليقترب منها وحاول أن يضمها إليه لتنظر هي له بمنتهى الغضب وتناست كل آلامها "أنت ايه اللي أنت بتعمله ده، اياك تقرب مني تاني" صرخت به ليشعر الآخر وكأنه سينفجر بداخله وكاد أن يصفعها صفعة قاسية شديدة قد تسقطها أرضاً، أترفضه هو وتسمح للطفل المسمى بسليم بالمزيد! حسناً سيريها من هو حقاً ولن تعيدها معه أبداً.

"أنا مقصدش يا زينة.. مكنتش أعرف إنك هتضايقي كده، بس خلاص مش هاجي جنبك تاني ما دام أنتي بتفهميني غلط" ابتعد عنها مولياً ظهره اليها لتزفر هي في حزن وتبعته

"شهاب أنا مبحبش راجل يقرب مني بالأسلوب ده أبداً" تحدثت إليه ليلتفت هو لها

"أسلوب ايه يا زينة؟، أنتي فكراني زي أي واحد عايز يقرب منك وخلاص؟ فجأة كده مثلاً هتصرف معاكي بطريقة مش صح! شكلك فهمتيني غلط.. مش معنى اني مضايق عشان بنت عمي وهي محتاجة حد يكون جنبها يبقا هحضنك بطريقة مش كويسة.. شكلك كده واجهتي حد مش محترم في حياتك فجأة قرب منك ومعرفش حصل ما بينكم ايه بس أنا مش زي اي حد وعيب تفكري فيا بالطريقة دي" اجابها بلذاعة لتنظر هي مضيقة عيناها

"تقصد ايه واجهت حد مش محترم؟!" سألته بنبرة اندفاعية وهي تتنفس بغضب

"بصي مش أنا اللي بحكم على شخص قدامي واظلمه؛ وحتى لو عرفتي مليون انسان، دي حياتك وأنتي حرة فيها.. ومن حقك إنك تختاري الشخص اللي تشوفيه مناسب ليكي. وأياً كانت علاقتك بالشخص ده ليكي بردو مطلق الحرية في الخدود اللي ما بينكم.. لكن البصة اللي شوفتها في عينك وطريقتك وانتي بتصديني وأنا أصلاً في صفك بتقول انك مش مآمنالي ومش بتثقي فيا.. أنتي حرة وعموماً مش هاتتكرر اني اقربلك بأي شكل من الأشكال.. واتفضلي عشان اوصلك عشان متتأخريش عن عيلتك كلها" تحدث بنبرة منزعجة ولكنه حاول اقناعها وكذلك دس ذلك السُم بين طيات كلماته ليجعل عقلها يُفكر بسليم وكل ما فعله معها وغرقت بهوة سحقية من الصمت والأفكار ليتركها الآخر تُفكر ملياً وبداخله شعر بالفرحة العارمة لملامحها المضطربة التي ظهرت عليها.

"أنا.. أنا مقصدش اضايقك.. بس.. بس أنا مبحبش الأسلوب ده؛ معلش أنا اسفة" أخبرته بصعوبة بعد أن صُدمت بعد أن فكرت ملياً بسليم وكل تلك اللحظات التي اقترب منها بها ولكنه فعل أكثر من عناق فطري كي يخفف عنها.. هو قبلها وشرع حتى في مداعبات مثيرة حنى أقتربا من ممارسة الحب.

"حصل خير.. يالا عشان نمشي" أخبرها بإقتضاب لينتشلها صوته من تفكيرها العميق

"شهاب.. أنت لسه مضايق مش كده؟" سألته وهي تشعر بالإنزعاج فهي حقا لم تقصد أن تغضبه وكل ما فعله قد يبدر من صديق قريب لها لو كانت تملك واحداً

"خلاص.. محصلش حاجة.. تحبي اوصلك بيتك ولا بيت خالك؟" ابتسم لها بإقتضاب بينما بداخله يشعر بالانتصار فهو يتذكر الكرة الماضية عندما أقترب منها، وها هي ثاني مرة والآن هي تسترضيه.. وسينتظر المرة القادمة أن تقترب هي منه بنفسها.

"لا هاروح لخالو.. بصراحة مش ناقصة مشاكل في بيت ماما وكمان عايزة أسأل خالو على حاجات كتيرة"

"حاجات زي ايه؟" حاول أن ينطق بعفوية وعقد حاجباه في تعجب

"يعني.. حاجات عن سليم.. عن الشغل.. وأكيد هو هيفتكر كويس ايه اللي حصل مع بابا كريم، يمكن أعرف أوصله" أخبرته بتلقائية ليومأ لها هو في تفهم ثم توجها ليوصلها؛ فلقد سرق وقتها ببراعة عندما حول هاتفها لوضع الطائرة عندما كانت في غفلة من آمرها واستطاع ببراعة أن يستحوذ عليها ليوم آخر..

تذكرت كلماته ودموعها تنساب على وجنتيها، لمتى ستظل كالمنبوذة بتلك العائلة؛ لماذا يعاملها الجميع وكأنها حمل ثقيل على كاهلهم.. حسناً هي ليست طفلة صغيرة وستفعل كل ما برأسها مهما كان رد فعل الجميع لن تكترث لأحد بعد الآن.

وحتى سليم الذي تتغير تصرفاته ويغضب عليها من أقل شيء، أين تلك الهدنة التي أتفقا عليها سوياً؟ أين تلك الطريقة التي جعلتها تنسى اسمها وتعيش بتلك السعادة؟ أكان يدعي؟ أكان يكذب عليها؟ أعشقت من لا يستحق؟

قتلتها تلك الأسئلة لتمنع نفسها من البكاء بصعوبة ونهضت لتبحث عن دفترها لتقص عليه تلك المشاعر والأحداث المضطربة التي مرت عليها اليوم!

جلس بأنفاس متسارعة غضباً منتظراً تلك التي هاتفها كي يُحضرها لتتلقى جزءاً من غضبه وقد غرق بالتفكير، ما الذي يراه هؤلاء الأطفال بذلك المدعو سليم حتى يحبوه ويقدروه بشدة هكذا وكأنه المحرك الأساسي للجميع! ما الذي تراه زينة بذلك المغرور ولا تراه بشهاب! لماذا تسمح له بالإقتراب منها أما هو فلا تدعه يفعلها! لن يسمح له أن ينتصر عليه بشيء.. زينة يوماً ما ستأتي إليه، تبكي، تتوسل له لماذا يفعل بها ابن خالها ذلك، أليس هي من أخبرته أنها تعشق ذلك الطفل، حسناً.. سيعلمها كيف تكرهه وسعمل على ألا تجد ملجأ سوى شهاب الدمنهوري الذي سيدمرها وسيدمرهم جميعاً..

استمع لصوت سيارتها التي أحضرها لها منذ أسابيع تتوقف أمام بوابة منزله ليتوجه نحو الباب بخطوات سريعة وحتى قد فتح الباب ولم تقترب هي بعد منه لتترجل من السيارة وقابلته بعينتين مرتعبتين ليقابلها هو بنظرته الحادة وتوجه نحوها جاذباً اياها بقسوة من شعرها المموج الطويل ووقف خلفها ودفعها للداخل بقوة حتى جعلها تسقط على أقرب أريكة.

تساقطت دموعها، لأول مرة تفعلها سلمى بوجوده، هو لم يبدأ معها بعد، نظرت له لتجد ملامحه اليوم أسوأ من كل المرات السابقة، كل مرة تكون أسوأ وأسوأ ولا تدري متى ستنتهي منه، هي حتى تدرك أنها لا تستطيع التخلص منه أبداً بعد كل ما يفعله معها وكل تلك الأموال التي يغدق عليها بها..

"ششهاب.. بيه.. أنا.." تلعثمت وهو حتى لم يقترب منها بعد ليعقد حاجباه وحدقها بإستفسار، يدرك أن ملامحها رافضة، وتدرك هي أن عنفه معها قد يزداد تلك المرة كما عودها، فكلما آتت له أذاقها نوعاً جديد من عنفه!!

"أرجوك.." همست بنبرة متوسلة غلفها الفزع بعد أن أشار لها أن تتحدث "أبوس ايدك بلاش زي المرة اللي فاتت" هرولت ممسكة بواحدة من قدماه وهي تتوسل له "أنا فرح أخويا بعد يومين.. وآخر مرة أنا.. أنا فضلت أتعالج شهرين.. أبوس رجلك سبني بس أكون كويسة في الفرح وهاعملك كل اللي أنت عايزه بس بلاش اللي حصل آخر مرة" تساقطت دموعها في ترجي وقلبها خفق بعنف ما أن آذاها مجدداً ليرمقها هو ببنيتين قاتمتين امتلئتا حقداً ليطيح بركلها ليبعدها عن قدمه المتمسكة بها وجلس على الأريكة بينما تركها هي باكية أرضاً والتفتت بجسدها على الأرضية لتنظر له في ترقب شديد..

"ماشي.." همس بعد طول انتظار منها بعدما جلس لدقيقتان ليُفكر بما سيفعله معها فهو لن يتركها قبل أن يحرر تلك الأوجاع التي انفجرت بداخله منذ أقترابه من زينة ومعرفة كل ما يدور بينها وبين ذلك الطفل الثري المغرور.

"قوليلي يا سلمى أنتي بتجيلي ليه؟!" سألها بمنتهى الجدية وهو يتفحص نظرة عيناها الباكية ليباغتها ذلك السؤال وتوقفت عن البكاء تماماً لتفكر بم ستجيبه ولكنها أستغرقت وقتاً كثيراً "جاوبيني.. بتجيلي ليه؟!" أعاد سؤاله مرة أخرى بينما نظرت له في تردد أمّا هو فسيعرف تماماً كيف يتخلص من أوجاعه التي يشعر بها، إن لم تكن المعاشرة القاسية العنيفة ستكون بطريقة أخرى إذن!

"عشان.. عشان.. حضرتك بتكلمـ.."

"تؤ تؤ.. مش دي إجابة سؤالي" قاطعها عندما استشعر بم ستجيب "من أول مرة عرفتيني.. بتجيلي ليه؟!" سألها وهو يومأ برأسه إليها بإستهزاء لتنظر له وهي غير مصدقة لمجرى ذلك الحديث

"عشان.." ابتلعت لعابها قبل أن تجيب بعدما عرفت ما يُرمي إليه وبالرغم من عهرها مع جميع الرجال إلا أنها لأول مرة تواجه رجل بذلك وتنطق بها "عشان الفلوس اللي أنت بتديهاني" تحدثت لتجيبه بسرعة وانطلقت الكلمات بسرعة من شفاهها وكأنما تريد التخلص من تلك الإجابة التي آلمتها بقسوة

"ممم.. وأنا بديكي فلوس كويس ولا بخيل معاكي؟!" سألها مجدداً لترفع له عيناها في تعجب فقد طأطأت رأسها في آسى مما نطقت به من برهة

"لا.. أنت بتديني أكتر من اللي بحتاجه دايماً.." تعجبت لتلك الأسئلة الغريبة عنها فهو لأول مرة يفعلها معها

"طب قومي اقلعي كده.. مش بديكي فلوس عشان اتمتع بجسمك!! ولا نسيتي؟!" أخبرها بسخرية لتنظر له في توسل، نعم تلك حقيقتها ولكن ما الداعِ ليذكرها بكل ذلك.

ابتلعت وهي تشعر بالإهانة الشديدة ونهضت وهي تتخلص من ثيابها بأكملها وقد تساقطت احدى دموعها بغتة ولم تستطع التحكم بحبسها أكثر من ذلك

"تعالي هنا اقعدي تحت رجلي" آمرها بإماءة من رأسه لتمتثل هي ما آمر به "قوليلي بقا.. أنا قصرت معاكي في فلوس؟!" سألها لتومأ بالإنكار وهمست مجيبة

"لأ"

"طيب أكتر واحد تقريباً بيديكي فلوس.. احسن علاج ليكي أنتي وأهلك.. شغلت أخوكي.. لما عرفت بموضوع جوازه من غير ما تقوليلي قولتلك من نفسي بيعي العربية عشان تاخدي فلوسها وتساعديه بيها لو محتاجها.. أنا في حد كريم زيي كده؟!" سألها لتومأ بالإنكار وتساقطت دموعها مجدداً عندما نطق بمدى لذاعة الأمر بينهما بتلك الطريقة

"لا يا شهاب بيه.. مفيش زيك أبداً" أخبرته بنبرة باكية

"فاكرة أول ما قابلتيني.. كان شكلي وسخ ولا بحك في النسوان؟!" سألها بنبرته الهادئة لتومأ مجدداً بالإنكار

"لا .. طول عمرك شكلك مش كده"

"كنتي أنتي اللي هتموتي عليا عشان أنام معاكي واديكي فلوس.. مش كده يا سلمى؟!" ذكرها لتتساقط المزيد من دموعها وهو يحدق بعينتيها بتقزز واحتقار لها وأومأت له بالموافقة

"أيوة.. أنا.. أنا اللي كنت عايزة كده من الأول" أخبرته بنبرة مرتبكة من تلك الطريقة المُخيفة التي ينظر لها بها

"أنا مفيش زيي!! عمر ما واحدة تلاقي زيي أبداً.. عشان أنا احسن من الرجالة كلهم.. وأحسن منه هو بالذات" أخبرها لتتوقف عن البكاء وتنظر لها بعينتين متسعتين من كل ما تسمعه منه اليوم فهو غريب عليها للغاية وحدقته وكأنما تنظر إلي شخص مجنون لا تستطيع فهم ما يعنيه وما تلك المقارنة التي يقارنها بينه وبين شخص مجهول لا تعرفه ليقترب منها وجذب شعرها في عنف "ما تنطقي يا بت" صرخ بها لتشعر بالرعب من ملامحه

"حضرتك احسن منهم كلهم" تساقطت الكلمات من فمها بسرعة وهي تشعر بالآلم من قبضته العنيفة وقد قارب على اقتلاع شعرها ولكنه تركها فجأة لتأخذ شهيق عميق بعد أن ظنت أنه سيبدأ بقسوته هذه الليلة باكراً!

"لو كنا في ظروف تانية مكنتيش هتضيعيني من ايدك.. شكلي حلو، معايا فلوس كتيرة.. كريم زيادة عن اللزوم.. مش كده يا سلمى؟!" سألها مجدداً لتتأكد أنه مجنون أو يهذي بكلمات ليست لها معنى ولكنها جارته بالحديث

"صح.. كلام حضرتك صح" اجابته في رعب من ملامحه لتجد شفتاه تبتسمان ابتسامة غريبة لم تشاهدها على وجهه أبداً ثم صفعها لتضع هي يدها بسرعة مكان صفعته ولمحته في استفسار فهي لم تعد تدري لماذا يفعل بها ذلك

"بتاخديني على قد عقلي يا واطية" صاح بها لتومأ هي بالإنكار وقبل أن تتحرك للخلف بجسدها خوفاً منه رمقها هو بإحتقار شديد "مش قولتي انك عايزة تكوني كويسة عشان فرح أخوكي.. أنا مش هالمسك.. أنتي اللي هتترجيني عشان بس أفكر أنام معاكي" شعرت بالإهانة لتتساقط دموعها مجدداً لينهض هو واضعاً يداه بزهو بجيبي بنطاله لتتابعه بعينيها حتى اختفى خلفها وهي تترقب ما الذي سيفعله بها بمنتهى الخوف..

"بتصرفي على أمك منين؟" سألها لتجهش بالبكاء ولم تستطع الرد ليأخذ خطوات نحوها سريعة وجذبها من شعرها "ما تردي يا بت" صاح بها لتتحدث هي في آلم ورعب

"من فلوسك"

"لا مش من فلوسي.. مع النوم مع الرجالة.. مش كل شوية يا بت بتنامي مع راجل شكل؟!" صاح سائلاً لتتساقط دموعها في آسى عندما سمعت منه الحقيقة اللاذعة بتلك الطريقة

"كان زمان.. أنا بطلت.. مبقتش بروح لحد غيرك" همست باكية لتجيبه بينما ضحك هو عالياً لتمتزج صوت قهقهاته بنحيبها

"ياااه.. ده أنا طلعت ولي نعمتك بقا وأنا مش واخد بالي" أخبرها بإستهزاء ليزداد بكائها وترك شعرها لتتمنى هي أن تتخلص من كل ما يفعله بها هذه الليلة وشعرت وكأنها لم تواجه رجلاً مثله ولا تدري ما عليها فعله معه

"أنا هقصر عليكي الطريق، بطلي تفكير.. عايزة تمشي وتخلصي من اللي أنتي فيه النهاردة اتحايلي عليا.. حسسيني انك انتي اللي عايزاني.. اترجيني وبوسي رجلي عشان ارضى أنام معاكي.. واياكي أحس إنك بتاخديني على قد عقلي وإلا هاحرق قلبك على أخوكي وهخليكي تلبسي أسود عليه.. زي الشاطرة كده قومي ووريني هتعملي ايه.. مش ده كارك بردو وصنعتك.. النوم مع الرجالة ولا ايه يا سلمى؟!" نظرت له في حزن وهو يُكيل لها تلك الإهانات..

لماذا يُذكرها بكل ذلك اليوم؟ لماذا يفعل بها ذلك؟ للحظة فكرت أن تنهي حياتها حتى تتخلص منه.. ماذا به اليوم؟ هل فقد عقله أم أصبح مجنون؟ كانت تعده الرجل الوحيد الذي يعاملها برقي سوى في الممارسة ولكن كل ما فعله معها الليلة إلي الآن لا يدل إلا على وضاعته الشديدة!

نظر لها متفقداً منحنيات جسدها العاري أمامه، إهانتها بتلك الطريقة ترضيه للغاية، إعترافها بأنها أصبحت له وحده وهو يُكفيها تماماً أشعل الرضاء بداخله ولكنه يريد المزيد من توسلاتها.. فهي لا تعلم كم عانى، لا تُدرك كم يعاني كلما رآى وجه ذلك الطفل المسمى بسليم، لا تعرف كم أن زينة كلما ابتعدت عنه يشعر بذلك الرفض الذي يدفع دماءه للغليان.. ولكنه بعد حديثها معه أدرك أن امتلاك الأموال يرغم كل من أمامه على عدم عصيانه أبداً بل وأختياره من بين جميع الرجال على وجه الأرض.. ظن أنه الآن أفضل من السابق ليبتسم في زهو شديد وهو يتذكر من كان شهاب الدمنهوري وكيف أصبح الآن..

صباحاً امتلئ بالآلام للعديد من الأشخاص، سليم لا يستطيع بعد التحكم في غضبه أمامها، ألا ترى أنه يعشقها؟! ألا ترى أنه يُجن كلما آتت على ذكر ذلك الحقير؟ لماذا تُصمم على أن تؤلمه بتلك الطريقة؟ ماذا تريد بعد حتى تتأكد أنه لا يريد لها إلا الأفضل دائماً؟

للحظة تذكر كلمات أروى عنها ليلة أمس.. من نظر لها ظاهرياً قد يحكم على شخصيتها بكل ما تحدثت به أروى عنها، ولكن هو يعلم حقيقة طفلته الصغير التي كبرت على يداه، هي ليست كذلك ولن تكون!! لن تُصبح هكذا إلا بسبب ما يفعله الجميع حولها..

يشعر أنه أشتاق لها كثيراً، يشعر أنه يحتاج أن يأسرها بعناق لا ينتهي أبداً.. لماذا أروى هي من آتت معه وليس زينة؟ لماذا على ذلك الحقير المسمى بشهاب أن يلازمها يومان بأكملهما دونه؟ لماذا يفجعه القدر بكل ما يحدث له هذه الأيام؟!

"آلو.." آتاه صوتها الناعس فلقد كان الوقت مبكراً للغاية

"متزعليش مني على اللي عملته امبارح.. أنا آسف يا زينة.. بس والله خايف عليكي" همس لها متوسلاً لتنهض هي وهي تحاول ازاحة آثار النوم عن زرقاوتيها

"سليم احنا بقينا تقريباً كل ما بنتكلم بنتخانق.. أنا مش فاهمة أنت بتعمل معايا كده ليه؟"

"بعمل معاكي كده عشان خايف عليكي من كل اللي حواليكي.. وانتي بتعانديني ومبتسمعيش كلامي أبداً" أخبرها بحدة امتزجت باللوم

"ما أنت اللي مش بتديني مبرر، ومش بعاندك، أنا مش فاهمة ليه متضايق من شهاب.. هو بردو ابن عمي يا سليم"

"طب وأنا.. سليم ابن خالك.. تفتكري هاكون عايز أعمل حاجة تضايقك؟ ولا هاكون خايف عليكي؟!" سألها ليُقابل بالصمت التام حتى ظن أنها أنهت المكالمة "زينة أنتي معايا؟!" سألها ليأتيه صوتها الذي كان غير مرحب أبداً

"معاك" أخبرته بإقتضاب

"طب بذمتك.. موحشتكيش؟!" أختلفت نبرته ليحاول هو أن يُغير الموضوع حتى لا يتشاجرا بينما هي فرقت بالتفكير واجابته بعد مدة

"طبعاً وحشتني.. بس أنت كل شوية تتعصب عليا" تحدثت له في لوم

"حقك عليا.. خلاص هانت.. كلها بكرة بالكتير هاكون عندك.. أروى بس تكون كويسة وهجيلك"

"هي مالها؟!" سألته وهي لا تكترث حقاً بأحوالها

"دور برد جامد شوية"

"ماشي يا سليم.." سكتا تماماً عن الحديث بينما واتت زينة فكرة أن تسأله عن شيء "هو أنا ممكن أسألك سؤال؟!"

"أنتي عبيطة يا زوزا.. طبعاً أسألي" اجابها بتلقائية

"متعرفش بابا كريم فين؟ وليه مش بيسأل علينا الفترة دي كلها؟" تعجب سليم كثيراً لسؤالها ليعقد حاجباه في تعجب

"لا معرفش.. وبعدين أنتي عارفة من يوم ما دخلت بيتكم وعمتي كانت متجوزة عمو سيف الله يرحمه" تحدث ليجيبها ولكن ملامحه التي لم تراها هي تعجبت للغاية من استفسارها ذلك

"أنا فاهمة.. بس يعني خالو مكلمكش أبداً عنه؟ أو ماما؟ أو طنط شاهي مثلاً؟!"

"لأ عمرها ما حصلت.. بس اشمعنى بتسألي السؤال ده دلوقتي؟!"

"ايه!!" تلعثمت ولكنها تابعت بسرعة "سليم أنت عارف كنت قد ايه متعلقة ببابا سيف الله يرحمه، وأنت اهو شايف ماما بتعاملني ازاي، تفتكر لو بابا كريم لسه عايش هيحبني زي بابا سيف؟!" سألته ولكنه لا يعلم بم يجيبها فحاول أن يحول الأمر إلي مزاح حتى لا تغرق بدوامة الحزن التي تضع نفسها بها دائماً

"تفتكري أنا منفعش أكون بابا؟ ده أنا حتى زي القمر والبنات هتموت عليا" أخبرها بنبرة مازحة لتبتسم زينة لكلماته

"والله أنت بتهزر ومش وقته خالص"

"مش وقته ولا علشان وحشتك أوي؟ ولا غيرانة لما قولتلك البنات بتموت فيا؟! متكدبيش يا زوزتي عشان عارفك كويس"

"تصدق إنك رخم.. اقفل بقا عشان أقوم أخد shower واساعد في الفطار"

"يا بختهم.. لو تعرفي قد ايه بحقد على نوري وبدر وسيدرا دلوقتي مش هاتكرريها تاني"

"تعالى أنت بس وأنا أعملك اللي أنت عايزه" أخبرته بإبتسامة توسعت على شفتيها

"يا جامد.. قال يعني بتعرف تعمل حاجة غير البيض المقلي.. يا شيخة روحي"

"أنا غلطانة.. وأنت أصلاً رخم.. روح يالا"

"وحشتيني اوي.. حتى شكلك وأنا برخم عليكي وحشني" أخبرها متنهداً بإبتسامة

"وأنت كمان.. ارجع بسرعة بقا"

"حاضر يا حبيبتي.. خدي بالك من نفسك يا زينة عشان خاطري"

"حاضر يا سليم.."

"أنا هاروح اجيب فطار وأشوف أروى لو بقت كويسة هحاول نرجع النهاردة.."

"ماشي.. باي"

"باي يا حبيبتي"

أنهيا المكالمة ليشعر سليم بالتحسن قليلاً امّا زينة فكعادتها تخلل إليها المشاعر التي تغيرها بسرعة مائة وثمانين درجة دون التريث ولا التفكير بأية تفاصيل!

"بدر.. عشان خاطري متخفش.. أكيد سليم معرفش وإلا كان هيصارحك" همست له وهو متوسد صدرها بعد أن حاولة تهدئة بكاءه طيلة الليلة الماضية ودعمته كي يُخرج تلك الأفكار السوداء من رأسه وربتت على ظهره في حنان

"أكيد عرف.. عشان كده مكنش عايز يقولي" همس بإنكسار لتتنهد نورسين وأخفضت نظرها لوجهه

"هيعرف ازاي بس يا بدر، أنا محكتلوش، وأكيد ليلي الله يرحمها محكتلوش حاجة.. يبقى عرف ازاي بس؟!"

"مش عارف، مش عارف ومش هاقدر ابصله في وشه وأقوله أن أبوك نسخة من شهاب اللي عايز تحمي بنات عمتك منه، ازاي هقوله إني كنت حقير كده؟ ازاي يا نورسين هاقدر أقوله أبوك اللي بيحاول يخليك احسن واحد في الدنيا كان قذر كده؟ ازاي هقوله إن صاحبك وأخوك الكبير خبى عنك كل ده؟" انهمرت دموعه مجدداً لتربت نورسين على ظهره في لطف

"استنى بـ.." توقفت عن الكلمات بينما هو نظر لها وقد توقف عن البكاء لتتحول ملامحهما للتعجب الشديد بعدما سمعا صوت جرس الباب "مين اللي هيجيلنا دلوقتي بدري كده؟!" نظرت له مضيقة ما بين حاجبيها ليجفف هو دموعه ثم نهض مسرعاً وتبعته هي الأخرى لترتدي رداء حول ملابس نومها وذهبا سوياً ليتفقدا من ذلك الزائر الذي قد يأتي بمثل هذا الصباح الباكر.

#يُتبع . . .

Continue Reading

You'll Also Like

193K 4.4K 27
كانت تعيش حياة هادئة مع زوجها منتظرة ثاني مولود لهم ... ليفاجئها زوجها باحد الايام بقرار زواجه من أرملة اخيه ... تتألم ... تتوجع ... تقهر ... فبعد عش...
53K 1.2K 10
يقولون إن الحب يصنع المعجزات، هل أتخلى عن صفاتي التي لازمتني طوال حياتي من أجل حُبك لي؟ هل يسامح قلبك وينسى كل جرحٍ مني فقط من أجل حبي لك؟ وهل يستح...
2.1K 189 22
هو لا يبالي بشيء جاد جدا في عمله او هذا الذي يفرضه عليه عمله وهي تعيش في حزن لفقدها زوجها و هي تتحمل مسؤلية طفلها الذي وُلد ولم يجد له أبًا تسعي لكي...
1.9M 29.4K 40
#مقدمة هو قاسي متملك لا يعرف الرحمه هي بريئه لازالت طفلة رغم عامها العشرون اوقعها قدرها في براثنه لينتقم منها ظلما وتصبح #اسيرة_انتقامه فهل لها من مف...