الفصل العشرون (ظلام البدر)

35.1K 434 10
                                    

دلف الفيلا في هدوء بينما عرف أنها بغرفة مكتبه ولكنه لم يُصدر صوتاً وانتظر ليعلم ردة فعلها عندما تراه قد عاد مبكراً عن موعده بأربع ساعات. لقد سأم تهربه منها كلما أرادت أن تعرف كيف تقابلا وتزوجا وهو يحاول التوصل لطريقة منطقية كي يخبرها بالأمر!!

دلف غرفة المكتب لتلاحظه هي وفوراً أخفت ما بيديها خلف ظهرها وشعرت بالخوف منه فهو قد يغضب منها لو رأى ما تفعله وخاصةً أنها بمكتبه..

نهضت وهي تُخفي الأوراق وتعالت أنفاسها وهي تبتلع في وجل منه وأخذت خفقات قلبها في الازدياد عندما رآته يتوجه نحوها ولم تستطع أن تنظر له فأشاحت بنظرها للأرضية لتتقهقر آخذة خطوات للخلف وهي لازالت ترى حذاءه اللامع يتقدم منها لترتطم بالجدار خلفها وتمنت بداخلها ألا يستمر بالنظر لها تلك النظرات المخيفة ثانية..

شعرت بأنفاسه القريبة منه ليصعدا ثدييها ويهبطا في عنف انعكاساً لسرعة تنفسها وقبضت على الأوراق في خوف وكأنها تحاول أن تستمد القوة منها لتنظر له ولكنها لم تستطع..

"مخبية ايه ورا ضهرك؟!" سألها في هدوء وهو يتفحص وجهها البريء الخائف

"ممـ .. ممفيش" همست متلعثمة ليبتسم هو بإقتضاب على خوفها ولكن ليس بإستهزاء أو تهكم مثلما كان يفعل كل مرة ثم تحكم في ملامحه لتعود مجدداً للجدية وزفر ثم أمتدت يده خلفها ليآخذ الأوراق منها وكادت أن تفر هاربة ولكنه ثبت خصرها بالحائط بينما أمسك بالأوراق منها

"سيبيها بدل ما تتقطع" آمرها ولكن بلين دون غضب لتتفلت أصابعها حول الأوراق لتشعر هي بالخوف ما إن رآى ما فعلته وكان فزعها أكبر ما لو فعل أي شيء لها فهي لا تزال تشعر بالخوف منه وقد يفعل لها ما يؤذيها لأنها رفضت تريه الأوراق..

ظلت هي تنظر للأرضية وتتنفس مسرعة في رعب من قربه ومن ردة فعله لإكتشافه ما بالأوراق وعطره هذا يُربكها كثيراً، كما أنها تشعر أنها تتذكر رائحة هذا العطر ولكن لا تدري متى استنشقته، وخاصةً يده التي ثبتت خصرها لتحاصرها بهذا الشكل، العديد من المشاعر الغير مفهومة تجمعت داخلها وتمنت لو يتركها تذهب وشأنها ولكنه بالطبع لن يفعلها..

نظر للأوراق ليرى نفسه، كل شيء به مثلما هو، ينقص فقط أن تنطق تلك الرسمة بالروح، كيف لها أن تنقل كل التفاصيل هكذا بمنتهى البراعة، كيف لها أن ترسم فقط من ذاكرتها بمثل هذا الإتقان او حتى من احدى صوره ولكنه لم يكن عاريا بأي من الصور الموضوعة بفيلته..

لقد رسمته عاري الصدر بنفس عضلاته وذراعاه القويتان، شعره يبدو أطول قليلاً، ذقنه المشذبة تحمل نفس الشعيرات البيضاء بالمنتصف، ينظر لمن أمامه نظرة ثاقبة ومُخيفة، دون ابتسامة، ولكن ما آثار دهشته هو ذلك الوشاح الذي وضع حول منكباه ويصل للأرض وممسكاً بيده صولجان يبدو غريباً ليرتكز على أعلاه كرة.. فهم أنها الكرة الأرضية ربما، فتفاصيلها متناهية الصغر، وتفقد باقي الرسمة ليجد قبضة يده اليُسرى حوله وعلى رأسه وضع تاج مرصعاً بجواهر ثم كتبت فوق الرسمة "ملك الكون"

ثلاثية دجى الليلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن