الفصل الثاني والثلاثون (ظلام البدر)

48.1K 405 5
                                    

دلفت السيارة بجانبه لتجده ينطلق على الفور حتى قبل أن توصد الباب بالكامل فتعجبت ولمحته بزرقاوتاها البريئتان ولكنها ابتسمت في خجل فهي اشتاقت له حقاً..

بالرغم استمتاعها بالتنزه مع شاهندة ورؤية نجوى والمرح مع أبناء هديل بل وتغير هديل معها أيضاً للأفضل وتناول الطعام وتلك البهجة التي أدخلوها عليها جميعاً والجو الأسري الذي لطالما ما كانت تبحث عنه إلا أنها شعرت بالفراغ الشديد دون وجوده بجانبها..

عضت على شفتيها قبل أن تآخذ تلك الخطوة وهي تستجمع كل نصائح شاهندة بداخل رأسها ثم امتدت يدها في بطئ لتتلمس يده ونظرت له بتلك الزرقاوتان التي يُفيض منها الإشتياق

"وحشتني" همست له ليشعر وكأنما عاصفة هبت بداخل عروقه لتمرمغه يميناً ويساراً وهو لا يستطيع التجاوب مع تلك الرقة التي تطالبه بها من تلك النبرة..

ابتسم لها بعد أن نظر لها بثاقبتاه لثانية ربما أو ثانيتان ولكنه لم يكن يدري كيف بدا مُريباً بل ومخيفاً بتلك النظرة التي انطلقت من عيناه كالسهم لشفتيها لتستغرب هي معاملته وصمته الزائد عن المألوف.. هي تعرف جيداً أنه ليس ذاك الشخص الذي يتحدث بالكثير ولكن صمته اليوم أكثر من اللازم..

فكرت بداخلها أن تكسر ذلك الصمت ثم قبضت على يده أكثر بجرأة لم يعهدها هو وبمنتهى الصعوبة يتحمل تلك اللمسة فهو لا يريد إلا أن يترك تلك اللعنة التي يقودها ليُفجر ولو جزء من أثر يوم أمس الذي حملته أحداثه على تفجير تلك البراكين الخامدة بداخله ويآخذها أسفله بمنتهى العنف..

"أنت مالك؟ ساكت اوي كده ليه؟" سألته وهي تنظر له بمصدر عذابه الأبدي الذي كلما تلاقى مع سواد عيناه أجج بداخله الذنب والندم والعشق بآن واحد

"هقولك" اجابها بإقتضاب وهو يُسرع كثيراً ولا يتحمل تلك الدقائق التي تفصله عن منزله

"طب ممكن تسوق براحة شوية؟!" همست برقة وهي تُضيق ما بين حاجبيها ليلتفت هو لها بنظرة لم تفهم معناها ولكنه لم يبطأ من سرعته لتبتسم هي ابتسامة مقتضبة ثم تنهدت وهي لا تستطيع فهمه ثم تركت يده في هدوء ولم يبدو عليه أية مشاعر تُذكر..

أوقف السيارة في هرجلة شديدة لتزئر مكابحها لينطلق بنفاذ صبر خارج السيارة كالرصاصة المندفعة ولكنها لم تكن طائشة فهو عرف ما يُريده جيداً..

ظلت تتابعه بعيناها في تعجب واستغراب شديدان لتجده يفتح بابها ثم يجذبها من السيارة لتبتلع في خوف مما سيفعله وللحظة تذكرت كيف كان معها ولكنها حاولت ألا تتذكر تلك الأيام برمتها وبأحداثها!!

دلفا لتجده يصفع الباب في عنف لتتعالى هي أنفاسها وهي تنظر له بأعين متسعة وبنفس الوقت الذي وافق ارتطام الباب ليغلقه كان جسدها يرتطم بالجدار خلفها وكذلك شفتاه ارتطمت بخاصتها في عنف لم تختبره معه من قبل..

ثلاثية دجى الليلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن