الفصل التاسع عشر (ظلام البدر)

27.9K 404 7
                                    

جلس بغرفة مكتبه وهو يحتسي من زجاجة الفودكا مباشرة دون أن يُلاحظ مقدار ما يتناوله وهو يُفكر بكل ما مر عليه حتى الآن معها.. أحقاً ظلمها لذلك الحد؟ ألم يلاحظ توسلاتها بألا يتركها مع زوج والدتها؟ أحقاً كان أعمى لتلك الدرجة؟ .. با له من مختل، فعلته دفعتها لتفقد الذاكرة لأحداث سنتان بأكملهما!!..

لا.. لم يكن أعمى.. لقد عرف أن والدتها قد تركت كل أموالها لزوجها لأنها تعرف كم أن ابنتها استغلالية ومادية.. لقد سمعها بأذنيه وهي تخبر كريم بأن يترك أخته.. كل الدلائل التي ملكها وتوصل إليها تُجبره على تصديق أن تلك الفتاة ماكرة مستغلة.. ليس إلا!!

ولكن شاهندة لن تكذب عليه.. حسناً لقد فعلت مرة.. ولكن لتحمي نورسين من غضبه وظنه بها.. فلو علم منذ البداية أن زوج والدتها كان يتحرش بها لكان ظن أن كل ذلك مجرد تمثيلية رخيصة حتى يتآمرا على زياد أو كريم وتأتي له بالأموال..

أيضاً يسري لا ينفك يطالب كريم بالأموال وأخبره أنه يريد أن يزوجها لمن يعطيه أموالاً.. إذن زوج والدتها هو الآخر مستغل مثلها تماماً..

دموعها وصراخها، تذللها له بعد أن أهانها وأذاقها وابل من العذاب والضرب المبرح، لا يزال يشعر بإرتجافة جسدها بين ذراعاه عندما حملها، لا يزال يتذكر صراخها آلماً، ماذا كان ليحدث إن لم يذهب عائداً لها في ذلك الوقت؟!

في النهاية هي لا زالت على اسمه، أمام الجميع هي زوجته، ماذا لو كان تركها ولم يستمع لأخته؟ أكانت ستصبح زوجته مُغتصبة بتلك الدناءة ومن مَن.. من زوج أمها؟!!

ألقى الزجاجة أرضاً ليهشمها بغضب جم والذنب والندم يبددان سائر حواسه، يشعر بالغضب تجاه نفسه أولاً وثانياً تجاه كل ما يحدث، لا يدري أيُصدقها أم يُصدق الأطباء الذين أكدوا بفقدها لذاكرتها بسبب تلك الصدمات التي تعرضت لها أم يُصدق نفسه وكل ما لديه من براهين على أنها مُستغلة!! وما تلك البراهين التي يمتلكها سوى حفنة مشاعر بالخوف على عائلته من أي أحد قد يستغلهم أو قد يُخرب حياتهم؟!

رأسه تتهشم من كثرة التفكير، لا يدري ولا يعلم أين الحقيقة.. هو أذنب بحقها ويشعر بالندم جراء كل ما فعله معها.. لقد عذبها بأبشع الطرق التي يكرهها هو نفسه، لقد أجبرها على الزواج منه بتلك السن الصغيرة، هناك صراع من نوع جديد قد نما منذ تلك اللحظة التي رآها بها أسفل يُسري، ولكنه حتى الآن لا يستطيع نسيان ما سمعته أذنيه

"يبقا تسيبها، تسيبها وتبعد عنها، متفضلش معاها وتظلمها.. كل اللي بتقوله أصلاً مش مبرر إنك بتحب حد.."

شعر وكأنه سيجن حتماً من تلك الإنفجارات بعقله ثم تجرع ما تبقى في الزجاجة الثانية بأكملها التي لم يدرك متى بدأ في احتسائها ليتذكر فجأة العديد والكثير من الذكريات المؤلمة التي جمعتهما سوياً وهو لا يدري أهو يظلمها أم هو على حق أم ماذا يفعل وكيف يتصرف مع كل ذلك الذي يحدث من حوله..

ثلاثية دجى الليلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن