الفصل الثاني (ظلام البدر)

19.2K 321 3
                                    

فتح عيناه بصعوبة وهو يشعر بذلك الآلم اللعين من آثار تلك الخمر التي احتساها الليلة الماضية فنهض بصعوبة وآخذ بعض أقراص المُسكن ليبتلعها دون مياة وتوجه للحمام مستعداً لروتينه اليومي المرير الذي بات لا يتحمله أكثر من ذي قبل.

تنهد وهو يجذب تلك المكابح اليدوية لسيارته التي صفها مثلما تعود أمام منزل عائلته ثم توجه للخارج ولأول مرة يشعر بعدم رغبته لإكمال الطريق للداخل، لا يدري لماذا هو متريث تلك المرة أكثر من المرات السابقة، لا يزال لديه ذلك الشعور الدفين الذي لم يفارقه بأنه غريب عن الجميع.

كاد أن يلتفت ويعود لسيارته ولكن كان زياد ينتظره منذ الصباح الباكر أمام بوابة المنزل التي يدلف منها دائماً ليستمع لصوته منادياً اياه

"بدر" صاح منادياً ليلتفت بدر الدين تجاه الصوت ليرى زياد الذي بدا كالطفل الصغير أمامه مشتتاً فعقد حاجباه ولم يجيبه ونظر إليه فقط دون كلام "أنا آسف" همس بها دون مقدمات أخرى ليحدق بدر في عيناه دون حديث ثم أماء له بالموافقة "خلاص بقا يا عم عيل وغلط، هتعمل راسك براسه يعني؟" صاح مازحاً ليهُز بدر الدين رأسه في إنكار من أفعال ذلك الصغير الذي لن يكبر أبداً "سماح بقا المرادي.. حقك عليا وهات ايدك ابوسها" جذب يد أخيه

"بس يا زياد بطل تفاهة" أخبره حانقاً

"ما هو لو مكنتش طويل كنت قولتلك هات راسك أبوسها، بس أعملك ايه أنت اللي فِرع زيادة عن اللزوم" أخبره مازحاً مجدداً ليزيد بدر الدين من عقدة حاجباه ليستمع لصوت شاهندة التي كانت تراقب كل شيء على مقربة منهما

"ما تفك بقا يا بدور، مهما هزرنا معاك كده مفيش ضحكة حلوة تحن بيها علينا"

"ما قولتلك يا شاهي بلاش بدور دي بتنرفزني" التفت نحوها غاضباً

"طيب خلاص ايه رأيك أقولك يا بدوري ولا بدبد" حاوطت عنقه في دلال ليستمع لقهقهة زياد بينما نظر لها في غضب

"يا باي!! عاملنلك قرود على الصبح.. أضحك بقا وفك التكشيرة دي" نظرت له بتوسل ليومأ لها بالموافقة وبدأت ملامحه تلين شيئاً فشيئاً وللحظة انضمت لهم هديل التي كانت تراقب كل شيء دون ملاحظة أحد

"وأنا بقا ملياش نصيب في الهزار ده ولا يعني عشان منفوخة كده مش هعرف احضنك واتدلع عليك" تحدثت في دلال متصنعة الحزن

"بصراحة بقيتي شبه البطيخة" أخبرها زياد أمام الجميع ليضحكوا سوياً بينما ابتسم بدر الدين ابتسامة هادئة لم تظهر أسنانه ولكن غضبت هديل من كلمات أخيها الصغير

"أنا بطيخة!! ماشي يا زياد، والله أولد بس وأفوقلك!" توعدته ثم عقدت ذراعيها لتتعالى ضحكات شاهندة وزياد بينما هز بدر الدين رأسه في إنكار مبتسماً

"طب يالا بقا عشان نوجا هتزعلنا لو أتأخرنا" صاح زياد للجميع ليتوجهوا سوياً للداخل ولم يرى أحد نجوى التي كانت تراقبهم من نافذة غرفتها وابتسمت عندما رأتهم هكذا

ثلاثية دجى الليلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن