الفصل السادس❤️

1K 30 6
                                    

رواية اوجيني ❤️
بقلمي /ماهيتاب سالم❤️

"يموت الإنسان عندما يفقد قدرته علي التمني... لا حينما يفقد قدرته علي التنفس"

_______________________________

_اترك امي!، امي، امي لا، امي!

ضحك الرجل بتشدق غير عابئ بتوسلات هذا الطفل المسكين ينظر له بسخريه وتشفي ثم قام بلكم  بدون اي شفقه أو رحمه وركله بقدمه كالحشره حتي سقط الصغير أرضا يتأوه من الألم والدماء تسيل من أنفه والكدمات تملأ وجهه وجسده الصغير وبالرغم من كل هذا..نادي بكل ما أوتي من قوة:

=امي! امي!

انتفض من فراشه بفزع يصرخ مناديا علي والدته كحال كل يوم بعد كابوسه المتكرر الذي يذكره بطفولته الأليمة وماحدث له بها...مهما حاول بكل الطرق نسيان الماضي تأتيه في كوابيسه لتخبره بأنه لامفر منها..لعنة عالقة به كالداء الذي لن يزول إلا بعد خروج الروح من الجسد..لايمكن محوه بسهوله مهما مرت الأيام وتلاحمت السنوات.ماضٍ محطم للقلوب..آخذٌ للأحبه..مسبب الجروح، وهو سبب كل المآسي التي قد يعيشها الانسان حاضرا ومستقبلا..وللأسف يبقي الجرح مفتوح لا يلتئم مهما حدث..وما اسوء من جرح الزمان..!

جلس علي حافة سريره يتصبب عرقا وكأنه كان في سباق منذ لحظات..حدق في الفراغ أمامه بغضب وأعين محمره. كم يود قتل ذلك الرجل الذي يراه دائما في كوابيسه ويذكره بأنه سلب منه كل شيء ..الشخص الذي جرده من  طفولته ،حياته وأحلامه وسعادته وهنائه،وأهم شيء في دنياه ..والدته التي قتل روحها بأبشع الطرق وحرمه من حنانها..جعله يتيما وحيدا بائسا بدونها..لا يستطيع حتى نسيان وجهه اللعين لدرجة انه يبحث في كل وجه يراه ،يتمني الثأر لنفسه ولأمه ولأبيه ..يتمني الإنتقام والخلاص من كوابيسه وشعور الضعف وقلة الحيلة الذي لاحقه منذ تلك الليلة التي فقد فيها كل شيء..حتي نفسه!..ولكن السؤال الذي يدور في داخله منذ سنوات هو، من هو؟ ولماذا فعل هذا بوالدته؟

كلما تذكر تلك الليلة التي لم تغب عن عقله يوما يكاد أن يشتعل من الغضب وإحراق كل من حوله، وأكثر ما يغضبه أنه  عاجز عن كشف حقيقة ماحدث والأخذ بالثأر لوالدته وعائلته ولنفسه منهم..!

قطع شروده ولحظه غضبه صوت هذا المنبه الصغير الموضوع علي الطاوله بجانب سريره، لم يكد ينظر إليه حتي أمسكه ثم ألقاه بعيدا ليتحطم إلي قطع صغيره، كعادته يفرغ غضبه في أي شئ يراه أمامه حتي يقضي عليه..!

نهض من سريره متجها إلي دورة المياه ليأخذ حماما باردا يريح أعصابه لعله يهدأ قليلا ويطفئ النار المشتعله في قلبه وروحه...أنهى استحمامه ثم ذهب إلي غرفة ملابسه التي بداخل جناحه الخاص..انتقي حلة سوداء فخمه مثل باقية ملابسه الفاخره، مع ربطة عنق أنيقه ثم مشط خصلات شعره الكثيفه وقم برشّ عطره الباهظ ذا الرائحة النفاذه المميزة .ارتدي ساعة يده ثم خرج من غرفته بهدوء وهيبة كبيره وجدية صارمه اشتهر بها نازلا سلالم قصره الكبير ذا الذوق الرفيع المصمم علي أفضل طراز ليبدو وكأنه متحف يضم تحف العالم! وجد الخدم يسرعون في وضع الإفطار علي الطاوله خوفا من أن يغضب علي أحدهم أن تأخر...جلس علي إحدي الكراسي الموضوعة امام مائدة الطعام الكبيره التي تكفي لعشرات الأفراد وحيدا يتناول طعامه بهدوئه المعتاد..فبالرغم من هذا القصر الكبير الذي يعج بالخدم والحشم الذين يسعون لخدمته وتلبية اوامره ورغباته..إلا أنه يعيش فيه وحيدا بمفرده بلا أنيس ولا جليس..لا عائله ولا أحباب..ابتسم بسخريه فالجميع يحسده علي حاله ويتمنوا فقط لو أن لديهم نصف مكانته ومنصبه وهيبته بين الناس و مايملك من شركات و أموال لاعد لها ولا حصر..لكنه يقسم أنه يمكنه الإستغناء عن كل هذا عوضا عن عائله بجانبه يشعر بالدفء والسعادة التي لم يذق لها طعما بينهم بدون أن تفرقهم الأيام ولا تنهكهم السنوات..لكن الأيام لعنته بأن يكون وحيدا بدون صديق أو حبيب بسبب قسوته ووحشيته وغضبه وكرهه للناس الذي صنعته الأيام بسبب كل ما حدث له في ماضيه المؤلم؛حتي قرر أن يبقي هكذا بدون شخص يسانده ولا قريب يحنو عليه، فقط كل ما أصبح يشغل باله هو عمله الذي كان كل هدفه أن يصبح الأول به بدون منافس،ويجعل الجميع خاضعا له تحت أوامره ليرضي كبريائه ويشبع ذلك الشعور الذي يلح عليه بأن يكون مسيطرا ليس له مثيل..!
فإعتيادك على الوحدة سوف يجعل منك شخصا ليس لديه سوي خيارين ..وكلاهما أسوأ من الآخر..إما أن تصبح هشا ضعيفا تأنس بحكايا العابرين،يُداس عليه بالأقدام و لا يتفوه بحرف واحد أو يحاول الإعتراض..تحطمك الحياة وتُذيقك مرارتها فتبتلعها مجبرا لتستمر في العيش مهمشا في الظلال...أو تكن قاسيا لاتتشبث بأحد قط..تضع الحياة بمن عليها تحت قدميك لتثبت أنك الأقوي الغير قابل للكسر..القاسي الذي يخشاه الجميع ويتجنب إثارة حنقه وغضبه حتى لاينقلب عليه ويدمرة..لايوجد في عقلك فكره سوي تحطيم وهدم كل من يقف أمامك يجعلك عاجزا ضعيفا أمام نفسك قبل الآخرين..!

 رواية أوجيني. (قسوة العشق)🖤Where stories live. Discover now