-12-

4.4K 147 93
                                    

يتخلل صوت رنين منبه هاتفي قنواتي السمعية معلنا على نهاية تلك الدقائق الجميلة التي قضيتها بين دفء احضانها لآخر مرة..
كانت أنذاك الساعة السادسة صباحا، وكنت قد استفقت قبل ذلك بنصف ساعة ربما.. لا أدري بالتحديد..
مددت يدي إلى هاتفي وأخذته لأقوم باطفائه ثم أعدته فوق الطاولة، شغلت ضوء الأباجورة الخافت حتى تتسنى لي الرؤية في ذلك الظلام الحالك الذي كان يعم الغرفة لألمح تفاصيل وجهها الساحرة..
كانت نائمة كالملاك، تتوسد صدري محتضنة إياي بكلتا يداها وكأنها تخشى ذهابي، خصلات شعرها الحريرية تتدلى على وجهها فتلامس شفتاها الرقيقتين..

ابتسمت لبراءتها وأبعدتها بهدوء حتى أستطيع النهوض دون ايقاظها، ارتديت ملابسي واتجهت إلى الحمام بعدما اغلقت الباب باحكام..

~ رغد ~
فتحت عيناي لأجد نفسي نائمة على السرير بمفردي في غرفتها، نهضت منه بفزع اتساءل بيني وبين نفسي.. أيعقل أن يكون كل ذلك مجرد حلم !!.. ثم أين هي ؟..
أبعدت الغطاء عني فوجدت نفسي عارية على آخري، أنزلت قدماي لتلامس ذلك البلاط المتجمد، أو ربما ليس هو ما كان متجمدا بل دمائي.. خشيت أن تكون قد غادرت ولم أرها لآخر مرة حتى !..
لكن سرعان ما استعدت درجة حرارة جسدي الطبيعية حين رأيت حقيبتها مركونة أمام ذلك الدولاب..

ارتديت ملابسي وهممت بالخروج من الغرفة بحثا عنها لكن يبدو أنها سبقتني..
رأيت المقبض يستدير ليفتح الباب فتظهر هي وراءه مرتدية جينز أسود، هودي أبيض وجاكيت أسود، واضعة قبعتها الشتوية ذات اللون الأسود هي الأخرى وبعض خصلات شعرها الذي اصبح قصيرا تتدلى على جبينها فتزيدها جمالا..
وكأنما كانت هي المقصودة حين قررت أحلام مستغانمي بتسمية روايتها.. "الأسود يليق بك"..

كانت تقف بثبات عند عتبة الباب تناظرني بعيناها المحمرتان، لا شك أنها قد أجهشت بالبكاء قبل حضورها..
لطالما كانت آيار قوية ومن الصعب التأثير عليها، لكنها دائما عاجزة على إخفاء دموعها وغضبها اللذان يغيران من ملامحها فيلونان وجهها بالأحمر بينما يبرز شريان عنقها الأيسر ورأسها ليسهل عليك معرفة بأنها ليست في حالتها الطبيعية وإن تصنعت البرود..

اقتربت منها لأقف بقربها مطأطئة رأسي، أحاول الكلام لكن حروفي عالقة في منتصف أحبالي الصوتية، ابتلعت ريقي وتنهدت زافرة لأخرج حروفي أخيرا.. - رايحة ؟.. سألتها بتوتر..

- اي.. صمتت قليلا ثم أضافت.. - ر.. رح روح هلقيت.. قالت بتلعثم واستدارت متحاشية النظر في عيناي ثم أخذت حقيبتها وخرجت مباشرة لتنزل الدرج بسرعة..
لحقت بها منادية إياها عدة مرات لكنها أكملت نزوله دون رد علي لتتوقف عند ثالث درجة قبل الأخيرة في حين كنت أقف أنا بعدها ببضع درجات..
وضعت حقيبتها على الأرض ورفعت يدها لتمسح دموعها، أكملت أنا نزول ما تبقى من الدرج لأصبح بقربها..

سجن في الهواء الطلقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن