-17-

4.4K 146 100
                                    

-آيار!!..
تحدث باسل وهو ينظر إلي بدهشة قاطبا حاجبيه بمعنى "ماذا تفعلين هنا؟".. لكنني لم أجبه بشيء، لأنه وببساطة تركيزي لم يكن موجها لسؤاله..
بل كان لطلال الواقف بثبات بجانبه مقابلا إياي!!..
كان يناظرني بصمت، عيناه تشعان حقدا وغضبا، وكأنه يخبرني بأن لولا باسل هنا لكنت الآن عبارة عن جثة هامدة!!..

ابتسمت بسخرية قصد استفزازه، ثم تحدثت بنبرة بليدة بينما لاتزال تلك الابتسامة الساخرة ترتسم على وجهي.. -أهلين.. نورتو البيت..

- أهلين.. أجاب طلال بنبرة حادة وأكمل سيره نحو الداخل دون أن ينبس بكلمة ثانية..

مددت يدي نحو باسل الذي لا يزال يقف أمام باب بيته يناظرني أنا وطلال بدهشة ليمد هو الآخر بيده إلي بعد برهة شرود وهو يقول.. - أهلين.. شو مش ع أساس رايحة اليوم؟!..

- تسكر المعبر.. قلت بضحكة ثم أردفت.. - شكلكن ما صدقتو روح؟..

ضحك قليلا ثم أجاب وهو يدخل.. - لا بالعكس.. والله تمنينا تضلي أكثر.. لسا اسبوع ما وصل ع جيتك.. وأثير زعلت كثير امبارح وقت فكرناك رايحة..

- ماكنت بعرف أني مهمة لهالدرجة.. قلت بقهقهة وأنا اغلق الباب لأتبعه وهو يشير لطلال بالدخول قائلا.. - فوت طلال..

~ رغد ~
استلقيت على الأريكة ممسكة بأحد الكتب التي كانت عبارة عن رواية.. لا أدري ما محتواها ولا عما تدور أحداثها..
قرأت ربعها ربما، لكن دون تركيز!!..
وكأنني أقرأ مجرد حروفا عربية متكررة بحركات تختلف بين الحين والآخر في نطقها..
لأنني لم أقرأها لشيء.. سوى محاولة الهروب من التفكير المتواصل بها!..

أغلقت الكتاب ووضعته جانبا بعدما أدركت بأنه لا جدوى من كل هذا، هاته الفتاة قد استطاعت السيطرة على كياني وعقلي قبل قلبي..
رفعت جسدي لأجلس على الأريكة بعدما كنت مستلقية، أمسكت بخصلات شعري المبعثرة لأصفها كلها على جانبي الأيمن فتتدلى على كتفي..
نهضت من الأريكة واقتربت بخطوات متثاقلة نحو المرآة، وقفت مقابلة إياها أنظر إلى وجهي الذي أصبح شاحبا من كثرة البكاء والتفكير بحياتي التي إن حق تشبيهها بشيء فلاشيء أنسب من الجحيم!!..

كيف لها أن تتحمل كل هذا؟!.. لما هي هكذا.. باردة.. جامدة.. حتى أنه يراودني أحيانا احساس بأنها لا تشعر!!..
لطالما كانت تخبرني بأن لا حياة لها بدوني، بأنها لا تدري ما عساه سيحل بها إن ابتعدت عني للحظة، بأنها مجرد جسد يتحرك ويتنفس لأنه أجبر على ذلك لو لم أكن موجودة في حياتها.. لطالما أخبرتني في عدد من المرات التي لا تعد ولا تحصى بأنها الجسد وأنا الروح..

لكنني لم أرى شيء مما قالته.. وبعد سنين العشرة التي قضيناها رفقة بعض استطاعت وبكل سهولة التخلي عني خمسة سنين..
وها هي ذا قد عادت فقط بسبب وفاة والدي، ولا أثّر الفراق عليها بشيء، بل عادت محققة أحلامها التي كانت قد تعهدتني بأننا سنحققها سويا..

سجن في الهواء الطلقDonde viven las historias. Descúbrelo ahora