28-'ارض التفاح وآسموديوس'

Começar do início
                                    

دلفتُ للداخل خلف سيدي الذي سار بِكل شجاعة وهدوء للداخل بين الظلمات نحو الضوء الوحيد البعيد عنا وبمجرد وصولنا للضوء حتّى رأينا مصدره؛ كانت شمعة وحيدة فوق طاولة منخفضة ومستديرة تقبع خلفها سيدة تخفي وجهها بِقناع تمامًا كما وصفتها والدتي، فَاهتز قلبي لِتلك الذِكرى.

تقلص خوفي تدريجيًا وأخذتُ أقلد سيّدي جالسةً أرضًا قربه وأمام الساحرة، كاد سيّدي يتحدث لولا أن السيدة سبقتهُ قائلة:
"هادوين! مرحبًا بكَ أيها الطاهِر! "

نظرت لي وأكملت بِنبرتها العاجزة:
"ابنة ديانا؟ لقد كبرتِ سريعًا يا أميرة! "

في تلك اللحظة استبدل خوفي بِالكامل بِحُزن عميق، شعرتُ بِـأذى حاد في قلبي وكأني أعلم للتو حقيقة دمائي وما أصاب والدتيّ؛ وكأن الحقيقة تتلو عليّ مجددًا، لكنّي تمالكتُ نفسي وبلعتُ الغصة، ليس لأني قوية بل لأن هذا ما يجب عليّ فعلهُ وعندما هدأتُ أطلقتُ كلماتي:
"أخبريني سيدتي.."
نقلت عيني لخاصتها مباشرةً ثم استرسلتُ:
"كيف أُعيد البريء للسماء؟ "

تضخم خديها فَعلمتُ أنها تبتسم ثم أجابت:
"مَن البريء؟ "

"سيـ..! أقصد هادوين!"

رمقتني في حنين:
"كـوالدتكِ تمامًا، قلبًا عاشِقًا وأعيُن ساحِرة"أطلقت تنهيدة ثم استطردت:
"اسمعيني صغيرتي، السؤال الصحيح هو..مَن البريء؟"

قبضتُ حاجباي لكنها لم توضح لي وبدت في انتظار ردًا مِني، حينها ارتبكتُ قليلًا ثم سألتُ:
"مـ..مَن البريء؟ "

عادت تبتسم مُجيبة:
"ملاكاً خضع لِشهواتِه، عاشِق قُذِف بِواسطة سهم كيوبيد، كان إله الحب أعمى فَـأضحى الحب هو القلوب لا المظاهِر؛ ولِـكَونِ نظير الشهوة أعمى في حبه فَـقد صدق وبات طاهِرًا!"

"ماذا تقولين..؟!!"
سألها هادوين فـاسترسلت:
"إن كان الحُب يعتمد على المظاهر لِما خُلِق إله الحُب كيوبيد أعمى! آسموديوس أحب الأجساد والمظاهر، آسموديوس خضع لِشهواتِه، هادوين أحب روحًا، هادوين لم يرتكِب ذنبًا، آسموديوس أحب بِـصدق أليسَ هذا بِإثبات لِبراءتِه..؟"

نقلتُ بصري نحو هادوين الذي بدا مُتجمِدًا تمامًا حتّى عيناه لا ترمُش، لقد حصل على جوابه أخيرًا، دليلًا على براءتِه..

"شارلوت! "نادتني اوليفيا فَـعاودت النظر لها بِلهفة وكأني أنتظر سماع خبر مبهج ثانٍ إلا أن ابتسامتها كانت قد اختفت.

استكملت حديثها:
"آسموديوس البريء، لأنهُ أثبت دوره كـملاك وأحب قلوبًا بدلًا مِن خطيئة حب المظاهر للشهوة وأنتِ كُنتِ كأسهُ المُقدسة التي أعادت لهُ طهارتِه بِجعله عاشِقًا لكِ!"

شعرتُ بِالرطوبة في عينايّ لكن تلك المرة لم أكبحها، إن كانت هناك مناسبة لِتساقط دموعي فَلتكُن الفرح لا الحُزن!

آسـموديوس ✔Onde histórias criam vida. Descubra agora