28-'ارض التفاح وآسموديوس'

913 164 69
                                    

«أرض التفاح وآسموديوس»

مرّ يومين هادئين، كـانوا الملائكة يبحثون بهم عَن القلادة في كُل مكان ثم قالوا أن لا وجود لها في القصر ولا أدنى أثر.

استعدتُ صِحتي وبِتت في حال أفضل وحان موعد زيارة الساحرة اوليفيا مع سيّدي، وبعد أن دقت الساعة مُنتصف الليل مُعلِنة عن موعِد استقبال الساحرة لزبائنها كنتُ في السيارة قرب سيّدي نتجه لها.

كان الصمت رفيقنا، صمت يتحدث عن حُزنِنا، فَكُلما استعدتُ صحتي كُلما لاحظتُ تدهور حال هادوين، السواد حول عيناه بات كـأجنحة خُفاش بينما بشرته زادت شحوبًا ونحف عن العادة؛ ماريا اشتكت كثيرًا عن تجاهله للوجبات ومواعيد نومه المتقلبة.

أخذتُ أحدق في الشوارع حولنا في محاولة لتجنب الغوص في الأفكار السوداء أكثر حينها أدركتُ كم كُنتُ مُنعزِلة مُؤخرًا فَـنسيتُ جمال لندن مساءً، كانت مُكتظة بِالرجال النُبلاء ذو البذل مع سيدات أنقيات يضحكن بِـرقة في فساتين ملونة ولامعة، كانوا يتمشون فوق الجسر على الأرصفة تحت عواميد الإضاءة الصفراء بينما السيارات تتحرك بِسرعة خافتة ليلاً في الشارع الفاصل بين الرصيفين، والمتاجر كانت لاتزال مُضيئة فَـتجلى مِن خلف زجاجهم فساتين براقة ودُمى ومُختلف الأشياء بينما عربات الطعام والآيس كريم تسير في سعادة بين حشد الأطفال الجياع.

كانت تلك البهجة هي التي تمنيتها دومًا مُنذُ أن تدمر موطني..،وقد سمعتُ مؤخرًا أن حربًا أهلية قامت في ايرلندا فَـانفصلت شمالية وجنوبية، اتساءل كيف تبدو الآن بعد الحرب؟ هل بِجمال لندن؟ أم مجرد كومة من الدمار؟

كم أرغب في العودة لِموطني مع سيّدي لأريهُ منزلي الذي كان يطل على نهر يلمع تحت أشعة الشّمس، لكن هل لهذا اليوم مكانًا في مستقبلنا؟

شعرتُ بِيد هادوين الدافئة فوق خاصّتي ثم همس في أذني بِدفء:
"تحدقين في لندن اعجاباً كما أحدق بكِ!"

شعرتُ بِـالدماء تندفع لِـوجنتاي فَـنظرتُ لهُ لكن وجهه لايزال على مقربة مني فَـاردفتُ:
"هل تبَـقى الـكَـثير؟"

كبُرت ابتسامته وأبعد وجهه مُجيبًا:
"ها نحن ذا! "
اهتزت السيارة وتقلصت الأضواء مِن حولنا فَـرفعتُ عينايّ للغابة التي دلفناها، كانت غابة موحشة ومظلمة ذات أرض منكسرة.

تباطأت السيارة عِندما تجلى ضوء وحيد على بُعد بِضعة أمتار أمامنا ثُم رأيتُ كوخًا صغيرًا خشبيًا حدقتُ بهِ أتخيل روح والدتي الخائفة تهرع نحوهُ لِلتخلص مِن روح كاترينا أو القلادة.

ترجلنا مِن السيارة وطلب هادوين من السائق أن ينتظرنا ثُم أخذ بِيدي مطمئنًا لي حين لاحظ خوفي وسحبني خلفهُ نحو الكوخ ثم طرق بابهُ مرتين حتّى أجاب صوت واهن وضعيف:
"إنهُ مفتوح، لا تخجل"
بمجرد أن قالت هذا حتّى فُتح الباب مصدرًا صريرًا وبدا قديمًا وكأنهُ سَيهوى في أيّة لحظة.

آسـموديوس ✔Where stories live. Discover now