المأساة الخامسة

65 6 1
                                    


قبل قرابة الخمسة أشهر بدأت أشعر بوخزاتٍ في يدي وأحياناً أشعر أني فقدت القدرة على الإحساس بأطرافي لفترة، في البداية لم اعر الأمر اهتماماً ابداً الى ان بدأ الأمر يزعجني، لذلك قررت إخبار والدي بذلك، لقد هلع كثيراً وأخذني الى المستشفى حالاً.
قاموا بالفحوصات الاعتيادية واخبرونا بالانتظار لمدةٍ اسبوعٍ تقريباً قبل ظهور النتائج، في الواقع لم أكن خائفةً أبداً، لكن والدي المسكين لم يستطع أن يهدأ، أخبرته أن كل شيء بخير، وأنني قد أكون افتقر لبعض الفايتمينات فقط وأن لا شيء خطير سيحدث، أبتسم والدي وأخبرني ان هذا هو السبب في الغالب، وأخبرني أن اهتم بأكلي وأن اكثر من اكل الفواكه والخضار كي أتحسن، فقلت له انني سأفعل ذلك بكل سرور.
بعد يوم تقريباً من اخذ التحاليل، بدأت اقلق بعض الشيء، كان كل ما قلته لوالدي ليس لتهدئته فقط، لكني اظن انه كان لإقناع نفسي بأنه لا يوجد شيءٌ خطير وأنني اتوهم فقط، لكنني كنت اعاني من اختلالٍ في التوازن احياناً، وكنت اعاني من الاعياء الشديد من فترة لأخرى، لكنني كنت دائماً ما اظن ان هذه اعراض عادية لانفلونزا، كنتُ امرض كثيراً لكنني ظننت ان مناعتي ضعيفة الى حد ما فقط، وأنه ليس شيئاً كبيراً.
في هذا الاسبوع المشؤوم بدأت اهلوس دائماً، اصبحت شبه متأكدة انني أعاني من مرضٍ خطير ما، اصبحت في قلقٍ مستمر، كنت فقط اريد معرفة الإجابة، لم تكن الإجابةُ تهمني بقدر ما كان يهمني ان اتوقف عن التفكير في الأمر، حاولت بشدة أن اتناسى الأمر، لكنني لم استطع، وعندما اخبرت من يسمون بصديقاتي بالأمر لم يزيدوا الأمر الا سوءاً، حقاً كن يتصرفن وكأنني سأموت غداً في تارة، وفي تارةٍ أخرى كانوا يقولون انهم عانوا مو نفس الاعراض تقريباً وانها كانت مجرد نقصٍ في فيتامينٍ ما.
سأعترف بأنني عندما سمعتهن يقولون بأنهم عانين اعراضاً مشابهة، ارتحت قليلاً، كنت أشعر انني عرفت الاجابة على السؤال الذي أرقني كثيراً، ولكن راحة بالي لا تدوم طويلاً، ففي اليوم التالي لكلامنا بدأت اشكك فيهن، لعنت نفسي كثيراً، كيف لي اولاً ان أكون بهذا الغباء وأخبرهن بأمرٍ مهمٍ كهذا، وثانياً كيف لي ان اصدق هراءهن، لم اؤمن يوماً بأن لديهن أي ذرةٍ من الذكاء، فكيف لي اذاً ان اشعر بالارتياح فقط لمجرد توقعاتٍ توقعوها في لحظة اندفاع، ومنذ هذه اللحظة لم استطع أن اتوقف عن التفكير في الامر مجدداً.
وما جعل هذا الاسبوع اسوء، هو انني اخبرتهن، لذلك كنت مضطرة للاستماع لهرائهن وثرثرتهن حول هذا الموضوع، لقد رأيت ان ارآءهن كانت عديمة القيمة، لذلك عندما كانوا يسألونني عن اي شيء، كنت فقط ابتسم واحرك رأسي لأعلى واسفل موافقةً لأي كلامٍ يتلفظن به، كنت ارى انه لا بأس من موافقة كلامهن.
الآن أشعر اني حمقاءُ بالكامل، لا اعرف لما كنت دائماً ارى نفسي افضل منهن، الآن وعندما اعيد التفكير في الأمر، أظن انهن كانوا افضل مني، على الاقل لم يزيفوا مشاعرهم، وكانوا يقولون مايشعرون.

وجهٌ مُبتَسم وفلسفةٌ حزينةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن