1-'بِداية النهاية'

Start from the beginning
                                    

لكن جسدها حصل على كفايتِه ليتقبل الصدمة وأخذ يستفيق شيئًا فشيئ عِندما نادى قلبها بإنقاذ شقيقتِها الصُغرى.

دنت لِمستوى الصغيرة وحملت ثُقلها فوق ذراعيها الواهِنة وأخذت تركُض بتسارُع بين الغيوم السوداء وجُثث الجيران، تدوس على دِمائِهم والهواء الذي إلتقطتهُ أثر صدمتها لم يكُن كافيًا، لكن تلك المرة ساقها أرغمتها على بلوغ السلام.

في حين كانت تتقافز لآذانِها أصوات طلقات الرِصاص مِن خلفِها وصُراخ مَن نجى مِن آخر إنفجار يطلب النجاة والغفران، أصوات الرِجال...النِساء والأطفال الباكية، مَن لم يحصلوا على فُرصة للنجاة كما الأمر معها.

جُنود العدو يهُزون أرض نَصرِهم بِخطواتِهم المُحتلة على مقربة مِنها عِندما أدركوا مهرب الكثير لِلشرق؛ تراود لعقلها مشهد مقتل والِدتها لِتندفع بِخطواتٍ أسرع وتثب وثبًا نحو مهرب السلام خوفًا مِن تكرار المشهد مع شقيقتِها الصُغرى.

وقد بلغت السلام، ترى السماء فوق بحر يحمل سفينة مِن الناجيين الإيرلنديين، إتخذ الاكسُجين حينها مساحة في جوفها وهمت بِخطواتٍ أبطأ نحو سُكان شعبُها.

ساعدها قِلة مِنَ الرِجال على صعود السّفينة التي بِالكاد كانت تكفيهم عددًا.

مسحت محيطها بعيناها الذابلة ورأت مجموعات من الأشخاص، البعض مُصاب والبعض يبكي، البعض يحمل جثث أحبائِهم بين ذراعيهم، والبعض الآخر الأقلية وقف في مساعدة ومعالجة الناجيين.

إستجوبها رجُلٌ كان في حالٍ أفضل مِن الجميع:
"أيوجد مَن تنتظريه؟ "

الفتاة حدقت في إتساخ وجه شقيقتها بينما تهز رأسها نفيًا فـدنى الرجل بِرأسه على مقربة من شقيقتها:
"أين والديكما؟ "

"أمي ماتت "قالتها بِنبرة ميّتة، ذابلة فَرفع بصره لعيناها وسأل بِتفصيل:
"ماذا عن والدكِ؟"

"لا أعلم"بالكاد سمع صوتها بين صرخات المحيطين بهم عِندما بلغت قوات العدو مهربهم.

تحركت السّفينة وراح الجميع يركُض للطابق السُفلي في محاولة لحماية نفسِه من طلقات العدو التي لم تبدأ بعد والذي لم يملك فُرصة للهرب أخذ البراميل مخبأً لهُ.

الفتاة لم تكُن مثلهُم؛ كانت قد إستنذفت كل طاقتها في هذا الماراثون قبل قليل وقررت أن تبقى مكانها فحسب وإن عنى هذا مقتلها.

بينما جنود العدو إنسحبوا عِندما لم يجدوا نفعًا مِن معركة بين البر والبحر.

كانت السفينة تبتعد أكثر فأكثر والجنود يتقلصون عددًا بمرور الثواني.

"هل آنا حيّة؟ "جذب نظراتِها هذا العجوز ذو الخدان المتدليين وأعيُن ناعِسة بِرأس أصلع، والذي إختلفت ملامحه تمامًا عن ملامحها، بالرغم من كونه والدها.

آسـموديوس ✔Where stories live. Discover now