( 2 )

2K 33 1
                                    


مكان واتفاجئ بتجمع الناس حول امراه ورجل فى اوائل اواخر العقد الخمسين ,,الرجل يجلس ع الرصيف بينما المراه تجلس ع الارض فى حاله انهيار وبكاء ممسكه ب راس سيده فى اول ال 30 من عمرها ,, اقترب "طارق" منهم محاولا لتقديم المساعدة :_ حد يلحقنا يا ناس بنتى بتضيع منى ..! قالتلها الست الكبيرة بيأس وبكاء,, اقترب "طارق" اتجاهها :
_ بعد اذنكم .. بعد اذنكم .. تسمحولى اشوفها
نظر شاب عمره 25 سنه بحده ل "طارق ": انت مين ابعد ايدك عن اختى ؟
رد "طارق"بحده: انا دكتور وعاوز اساعدها والوضع فى الشارع مش لطيف بالمنظر دا ولا انت عاجبك وجودها فى الشارع كده والناس بتتفرج عليها(سكت الشاب) ممكن تشيل ايدك عنى ؟
اقترب "طارق" من المريضه وابتدا يفحصها وكانت شبه غائبه عن الوعي,,فتحت عينيها وبتبص للكل اللى حواليها فى ذهول وجسمها ساكن مكانه متحجر ,,ساعدها "طارق" للجلوس ع كرسي ومحاوله منه التحدث معها لكن تجمع الناس زاد من توتر المريضه واهلها وشتت تركيز "طارق":
_ اعتقد انها تقدر دلواقتي تمشى هى محتاج ترتاح فى البيت الزحمه والتجمع دا مش هيفيدها ..
استوقف تاكسي واتجه مع المريضه واهلها الى منزلهم ,,دخلت غرفتها وهى فى حاله شبه غائبه ,, اتبع "طارق" الاسعافات الاوليه واتم الكشف واعطاها مهدئ نامت ,, خرج "طارق" ل اهلها وكان الاب والام فى حاله من الرعب والقلق وملامح غضب ع وجه اخيها ,, مسك "طارق" محفظته واخرج كارنيه وكروت وقدمهم ل والد المريضه واخيها :
_ انا يمكن الزحمة وتجمع الناس مقدرتش اعرفكم بنفسى صح ,, انا دكتور "طارق وفيق " طبيب امراض نفسية وعصبية فى لندن وانا هنا فى مصر فى اجازة وبتأسف ع عصبيتى وطريقتي معاكم لكن الوضع مكنش صح خالص ,, والكروت والبطاقات اللى معاكم هتاكدلكم معلومات اللى قولتها ولو محتاجين تتأكدو ...
بنبره حزن تحدث الوالد : يا ابنى كتر خيرك احنا اللى تعبناك ..
واثناء تحدث "طارق" مع والد واخ المريضه دخلت والدتها :
_ الحقنى يا "عوض" الحاله جت ل "كوثر " تانى الحقنى ..
بسرعة اتحركوا للغرفه وقرب منها "طارق" محاولة منه يسمع من "كوثر" :
_ مدام "كوثر" انتى كويسة ؟ ممكن تقوليلى حاسه ب ايه دلواقتي ؟
فى اللحظه دى اتكلم كلا من الاب والام والاخ فى نفس واحد ومفهمش "طارق" فطلب منهم السكوت ليتكلم معاها :
_ مدام "كوثر" ايه اللى بيتعبك اتكلمى انا سامعك ..!
ومحاوله منها لتحدث بصوت واطى قرب منها "طارق" يسمع كلامها واتفاجئ صدور صوت طفله عمرها 5 سنوات منها رغم ان عمرها عدى ال 30 تقريبا ,, بعض حروفها غير واضحه او متغيره بحروف تانيه "الراء" بتنطقها "لام" و"الشين بتنطقها "سين" بالظبط زى طفل مبيعرفش يتكلم ,, اهلها لما سمعوها انهارت الام فى بكائها والاب قعد ع الارض وملامح الحزن اترسمت ع وجه ويضرب كف بالاخر متحسر ع حاله بنته ,, نظر "طارق" ل المريضه ولاحظ نظراتها ل امها وابوها ب ابتسامه بلهاء كالبلهاء غير مدركه حزن اهلها ولا الوضع ,, وفجاءه قرب منها اخوها ومسكها من كتفها بعنف :
_ انتى بتضحكى ..انتى شايفه ابوكى وامك منهاريين بسببك وبتضحكى ..؟
اسرع "طارق" وبعد ايده عنها : ايه اللى بتعمله دا انتى مش شايفها تعبانه ..؟
_ دى بتمثل يا دكتور ,, بتمثل الجنون علينا ,,
_ وايه اللى يخليها تعمل كده ؟
_ انا عارف هى بتعمل كده ليه ..؟
حاول "طارق" تهدئته : طيب ممكن تهدى شويا وهنتكلم ..
طلب "طارق" تحضير حقنه مهدئه ومنومه ل المريضه وتم حقنها فى المحلول واطمن ان مفعول الحقنه ابتدا ونامت وجلس مع اخيها :
_ براحه كده ممكن تقولى ليه بتقول انها بتمثل وايه السبب اللى يوصلها تعمل كده ؟
_ ببساطة يا دكتور اختى "كوثر" عندها 33 سنه وام ل 3 اطفال اكبرهم عمره 9 سنين والاصغر 4 سنين
_ متجوزه ؟
_ ارمله ,, جوزها مات من 4 سنين ونص وسبلها اولادها ال 3 ومعاش كبير يعيشها ملكه هى وعيالها وشقه تمليك مساحتها 250 متر ,,بعد جوزها ما اتوفى رفضت تسيب شقتها وتعيش معانا هنا فى الشقة دى على اساس انها من ريحه ابوهم وهى مش عاوزه تبعدهم عن اى حاجه تفكرهم ب ابوهم ,, فسيبناها تعيش هى واولادها لوحدهم لكن كنا دايما معاها كل يومين انا او بابا او ماما نروح نقعد معاها يومين علشان متبقاش لوحدها الناس هتاكل وشنا ,,المهم شغلت نفسها بتربيه ولادها بعد ما حلفت لينا ول اهل جوزها انها مش هتتجوز تانى بعده وانها هتعيش ل اولادها لانها عارفه انها لو هتتجوز هتسيب الشقه والعيال ل اهل جوزها هياخدوهم منها ,,وهى بصراحه مقصرتش مع الوقت اثبتتلهم انها ع وعدها هتعيش ل اولادها بس ومرت فتره واطمنوا لما شافوها ملتزمه بوعدها معاهم وشالت المسؤؤليه كلها لوحدها والكل كان بيشجعها وبيمدحوها انها طلعت قد المسؤليه لوحدها ,, مهتميه ب اكلهم وشربهم وتعليمهم وصحتهم ولا مره اشتكت من وحدتها كانت مبسوطه وعايشه وهى مع عيالها ,, احنا ومن اهل جوزها كنا بنقدملها نصايح انها تخلى بالها وتحرص من معاملاتها مع الناس علشان القيل والقال ,, انت عارف يا دكتور الارمله او المطلقة فى مجتمعنا العين بتكون عليهم ازاى .. عاشت ال 4 سنين مفيش متغيرات حصلت لكن فجاءه لقيناها بتقولنا انها عاوزه تشتغل مش علشان الفلوس قالت علشان تعبت من القعده لوحدها وحياتها المقفوله والروتين ,, طبعا رفضنا لان بيتها محتاجها وعيالها وهتنزل تشتغل ليه؟ ولما رفضنا استسلمت وفجاءه ابدتت حالتها تتدهور ويظهر عليها تعب ع طول نايمه ومصدعه ومعدتها بتوجعها وبيحصلها تنميل فى صوابع ايديها ورجليها مبتقدرش تمشى ومكنتش بتنام كويس ,,لما لقينا انها تعبت كده بابا قال يمكن رفضنا للشغل كان السبب فقال سيبوها تشتغل بس بشرط الانضباط فى المواعيد و ماما وبابا هيقعدو معاها بما ان بابا طلع ع المعاش اهو يونسها ,,
_ يونسها ولا يراقبها ..؟
_ مش فارقه يا دكتور اهو عينا تكون عليها مهما كانت دى لحمنا والكلمه اللى هتتقالها هترجع فينا احنا ,,
_ وبعدين ..؟
_ ابتدت تنزل شغل فى مكتب محاسبة اصلها معاها بكالوريوس تجاره ,, لاحظنا اعراض التعب كلها راحت فجاءه وبقت احسن من الاول ونشيطه والتزمت بمواعيدها ورعايتها ل عيالها مقصرتش بصراحه لكن برغم انها كانت كويسة وعملت اللى هى عاوزاه كانت بتشتكى من الارق نومها متقطع ودايما بتحس ببرد فى عز الحر بتلبس تقيل ,, راحت لدكاتره كتير لكن مفيش فايده وفجاءه بدون مقدمات رمتلنا القنبله قلبت البيت ان فى واحد معاها فى المكتب عاوز يتقدملها وهى وافقت من غير ما تتكلم معانا وافقت من نفسها تخيل ..؟,,
_ وبعدين ..؟
_ طبعا اهل جوزها لما عرفوا ولانهم ناس محترمين اتكلموا معاها بهدوء واتكلموا انهم مش معارضين ع جوازها لسه صغيرة وحقها اللى ربنا شرعو لكن لو فعلا عاوزه تتجوز هما عاوزين الشقه والعيال لانهم رافضين حد غريب يعيش معاهم ,, الموضوع كبر عندنا ازاى تقول كده والعيال والشقه,,(بملامح انفعالية وغضب ونبرة حادة) كارثه حلت علينا مصيبه هتدمر حياتنا والناس اللى هتتكلم علينا ,, والنار اللى مسكت فينا دى وهى مبتفكرش فى اى حاجة و مصممه تتجوز,, هى مطمناله اوى كده ,, دا ممرش ع شغلها غير 6 شهور ,,ليه التمسك دا بواحد متعرفوش مش ممكن يكون طمعان فيها او عاوز يقضى يومين و يطلقها وتبقى خسرت عيالها والشقه ونفسها ...
_ كمل..؟
_ الموضوع يهدى شويا وهى متمسكه بقرارها والبيت يقوم واخر مره كان من اسبوعين فاتحت الموضوع تانى واحنا بنتكلم معاها بان عليها التعب ملامح دبلانه ومش قادره تقف وصداع ومره واحده اغمى عليها الدكتور كشف وقال هى كويسه لكن فضلت 3 ايام نايمه ولما صحيت بصتلنا ب استغراب وذهول اول مره تشوفنا ومره اتلغبطت فى اسامينا ومره تقول عندها 4 عيال ومره تقول معندهاش ومره تقول ان عندها 20 سنه وعاوزه تنزل تروح الجامعه ومره تتكلم زى ست عجوزه تكح وحركتها بطيئه والاسبوع 8 ايام وصوابعها تقول 6 فى الايد مش 5 ,, ومره تتكلم زى الاطفال زى ما سمعت كده واوقات نلاقيها عامله حمام ع نفسها وهى صاحيه ومش حاسه ,, زى انهارده كنا نازليين عادى من عند الدكتور راحت تصرخ وتقول اننا خاطفينها ووقعت زى ما شوفت اغمى عليهاولما فاقت بتضحك زى ما شوفت كده ,, هى بتمثل انا عارف ومتاكد عاوزانا نضعف ونوافق ونقف قدام اهل جوزها لكن كل دا تمثيل صح ..
كان "طارق" بيسمع الحكايه بعناية دون مقاطعه اخو "كوثر" وتغاضي عن حدته فى الكلام والاتهامات والحكم المسبق عليها واتحدث مع والدها ووالدتها وسمع منهم كلام شبيه لكلام ابنهم وقصتها ,, الوقت كان اتاخر استأذن "طارق " انه هيمشى وراجع الصبح ليها تانى لانه زى ما سمع منهم محتاج تكمل الصوره ويتكلم معاها وطلب منهم محدش يقربلها لانها هتفضل نايمه للصبح من الحقنه ,, رجع "طارق" الفندق وكان والده نام اخد دش سريع وغير ملابسه ونام ,,استيقظ باكرا قبل الدكتور "عثمان" كتب ملاحظه واتحرك ع بيت "كوثر" وابتدا مراحل العلاج صحيت وملامح الذهول ع وجهها وابتدا "طارق" يتعامل معاها وتناولت وجبتها وعلاجها واعطها حقنه ونامت وعاد الى الفندق وجد دكتور "عثمان" فى المطعم :
_ اسف يا دكتور اتاخرت عليك اوعى تكون اكلت ؟
_ مش قولتلى هنتعشى سوا مستنيك اكيد
طلبوا الاكل : ..
_ عاوز اعرف انت جى اجازه ولا شغل ..؟
ابتسم "طارق": مين اللى بيقولى كده دكتور "عثمان" لا مش مصدق ..من امتى يا دكتور احنا بناخد اجازه ...؟
_ اممممم ,, بتزنقنى ماشى .. اخبار الحاله ايه ؟
_ بحاول اخرجها من حاله الاوعى اللى اتملكتها ...
_ جانسر ..
_التشخيص الاولى وملاحظتى ليها الايام اللى فاتت بتقول كده ايوه ..
_ مش محتاجه تروح مستشفى ؟
_ لو اتاخرت حالتها ومستجبتش معايا اكتر من كده هطلب من أهلها انها محتاجه تدخل المستشفى,, انت عارف علاج المستشفي بيكون اخر حاجه اروحلها لان العلاج النفسى اساسه البيئه اللى عايش فيها الانسان واكبر اختبار يخوضه انه يتغلب ع مرضه النفسى فى نفس المكان اللى تعب فيه ومواجهته لنفسه ولمرضه بيأكد شفائه ,,دكتور عثمان عبد الكريم
ضحك "عثمان": لا داعى لتصفيق ...
_ طبعا مش كل الحالات بتقدر تتعالج فى مكانها لكن بنحاول ولومنفعش هنقلها المستشفى زى حاله "كوثر " كده فى خلال 10 ايام لو مستجبتش ليا وللعلاج هنقلها مستشفى
_ تمام ...
_لو محتاج مساعده قولى ..
_ اكيد ..ف انا اليومين دول هكون مشغول مع "كوثر"
_ تمام ...لو فاضى بكره تمر علينا فى مستشفى "عزت" سأل عليك و"هدير"..!
_ اكيد بعد ما امر ع "كوثر" همر عليك هناك ونرجع سوا ..
انهى "طارق " العشاء مع والده ,, تانى يوم توجه "طارق" باكرا ل "كوثر" ل استكمالا العلاج لحالتها ثم توجه للمستشفى الدكتور عزت.. قرب من غرفة "هدير" وخبط ع الباب :
_ ممكن ادخل ولا ؟
بملامح مفاجئه وابتسامه: طارق ... حمد الله ع السلامه ..
_ الله يسلمك يا "هدير"..اقصد يا دكتور "هديل" احنا فى مقر عملك ...
ضحكت "هدير": ميرسى يا دكتور "طارق" ... اخيرا اتشرفت وقررت تجيلنا المستشفى ,, انت فى مصر من 15 يوم ومن يوم العشا مشفتكش وكل ما اكلمك تقول مش فاضى وكتير مبتردش وتوعدنى كذا مره نتغدا او نتعشي مع بعض مبتجيش واتفاجئ بك فى بيتنا مع "هاله" من غير ما اعرف .. اسمه ايه دا بقى ؟
ضحك "طارق": انا اسف جداااا ..بس بجد مش فاضى,,"هاله" وكان لازم اطمن عليها و "كوثر" مقدرش اسيبها من غير ما اطمن عليها ,,,!
_ ماهو دا اللى انا اقصده .. انت نازل مصر 5 شهور اجازة راحه واسترخاء وتقضي وقت معانا مش نازل شغل ..!
_ قوليلى انتي دكتور اطفال صح ؟
|_ايوة ..!
_ انتى لو مسافره فى مكان تسترخي فيه وشوفتى طفل تعبان وحالته صعبه وانتى الوحيدة اللى تقدرى تساعديه وتعالجيه ,, هتتجاهليه وتقضى اجازتك وتستمتعي ..هتقدرى ؟
_ امممم .. لا طبعا ..
_ بالظبط دا اللى حصل انا قدامى حاله ومحتاجه مساعدتى وانا واجبي مسيبهاش غير لما تتحسن ..
_ بس اجازتك ..؟
_ ومين قالك انى مضايق بالعكس انا كل ما بقدر اساعد حد بكون فى منتهى السعاده لان دى سعادتى
_ مش هعرف اغلبك انا عارفه ..ع العموم انهارده هتتعشى معايا بقولك اهو ..!
_ تمام .. وانا موافق .. بس متعرفيش فين دكتور "عزت" ودكتور "عثمان" مش فى المكتب ؟
_ دكتور "عزت" اخد الدكتور "عثمان" فى جوله فى المستشفى فى القسم النفسى
_من غيرى
_ احنا فيها يلا بينا ,,,
اتحرك "طارق" وكانت "هدير" فى منتهى السعاده :
_ بجد مبسوطه انى شوفتك يا "طارق" رغم زعلى منك ب انشغالك لان دا مش تخطيطي خالص
ضحك "طارق": ولا تخطيطى خالص انا كمان لكن مبسوط انى رجعت مصر وشوفتكم ..
طمنينى اخبار تخصصك ايه مبسوطه ؟
_ رغم ان انا كنت عاوزه اتخصص امراض نفسيه وعصبيه لكن كلامك ليا غيرنى ,, مينفعش ادرس حاجه لمجرد شخص تانى بيدرسها كده بلغى نفسى واختياراتي وبعيش حياه واختيار شخص تانى لانى ممكن منجحش فى الاختيار دا ...لازم أختار دراسة وتخصص أحبه علشان انجح فيه ..!
_ والنتيجه ظهرت انك بقيتى اشطر دكتوره اطفال ..
_ فعلا انا مبسوطه وفرحانه بتخصصى اوى لاختياره لانى بحبه ..
_ وان شاء الله هتوصلى لحاجات كتير ب اجتهادك لانك شاطره وعارفه انتي عاوزة ايه ؟
_ ان شاء الله ,, ( موابيلها رن وكانو محتاجنها ) انا اسفه جدا يا"طارق" لازم ارجع ليهم,, القسم اهو واكيد هشوفك ع العشا فى كلام كتير عاوزين نتكلم فيه ..؟
_ اكيد ...
اتحركت "هدير" واتجه "طارق" للقسم الامراض النفسيه ورحب بالدكتور "عزت" واستكمل المرور معهم وبيتحدثوا عن الحالات ,,,, استمرت حاله "كوثر" ايام وكانت لما تكون صاحيه تظهر عليها ملامح البلهاء ونطقها الطفولى فكان "طارق" ينفرد بها فى الغرفه ويتعامل معاها ,,, واستمر ذهاب "طارق" يوميا حتى ابتدت تتحدث طبيعى و"طارق" يستمع ل حديثها,, استعدت وعيها كامل و حان الوقت يسمع قصتها منها شخصيا وحكت قصتها الممزوجه ب احساسها بالوحده والفراغ والكبت والغضب ومراكترمن ساعتين بتتكلم دون توقف و"طارق" بيسمع بدون مقاطعتها و يراقب ملامحها وهى بتتكلم .. تحدث معاها "طارق"وعرفت ما حدث فى اللقاء الاول وعن افعالها :
بدهشة وصدمه :انا ..انا عملت كل دا ازاى ؟
_ انتي كنتي فى حاله تشويش علشان كده تصرفتى بالطريقه دى ..!
_ لكن انا مش فاكره حاجه خالص ..
_ دا يؤكد الخلل اللى حصل ل وعيك ..!
_ وازاى رجعت ع طبيعتى كده ؟
_ لحسن الحظ انك كنتى فى اول الحاله علشان كده ماخدتيش وقت كتير ترجعى ع طبيعتك استجبتى للعلاج
_ علاج ايه ؟
_ الكلام .. كنتى محتاجه تتكلمى بحريه تعبرى عن نفسك ورغباتك وتخرجى مشاعرك على لسانك تسمع ودانك صوتك ,كنتى محتاجه حد يسمعك من غير ما يوجهللك الاتهامات والنقض حتي لو غلطانة ,,يسمع اكتر ما يتكلم .. البوح وحده كافى انه يهدا الانسان ويعود اليه وعيه لانه بيحرر افكاره ..
_ وحالتى دى خطيره ؟انا مش عارفه ليه بيحصلي كده ؟! ,,انا لما بصحى من النوم بحس انى كنت مسافره بعيد ولما بسمع كلامهم مبفتكرش حاجه ,,حقيقي مش فاكره حاجه خالص ولما بحاول افتكر مبشوفش غير اشباح واصوات مش مفهومه وملامح غير محدده ...!
ابتسم "طارق": انا مش عاوزك تخافى ولا تقلقى كده ؟
بملامح خوف : لا انا خايفه..! انا بسمع حاجات بعملها مش فاكراها ..هو انا عندى ايه بالظبط ..؟
_ هقولك اللى انتى عاوزاه كله لكن مش انهارده ممكن المره الجايه اتفقنا ..؟
_ حاضر
_ علاجك فى وقته وهتنامى متفكريش فى اى حاجه وكل الاسئله اللى عندك اجابتها عندى وهتعرفيها فى وقتها ,, تمام ..؟
_ حاضر ...
خرج "طارق" وجلس مع اهل "كوثر" والدها ووالدتها يطمنهم ع تحسن حالتها الملحوظ طلبوا منه يفهموا اللى حصل وقالهم المره القادمه هيقولهم كل حاجه وطلب منهم يتواجدوا جميعا المره القادمه ووجود اخيها مهم ...!

فى يوم كانت حفله تكريم دكتور "عثمان" فى جامعه القاهره وبعد الحفل جلس فى مطعم مع دكتور "عزت" و"هدير" و "طارق " :
تحدث "طارق" :مبروك يا دكتور يافخر المصريين ..!
_ شكرا شكرا لا داعى لتصفيق
ضحكوا وتحدثت "هدير": بجد يا دكتور "عثمان" انا فخوره ان انا قاعده مع قامه كبيره زى حضرتك وهتغدى معاه.. حدث للتاريخ ..! ...
ضحك "طارق": خلاص ادفعى انتى الحساب ..
ضحك "عزت": ناقص تقوليله اعيش معاك فى لندن ..!
رد "عثمان": هى تطلب بس تعيش معانا فى لندن واشغلها فى اكبر المستشفيات هناك
ضحك"عزت": لالالا... انت هتكوش ع العيال ولا ايه يا "عثمان" دا كله الا "هدير" داانا محلتيش فى الدنيا غيرها و "هاله" ..
_ ضحك"طارق" : يلا بينا احنا نجيب السلطات عقبال ما يخلصوا وصله الابوه دى ..
ضحكت" هدير" وقامت معاه وضحكوا نظر "عزت" ل "طارق" مع "هدير" ل اندماجهم مع بعض :
_ تصدق يا "عثمان" انا مبشوفش "هدير" فرحانه كده غير فى وجودكم ..!
_ "هدير" انسانه جميلة و ابتسامتها جميله ..
_ انت عارف انا مفيش اهم منهم عندى "هدير" و"هالة" وسعادتهم من سعادتى..
_ احنا دورنا كده يا "عزت" ندور ع سعاده ولادنا علشان نحس بالسعاده بسعادتهم
_ وانا عارف سعاده بنتي فين وعاوز اقربها منها علشان اكون سعيد بسعادتها ..
_ ايه ياترى ..؟
_ ايه رايك نقرب من بعض اكتر ورسمى ؟
_ ازاى ؟
_ المثل بيقول اخطب لبنتك ومتخطبش ل ابنك وانا بطلب منك "طارق" ل "هدير" ..
_ انت تقصد "هديل وطارق" يتجوزوا ؟
ضحك "عزت" : لا هطلب منك "طارق" لفه وارجعهولك .. ايوه يتجوزو يا "عثمان" .. اعتقد مفيش حد مناسب ليهم غير بعض ,, بص عليهم منسجمين مع بعض ازاى وعلاقتهم مع بعض ,, ودا من سنين مش من قريب و "هدير" مبشوفهاش سعيدة كده غير مع "طارق" بحسها طايرة من السعادة .."طارق"فى حياه "هدير" حاجه كبيره جداا دى مبتسمعش ولا بتقتنع ب كلام حد غير "طارق" ودى حاجه مطمنانى شخصيا وهطمن اكتر لو ..
قاطعه "عثمان": "عزت"... اكيد انا هفرح لو "هدير" و"طارق " اتجوزو لكن لا انا ولا انت لينا حق ولا مهيئيين اننا نقرر او نختار ليهم حياتهم ,,هما اللى يختاروا بدون تدخل مننا ,,لو هما فعلا عاوزين بعض هيجوا لعندنا يقولولنا لكن مش احنا اللى هنقولهم.. لان ببساطه ممكن تكون علاقتهم مش زى ماانت فاكر ومتخيل ولو اتفتح الموضوع دا هيعمل حرج وشرخ فى علاقتهم وهيبعدوا عن بعض ,, ودى حاجه لا انا ولا انت ولا هما عاوزينها ..
_ انا مقصدتش حاجه انا بتكلم نشجعهم لو محروجين مثلا ..!
_ هما مش صغيريين وقادرين يقرروا وياخدوا قراراتهم ولما يحتاروا هيلجاؤ لينا وقتها هنقول رأينا اللى ممكن يساعدهم لكن لما هما يطلبوه مش هندخل احنا حياتهم ونوجههم ,, مش هنفرض حاجه عليهم حتى لو فكرة وبالاخص الافكار اللى بتخص حياتهم ..
_ تمام تمام دا كان فكره قولت اتناقشها معاك ..!
ابتسم "عثمان": انا مش عاوزك تزعل مني ..لكن كده صح هما احرار وقراراتهم تخصهم لوحدهم .. والموضوع اتكلمنا اهو منفتحش الموضوع دا تانى ونسيب حياتهم تاخدهم زى ما مكتوب ليهم ,, يتجمعوا مع بعض احباب او يفضلوا اصدقاء دا قرارهم ودا قدرهم ,,,
_ تمام . لكن رغم كلامك هعيش ع أمنية واحده ان "هدير" و"طارق" يكونو لبعض .
_ دع الايام تأتي فيما تشاء يا ابن ادم ..
_ضحك"عزت": ه دع الايام ولكن هنتظر اللحظه دى ..
ضحك" عثمان": مفيش فايده فى تفكيرك ...
_
رجع "طارق" و"هدير" بيضحكوا وجلسوا استكملوا كلامهم اثناء تناولهم الطعام ..!

مرت ايام وفى يوم اتجه "طارق" لبيت "كوثر " اطمن عليها وانهى جلسه العلاج :
_ لا تمام حالتنا استقرت ..
_ هترد ع سؤالى يا دكتور ؟
_ سؤالك انتى كان عندك ايه وليه حصلك كده وليه مش فاكره حاجه ؟
_ ايوه ..
_ انا هرد عليكى لكن مهم اهلك كمان يسمعوا لان اعتقد هما محتاجين يعرفوا ومستنينا بره ..
خرجت "كوثر" وقعدت وسط اولادها ووالدتها ووالدها واخوها وابتدا يتكلم "طارق":
_ مر 25 يوم وانا مع "كوثر" يوميا وسألتنى "كوثر" ايه حالتها وليه حصلها كده وانتم كمان سألتوني نفس السؤال والوقت دا وقت الاجابة ع أسئلتكم ..,,
_ اتفضل يا دكتور ..؟
_ مبدئيا حاله "كوثر" وصفها دكتور نفسى اسمه "جانسر" سنه 1898 والحاله اتسمت ب اسمه يعنى انتى يا "كوثر" كان عندك حاله اسمها "حالة جانسر"... وهى ايه حاله جانسر دى ؟! العلماء احتارو فى طبيعه الحاله دى ياترى هى حاله نفسية ولا عقلية ؟! هى هيستريا ولا اكتئاب ولا فصام ؟ لدرجه انهم اعتقدوا انها ادعاء تمثيل يعنى المريض بيمثل انه مريض عقلى (نظر ل اخو كوثر متذكر ادعائه ) والبعض اتجه انها بتحصل اغلب حالتها فى السجن لمحكوم عليهم بالاعدام فقالو انها "ذهان السجن" نتيجه ان الاعدام امر لا يحتمله العقل وبيحصل انفصام العقل عن الواقع,,من اعراضه ان المريض بيرجع لمرحله الطفولة بيتصرف زى الاطفال من غير مسؤليه ولا صراعات اللى عاشها ,,مهرب من كل حاجه والنجاه الاكيده والمريض فى الحاله دى بيكون عقله منفصل عن الواقع واجاباته بتكون تقربيه يعنى مثلا انا سألتها 2+4= قالتيلى 7 و 3+4= كام قالتلى 8 و 5-2= قالتلى 2 ولما سالتها عن ايام الاسبوع كام يوم قالتلى 8 ايام وعن عدد صوابع ايديها كام قالتلى 4 ,,انتى يا "كوثر" سمعتى السؤال صح لكن جاوبتى غلط زى الاطفال ولما سالتك عن الوقت قولتيلى احنا بليل رغم اننا الضهر وكان باين , احنا لما نسأل شخص متعلم الاسئله دى ويرد بالشكل اللى رديتى به بنقول انه بيسخر او انه بيحاول يدعى انه عنده اضطراب فى عقله واللى بيزيد الشك لما نسئله ويرد انه ميعرفش علشان كده غالبا بنشك ياترى دا مريض عقلى ولا بيمثلوا المرض لهدف معين عاوزين يوصلوله (نظر ل اخو كوثر) ,,
"كوثر" بملامح متوتره : صدقنى يا دكتور انا مش بمثل انا فعلا معرفش ايه اللى بيحصلى لانى مش فاكره اصلا اى حاجه وردى ع اسئلتك بالطريقه الساذجه دى فانا مش عارفه كنت برد ليه كده ..؟
بنبرة هادية: انا مبشككش فيكي يا "كوثر" لكن انا بتكلم ع اللى حواليكى"نظر الى اخوها " هما فاكرين انك بتمثلى علشان عاوزه حاجه معينه ,,(نظر ل كوثر ) واللى اكدلى انا انك مريضة مش بتمثلي مراقبتي ليكي فى الاول حالتك لما شوفتها الذهول اللى كنتي فيه ونظرات اللى مثبتتش ع مكان معين وملامح القلق اللى اترسمت ع وشك وفقدانك الاحساس بالوقت والمكان ,,ولما جربت تقومى تمشى وقفتى فى مكانك متخشبه ولما جربت الابره فى رجلك محصلش منك اى رد فعل مكنتيش حاسه فاقده الاحساس ..
بملامح ذهول: انا كنت كده مش قادره اتخييل,
عاوزه اعرف انا ليه وصلت ل الحاله دى ؟
نظر "طارق" ع المكتبه واتجهه وطلب منها الوقوف ووقفت وحمل بعض الكتب الثقيله :
_ شيلي الكتب دى وخليكي واقفه ولما تتعبي عرفيني ؟
مرت نص ساعه وابتدت تتألم من حموله الكتب ومرت ساعه والكتب وقعت ..
قعدت"كوثر" وقعد "طارق": كنتي بتسألينى ازاى وصلتى للحاله دى ,, ببساطه الجسم له طاقه حموله معينه لو عديتها مبتقدريش تستحملى زى ما مقدرتيش تفضلى واقفه وانتى شايله الكتب وايدك اترخت منك ,,روح الانسان ليها طاقه حموله لقدر معين لو اتعدى القدر دا مبتقدرش تستحمل فبتتعب ,, جسمك لما بيتعب سهل تشوفيه سواء انتى او الدكتور اعراضه واضحه ولما بتتوجعى بتصرخى بالوجع وتعبرى عنه لما تتخبطى مثلا بتقدرى تعالجى الوجع ,,النفس او الروح عكس كده الأم النفسى غير مرئى مبيحتجش يتشاف بالعين محتاج يتحس ,, لما انسان بيتألم نفسيا بيحتاج اللى حواليه يحسو بألمه الغير مرئى ب احساسهم ودا بيحصل فى حاله واحده مطلوبه اننا نحط نفسنا مكان الشخص اللى بيعانى دا ونحس ب اللى حاسه ,,نتخيل معاناته واحساسه ونتألم زى ما هو بيتألم ,,ودا صعب يحصل لكن مش مستحيل ..!
_ ليه ..؟
_ لان مش اى انسان يقدر يعمل كده لان لكل انسان له شخصيه خاصه ومشاعر وافكار مختلفه وعايش ظروف وله احتياجات مختلفه فبيكون صعب يتخيل قدر الآم والمعاناه لانه بيكون عايش معاناته والالمه الخاصيين علشان كده الانسان المرهق نفسيا بيحس انه لوحده ومحدش فاهمه وكل الكلام اللى بيتقال مجرد كلام خالي من الاحساس ..
ردت والده "كوثر"موجهه كلام ل "كوثر" بنبره عتاب : شوفتى علشان مبتتكلميش وكتمتى حصلك ايه؟
تدخل "طارق" : فى حالات الانسان
مش بيكون المسوؤل عن مرضه احيانا بيكون معاناه الانسان دا بسبب اللى حوالي (بينظر الى اهل "كوثر" ) هما السبب وبرغم كده رافضين يحسوا بالامه ورافضين يتحملو المسؤليه وسايبنه لوحده فى معاناته لانهم انانيين مش مهم عندهم غير مصلحتهم واللى بيرضيهم واللى هما شايفنه اللى بيكون من وجهه نظرهم الصح دايما ,, فبيقللو من معاناته انها حاجه بسيطة وبيزيدو وبيتمادو فى الضغط النفسى عليه وحرمانه من حقه وهو القرار ومن غير ما يحسوا ان الآم بيزيد الى درجه هو مش قادر يستحمل وهنا بيكون قدامه حل من 3 حلول ,, "اولا" انه بينتحر ودا اسهل طريق بالنسباله لتخلص من معاناته ,, "ثانيا" يصاب بالجنون حاله انفصال تام اجبارى عن الواقع ,,"ثالثا" ينفصل بجزء من وعيه بيكون زى أنذار منه للى حواليه زى حاله "كوثر" وعيها متصل بالواقع لكن الرؤيه غير واضحه مشوشه ودا بيكون اليه دفاع العقل الباطن علشان ميحصلش انفصال تام او انتحار وبيكون محاوله اخيره من الانقاذ بيعتبرها اجازه من الواقع المؤلم اللى عايشه بتكون راحه اجبارية بيفرضها العقل الباطن بيقول " كفايه مش قادر استحمل اكتر من كده مفيش حل للمشكله ومفيش مهرب والحياه مبقتش تحتمل والناس مبترحمش ,,مفيش حد حاسس بصعوبه مشكلتى وموقفى اللى عايشاه ,,مفيش حد عاوز يقرب منى يفهمنى ويساعدنى ,,مفيش حد عاوز يفهم ظروفى واحساسى ,,مفيش حد عاوز يشيل الحمل اللى شايلاه ع ضهرى لكن بيزودوه اكتر واكترمفيش حد بيسمعني ,,, مفيش حب ولا تعاطف ولا تقدير ومشاركه ...المطلوب اتحمل كل دا لوحدى من غير ما اشتكى لكن انا مش قادره اتحمل اكتر ,, الموقف لا يحتمل ومفيش حد حاسس ولا عاوز يحس بيا ,, الحل اهرب ,,بكده مش هيكون فى مشكله ولا الالم اعيشه ,, الحل اكون انسان تانى ,,انسان تانى بعيد عن المشكله وملوش علاقه باللناس اللى حواليا اللى لا بيحسوا ولا بيقدرو .. هفضل هربانه لوقت حد يفهمني ويحس بمعاناتي و يمد ايده وينقذنى ,,شخص يسمع صراخى ويحس ب الأمى ,,مساعده ,,مجرد مساعده مستنياها وبدايتها تسمعونيو تتفهموا ظروفى واحتياجاتى وقدرتى ع التحمل ححسونى بحبكم ليا وبكده هقدر اواجهه مشكلتى واحلها وهقدر اخد قرار من غير خوف ولا صراع يتقطع فيا ."... دى كانت "كوثر" وحالتها فى الأوعى الغير مرئى ,,,
حاله من الذهول سيطرت ع اهل "كوثر " وبنبره متوتره وجهه اخو "كوثر "سؤال :
_ هو ..هو يعنى ممكن اى انسان يحصله كده ولا ناس معينه ؟
_ دا بيتوقف ع حاجتين اولها شخصيه الانسان يعنى قدرته ع التحمل والمواجهه وتانى حاجه حجم ونوعية الضغوط اللى بيتعرض ليها ,,يعنى لو هو مقدرته ع التحمل ضعيفه والضغوظات ومشاكل اقوى منه ومش قادر يواجهها هينهار ,,
_ وبتتعرف ازاى ؟
اشار الى "كوثر": اللى حصل ل "كوثر" فى الاول من اعراض صداع وقئ ووجع فى كل الجسم او بيفقد الاحساس يعنى اتخبط ومتوجعش او اتجرح جرح مؤلم ومحسش او بيفقد وعيه ,,
تحدث والد "كوثر": يعنى الضغوطات والظروف ممكن توصل الانسان للحاله دى ؟
_ فى ضغوطات تفوق احتمال اى انسان ضغوط يكون مصدرها مش ظروف لكن سببها انسان تانى ,,انسان قريب جداا للمريض ,,انسان انانى مبيفكرش غير فى نفسه ورغباته ع حساب حياه واحتياجات الشخص اللى بيعانى فيلاقى نفسه مضطر انه يعيش مع الانسان الانانى دا او يتعامل معاه فحياته بتكتسب مراره مبيقدرش يتخلص منه ويلازمه طول الوقت ,, بيحس بضيق فى صدره كل ما يشوفه ومع الوقت بيكره نفسه لانه مجبر يتعامل معاه ومع مرور الوقت ومع الضغط اللى بيتعرضله بيفقد قدرته ع الاحتمال وبالاخص لما بيكون مش قادر يواجهه وهنا بتظهر الاعراض الجسديه الصداع والقئ والآلآم ووالارق والاحتياج لمهدئات من اجل النوم وبتوصل ل الانتحار او انفصال تام او حاله "جانسر" شرود او غيبوبه ...
حاول "طارق" يتكلم عن مشكله "كوثر" بطريقه غير مباشر :
_ مشكله الانسان احيانا بتكون فى عجزه ع اتخاذ القرار او ان القرار مش بايده او لان ظروف معقده تمنعه من اتخاذ القرار او لانه خايف وضعيف الاراده فى اتخاذ قرار هام ومصيرى فى حياته زى قرارات الزواج والطلاق والهجره وتغيير العمل وهكذا ,, وبالرغم من اتخاذ قراره هيحل المشكله لا انه بيتردد فى اتخاذها ويفضل متردد دايما لان اللى حواليه بيهجموه وبينقدو اختياراته وهيرفضوه وهيصدوه دايما لانهم شايفينه انه مش مؤهل انه يملك قرار رغم انه اتحط فى ظروف ما بغير أرادته فبيحس انه مربوط ومتكتف ومعزول عنهم ,,ف يقرر مع نفسه ويرجع فى قراره تانى وهو دا الصراع اللى بيزيد قلقه وبيضعف من مقاومته وبيخليه عرضه لتعب النفسى اى صوره ,,, النصيحه فى الحاله دى مش هتفيد غير ان صاحب المشكله يعرف ياخد قرار سليم الضغوطات تخف وتسمحله يقررودا بمساعده اللى حواليه يساعدوه ع اتخاذ القرار من غير ضغط لان المشكله تكمن فى عجزه عن اتخاذ القرار ومنقدرش نزيد معاناته باننا نوجه له اللوم ع قراره حتى لو غلط من غير ما نسمع ونتكلم معاه نعرف ليه قرر القرار دا ونعرف حقوق واحتياجاته ونحط نفسنا مكانه وفى موقفه ,,
سكتوا اهل "كوثر" واستكمل "طارق": ممكن لو كنا فى نفس موقفه وظروفه لحسينا بمعاناته واحتياجاته وصعوبه فى اتخاذ قرار ,, مينفعش ننجم ولا نتوقع جواه ايه لان ربنا لوحده اللى يعلم بخبايا نفس كل انسان اللى هو نفسه اوقات بيجهلها ,,, علشان نمنع نفسنا واللى بنحبهم من حدوث نكسات نفسيه نساعد بعض ونسمع بعض حتى لو القرارات والاختيارات غلط احنا بشر مش ملايكه ومنسبقش الاحكام ونساعد بعض ع اتخاذ القرار وخصوصا المصيريه بعيده عن كلام الناس المهم راحه الشخص اللى بنحبه ويهمنا سعادته لانها حياته هو ,,,!
قام وقف "طارق" وب ابتسامه: الف سلامه عليكى يا مدام "كوثر"
_ ميرسى يا دكتور ..
_ رقمى معاكى وقت ما تحتاجينى كلمينى انا قاعد فتره فى مصر ومعاكى رقمى فى لندن والايميل اى وقت تحتاجينى هتلاقينى واتمنى اسمع انك بقيتى احسن ...
_ حاضر ..
بص "طارق" ل والدها واخوها : لحسن حظها كانت فى الاول ولحقناها اتمنى ميحصلهاش انتكاسه
_ تعبناك يا دكتور ..
_ لا ولا تعب ولا اى حاجه ..!
وقف اخو "كوثر": حضرتك قولتلنا حسابك هيكون فى الاخر ..!
_ مفيش حساب ..!
_ ازاى و,,
_ الادويه انتم فعلا اللى دفعتوا فلوسها ..
_ وكشف حضرتك ؟
_ لا انا مباخدش فلوس المهم عندى الحاله تتحسن ولو فعلا عاوز تدفعلى يبقى "كوثر "
_ اطمن يا دكتور انا مش هخليها يحصلها دا تانى مهما حصل ..!
_"كوثر" لما قررت تتجوز مكنش رغبتها كانت بتدور ع هروب لان كل حاجه حواليها شايلاها لوحدها المسؤؤليه كانت كبيره عليها وانتم وخوفكم من كلام الناس حملتوها اكتر من طاقتها ومكنتش قادر تتكلم فقررت تهرب ولما صدمها رد فعلكم من غير ما تتكلموا وتفهموا اسبابها مقدرتش تستحمل وانهارت ,,حسسوها انها مش لوحدها ولو قررت تتجوز دا حقها شرعى ولو حصل اتناقشو معاها بلاش حكم مسبق وضغوط ومشاكل لانها احتمال لو ضعفت تانى حالتها هتسوء اكتر وهيكون فى صعوبه لعلاجها ووقت كبير فنتلاشى ده ..
_تمام يادكتور وشكرا
نظر "طارق" ل "كوثر" وهى بتحضن ولادها وجلس بجوارها والدها وحضنها وباس راسها ابتسم ونزل وقف امام العماره وابتسم ووقف تاكسى واتجهه للفندق ,, جلس مع والده الدكتور "عثمان" وتناقشوا عن الحاله وانتهى حوارهم واستلقيا كلا منهم للنوم وقبل ما ينام "خالد" امسك السلسله وابتسم ونام ...!

تانى يوم ع الفطار جلس "طارق" مع "عثمان ":
_ مر شهر من الاجازه ومعملتش فيها غير انك عالجت حاله "كوثر " ها هتعمل ايه تانى ؟
_ اممم .. مشوار كنت مخططله اروحه اول ما نزلت من الطياره لكن حاله "كوثر" شغلتنى
_ مصر الجديده ..
ابتسم "طارق": ايوه ..
ابتسم "عثمان":كده اجازتك بدءت بجد ..
_ انت جدولك انهارده ايه ؟
_ عندى محاضره الساعه 11 فى الجامعه وبعدها هطلع ع المستشفى عند "عزت" هنتقابل ع الغدا مع اصدقاء لينا من الجامعه كان "عزت" بيحضر للقاء دا من وقت ما نزلنا ..
_ يعنى كده هتغدى لوحدى ؟
_ تعالى اتغدى معانا ..
_ عموما فى تليفون بينا
_ تمام ..

انهوا فطارهم رجع "طارق" غرفته غير ملابسه وتأكد من وجود السلسله فى جيبه وابتسم ونزل من غرفته و طلب عربية ووصلت بعد مدة قصيره واتجه ل مصر الجديده منطقه سكنه القديم ذكرياته وطفولته واحلى واسعد ايام حياته ,, فى الطريق دار حديث بسيط مع سائق العربية ولاحظ "طارق" اختلاف الاماكن وتبديلها ب اخرى طول الطريق ,, وصل للمكان ونزل من العربية وكله حماس وفرحه لمجرد وصوله لمكان ,, اتملكه مشاعر كثيره الاندهاش والاستعجاب و الفرحه والتوتر ,, حركاته كانت بخطوات بطيئه ومع كل خطوتين كان بيقف ينظر الى العمارات والمحلات لاحظ "طارق" اختلاف معظمها عن ما كان موجود سابقا ,, لاحظ مكتبه "سندريلا" تذكرها لكنها كانت اصغر سابقا .. دخل المكتبه واتجول فيها وعند الكاشير لاحظ صوره ل صاحب المكتبه معلقه ع الحائط :
_ لو سمحت ..؟
_ ايوه .. حضرتك عاوز حاجه بتدور ع حاجه ؟
_ انا كنت عاوز أسئل عن الحج "عوض" هو موجود ؟
_ يااااه ..عم "عوض" الله يرحمه اتوفي من 4 سنين ..
_ والمكتبه ..؟
_ ابنه الاستاذ "محمود" هو المسئؤل عنها من بعد الحج "عوض" هو بيكون موجود بليل لانه الصبح بيكون فى شغله .. حضرتك عاوزه فى حاجه ؟
_ لا ابدا مفيش حاجة انا بس كنت عاوز اسلم ع الحج "عوض" و "محمود" لكن هبقى امر عليه بليل ..
لاحظ العامل نظرات "طارق" فى المكتبه :
_ لو حضرتك بتدور ع حاجه انا ممكن اساعدك ؟
_ لالا مفيش ..
_ اصل ملاحظ حضرتك عينك فى كل مكان زى اللى بيدور ع حاجه ..
_ فعلا كنت بدور ..بدور ع ذكريات من 17 سنه كانت هنا ,..
_ نعم ..؟
_ انا كنت ساكن فى المنطقه هنا من زمان وكتير كنت باجى المكتبة هنا لكن كانت وقتها اصغر من كده نصها ..
_ اه ماهو الحج الله يرحمه اشترى المحل اللى جنبنا ووسع المكتبة ..
_ كان كل حاجه اشتريها من هنا ومعايا قلم الحج "عوض" ادهولى لما نجحت فى الابتدائية
_ يااااه حضرتك محتفظ بالقلم كل دا ..
_ ايوه .. اسف عطلتك وانا همر ع "محمود" فى وقت تانى ..
_ اقوله اسم حضرتك ايه ؟
_ "طارق" .. "طارق وفيق" اللى كان ساكن فى عماره الحج "رشدى " الدور 3 شقه رقم 6 ..
_ حاضر ..
خرج "طارق" واتنهد تنهيده رغم علمه انه ممكن مش هيقابل الحج "عوض" لكن كان عنده أمل ...
خرج من المكتبه واستكمل خطواته ببطئ واتجه لمحل عصير "جنه الفواكه" وطلب كوب عصيرمن المانجه وجلس ع كرسي واسترجع ذكريات تجمعه هو واصدقائه يوميا لشرب العصير والبنات معاهم ,,انهى كوب العصير واتحرك بخطوات بطيئه وتجول بنظراته ع المحلات ولاحظ التغيير الكبير والفرق من زمان ل الوقت الحالي والعمارات حتى وصل لعماره ,, وقف امامها ودقات قلبه فى ازدياد ,, ملامح الفرحه والسعادة اترسمت ع وجهه تذكر لقطات من الماضي امام العماره مع اصدقائه ,,اخد نفس ودخل العماره وقبل ادراجه السلم تذكر تجمعاته مع اصدقائه فى مدخل العماره يلعبوا ويتكلموا مع بعض ,,ابتسم وطلع السلالم وصل الدور الاول وكانت عباره عن شقتين مقابلتيين قرب من لافته ع باب شقه ( شقه الاستاذ وليم ) ابتسم وردد "ماجد " و "فونا" استكمل صعوده السلالم لدور الثانى ونظراته متركزه ع شقه ,, اتقدم ب خطوات بطيئه ودقات قلبه بتزيد وقف امام باب شقه ولمس الباب ب ايده وابتسامه ع وجهه ,, احساس انه دخل اله زمن وبترجع به ل 17 سنه احساس ممتع اتمنى ميخرجش منه ,, تنفس نفس عميق لعله يستنشق رائحه الماضى والتف لشقه المقابله وثبتت نظراته اليها للحظات ,, بعد لحظات انفتح باب الشقه وخرجت منه فتاه عمرها 15 سنه قمحاويه وشعرها مرفوع كذيل الحصان ,,رات "طارق" واقف مكانه ونظراته عليها قرب منها وردد: " غدير "

تذكر "طارق" مشاهد من الماضي لما كان بيخرج من شقتهم ويخبط ع شقه المقابله لهم وكانت تخرج منها فتاه قمحاوية رافعه شعرها ذيل حصان وممسكين ايدى بعض وينزلوا ع السلم ...
_ "غدير" مين .. حضرتك عاوز مين ؟
انتبه "طارق" لصوت : انا اسف .. انا "طارق" ساكن فى الشقه دى ( اشار ع شقه المقابله لها )
ب استغراب : ازاى ساكن فيها وهى مقفوله من زمان ...؟
_ اه ما انا كنت مسافر ..!
_ اهااا .. انت اللجدو رشدي صاحب العماره قال انك متمسك بالشقه واشترتها ورفضت تبيعها
_ انتى تعرفيها ؟
_ ايوه دا جدي.. واحنا جينا الشقه دى من 10 سنين عايشين هنا واها اسمى "هبه" مش "غدير " للعلم يعنى ...
ضحك "طارق" : اسف لو ازعجتك ,,انا اختلط عليا الامر لما شوفتك وانتى بتفتحى الباب ,, اصل اللى كانت ساكنه فى الشقه دى قبلكم كانت اسمها "غدير" وشبهك شويا ,,
_ ولا يهمك ,, حضرتك عاوز حاجه انا نازله عندى درس ؟
_ لالا شكرا ...
نزلت "هبه" ع درجات السلم مسرعه واسترجع "طارق" مشاهد نزلوهم سويا هو و"غدير" ع درجات السلالم مسرعيين لموعد الدروس ويقابلهم فى الاسفل "ماجد" وامام العماره يكون "ياسر" و"صبا" و"منة "و "جهاد" فى انتظارهم ليذهبوا سويا الى الدرس ,, ابتسم وتنهد تنهيده عميقة والتفت لشقته ووضع المفتاح فى الباب وانفتح باب الشقه ,, وانفتح معه ذكريات ال 17 سنه الماضيه ,, غير ذكرياته مع اصدقائه لكن ذكرياته مع والده ووالدته ,, اشعل الانوار ونظر فى الاماكن وجد كل شئ كما هو دون اى تغييرات ,, توجه اللى الغرف ومع كل خطوه يسترجع لتلك الاوقات فى الشقه مع والده ووالدته ,, دخل غرفته وجدها كما هى السرير فى مكانه ومكتبه كما هي ودفاتره وكتبه والاقلام كما هما ,, توجه لمكتبه وجلس وفتح احدى الدفاتر وابتدا يقلب فى صفحاتها والابتسامه ع وجهه ,, ببطئ لمس ب اصابعه خطه فى الدفاتر وكتاباته ووصل ل اخر صفحه فى الدفتر ووجد اسم "غدير" واسترجع مشاهد تجمعه مع "غدير" وقت المذاكره ,,
فلاش باك
كانت "غدير" فتاه تتسم بالهدوء الدائم عكس كلا من شخصيات البنات "صبا" و"منة" و"جهاد"
عيونها بريئه قليله الحديث ولكن ابتسامتها كانت مصدر جاذبيه ل "طارق",,, كان "طارق" لقربه ل "غدير" قادر يستوعب احتياجاتها بدون ان تتحدث لعلمه انها لم تتحدث مطلقا عكس الاخريات ,, فكان "طارق" يرافقها اغلب الوقت وكانت تشعر بالامان بوجودها معه ,, فى المدرسة كانت "غدير" مبتقدرش تطلب من المدرس انه يعيد شرح اى جزء رغم عدم استيعابها ,, فكان يلاحظها "طارق" ويطلب هو من المدرسه اعاده شرح هذه الجزئيه وفى البيت يعيد عليها الشرح مره اخرى ,, وكان يساعدهام والد "طارق" فى بعض المواد ووالدته فى البعض الاخر ,, ,, كان اغلب الاوقات متلزميين مع بعض ذهاب للمدرسه او العوده للمنزل واوقات المذاكره او الخروج وكانوا دائما مع باقى اصدقائهم وجيرانهم" ماجد_ ياسر_منة_جهاد_صبا" , تلك كانت مجموعتهم من صغرهم كان صعب يتفارقو دائما مع بعض ولكن افترقوا عندما قررت والده "طارق" السفر ل لندن وبعد سنتين انقطع الاتصالات ,,, امسك "طارق" السلسله مبتسما ورن الموبيل وكانت "هدير":
_ هدير ..
_ انت فين كده موبيلك من بدرى مجمعش الا دلواقتى ؟
_ يمكن الشبكه مجمعتش .. فى حاجه ولا ايه ؟
_ لا خالص اصل انا جعانه ومتغدتش والدكتور "عزت" والدى " اخد الدكتور "عثمان" والدك وخرجوا يتغدوا مع اصدقاء القدامى ليهم فى لم الشمل بعد 30 سنه فراق ف انت لما عرفت كل دا صعبت عليك انا وقولت تعزمنى ع الغدا وانا موافقة ومستنية
ضحك"طارق": بجد صعبتى عليا ..
_ طيب يلا اخرج من الكهف اللى انت فيه دا ومر عليا فى المستشفى هكون خلصت اللى بعمله متتاخرش جعانه ولو حصلى حاجه هيكون ذنبك ..
_ حاضر مسافه الطريق ..
قفل الموبيل واتنهد تنهيده فوقته للحاضر وخرجته من ذكريات الماضى ,, قفل الدفتر ورجع السلسله فى جيبه وطلب عربية وخرج من الغرفه متجه لباب الشقه وقبل ما يفتح الباب ويخرج وقف وبص ع الشقه وهو كان بيتمنى يرجع الماضي تانى ,, ابتسم ابتسامة خفيفه وردد : راجع تانى ..


يتبع ...

زهرة التوليبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن