( 1 )

9.2K 64 1
                                    


فى احدى العمارات فى حى " ساوثوورك" احدى احياء وسط لندن , فى شقه رقم 22 يقطن فيها الدكتور "عثمان " ووالده الدكتور "طارق " ,,كان اليوم انتهى بصخبه وزحامه واتى الليل بهدؤه وسكونه , يجلس الدكتور "عثمان" زاد العقد ال 60 فى مكتبه يتصفح احدى الكتب الطبية وينظر الى الساعه المعلقه بجواره وكانت 11:00 ليلا ..اغلق الكتاب ووضعه على المكتب وخرج من غرفة المكتب متجها الى غرفته ولكن تردد ع مسامعه نغمات موسيقى عربيه لصوت "فيروز" أبتسم أبتسامة خفيفة وردد: " طارق "
وتوجه بخطوات بطيئه لغرفة "طارق" وخبط ع الباب ودخل الغرفة وجد "طارق " واقف امام دولاب ملابسه وع السرير شنطه سفر يقوم بوضع ملابسه بعد طيها جيدا ,,لم يشعر "طارق" بنقر دكتور "عثمان" لباب الغرفة كان مندمجا فيما يعمل ,, ظل دكتور "عثمان" يراقب "طارق" ب ابتسامة وهو يري ملامح السعادة تتعلى ملامح وجهه "طارق" ولم يشعر "طارق" بوجود دكتور "عثمان" ,,امسك "طارق " ب البوم صور وجلس ع حافه السرير وفتح الالبوم وابتدا فى مشاهده الصور واعتالت ابتسامه ع وجهه وهو يشاهدها .. اقترب دكتور "عثمان" : احم احم ..
انتبه "طارق": بابا ..
اقترب خطوات وجلس بجواره ع السرير ونظر الى الشنط : باين انك جهزت خلاص الشنط ..؟
_ ايوه خلاص هقفل الشنطه دى ..!
_ ايه اللى فى ايدك دا ..؟
ابتسم "طارق ": ذكرياتي وطفولتي .. 15 سنه من عمرى فى صور دى ..!
ابتسم "عثمان" وامسك البوم الصور ونظر ب ابتسامه للصور :
_ عارف يا "طارق" فى جمله متداوله بيقولوها الناس الكركوبه اللى فى سني وهى يا ليت الشباب يعود يوما لكن الاصح والاصدق ليت الطفوله تعود يوما ,,لان مفيش أحلي ولا أنقي من فتره الطفوله فى حياه اى انسان ,, بيكون حر مفيش قيود حكماه ,, مفيش مسؤؤلية,, كائن حى على الفطره وع طبيعته بيتعامل من غير خبث ولا تلويين ,, بجد مفيش احلى من الطفولة واهمها لان اساسها بتتبنى حياه الانسان شباب وشيخوخه ,, ومرحله بداية المراهقة بيبقي كل حاجة ليها متعتها لانها اول مرة من غير تخطيط ولا تدبير
_ فعلا ,, انا كتير لما بحس بضغط او امر بمشكلة واحس ان الشحن بيفصل بفتح البوم دا وابص ع الصور بحس بطاقه بتحفزنى اكمل وتشجعنى وتطمني كمان ,,رغم ان فى لحظات مش هترجع لكن يكفيني ذكريات اللى عشتها وقتها عايشه جوايا لغايه دلواقتى مش ناسي ولا تفصيلة صغيرة رغم مرور 17 سنه ع بعادى عن مصر ... احلى الاوقات واللحظات كانت مع اللى فى الصور ,, كنت اتمنى نستمر ع تواصل لكن الحياه اخدتنا فى دومتها واتشتتنا ,,
_ كان فى سؤال كنت مستنى الوقت المناسب علشان اسألهولك ؟
_ خير ..؟
_ أنت محستش بندم انك عيشت هنا السنين دى كلها رغم انه كان ممكن ترجع مصر فى اى وقت ..؟
_ لا خالص مفيش ندم ,, اى ظروف بتحصلنا بيكون وراها سببين واحد خفي والتاني علني ,, السبب العلني كان واضح للكل سبب وجودنا فى لندن والسبب الخفي كان هو اللى انا وصلتله دلواقتى ,, ببساطه مكنتش مجبر ع اقامتى هنا كان اختيارى والوقت اثبت ان قراري صح خلصت دراستى وماجستير والدكتوراه وبمارس وظيفتى فى تخصص بحبه وبعدين هو فى ابن يعيش فى بلد ووالده يعيش فى بلد تانيه وهو يقدر يختار انه ميبعدش ..
ابتسم "عثمان" : قولى كده احساسك انك راجع مصر بعد 17 سنه فراق ؟
اتنهد "طارق" : ياااااااه مش قادر أوصف احساسي بالظبط ايه ,, حاسس اني راجع لبدايتي ,, راجع ل اساسي اللى وصلنى للى انا فيه دلواقتى ,,رغم التغييرات الل حصلت اكيد وغيرتنا كلنا لكن الشجره الكبيره مكانها بيفضل موجود مهما كبرت فروعها واتشعبت ولا ايه ..؟
ضحك "عثمان": ولا ايه .. يلا كمل هسيبك تكمل توضيب ونام ساعتين ع الاقل لانى واثق ان 5 شهور اللى هنقضيهم فى مصر مش هتنام فيهم هتحاول تعوض ال 17 سنه اللى فاتوا ..
ضحك "طارق" بنبره عاليه : دايما فاهمنى اكتر من نفسى يا دكتور
ابتسم دكتور "عثمان" :ع الاقل ارتاح ساعه كنت طول اليوم فى المستشفي والعيادة ومرتحتش ..!
_ تمام هقفل الشنطه وهنام ..
خرج "عثمان" من الغرفه وامسك "طارق" البوم الصور بيقلب صفحاته والابتسامه ع وجه ,, كانت صور ل "طارق"فى مراحل عمره الاول من طفوله ل بدايه المراهقة الثانوية مع اصدقائه فى المدرسه والسكن وهم " ماجد_ياسر_منة_صبا_جهاد_غدير" ,, استوقف "طارق" عند صوره فيها فتاه قمحاويه البشره والعيون عسليه وشعرها مرفوع كالخيل وابتسم ابتسامة خفيفه وردد اسمها : "غدير"
نظر الى درج المكتب اتجه و جلس امام مكتبه وفتح درج المكتب ومسك علبه صغيره وفتحها وكان يوجد بها سلسلة على شكل زهرة التوليب ,, امسكها ولمس الصوره وكانت الفتاه فى الصوره حول رقبتها السلسلة ..ابتسم "طارق" ووضع البوم الصور فى الشنطه واحكم اغلاق الشنطه واغلق الانوار واستلقى ع السرير ممسكا السلسلة مبتسما وضمها بين كف يديه واغلق عينيه ونام ,,,اثناء نوم "طارق" راوده حلم دائما يراوده بدون تغيير ع فترات وكان عباره عن صوت قريب ضعيف لكن بدون وجه ولا ملامح يردد اسمه" طارق " .. "طارق" نبره الصوت كانت تعبر عن خوف وطلب نجدة ففتح عينيه مفزعا ينظر فى ارجاء غرفته وعاد الى السرير ونظر الى السلسلة ...
كان دكتور"عثمان" جاهز فى الوقت المحدد لذهابهم المطار وخرج "طارق" من غرفته وجد الفطار جاهز :
_ صباح الخير ..
_ صباح الخير .. نمت ..شكلك بيقول لا ؟
اتنهد "طارق" وجلس ع طاوله الفطار : حاولت لكن فشلت ..
_ من ملامح وشك بتقول,, دا بسبب الحلم اياه ؟
_ ولا بيتغيير ولا بيحصل حاجه واضحه مجرد صدى صوت من بعيد بسمع اسمى صوت استنجاد لكن مش شايف مين ..لكن الصوت رغم انه كان ضعيف لكن دا صوت "غدير" انا فاكره مستحيل انساه لكن نبره صوتها مكنتش عادية زى انها فى ازمة وبتستنجد بيا مش عارف بالظبط ..
حاول "عثمان" يهدي "طارق": عموما احنا نازليين مصر وهتتواصل مع اصحابك ومع "غدير" نفسها وهتعرف سبب الحلم او رسالته وهتطمن عليهم كلهم ..
_ اتمني يحصل دا بسرعه ..!
_ كل شئ وله وقتة تفائل خير
_ ان شاء الله .. يلا بينا ..؟
_ يلا ...!

اتجه كلا من دكتور "عثمان" و "طارق" للمطار واستلقيا الطائره وكانت مقاعدهم متباعده فجلس "طارق" بجانب رجل فى العقد ال 40 من عمره وجلس "عثمان" فى الامام ... وحلقت الطائره وامسك "طارق" كتاب يقرا فيه . واثناء قراءه "طارق" للكتاب لاحظ بعض تصرفات من الرجل الجالس بجواره متوتر وقلقان وبيتجنب النظر للشباك ..راقبه "طارق" وحب يقدم مساعده و تحدث له باللغه الانجليزيه :
_ فى مشكلة ..انت محتاج حاجه ؟
بتوتر : لالا شكرا ..
طلب كوب من المياه وقدمها للرجل ورجع "طارق" لقراءه الكتاب واثناء قراءته لاحظ تزايد من انفعالات الرجل اللى بجواره وبيحاول يفك عقده الكرافت بعنف وتوتر ووضع ايده ع عينه وزاد معدل تنفسه وكان بيحاول يقفل الشباك بعنف وساعده "طارق" فى اغلاقه وحاول يتكلم معاه واعطاه حبوب مهدئه ,,مر نص ساعه حتي شعر الرجل ب هدوء وقل انفعاله وتوتره وبدء "طارق" بالحديث معه :
_اعرفك بنفسي دكتور "طارق وفيق "
_ ادمز ويل ..مهندس فى شركة العالميه لمعمار ..
_ اهلا بك
_اهلا بك ...
_ انت بتخاف من الطياره ولا دى أول مره ..؟
_ لالا انا دايما بسافر وبيكون الصبح لكن مكنش فى حجوزات الصبح وكان ضروري اسافر انهاردة ..
_ باين ان حضرتك موعد سفرك ضايقك ..؟
بملامح ضيقه : جدااا انا مبحبش وقت الغروب .. غروب الشمس بتخنق جدااا لما بشوفه ...
_ ليه دا منظر جميل واغلب الكتاب والشعراء كتبو عنه ...؟
نظر الرجل ل "طارق": مش عارف السبب انا دايما بحس ب انقباض وخنقه لما الشمس تغيب ممكن الاحساس دا من طفولتى لما كنت بشوف الشمس وهى بتغطس فى البحر تدريجى ف بقول دى غرقت ومش هتظهر تانى ,, ف اضايق واتخنق واحزن,,
_ ومشكلتك فى غروب الشمس بس ؟
_ والليل ..
_ ازاى ؟
_ اكتئب لما الليل يحل واشوف الضباب فى السما وكل حاجه لونها غامق واسود ... وفى الشتا مبحبش الشتا علشان الغيوم والشمس مبتظهرش وبعيش فى ضلمة ,,
_ وايه تانى ..؟
_ بقلق من اى حاجه تحجب النور ..انا بنام والنور شغال مبطفيهوش خالص ولما بخرج فى الليل لو المكان مفيهوش اضاءه كامله مبقعدش اكتر من 5 دقائق واعتذر .. انا مكتبى فى الدور 35 ببدء شغلى الساعه 8 الصبح وبنهيه واكون فى البيت الساعه 4 وارجع البيت وكل الانوار شغاله وكل الشبابيك مقفولة ,, مبحبش اتوجد وقت الغروب ولحظات بدايه الليل بره البيت ,, انا بحب اشوف كل حاجه حواليا واضحه بيكون حقيقى ودا بيحسسنى بالطمانينة لان النور والحقيقه متلازمان ومعناه الصدق .. يعنى اللى بسمعه وبشوفه والاشخاص اللى بتعامل معاهم والحاجات اللى بشتريها واضحيين ,, الضلمه بالنسبالى كذب وتهيأت ,,
اتنهد الرجل : مفيش اسوء ان يكدب عليك انسان لكن مفيش افظع ان يكدب عليك عالم اللى حواليك اللى عايش فيه ,, العالم اللى بتحس بوجوده بصوابعك وبتشوفه بعينك وبتسمع تحركاته ب ودانك ,, عالم ثابت مستقر ارتبط بعمرك اللى عايشه ارتبط ب احساسك وافكارك ,, تخيل ان كل دا اتغير وبقى حاجه تانيه مختلفه .. النور الواضح يختفى للون تانى بتحس ان دا مش العالم اللى انت عايش فيه وقتها بتحس بخوف ورهبه .. هو دا اللى بحسه ..
_ لما بتكون مع اصحابك بتحس نفس المشاعر دى ؟
_ايوه .. لما بكون فى تجمع مع اصحابى اوقات ببص حواليا بشوف الحاجات غير حقيقيه الناس والاماكن حتى الكلمات اللى بسمعها والمشاعر ,,بحس ان تغيير حصل فى العالم بتاعى وانا كضيف جديد عليه او هو جديد عليا ... بحس انى غريب او مطرود ,,ابص ل صديقى صديق عمرى استغرب منه واسأل نفسى مين دا؟ .. صديقى .. ويعنى ايه كلمه صديق .. صديق يعنى حب وعشرة عمر ف استغرب اكتر انا والشخص دا بينا حب! .. هو انا اعرفه من قبل كده ؟!... عينى تؤكد دا وذاكرتىي بتحاول تفكرنى بكل لحظاتي معاه ..لكن بقول لا دا غير حقيقى دا شخص غريب عنى قاعد معايا وقدامى.. صوته حاسه بصوت غريب صورته شايفها قدامى ضباب مش واضحه ,,, يبتدى يتكلم معايا استغرب من معاملته الكويسه معايا .. يتكلم فى موضوع يخصنى انا وهو ويؤكد ارتباطنا بواقعه ما حصلت لكن انا بندهش من كلماته .. انا فاكر اللى بيقوله لكن بحس ب اندهاش فى الموضوع ذاته ..بحس انه بيتكلم عن حاجات غريبه وغامضه .. مش كده بس معاناتى مش مع صديق عمرى لكن مع زملائى فى المكتب بشوفهم كل يوم من 20 سنه وبنقعد فى نفس الاماكن .. وبنمشى من نفس الشوارع لينا فيها ذكريات ولحظات مخلده فى ذكرايتنا ,,لكن بقيت لما امر من الشوارع دى اشوفها شوارع غريبه عنى ف استغرب واستغرب اكتر من فكره ان انا كنت بقعد فى المطعم دا اغلب وقتى وبضحك وبهزر ,,الاحساس المسيطر عليا فى اللحظه دى ان انا اول مره اشوف المطعم دا واول مره اكون فى الشارع دا ,,هل دا معقول .. البيت والشارع والصديق والحبيب كل حاجه كل حاجه بالنسبالى بشوفها غير حقيقيه وكذب ..
_ وبتعمل لما بتكون فى الموقف دا ؟
_ تلقائى بضغط ع راسى من الصداع بحاول أفكر نفسى باللى بسمعه منهم لكن بحس بالعجز ..عينىي وودني مش بيساعدونيقولت فيهم مشكلة اتجهت لمستشفي عملت فحوصات لكن النتائج كانت كويسه عيني وودني مفيهمش حاجه لكن استمريت اشوف الناس والاشياء بتكون مختلفة فعلا .. علاقتى بكل حاجه اتقطعت .. بقيت لوحدي وقعت فى بير ومحدش حاسس بيا وسامع ضحكهم العالى وكلامهم ... كل حاجه قدامي ضلمه ومش واضحه وضباب فى كل مكان ... عارف احساسك لما تتنقل لبلد غريبه ل اول مره متعرفش حد فيها ولا لغتهم ومفيش تعامل معاهم هو الاحساس دا اللى عايش به حياتي حاليا ..انا دلواقتى بسمع وبشوف لكن مش فاهم ..لان مفيش حاجه بتربطني باللى شايفهم وبيكلمونى بكلام غريب غير واضح ... مبحسش براحه وسط الناس افتقدت الالفه مع الناس والحاجات اللى حواليا ودا دايما بيحسسنى ب خوف وخطر بيهددنى فى اى وقت ..
ابتسم "طارق": مفكرتش تروح لطبيب نفسى تتكلم معاه ويساعدك ..؟
_ لا ...
_ ولا حد اقتراح عليك ؟
_ بعض اصدقائي أقترحوا عليا لكن حسيت بتهويل لانى لما بكون لوحدي بكون أحسن ..
_ اممم انت مسافر اجازة ولا شغل ؟
_ شغل وراجع بعد يومين ..
_ اول حاجه تعملها لما ترجع تزور طبيب نفسي ودا شي ضروري ..
_ ليه هو انا مشكلتي كبيرة ..؟
_ كتشخيص اولي من اللى سمعته منك انت محتاج تزور طبيب نفسى لان عندك مشكله اللى معيشاك كل دا واسمها فى الطب النفسى (اختلال الواقع ) ..!
_ يعنى ايه ؟
_ الواقع اللى عايشنه مبنحسوش زى ماانت فاكر ب عينك وودنك وصوابعك دول جزء من الادارك لان العالم اللى حواليك بتحس بوجوده بمشاعرك وبقلبك .. العاطفه اللى بتتكون بينك وبين كل حاجه حواليك ناس ونبات وجماد وحيوانات .. انت بتشوف وبتسمع وبتلمس لكن محتاج تحس بوجودهم .. مينفعش انك تعيش فى حاله حياد عاطفى مع اللى حواليك ..الحياد الفكرى ممكن لانه له حدود لكن الاحساس مستحيل لانه ملوش حدود ... الواقع ببساطه بيتشكل فى عقلك من خلال حواسك اللمس والسمع والرؤيه وبعد كده بينتهى دورهم وبتكون مشدود للواقع ب احساسك ,, حبال متينه بتتكون من مشاعر واحاسيس ,,بتتحرك وتجرى وتطير والاحبال دى موصوله ببعض فهى اللى بتساعدك ع الحركة كرد فعل ل احساسك .. ف لو انقطعت تحس بالضياع والغربه وبالتالى بتحس بالخوف زى الطفل المتعلق فى حضن مامته وفى وسط الزحمه بيتوه منها مفيش اسوء من دا احساس الغربه والخوف ... كل الكلمات ملهاش صدى بلا معنى والمسه الايد بارده مفيهاش احساس ..حاسه الشم والتذوق بتفقدهم ,, بتهرب من مكان لمكان وبتبص حواليك وبتدور ع ايد تحسسك بالدفء والالفه .. انت بتحس ان كل حاجه حواليك بتنكر وجودك لانك مفتقد احساسك بالانتماء .. ودى اخطر واهم الاحاسيس اللى ممكن تمر ع الانسان هى الاحساس بالانتماء .. الانتماء الى الكون واحساسك بالاندماج مع كل حاجه حواليك .. مندمج مع صديقك او حبيبتك او اهلك وشغلك حتى الاماكن اللى بتروحها وذكرياتك معاها .. مفيش اتعس من الانسان اللى بيكون لوحده ولا اقسى من انفصاله عن العالم ,, ولان مفيش حياه ل اى انسان من غير قلبه واحساسه وان حصل بيحصل "اختلال الواقع " ودا يعني ان خيط الموصول بين الادارك والاحساس مقطوع ..
_ وهى بتحصل بسبب ايه ؟
_ بتحصل فى مرضي الاكتئاب لان الاكتئاب هو الضباب اللى بيحجب نور الشمس وهو البحر اللى بلع الشمس وغرق فيها وبتحصل فى بعض حالات الصرع ..وبتحصل مع تعرض للاجهاد الشديد الجسدى والنفسى ,,الضغوط والاحداث الصعبه وتراكمتها اللى بتكون غير متوقعه بيتفاجى بيها الانسان ,,
استكمل "طارق "كلامه": انا مش هقدر اقولك السبب اللى حصلك دا ايه لانك محتاج تزور طبيب نفسى يسمعك بتعمق وهيساعدك تتخطى المرحله دى بالعلاج,,لكن اللى اقدر اقولهولك انت محتاج تعيد تواصل عقلك مع احساسك علشان تعيش الحياه بدون خوف دائم وقلق من اللى حواليك .. لان الليل هو تكمله للنهار مفيش اختلاف بينهم ,, لكن فى حاجه مهمه قبل زيارة الطبيب النفسي لو عاوز مشكلتك تتحل ..؟
_ ايه هى ..؟
_ انك تكون عارف انك محتاج مساعده الطبيب النفسى لان مدام انت عارف ان عندك مشكله اكيد هتتحل ..
ابتسم "ادمز" : شكرا انك سمعتنى رغم اننا منعرفش بعض ..
ابتسم "طارق": شكرا انك اتكلمت حتى لو مع شخص غريب ع الاقل افضل بكتير عن الصمت والنكران ومعنى انك اتكلمت يبقى انت عاوز تتعالج ودى اول خطوه ... لسه فى وقت ع الوصول الحبايه اللى اخدتها هتساعدك ترتاح شويا بعد مجهودك فى الكلام ارتاح ..
غمض عينيه ونام واستكمل "طارق" قراءه فى الكتاب ...ومرالوقت ووصلا لمطار القاهره ,, ملامح السعاده اترسمت ع وجهه "طارق"و ابتسم دكتور "عثمان" لرؤيه "طارق" سعيدا ,, نزلا من الطائره وانهيا اجراءات الخروج واستلقيا تاكسى امام المطار واتجهها الى فندق فى وسط البلد ,, افرغا حقائبهم وتناولا الغدا ولم ينتظر"طارق":
_ انا هستأذنك يادكتور دلواقتى هخرج اتمشى شويا ..
_ ع فين كده ارتاح الاول انت منمتش من امبارح والسفر اكيد مرهق ..
_ لما هرجع انا عاوز اخرج اشم هوا مصر اللى افتقدته من 17 سنه ,,
ابتسم "عثمان": طيب متحاولش تدمنه لانك راجع لندن
ضحك "طارق": متقلقش ,,انت محتاج منى حاجه دلواقتى ؟
_ لا انا كلمنى "عزت" هيجى نقعد شويا ونتكلم قبل ما اروح المستشفى بكره
_ تمام وانا مش هتأخر وبلغه سلامى مؤقتا ..
_ تمام ..
_طارق ..
_ ايوه ؟
_ خلى بالك ع نفسك
_ متقلقش يا دكتور انا فى مصر ...
خرج "طارق" وهو فى قمه السعاده استوقف تاكسى امام الفندق واتحرك 10 دقائق واتجه لكورنيش النيل ,, تمشى قليلا وهو ينظر فى وجوه الناس والاماكن والطرقات والزحمه المعهوده ونبرات الناس العاليه ,, استوقف عند بائع حمص الشام وطلب كوب من الحمص وجلس ليتناوله وهو فى قمه بهجته لوجوده فى مصر ,, فى الفندق دكتور "عثمان" ينتظر دكتور "عزت "فى المطعم :
_ حمد الله ع السلامه يا "عثمان"
نظر "عثمان" اتجاه الصوت وابتسم ووقف : عزت ,,
احتضنا بعض وجلسا يتناولا القهوه :
_ اخيرا حنيت ونزلت مصر ..!
_ اللى يسمعك يقول انا كنت رافض انزل ومكنش عندى حاجه هناك ..
_ طبعا ,,لولا جواب اللى اتبعتلك من جامعه القاهره علشان التكريم وطلبهم منك تعمل محاضرات هنا مكنتش هتنزل اصلا,, انت عارف انت منزلتش مصر من كام سنه ؟ .. من 35 سنه فاكر ؟
_ يااااه ولا حسيت بيهم ..
_ طبيعي متحسش بيهم لانهم بنسبالك 18 سنه من وقت ما اتخطبت "صفاء" وانت فجاءه لقيناك سافرت
_انت عارف انه مكنش ينفع افضل موجود وقتها ..
_ رغم انه حب من طرف واحد كلنا عرفنا به وحسيناه حتى "صفاء" نفسها حست لكن انت ولا مره فكرت تتكلم معاها ..
_ مكنش عندى شجاعه انى اتكلم معاها كنت خايف اخسرها ..
_ وسكوتك دا وصلها انها وافقت ع قريبها لما اتقدم ومقدرتش تقول ل والدها لا وجت الكلية واتكلمت معانا انها عاوزه معجزه تخليها تتراجع عن موافقتها رغم ان العريس شخصية محترمة ومفيهوش غلطة ,,,كانت مستنية منك حركة ..!
_ وكنت اتحرك ازاى وقتها وانا لا املك غير نفسي ولسه بدرس وفى جيش مستنيني اربطها جنبي كل دا ,, لا "صفاء" تستاهل حياه احسن من اللى كانت هتعيشها معايا وقتها ..
_ رغم استسلامك الا انك هربت لما عرفت انها اتخطبت ..
_ مقدرتش اشوفها مع حد تانى ,,تخيل المشهد نفسه كان مرعب ..
_ وسفرك كان الحل رغم ان كان لك مستقبل هنا ,,
_ البعد كان الحل ع الاقل اديها مساحتها تعيش حياتها بحرية وانا كمان ,,
_ وانت بقى عشت؟ .. انت ولا فكرت ترتبط مؤقتا حتى ,, وكان فى فرص متتعوضش ,,
_ "صفاء" هى كانت الفرصة اللى لا تعوض بالنسبالى والباقي تكرار لا اكثر ,,
_ الحب الافلاطوني ..!
_ انا مقتنع ان فى حب افلاطوني اللى هو كل انسان اتخلق فى الدنيا واتخلق معاه حبه الوحيد والاوحد.. اللى هيعيشه هو حب واحد يكفيك عمرك كله ,,حب مشاعره تسعدك ولحظاته تسعد قلبك وروحك من غيره كل حاجه واحد بوجوده كل حاجة كاملة وجميلة ,, شخص واحد هو العالم لك ,, شخص واحد هو الحياه ,,
_يااااااه يا "عثمان" نفس كلامك من 18 سنه متغيرش حتى بعد وفاتها ..!
_ انا لما قابلت صفاء بعد 18 سنه فى المستشفي واكتشفت انها بتتعالج من الكانسر رغم مرور السنين والكيماوي لكن انا شوفتها "صفاء" زميلتى فى الجامعه الفرقه الثالثه نفس الملامح ونفس الصوت ,, حسيت ان ال 18 سنه مرو 18 دقيقه قدامى وانا شايفها ,, لا التعب غيرها ولا الكيماوى عمل فرق ,,
_ انا مكنتش اتخيل تحصل صدفه بالشكل دا بعد فراق 18 سنه تتقابلو كده فى لندن رغم انك كنت عايش فى ايطاليا ولسه منقول للندن واول حد تشوفه "صفاء" ..
_ فى بعض القرارات احنا بنكون أصحابها فى حياتنا وفي قرارات تانية الحياة هي اللى بتقررها ودا أسمه "القدر" والهروب من القدر "مستحيل " ..ومش هنعرف ايه اللى مخبيه القدر لينا لان القدر وحده اللى يعرف وهى دى مفاجاءات الحياه الغير متوقعه ..اللى مترتب هيحصل واللى مكتوب يتجمعوا مع بعض هيجتمعوا حتى لو اتفارقوا سنين ,,
_ بس القدر ظالم ,, فارقتها 18 سنه وعشت معاها سنتين واتوفت ,,
_ ماهو دا مفاجاءات القدر الغير متوقعه ,, الفرح ملوش امان ولا الحزن لان مفيش حاجه فيهم دايمة الاتنين بيتبدلو زى الليل والنهار الشمس والقمر فى حياتنا ,, ايوه عشت معاها سنتين لكن كل لحظه فى ال سنتين كانو عمر بالنسبالى ,, ال سنتين كانو تعويض عن 18 سنه البعد اللى عشتهم وكان معاهم مفاجاءه ,," طارق ",, حته من "صفاء" بالتالى محستش بفراقها ولا حاسس به لانها عايشه معايا من 35 سنه ولغايه وقتها هذا ..
لاحظ "عزت" ابتسامة "عثمان": باين من ابتسامتك وانت بتحكى عنها مش محتاج تقول كلام ..
_ كلام الدنيا ميقدرش يوصف "صفاء" ..
_ انت عمله نادره فى الزمن دا يا "عثمان" حبك وقصتك تتسمع فى الحواديت والروايات والافلام
_ والحواديت والروايات والافلام ايه غير انهم نقل لتجارب اشخاص زى لكن من فترات زمنية مختلفه
_بس بجد سعيد جدااا انك اخيرا نزلت مصر رغم رفضك لطلبى تنزل وتشتغل معايا فى المستشفى لكن انت صممت تكمل حياتك فى لندن ..
_ صدقنى مش كده انا فعلا حياتى وشغلى هناك ومستقر وفكره انزل مصر زياره حتى مكنتش اقدر لان مفيش وقت ل اى حاجه مكنش ينفع اسيب "طارق" وانزل وهو كان بيحضر الدكتوراه وكان محتاجنى جنبه ومعاه ,, فوقتي اللى بوفره كنت بقضيه مع "طارق " ,,
_ ياااه يا "عثمان" يابخت "طارق " بك بجد ,, لولا ان انا عارف انه ابن "صفاء" الله يرحمها كنت قولت انه ابنك من دمك ..!
_ ماهو ابنى ..عاش معايا 17 سنه فى كل لحظه مع بعض ,, عشنا مع بعض لحظات الحزن والسعادة والنجاح والفشل والفراق والوجع والتعب والمرض عشنا الحياه بكل معانيها مع بعض ..
_ رغم انه مش من دمك ولا عشت معاه طفولته ..؟
_ "عزت" الابوه او الامومه عمرهم ما كانت بالدم مش شرط ,, لكن كانت بالحياه مع بعض بتعويض الفراغات فى حياه بعض,, بتكمله روح بعض ,, وانا وقت ما اتجوزت صفاء مفكرتش فى "طارق" انه مش ابنى ,, انا كنت محتاج ل "صفاء" و ل "طارق" يمكن اكتر ما هما احتاجوني ,, هما شغلو فراغات كتيره فى حياتي بوجودهم .. فبالتالى صفاء مراتى و "طارق" ابنى ,,
ابتسم "عزت": فين بقى ابنك الدكتور "طارق" ؟
_ خرج يتمشى غايب عن مصر 17 سنه ..
_ دى "هدير" مكنتش مصدقه ان "طارق" اخيرا نزل مصر لا واجازه طويله كمان ..!
_ كان لازم ينزل مصر ومينفعش يتأخر اكتر من كده
_ ليه فى حاجة حصلت ..حد من اهله ..
_ "طارق" وقت ما سافر ساب جزء مهم منه هنا فى مصر وكان لازم يرجع علشانه مهما غاب حياته مش مكتمله من غير ما يجمع الاجزاء المفقودة من حياته ويمكن هو السبب الرئيسي لموافقتى ع دعوة جامعه القاهرة علشان ينزل مصر ..
_ والله يشكر "طارق" عمل انجاز محدش قدر يعمله وجمعنى بصديق عمري وهعرف اقعد معاه براحتي ونراجع ذكرياتنا سوا ... بس يا ترى هيتأخر ع العشا ولا ايه "هدير و "هاله" و"ساميه" عاوزين يشوفوه وهنتعشى كلنا مع بعض ..
_ لا متقلقش هو عارف ومش هيتاخر ,, قولى انت اخبار المستشفي ايه ؟

فى الوقت دا "طارق" كان بيتمشى ع الكورنيش ولاحظ الاختلافات عن اخر مره كان موجود والزحمة الزياده وملامح الناس المعبره عن قلق وتوتر دايما وبعض الاشخاص عن طيبه واسترخاء ,, اتجهه لعربه حمص الشام وطلب كوب من الحمص وجلس يتناوله ومحاولا ل استرجاع لحظات طفولته مع اصدقاء طفولته ( ماجد_ياسر_صبا_منة_غدير_جهاد) ,, مسك كوب حمص الشام وتذكر تجمعهم ع الكورنيش وتناولهم جميعا حمص الشام ومعاكسة "ماجد" و"ياسر" للفتيات المارين وتعاركهم مع "جهاد و"صبا" ومنة" وجلوس "غدير" فى هدوء وتناولها حمص الشام ,, انتهى من كوب حمص الشام وتذكر موعد العشاء ,, استوقف تاكسي واتجه للفندق ...
كان كلا من "عثمان" و "عزت" و"ساميه" زوجة "عزت" وابنتهما "هاله" و"هدير" فى انتظار "طارق فى المطعم ,, توجه اليهم :
_ مساء الخير ..
بسعاده وقفت "هدير" واتحركت اتجاه "طارق": طارررررق ..ازيك ..؟
_ الحمد الله تمام .. انتى عامله ايه ؟
_ الحمد الله ومبسوطه جدااا اخيرا جيت مصر ..
ضحكوا الجالسين : طيب سيبه يسلم علينا وبعدين اتكلمى معاه ..
_ ازيك يا دكتور "عزت" ؟
_ تمام يا دكتور "طارق"..
ضحك "عثمان": طارق دا زى ابنك يا "عزت "
_ ايوه اكيد زى ابنى لكن المقامات محفوظه والدكتوراه والماجستير لازم ياخدو حقهم ..
ضحكوا الجميع واتجه "طارق" ل "ساميه": ازيك يا طنط ..
_ ازيك يا حبيبى مصر نورت والله ..
_ منوره ب اهلها شكرا ..
شدته "هدير": تعالى اقعد هنا جنبى ..
_ طيب استنى اسلم ع "هاله"
كانت "هاله" قاعده ماسكه تاب وسماعات الهاند فرى فى ودنها ومش مركز مع القاعدين ونبهتها "هدير":
_ "لولو .. كلمى "طارق "
ابتسمت "هاله": طارق ازيك ..؟
_ انتي عامله ايه ,,لسه الهاند فرى فى ودنك من اخر مره كنتي فى لندن وانتي ع طول كده ..
ابتسمت "هاله" ورجعت تبص ل التاب ..:
_ متركزش معاها هى تايهه كده ,,احنا جبناها بالعافيه اصلا كانت رافضه تنزل من البيت ..
_ ليه عاوزه تخرج مع اصحابها ؟
_ لا كانت عاوزه تقعد فى البيت ...المهم ايه اخبارك وكنت فين ؟
_ كنت بتمشى قرب الفندق كده بس ايه الزحمة دى ..والاطفال كتير اوووى احنا مكناش كده ..
ضحك"عثمان": انتم .. انت عاوز تجيب مصر من 17 سنه زى دلواقتى مصر عدت ال 90 مليون يا دكتور
ضحك"طارق": ع كده هنحصل الصين والهند ..
ضحك "عزت": ياريت نحصلهم فى تقدمهم مش فى تعداد سكانهم ..
هدير قاطعتهم: بس هتدخل فى مواضيع دوليه وفرق البلاد وهكذا دكتور "عثمان" و "طارق" نازلين اجازه يا بابا ..اجازه يعنى فصلان من كل حاجه غير المتعه ..والاستجمام
ابتسم "طارق": ايون .. فصلان من كل حاجه ..
_ علشان كده انا مجهزالك بروجرام هيعجبك اوى ..!
_ والمستشفى ..؟
_ متقلقش هقدر اوفق بينهم هو انت بتنزل كل سنه دى اول مره فى عمرى اشوفك هنا ..
ضحكت "ساميه": علشان كده اى سفر ل "عزت" ل لندن كانت بتشبط فيه حتى لو اسبوع ..
_ فرصه لا تعوض سفر واقامه ع حساب بابا ..
ضحكوا كلهم : متقلقيش عليا انا اه غايب عن مصر بقالى 17 سنه بس كل الاماكن محفوره فى ذاكرتى وان احتاجت مساعده اكيد مفيش احسن منك ..
_ انت بتهرب منى يا "طارق" شكرا ..
_ مش هروب لكن انا لما كلمتك وقولتلك نازل مصر كان شرطى ميأثرش ع شغلك فى المستشفى وانا مش هوافق انك تأجلى مريض واحد علشان تكونى معايا بتفسحيني ... خليكى فى شغلك واليوم طويل وصدقينى هزهقك منى ..
اتكلم "عزت": اديها فرصه تردلك اللى عملته علشانها لما كانت فى لندن بتدرس وكل مره بتسافر
_ انا ظروف شغلى مختلفه واقدر اظبطها لكن هى مستجده شغلها اكتر تخصص الاطفال صعب وكبير ومحتاج تركيز والرساله كمان محتاجه وقت ..وانا قاعد ل 5 شهور هزهقكم منى وعد ..
_ وانا عمرى ما ازهق منك ييا "طارق"
لاحظ "طارق" سكوت "هاله " ميل ع "هدير ".:
_ هى "هاله" فى حاجه مضايقاها .. هى مكنتش كده خالص ,,اخر مره من سنتين لما كانت معاكي فى لندن كانت متغيره لكن المرادى اكتر ..فين ضحكها وهزارها وكلامها الكتير ..ايه حاله الصمت دى ..؟
_ تعالى وانا احكيلك ..
_ بعد اذنكم يا جماعه ..
قامو "هدير" و"طارق " من مكانهم :
_ ايه الحكايه ؟
_ مش عارفين بقالها فتره طويله بتقعد لوحدها ولما بتخرج بترجع متغيره تدخل اوضتها وتنام مبتتكلمش .. فكرنا نعرضها ع دكتور نفسى عندنا فى المستشفى رفضت وقالت انا مش مجنونه ,,
_ اتكلمتوا معاها ؟
_ حاولنا كتير واخر مره كانت امبارح لكن هى رفضت تقول ايه اللى حصل ...!
_ طيب تمام ..انا هحتاج مساعدتك ممكن ..؟
_ فى ايه ؟
_ بعد العشا هقولك ..
اتحركوا ورجعوا لطاوله العشاء وتناولوا العشاء وسط ضحكات واحاديث طويله وظلت "هاله" فى حاله صمت .. انتهوا من العشاء واتحرك "طارق" و"هدير" و"هاله" للحديقه فى الفندق :
_ الله الجو جميل جدااا ..مكنتش اتوقع انه هيكون كده ..!
_ ماهو انت نازل فى توقيت جميل من السنه لا منه شتا ولا صيف
_ اممم لو كان صيف كنت حدفت "هاله" فى ال POOL زى ما زقتى فى لندن فاكرين
ضحكت "هدير" : وهو دا يوم يتنسي الجو كان تلج وانت خسرت فى اللعبه و"هاله" حدفتك وبعدها جالك برد ..
_ كله من الست "هاله" يهون اهو وقتها اخدت اجازه يومين ونمت فى البيت ..
سكتت "هاله" استكمل "طارق" كلامه :
_ ايه رايكم نلعب لعبه مصباح علاء الدين ..؟
_ رغم انا مش عارفاها لكن تمام معاك ,, ايه رايك يا "لولو" تلعبى معانا ..؟
_ وهو انتى لسه هتساليها هتلعب يلا ..
_ طيب اشرحها ..؟
_ لعبه مصباح علاء الدين وهى كل واحد فينا يتخيل انه معاه مصباح علاء الدين وطلعله الجني وقاله بصوت العظيم شبييييك لبيييك عبدك وبين ايديك امنيه واحده تتحقق ..هتكون ايه ؟
_ قول انت الاول يا "طارق " ..
_ امممم .. امنيتى اله الزمن وارجع بيها 20 سنه ورا لوقت كنت اسعد انسان فيه معايا كل حاجه تسعدني ... يلا يا "هدير" وانتى امنيتك ؟
_ امنيتى واحده انه ميخلكش تسافر وتستقر فى مصر معانا
ضحك"طارق": ايه الامنيه البسيطه دى ؟
_ هى بسيطه بجد طيب ايه مستشفى بابا موجوده وواثقه انك هتكون مشهور فى فتره قليله واهو هنكون اصحاب بره المستشفى واصحاب وزملاء داخل المستشفى ..
_ لا كده كتير هزهق منك وههرب ..
_ انت رخم ..
ضحك "طارق" وبص ل "هاله": ها يا لولو وانتى ..؟
لو ظهرلك مصباح علاء الدين وقالك ليكى أمنية واحده هتكون ايه ؟
_ارجع لوقت اللى ماما كانت حامل فيا والدكتور قالها الحمل صعب وطلب منها تنزل الجنين واجبرها تجهضني ..!
اتفاجئو من حده كلامها والدموع فى عينيها : هتموتي نفسك ؟
_ وهو انا كده عايشة ,, انا مع كل لحظة بتمر بموت فيها لا الل حواليا فاهميني ولا بيحسوا بيا ولا حتي بيفكروا فيا ,, وجودي عبارة عن عدد ف القاعدة مطلوب مني أستحمل وأتجاهل الحاجات اللى بيقولوها وبيعملوها وبتضايقني واتعامل عادى من غير ما اعترض ولو اعترضت يبقى انا اللى غلطانه مفيش حد فكر يطبطب عليا ولا حتى يسألني مالك ولا فكر ازاى يفرحنى ..بيفتكروني وقت احتياجهم بس وهما
وفاهمين إحتياجاتى... من الاخر انا ميتة مؤقت لغايه ما يحين وقت دفنتي ..!
رد "طارق": انتي اللى موتي نفسك مش هما اللى كانو سبب موتك ..!
بملامح أستغراب : نعم .. بعد كل اللى قولته وعملوه معايا ؟
_ ايوه.. اللى عملوه معاكي كان رد فعل طبيعي لفعلك انتي معاهم ,, ليه تعيشي وانتي مستنية حاجه من اى حد حواليكي أهتمام او انهم يفهموكي او يفكرو فيكي وانتي اساسا مش على بالهم ,,ازاى تعيشي وانتي مستنية تصفيق ولا مقابل حاجة عملتيها ليهم ,, إنتظار الحاجة بيموت أكتر من عدم حدوثها .. اعملى الحاجه لو فى استطاعتك ليهم ومتستنيش مقابل ولا حتى شكر المهم انك تكوني راضية بنفسك ,, عملو مقابل اهلا وسهلا معملوش عادي الحياة مش هتنتهي هنا ,,عارفة ليه وصلتي لحالة دى ؟
_ ليه ؟
_ لان انتي معززتيش نفسك فى علاقاتك ,,عززى نفسك ليه تقعدي مع ناس مش بترتاحي معاهم وتستحملي سخافتهم وكلامهم وتصرفاتهم ومحسسينك انك تكملة فى القاعدة وااقل منهم ومبيقبلوش كلامك ,,ليه تكوني قريبة من اشخاص مش فاهمينك وتستمري بمعرفتك معاهم ,, ليه بتدمري نفسك بنفسك علشان متبقيش لوحدك وانتي اصلا بالحال دا لوحدك ,,ليه تستمري فى علاقة مبتفرحكيش وبتحزن روحك اكتر ,,فى فرصة نستغلها ,, اهربي وابعدي عن الناس اللى بتستنفذك ..بتستنفذ طاقتك وروحك وحياتك وعمرك ,,وبيدخلوكي فى اكتئاب ومع الوقت هتكرهي الدنيا والحياة ,,قربي للناس اللى فى ضعفك بيقوكي ويحسسوكي انك تقدري تهدي العالم ,, ,, الناس اللى فاهمينك من غير كلام ,, مش شرط يكونوا كتير دا لو شخص واحد حس بضعفك وساعدك وقواكي هيكفيكي عن كل البشر ,,,الاشخاص دى سواء اصدقاء او حبيب انتى حكمتى ع نفسك بالموت وحرمتى نفسك من الحياه بقربك من اشخاص استغلو احتياجك ليهم وهما اصلا مش محتاجينك ,.. عيشي حياتك حرة ب ارادة حرة من غير ما تستني مقابل او حاجه من شخص لان احلى الحاجات والاشخاص بنقابلهم لما نكون مش مستنينهم ودى مفاجاءات القدر الغير متوقعه..!

زهرة التوليبTahanan ng mga kuwento. Tumuklas ngayon