في الطريق حيث أجِدك

1.3K 199 35
                                    

اضاءة خافتة تسللت للغرفة من النافذة ذات الستائرِ المسدلة دليلًا على اقتراب موعد الشروق، لكن آنثيا لم يغمض لها جفن حتى ذلك الحين وقد خاضت في دوامة أفكارٍ بلا نهاية.

كانت شبه جالسة على فراشها وقد تدلت قدماها بينما أراحت جذعها، واستقر بصرها نحو من ارتخت ملامحه في نومه العميق يبدو وكأنه لم يحظَ به منذ سنوات.

راقبته يفرق جفنيْه ببطء، حتى التقت أعينهما أخيرًا، فأنشأ يحدق بها بناعستيه وقد غزا وجنتيه تورد طفيف حين وجدها قد واصلت الشرود فيه دون انقطاع حتى بعد أن بدأ يبادلها بتحديقات مستعجِبة.

"آنثيا ؟" تسلل اسمها من ثغره بلعثمة. فرمشت المعنيَة عدة مرات عائدة لما هي فيه واستقامت لتعتدل، وكذلك فعل هو على الأرض متقرفصًا.

"هل أنتَ بخير؟" سألته دون تفكير. فأخذ وقته دون رد وهو ينظر ليديه مبللًا شفتيه.. ففكرت أن ربما اندفاعها لسؤاله عن شيء كهذا بتوقيت كهذا ليس بالأفضل على الاطلاق، لكنها فوجئت باجابته وهو يحك مؤخرة رأسه "لسببٍ غريب، أنا بخير" مقدّمًا في نهاية حديثه ابتسامة طفيفة لم تستطِع سوى مقابلتها بأخرى أوسع.

"كنت أنتظِر خروج إيڤا، لقد أخبرتني أنها ذاهبة لمنزل صديقتها" حدّثته بعد أن وقفا متواريين خلف النافذة، يراقبا المقصودة وهي تتهيأ للخروج من المنزل عبر باب الفناء الأمامي.

"هل والداكِ خارج البلدة؟" سألها، فأومأت دون أن تطرف عن البلّور وهي تراقب سيّارة شقيقتها تختفي عند نهاية الطريق.

فبعد أن تأكدت من ايقاظها بالصباح وجمع ملابس هيڤ قبل أن تراها- حرصت على البقاء بالغرفة بانتظار استيقاظه؛ وذلك استجابة لإلحاحه الليلة الماضية قبل خلودهما للنوم بأنه يُريد الذهاب لمكان ما 'غدًا'، والذي هو اليوم.

"هل يمكنني سؤالك عن شيء ما؟" سألته بعد أن استدارا مبتعدين عن النافذة، وهمَّ هو بالتقاط ملابسه لتبديلها. فتوقّف في منتصف طريقه وأومأ عبر كتفيه كاشارة لاستماعه.

فأردفت بعجلةٍ وكأنها ترجو الحروف لتغادرها "البارحة، لمَ طلبت مني البقاء عند الجسر؟، أنت لم تفعل ذلك يومها.."

لهنيهةً، حدق بالأرض وكأنه لا يعلم السبب أيضًا، وأخذ شهيقًا خافتًا قبل أن يهز كتفيه "ربما لأنني، كنتُ.. خائفًا".

تمعّنت النظر بطيفه، وفاقم ذلك شعور أنها وبطريقة ما لن تستطيع أن ترى شيئًا عبره بوضوح. لذا قضمت شفتيها وأعادت ناظِرتيها نحوه وهي تبتسم مكتفيةً بـ "أنت على حقّ".

رأيتُ هيڤنWhere stories live. Discover now