لا يُمكنك انقاذ قلبٍ ضال

1K 169 50
                                    

طرقت بقدميْها الأرض، تمنحُ لمحةً متعجّلة لساعة يدها، أثناء وقوفها بانتظار من يبدو أن تسليم مشروعه قد أخذ دهرًا.

شدت قبضتها على أطرافِ معطفها حالما رأته يخرج من مكتب المعلّمين، وخلفه فتاة أخرى تحدّثه عن شيء ما لم تستطِع التقاط فحواه.

لم يلاحظا لوجودها، وقد توقف هيڤ مديرًا ظهره، صابًا اهتمامه بمن كان واضحٌ همسها، وهي تنظر حولها كل ثلاث ثوانٍ تحاول التأكد من عدم استماعِ أحدٍ لهما.

تعمدت آنثيا التأفف بصوت عالٍ، لكن ذلك لم يمنحها سوى تحديقات غريبة من الطلّاب المارّين جوارها، وشعرت أنها قد أصبحت مجرد فزّاعة غير مرئية كي لا يلاحظاها.

الدماء احتقنت بعروقها تدريجيًا، وكل ما اجتاحها هو رغبة عارمة في جذب الفتاة من أذنيها بعيدًا عن الأبله الذي كانت أصوات تفاعُله ترتفع بين الفينة والأخرى.

"عمِّ يتحدثان كل هذا، أم هل يتعمّد تجاهُلي؟" صكت أسنانها. وحين أدركت أنها لن تملك الاجابةَ بوقوفها بمكانها أسرعت بالاستسلام لأوامرِ قدميها اللتان جعلتاها تصطدمُ بمنكب صاحبها وتقف أخيرًا جواره، لترمق الفتاة بشزر.

هيڤ ابتسم مربتًا على كتفها بخفة، ولسبب ما، دواخلها تقلّصت للشعور بيديه عليها. قبل أن تغمضَ عينيها متجاهلة ذلك وتستمع لصوته وهو يعرّفها باسم الفتاة الأخرى، والتي تبينت أنها من كانت شريكته في مشروعِ العلوم.

هي لم تهتم حقًا بحفظ اسمها أو سماع دُعاباتها عن المعلمين، وأخبرتها أنها على عجلة من أمرها وبحاجةٍ للتحدث مع الآخر في شيء ما. وفي آخر المطاف استأذنت الدخيلة ملوحةً لهما، وابتعدت وسط نظرات آنثيا الحارِقة.

وحالما أضحيا واقفيْن وحدهما، استدار نحوها الفتى، ليبدأ بالغناء بشكل فجائي

"من النظرة الأولى استطعتُ تمييزكِ، وكأننا ندعو بعضنا للآخر
اشاراتُ القدر التي مُنِحت لي، وأحلامي.. جميعها كان أنتِ.
منذ خلق الكون و حتى الآن، وعبر القرون اللانهائية
في الحياة السابقة وربما في التالية
سنكونُ معًا للأبد~"

ناقضته وهي تطوي بعض الأوراق في يدها، وتشغل نفسها عن النظر إليه قابضةً فكيها بتذكر ما جاءَت لأجله. فحط عبوسٌ على ملامحه عندما لم يجد ما أراد اهتمامها، وضمّ شفتيه ناظرًا لها بقلق "ماذا هناك؟".

"لديكَ صِدق ثعلب وعار خنزير" قالتها حالما وصلا للطابق الأرضي ووقفا أسفل شجرةِ الباحة الممتدة. فوسّع عينيه لتعليقها.

ناظرته بعتاب لم يدفعهِ سوى لِأن يزدردَ ما بجوفِه.. كان يعلم ألّن يستطيعَ اخفاء الأمرِ عنها بعد الآن، ليس بعد ما شهدتهُ الأسبوع الماضي.

رأيتُ هيڤنحيث تعيش القصص. اكتشف الآن