رأيتُ هيڤن

كالثلجِ في أغسطس

«حتى وإن لم أكن الروحَ التي ستحبها، أو الشخصَ الذي ستتخيّر انتظاره. اتركني مؤمنًا بأنّ هذا الحب قد وجد ملاذًا، في لحظةٍ نالك فيها بعضٌ من بكاءِ قلبي.»

جلست بالمقاعد بباحة المدرسة، جوار أوليفر وجوناثان اللذان لم يتوقفا عن الحديث ولو لثانية واحدة، يتساءلان عن سبب تغيب هيڤ. وبدا أنه لم يملك أيّ منهم اجابة.

وبقيت هي بانتظار ظهور كال؛ لتطمئن على الأقل أنّ المعنيّ معه بالمنزل. لكنّه أيضًا لم يحضر بعد.

"حاول الاتصال به، أين هو على كل حال؟ لقد أوشكت الحصة الأولى على البدءِ" نبس جوناثان وهو يستندُ بظاهر كفّه على ذقنه، فأومأ الآخر ليفعل ذلك. فيما راقبتهما بعين اهتمام، قبل أن تعود للتحديقِ بهاتفها طارقةً بأصابعها، تقلّب عينيها بقلق في انتظار رسالةٍ من مقصدِ اهتمامها.

[الجميع قلقٌ عليك، انتظرتك بالصباح عند المحطة.
ألن تحضر اليوم؟ هل كل شيء بخير؟]

[هيڤ مور لا تتجاهل رسائلي !]

كانت تمرر أناملها على الشاشة بعنفوان، ولم يلاحظها الآخران أثناء انهماكهما بالتحدث مع كال عبر الهاتف، في محاولة لاقناعه بالمجيء واخبارهم عمّا يحدث؛ بما أنه أكثر من يرتاد هيڤ منزله ويبقى معه لأيامٍ أحيانًا.

[هل سأصل إليكِ أسرع إن كنتُ ندفة ثلجٍ تحركها الرياح؟]

أخيرًا وصلها ردّه، لتزفر باستغراب وكادت أن تلقي الهاتف حنقًا.

[نحن في أغسطس، لا تتحامق. هل أنت بمنزل كال؟]

ظهرت اشارة استلامه، لكن مضت دقيقة دون رد، فهمهمت ورفعت قدميها عن الأرض تنتظِر اجابته. ثم مرت دقائق أُخَر ولم يرسل شيء، فقررت وضع حدٍ واتصلت عليه. وبعد انتظارٍ، سمعت صوت خشخشة من الجانب الآخر.

"هيڤ" نبست وهي لا تسمع سوى صوت تنفسه، دون أن ينطق بكلمته المعتادة حين يجيب عليها في بداية محادثاتهما.

"حلوتي" نبس مقاطعًا، بصوت مرتجف جعلها تنتفِض، لينظر لها الآخران بحيرة بعد أن وضع نامجون هاتفه جانبًا.

"هل أنتَ مع كال؟" سألت، وتزامنًا مع ذلك حرك جوناثان فمه بأن من تتحدث عنه أيضًا لا يعلم أين هوَ هيڤ.

مرت لحظة صمت مخيفة وهي تقلّب أفكارها. لم يكن هناك وقت لتعود لتطرق باب منزِله وتتأكد أنه هناك؛ لأنه لا يملك مكانًا آخر، لكن ما جعلها تتوجس كان أكثر ما تمنّت ألا يحدث، وهي تُسائله عنه

"هل.. عادَ للمنزل؟"

سمعت أنفاسه تتهدّج وكأنه على وشك البكاء، أو أنه يبكي فعلًا. فقضمت شفتيها حين أجاب أخيرًا