جزء 108

11.7K 103 23
                                    


ماعاد يسمع شيئا..

وهو يخرج راكضا.. يركض كما لو أنه يحترق والنار مازالت تشتعل في جسده..

وتذيب جلده بلهيبها..

قبل أن يتوقف على باب المستشفى وهو يركع على ركبتيه..

ويتقيأ ويتقيأ ويتقيأ..

يعلم أنه لن يبكي.. فمثله عاجز عن البكاء..!!

يتقيأ حسرته.. فلا تنتهي!!

يتقيأ وجعه.. فلا ينتهي!!

يتقيأ روحه... فلا يجدها!!

فروحه ذهبت معها..

وهو محض جسد لا روح فيه!!

رحلت دون أن يراها..

رحلت دون أن يخبرها كم يحبها..

رحلت دون أن يخبرها أن أنفاسها ما كانت تمده بعبق الحياة ومعناها!!

رحلت دون أن يقول لها أن الحياة بعدها لا تستحق أن تُعاش!!

رحلت وهو لم يشبع بعد من ضمها لصدره..

رحلت دون أن يخبرها كم من المخططات فكر فيها ليقوما بها سويا..

مخططات لم تكن الحياة كلها لتكفيها..

فلماذا رحلت قبل أن ينفذا شيئا منها حتى؟؟

كان مستمرا في التقيء.. والتقيء.. حتى بدأ يتقيأ دما..

دم قلبه.. شرايينه الممزقة!!

خلاياه التي تهاوت!!

" لو استطعت.. لتقيأت كبريائي الذي حال بيني وبينك!!

لو استطعت.. لتقيأت قسوتي التي أبعدتكِ عني!!

لو استعت.. لتقيأت الحياة كلها التي ماعاد لها معنى بعدك!!

كنت أعلم أنكِ نعمة أكثر مما أستحق..

رجل بقسوتي وسواد قلبي.. لا يستحق معجزة مثلكِ!!

أعلم أني لا أستحق أن تبقي من أجلي..

لكن لماذا ترحلين وتتركين صغيرنا يتيما؟؟

لا تبقي من أجلي.. ابقي من أجله.. من أجله هو!!

فأي تربية سأربيه أنا؟؟

وأنا رجل أثخنتني الجراح وقسوة التجارب..

كنت للتو بدأت أعالج جراحي من أجلكِ..

فإذا بك تطعنيني بالجرح الذي لن يُشفى

جراحي بعدكِ لا شفاء لها..

لا شفاء لها!!! "

أسرع نحوه المسعفون يريدون إسعافه.. انتزع نفسه منهم بقسوة..

بين الامس واليومWhere stories live. Discover now