جزء 1

47.6K 332 60
                                    


دروب هذه الحياة المتشابكة والمتعرجة
فوضى الأفعال والكلمات
ثــم.. طريق اللا رجوع!!!

قد تتصرف تصرفا ما.. ثم لا تستطيع التراجع عنه أو رأب صدعه
أو قد تتفوه بكلمة ما.. ثم لا تستطيع درء أوجاعها وكبت سمومها

فانتبه للقلوب التي ستطأها بقدمي أفعالك أو حروفك
فالسنوات ستمر.. وستبقى أنت وماصدر عنك من قول أو فعل مشنوقين
بين ماض لم ينته.. وحاضر مضطرب.. ومستقبل مجهول
فهل أنت مستعد لكل هذا؟!!!

قبل أربع سنوات...

"تكفى يبه.. تكفى..
طالبك طلبة.. طالبك ماتخليها تدخل ذا الكلية"

نبرة باردة صارمة تفيض صقيعا مدروسا: أظني إني عادني حي.. وشورها في يدي
وأنا قلت لها إذا جابت ذا النسبة .. بأخليها تدخل اللي هي تبي

ينهار على ركبتيه..وينكب على يد والده يقبلها.. ويهمس باستجداء موجع.. موجع حتى عنان السماء..
موجع حتى نهايات الوجع الموغلة في اليأس والألم والتشبث بمعاني رجولته البدوية الغالية:
تكفى يبه لا تخليها تفضحنا.. تكفى..
والله ماعاد أطلب منك شيء في عمري كله
بس لا تردني.. تكفى.. تكفى
طالبك يبه.. طالبك طلبة
يبه تكفى.. ما تهمك سمعتنا بين الناس؟!!

والده ينتزع يده بحدة وهو يحترق ألما لهذا الجاثي المبعثر عند قدميه.. يود أن ينتزعه من الأرض ليزرعه بين النجوم.. أن يمحي نظرة الإنكسار الذابحة في عينيه فهو الذي علمه ألا ينكسر ولا ينحني ولا يتردد..
تركه جاثيا في مكانه وابتعد عنه ليهمس بثقة صارمة.. مرعبة.. نبرة من لا يهمه في الحياة سوى قناعاته هو:
أنا ما يهمني حد
وهي بتدخل اللي تبي
ولا حدن بقاهرها وأنا رأسي يشم الهوا

كسره..
كَــسَــرَه..
كَــــــــسَــــرَه!!
كان الشرخ الأول.. والأضخم بينهما!!
كان حدثا فارقا بين أحداث فارقة مرت.. وأحداث فارقة أخرى ستمر!!
ولكنه كان وجعا صِرفا صافيا لكليهما
وإن صرّح أحدهما بوجعه حتى البكاء
وأنكره الآخر حتى النسيان!!!

************************

قبل واحد ثلاثين عاما
عالم غير العالم
ودنيا غير الدنيا
وبشر غير البشر

بين الامس واليومWhere stories live. Discover now