||الفصل السادس و العشرون||

Start from the beginning
                                    

لقاء إرورا بليوناردو بعد مرور تلك الفترة الطويلة قد صدمها كثيرًا، فلم تكن تتوقع أنها ستلتقي به في مثل هذه الظروف كما أنها لم تكن تعرف سبب حزنه الشديد على وفاة فيوليت، أتراه يعرفها؟ ولكنها كانت في كوكب الأرض حسبما فهمت، وقد أخبرها توماس أنه هو من عرف أنها هي وفيوليت ابنتا جنيفر ابنة الملكة فيكتوريا وهو من ساعده على تخطيط إنقاذها من بين يدي فيكتوريا، ما الذي جعله يفعل كل هذا؟

كان ألبرت يجلس إلى جانب ليوناردو في إحدى زوايا المجلس الكبير وقد أمسك ألبرت سيجارته وهم بالتدخين، فقد بات يدخن كثيرًا في الأيام السابقة. طالعه ليوناردو وهو ينفث دخان السيجارة ثم مد يده نحو علبة السجائر فالتقطها ليخرج منها سيجارة وقد هم باستخدام القداحة لإشعالها، لكن ألبرت سحبها من بين شفتيها بسرعة ليقول بامتعاض شديد وبلهجة حادة:

«ما الذي تفعله؟ أتضع هذا السم بين شفتيك؟»

نظر ليوناردو نحوه ساخرًا بنظرات ازدراء أول مرة يراها في عينيه منذ أن قابله وأجابه:

«وأنت، ماذا تفعل؟ ثم ألست أنت من قدمت لي هذا السم عندما قابلتني؟»

تغيرت ملامح ألبرت إلى أخرى هادئة وحزينة ثم قال:

«لا أريدك أن تكون مثلي أو أن تصبح مثلي، لا أريدك أن تكون ذلك الشخص الذي كسرته الأحزان فبدأ يسمح لها أن تفتك بروحه وجسده. أنت لست مثلي ولا أريدك أن تكون مثلي ضعيفًا أمام آلامك، لقد كنت أقدمها لك لأنني كنت واثقًا بك وبقوتك، كنت الشخص الذي تمنيت أن أكونه». صمت قليلًا ثم أتبع وهو يضغط على السيجارة ليطفئها داخل الصحن الزجاجي: «عندما ماتت شقيقتي وعائلتها فعلت مثلما تفعل الآن، دفنت نفسي داخل الأحزان والآلام سنوات طويلة. استمررت بتعذيب نفسي ولومها على ما لا تطيق وما لا ذنب لها به أبدًا، ولكنني في النهاية انتقمت من نفسي أكثر مما انتقمت من أي شخص في هذه الحياة، وأنا نادم الآن لأنني حملت نفسي ما لم تطِقه دون فائدة، لم يكن ما فعلته ليعيد أي شيء خسرته، هل تريد أن تكون مثلي؟»

ولكن ليوناردو تجاهل كل ما قاله وعاد ليمد يده نحو علبة السجائر، فأمسك ألبرت يده وأحكم القبضة حولها من فوره، ثم نظر نحو عينيه مباشرةً ليعيد سؤاله الأخير من جديد. بقي ليوناردو متجمدًا ولم يأتِ بأي حركة واستمر بتجاهل ما يقوله والإعراض عن الإجابة.

استمر ألبرت بالتحديق به ثم أمسكه من كتفيه وبدأ يهزه بجنون وهو يصيح بعصبية:

«استيقظ من غفلتك، لا تكن مثلي، لا أريد رؤية نسخة أخرى مني! خاصة أنت!»

خرج ليوناردو عن صمته ليبعد كلتا يدي ألبرت عنه بانزعاج ثم قال بحدة شديدة:

«لا شأن لك، لا شأن لأحد، أنا من أقرر كيف سأصبح وليس أنت». ابتسم بجنون وهو يقول:

بعيداً عن الأرض✔️Where stories live. Discover now