||الفصل السادس و العشرون||

545 42 5
                                    

لقد مرت ثلاثة أيام عصيبة بعد وفاة فيوليت. كان الهدوء الذي حل على القصر لا يشبه أي هدوء قبله، حتى حجارة القصر بدت باهتة وحزينة بسبب تلك الحادثة الأليمة. لم يكن لسلطة فيكتوريا وجودٌ حتى، فلقد بدأت بتجهيز مراكب المغادرة بهدوء تام بعيدًا عن القصر. لم تبد فيكتوريا للجميع وكأنها غير مهتمة، فقد شعر البعض بالوجوم الذي أصابها وبهدوء جبروتها بعد سماعها الخبر، ولكن رغم كل هذا كان العالم حولهم خارج القصر مزدحمًا بالتحضيرات للمغادرة. كانت الجيوش المؤلفة من مئات الرجال تستعد للرحيل برحالها وأسلحتها، إنها دلائل الحرب، حرب جديدة أثارت الرعب في نفوس مواطني كوكب جليزا الذين بدأوا يحزمون أمتعتهم تبعًا لأوامر فيكتوريا ووعودها بتوفير حياة هادئة أفضل، وكما استمر أملهم بها سنوات طويلة باتوا الآن أيضًا يحلمون أن توفر لهم السلام والاستقرار الدائم.

تجمع كل من ليوناردو، ألبرت، وليم، إرورا، توماس في إحدى مجالس القصر. باتوا يجتمعون كثيرًا في الآونة الأخيرة دون أن يتحدثوا جمعيًا معًا أبدًا، ولكنهم كانوا نوعًا ما يتشاركون الحزن نفسه ورغبتهم بالابتعاد عن فيكتوريا تمامًا. الوحيد الذي كان باستطاعة فيكتوريا المطالبة به هو توماس كونه ينتمي إلى حراسها، ولكنها لم تجرؤعلى المطالبة به حتى لا تزيد من المشاكل بينها وبين ابنتها خاصةً أنها لاحظت التصاقه بإرورا. كان ألبرت أكثر شخص يرفض بقاءه على هذا الحال خاصةً أن لديه القوة والسلطة الكافيين لأن يلعب جزءًا مهمًّا في الصراع القادم، لكن حالة ليوناردو ورغبته بالبقاء إلى جانبه كانت أقوى رغم استيائه من اندماجه مع تلك الحالة البائسة. كانت حالة ليوناردو مزريةً حقًّا، يقضي معظم وقته يحدق بالفراغ دون أن يتكلم أو يأكل شيئًا، كان ألبرت يضطر إلى إجباره على الأكل. لم تكن حالته تنمّ على أنه واعٍ لما يحدث حوله وهذا ما لم يرده ألبرت أبدًا، اعتقد دومًا أن ليوناردو سيبقى صامدًا وقويًّا لا يهزمه ضعفه أو حزنه. لم يرغب أن يرى فيه ضعفه في شبابه، أراده أن يبقى كما عهده دومًا.

كان وليم الشاب الأصغر في العمر يحاول أن يساعد والدته على تجاوز ألمها وإخراجها من غرفتها المظلمة التي حبست نفسها بها، لم يكن هو نفسه متأثرًا بدرجة كبيرة بوفاة شقيقته؛ فهو لم يعرفها إلا في ساعاتها الأخيرة وقد تمنى حقًّا لو أنه لم يعرفها. قال لألبرت مرةً عندما كانا يتناقشان عن الحزن الشديد الذي حل على والدته أنه لم يرغب أبدًا أن تظهر شقيقتاه الآن، خاصةً بعد أن تأقلمت والدته جزئيًا على وفاتهما فلم يكن هذا سهلًا أبدًا.

إرورا كانت في حالة صدمة وحزن أيضًا، فلا تعرف حقًّا لماذا ترك موت فيوليت أثرًا عميقًا جدًّا داخلها وكأنها فقدت جزءًا لا يتجزأ من نفسها. كانت تشعر بأن خسارتها كبيرة جدًا، بأنها فقدت شيئًا مهمًا جدًّا في حياتها وهذا ما جعلها مكتئبة طوال الأيام الماضية. كان توماس يراها في تلك الحالة أول مرة، كأن حزنًا عميقًا أصابها مع وفاة شقيقتها التوأم. لم يكن يتخيل يومًا أن تكون إرورا تنحدر من العائلة الملكية في كوكب جليزا، كان هذا أشبه بحلم ولكن لم تستطع إرورا أن تحصل على السعادة على أي حال. أكثر ما كان من صالح توماس فيما حصل هو أن إرورا لم تجد الفرصة لتعاتبه، بل باتت تتعامل معه كأن شيئًا لم يكن.

بعيداً عن الأرض✔️حيث تعيش القصص. اكتشف الآن