||الفصل الخامس و العشرون||

567 45 16
                                    

كان ليوناردو يجلس على الأرضية الحجرية خشنة الملمس والتي كانت الأوساخ قد تجمعت في أطرافها، أدرك أنه أكثر مكان قذر في قصر فيكتوريا الفخم بأسره بالتأكيد، كيف لا؟ وقد كان كل تفصيل في قصرها مصنوع ومزخرف بكل فخامة. ومن يكترث بتزيين مكان يوضع فيه المسجونون والمتمردون وكل من يعصي جلالة الملكة فيكتوريا بشيء ما؟ لم يكن يعي ذلك الجدال الطويل الذي يجري خارجًا، فلم يكن عقله قادرًا على التركيز أكثر، شعر أنه على شفا حفرة من الجنون.

كان الحزن يفتك بقلبه والضيق لا يفارقه. لم يكن قادرًا على النسيان خاصة بعد الجدال الذي حصل بينه وبين ألبرت عندما جاءه إلى هنا. أخبره عندئذ أنه ليس بمقدوره فعل شيء الآن سوى أن يعده بأنه لن يسمح لأحد أن يؤذيه قبل أن يتخلص منه، ولكن ألبرت لم يكن يعلم في الحقيقة أن ما يعانيه ليوناردو هو أكبر أذى وأكبر من أي أذى. لم يكن باستطاعة ألبرت معرفة أي شيء عما حصل لفيوليت، كانت أخبارها مجهولة وقد وعده ألبرت أن يضغط على فيكتوريا أكثر حال عودتها من كوكب كيبلر. لم يكن هناك شيء يستطيع إيقاظه مما هو فيه سوى تلك الجملة التي سمعها من الجدال الذي يدور بالقرب من زنزانته.

«يجب أن تقبلي الاستماع إلي، أنت لا تعلمين ماذا حدث وماذا سيحدث. فيكتوريا تريدك لإكمال خطتها، كانت تبحث عن الشقيقة التوأم للفتاة التي أجرت عليها تجاربها الخاصة، لقد أتت بها من كوكب الأرض، هل لك أن تتخيلي ذلك؟»

لم تتوقف تلك الجملة عن التردد في عقل ليوناردو حتى بعد أن حل صمت طويل. كانت حقيقة مجيئها من كوكب الأرض كفيلٌ جدًّا بجعله يدرك هويتها.

«ما هذا الهراء الذي تقوله؟ أنت تعرف جيدًا حقيقتي وتقول لي «شقيقتك التوأم» هل تريد أن تستدرجني بالكذب؟»

كان صوت الفتاة مألوفًا لليوناردو ولكن ذاكرته لم تسعفه للتذكر، لقد كانت صامتة طيلة الفترة السابق عندما كان الشاب مسترسلًا بالحديث معها -أو بمعنى أصح، ترجيها واستدراجها للحديث معه- حتى ظن لحظة أنه مجنونٌ يكلم نفسه.

«لقد تأذت تلك الفتاة يا إرورا ولا وقت للمكابرة، دعينا نضع خطةً لمساعدتك على الخروج من هنا قبل أن تحل الكارثة.»

ارتجفت أوصال ليوناردو وتسارعت ضربات قلبه وهو يستمع لما قيل وقد تحطم كل شيء في داخله، كان يشعر أنه قد تأخر كثيرًا. كان يشعر منذ البداية أن شعور الندم والحسرة سيلازمانه طيلة حياته.

«لا أريد منك شيئًا، وكل ما أريده بكل صدق هو ألا أرى وجهك ثانية أو حتى أن أتذكر أنني عرفتك من قبل، أنا أكرهك توماس، هل سمعت؟ أنا أكرهك.»

بعيداً عن الأرض✔️حيث تعيش القصص. اكتشف الآن