|| الفصل السادس ||

1K 98 63
                                    

استيقظت مادلين بعد أن تسللت خيوط الشمس المشرقة من النوافذ لتداعب عينيها وتعطي لمعةً مميزة لخصلات شعرها ذات اللون الأسود الحالك. حركت جسدها الذي تخشب جراء نومها على أريكة الصالة الصغيرة ولكنها استغربت وجود غطاء صوفي دافئ على جسدها. لقد كانت تشعر فعلًا بالبرد فترة من الليل لكنها  لم تشعر بشيء بعدئذٍ، لم تستوعب بدايةً أين هي فلقد اعتادت على غرفتها المظلمة أو على الأصح تلك الغرفة التي لم ترها سوى في الظلام. الوهلة الأولى ظنت بأنها تحلم بأيام طفولتها عندما كانت تستيقظ على ضوء الشمس حينئذٍ كانت فقط تمرح دون أن تعي أي شيءٍ حولها. تذكرت والدتها التي كانت تستيقظ مبكرًا لتلحق ببقية النساء نحو الحقول فكل شخصٍ على هذا الكوكب مجبرٌ على العمل فكما تقول فيكتوريا الكوكب بحاجةٍ  لمن يعمره ويبنيه ولكن لماذا قضوا قرونًا عديدة وهم يبنونه؟ ما الفائدة ما داموا سيغادرونه في كل الأحوال؟ إنه سخفٌ حقًا. سخفُ أن تقضي حياتها دون والدها الذي توفي بسبب إحدى عمليات الوصول إلى الأرض بناءً على أوامر فيكتوريا، وسخفٌ أن تفقد أختها بعد أن أبعدت إلى كوكب كيبلر، لماذا عليهم أن يعانوا؟ ومن أجل ماذا؟ هذا ما لم تستطع مادلين استيعابه حقًا. أفاقت من بحر الذكريات ذلك ونهضت لتتوجه إلى الحمام فوقعت عيناها على باب الغرفة المفتوح، إنها الغرفة التي قضى جون ليلته بها لا بد أنه خرج. خطت داخل الغرفة بخطوات مترددة، كانت غرفة صغيرة وبسيطة ولكن مرتبة بسرير خشبي وخزانة متوسطة الحجم. اقتربت من المكتب تتفحصه، أوراقٌ منظمة وأقلام بشتى الألوان لا بد بأنه يحب القرطاسيات فهي توجد في كل مكان على مكتبه بطريقة مبالغ فيها فشخص عملي لن يهتم بوجود كل هذا. لفتت انتباهها إطارات الصور المصفوفة، جلست على الكرسي أمام المكتب ثم تناولت إحدى الصور. كانت صورة لثلاثة أطفال يبدو أنهم في سن الثامنة أو نحو ذلك، كانوا يقفون أمام بيت ذي طرازٍ جميل وأنيق لم تر له مثيلًا على كوكب جليزا وكانت ابتسامة كبيرة بريئة تعلو ثغرهم. فتيان وفتاة واحدة، ترى من هم؟ أعادت الصورة وحملت غيرها. أمعنت النظر للتأكيد من ملامح الشابين لكنها لم تطل الـتأمّل كثيرًا فقد عرفت من هما. كان إدوارد يضع ذراعه على كتف جون وابتسامة مرحة تعلو وجهيهما وبجانبهم تقف فتاة بملامح جميلة وجذابة والتي لم تستطع التعرف على هويتها. 

«يبدو أنك فضولية جدًا».

أفزعها دخوله المفاجئ عليها حتى أفلتت إطار الصورة من بين يديها ليسقط على المكتب ثم قالت متلعثمة بسبب ذلك الموقف المحرج الذي وقعت به: «لقد أفزعتني».

رفع حاجبيه بسخرية ثم قال: «لا يفزع إلا من يعرف بأنه يرتكب خطأً». 

اكفهر وجه مادلين بعدما استوعبت وجودها في غرفته ثم قالت معتذرةً: 

- «أنا آسفة من تصرفي غير اللائق، أعتذر حقًا».
- «هل تجدين سهولة لهذه الدرجة بالاعتذار؟».
حملقت مادلين به مستغربةً من سؤاله ربما يحاول افتعال مشكلة جديدة معها ولكنها اكتفت منذ الأمس فلقد أصبح الأمر مملًا. لاحظت الهالات السوداء تحت عينيه ووجهه المرهق لا بد أنه قضى ليلة صعبة مما جعلها تعذره على تصرفه.

بعيداً عن الأرض✔️حيث تعيش القصص. اكتشف الآن