||الفصل العشرون||

532 49 22
                                    

المكان: كوكب الأرض

لقد مضى أسبوعٌ على تلك المشاجرة وقد انتهى الأمر عند تلك النقطة. جلس ليوناردو في مقهى الجامعة وأمامه كتاب قد استعاره من مكتبة الجامعة، لا يعرف حقًّا بماذا كان يفكر عندما استعاره، هو يمضي وقته الشاغر يتسكع في المكتبة ربما لشعوره بالفراغ أو لرغبته بإيجاده شيء يبحث عنه في عنوان الكتاب. كان الكتاب يتحدث عن كيفية الوصول إلى الأحلام وتحقيقها، وبالفعل كان كل ما يدور في رأسه في تلك اللحظة هو هدفه وكيف سيسلك الطريق لتحقيقه، فرغم مرور أسبوع كامل لم يقطع حتى خطوة واحدة، ربما كان عليه أن يعرف منذ البداية أنه شخص انطوائي يستحيل عليه الاندماج في أي بيئة كانت خاصةً إن كانت بذاك التعقيد، فمَ عساه يفعل؟ إضافةً إلى كل هذا، هناك إزعاج فيكتوريا إياه عبر إرسال رسائل ومقاطع صوتية عبر الجهاز الذي أعطته إياه، تود بها معرفة ما استطاع إنجازه حتى الآن خصوصًا بعد مرور ثلاثة أسابيع على وصوله إلى كوكب الأرض، لكنه كان في كل مرة يخبرها أن‏ه ينتظر الفرصة المناسبة ولكن فيكتوريا لن تتقبل ذلك العذر طويلًا، خصوصًا أنها هددته بوالدته في المرة الأخيرة وقد بدأ شعوره بالاضطراب والتوتر يزدادان. لم يكن حقيقة يقرأ شيئًا من الكتاب الذي فتحه أمامه، بل كان يتخذه سبيلًا للابتعاد عن أنظار من حوله أو الدخول في حالة من الشرود دون أن يلفت إليه الأنظار. كان بحاجة لأن يجد حلًا، لكن كيف يفعل ذلك وهو لا يستطيع بدء علاقة مع أي شخص هنا؟ إنه لأمر صعبٌ جدًّا‏ أكثر مما تخيل وخصوصًا بعد أن عرف من هي فيوليت بسماعه من يناديها، وقد سبق أن عرف أنها شقيقة دانيل. لمح مجموعة دانيل يشقون طريقهم إلى إحدى الطاولات وقد فصلتهم طاولة واحدة فقط عنه.

«أخيرًا قد نُسّقت تلك الرحلة بعد طول انتظار!»

سمع صوت إحدى الفتيات وهي تقول جملتها قبل أن يسمع صوت كراسي الطاولة تتحرك وقد حملت نبرة صوتها شيئًا من الحماس. لقد سمع اليوم عن موضوع الرحلة تلك التي نسقتها الجامعة للأسبوع القادم، وسمع أيضًا أنهم سيتجهون إلى أكبر مدينة ترفيهية قد انتهى بناؤها مؤخّرًا بطلب من طلاب الجامعة أنفسهم، كان الكل متحمسًا لقدوم موعد الرحلة الجامعية. تبعد وجهتهم عن الجامعة حوالي ستين كيلومترًا وقد بدأ جميع من معه في المحاضرة بالتخطيط لما سيفعلونه يومئذ، ورغم عدم معرفته لشيء عن مدينة الترفيه إلا أنه استطاع الفهم من خلال أحاديثهم الكثيرة أن‏ه مكان للهو واللعب. استغرب حماسهم الشديد وهم في هذا العمر، فهو يعرف أن الألعاب للأطفال ولم يسبق له رؤية شباب في هذا العمر يرغبون باللعب، ولعل سكان سكان الأرض يقضون أوقاتهم يلعبون ويلهون حينما كان يقضي معظم أوقاته في التدريب، وكان بعض زملائه يلهون بالمبارزات وتحديات الصيد وأقواس الرماية، لكنه لم يكن يشعر بوجود نفسه في هذا العالم وكأنه في اللاوجود، حيث لا يكون هناك سوى بقايا الماضي. لا يعرف حقًّا ما الذي جعله يعيش في الماضي متناسيًا حاضره معتكفًا دومًا وممتنعًا عن الاستمتاع بوقته، ربما شعوره بالذنب تجاه والدته واعتقاده أن‏ه من العار عليه الاستمتاع ووالدته تعاني؛ كان يشعر بالمسؤولية اتجاهها. لم يكن يستمع إلى ما يقولونه وما يسردونه من أحاديث مهمة؛ فقد عاد ليغرق في أفكاره من جديد. وقعت عيناه على ساعة يده ليكتشف أن موعد المحاضرة قد اقترب وبأن عليه مغادرة المقهى حالًا.

بعيداً عن الأرض✔️حيث تعيش القصص. اكتشف الآن