||الفصل السادس عشر||

ابدأ من البداية
                                    

احتدت نظرات ألفريد أكثر واتسعت عيناه وهو يستمع إلى دانيل ثم قال محاولًا كبح غضبه:

«ومن قال لك هذا الكلام؟».

«هي من قالت لي، هي تعرف كل شيء».

لم يشأ ألفريد أن يقول أنها ليست ابنة ساندرا؛ فهو لا يعرف ما سيقوده جنون دانيل إليه فالتزم الصمت وقال بحزم شديد:

«ستبتعد عنها على أي حال ولن تقترب منها أكثر من هذا وأحذرك من الحديث عن هذه الحقيقة حتى يحين الوقت المناسب».

انتفض دانيل من مكانه وصرخ بثورة عارمة:

«هي شقيقتي وسأقترب منها ولن أسمح لا لك ولا لغيرك بأن يمسها بسوء وسترى ذلك».

وما إن أنهى جملته التي جعلت والده يتجمد في مكانه وهو يرى جنون ابنه وحنقه الشديد اتجه نحو الباب بخطوات سريعة حتى كاد يحطم الأرضية الخشبية بخطواته ولكن والده قاطع رحيله بمناداته:

«دانيل أنت تسيء الأدب كثيرًا لا تجعلني». ولكنه لم ينتظر حتى يكمل والده جملته المهددة تلك فاتجه نحو الباب وصفعه بقوة وهو يخرج حتى كاد يحطمه.

تنهد ألفريد بغضب وتمتم لنفسه قائلًا:

«هأنا أواجه مشكلةً جديدة، ماذا فعلتِ بي يا ساندرا؟».

****************************

نهض ليوناردو من سريره عندما شعر بأشعة الشمس التي تسربت من أطراف الستائر الرمادية. كانت الغرفة التي قضى فيها ليلته هذه المرة تختلف كثيرًا عن الغرفة في قصر فيكتوريا الفخم. كانت غرفةً صغيرةً جدًا لا تتسع سوى للسرير ومساحةٍ صغيرة أمامه ولكنه على أي حال لا يهتم مطلقًا لتلك التفاصيل بقدر ما يهتم لما يشعر به فهو يشعر بالارتياح هنا أكثر بكثير. استطاع أن يشعر بالراحة نحو ألبرت بوقتٍ قصيرٍ جدًا. خرج من غرفته فقابل أشعة الشمس التي أضاءت المكان بأكمله ولكن ألبرت لم يكن موجودًا، تقدم نحو غرفة الجلوس ثم نظر إلى يساره ليجد الباب الزجاجي مفتوحًا. نظر إلى ألبرت الذي كان يجلس خارجًا ووجهه مقابلُ للأشجار التي تحف الحديقة الخارجية للمنزل. راقب شعره البني الفاتح الذي بدى ذهبيًا تحت أشعة الشمس الساطعة وقد لاحظ دخان السجائر المحيط به. نزل الدرجة الفاصلة بين المنزل وواجهة الحديقة الخارجية ثم اتجه نحو ألبرت الذي كان مسترسلًا بالتحديق بالمزروعات التي تحف السور من الداخل بينما حمل السيجارة بين أصابعه والكوب في اليد الأخرى. تقدم نحوه ثم قال:

«هل تسمح لي بمشاركتك الجلوس؟».

تجاهله لحظات وهو يعيد السيجارة إلى فمه ثم نفث دخانها وارتشف قليلًا من فنجان قهوته. انحنى إلى الأمام ثم ضغط على السيجارة في صحن فنجان قهوته وما إن انتهى حتى نهض من مكانه عائدًا إلى الداخل. ظن ليوناردو لحظة أنه قد تجاهله وغادر ولكنه عاد يحمل كرسيًا خشبيًا ووضعه أمامه ثم عاد حيث يجلس. أمسك ابريق القهوة الفضي ثم سكب القليل في الفنجان وقدمه لليوناردو. لم يكن ليوناردو يحب القهوة أبدًا حتى في أيام التدريب المكثف في كوكب كيبلر لم يكن يشارك زملائه في شربها قبل بدء يومٍ شاق. فتح ألبرت علبة سجائره وأخرج واحدة أخرى ثم وضعها بين شفتيه، قرب العلبة نحو ليوناردو فعبر هو عن رفضه بأخذ واحدة. أشعل ألبرت السيجارة ثم قال وهو يبتسم:

بعيداً عن الأرض✔️حيث تعيش القصص. اكتشف الآن