9-سوف انتظركِ

53 0 0
                                    

وصلت الى محطّة القطار... لوحدي .. كانت السّماء تثلج و البرد قارصًا ... لم اعد اتحمل هذا البرد المخيف الذي كان يجمّد قلبي بلطف ... و رويدًا ...
رائحة الوقود التي كانت تجتاح المكان و المحطة التي كان الناس بها يتلاقون و يودّعون بعضهم البعض جعلتني اشعر بالوحدة عن رغم تواجد الكثير و تواجد حِسٍّ مميز بها يدعوك الى الفرح و النشاط ... ولكن كل هذا كان يؤثر عليّا عكسًا لأنه لم يكن احد برفقتي ليصاحبني ... أخر مرة كان معي بها احدهم خسرته من بين يداي بسهولة و بثانية واحدة فقط ... تلك الثانية غيّرت حياتي كليّا .
كان المكان يعجّ بالناس ... الكثير منهم راجعٌ الى بيته ... و الكثير منهم ينتظر ... بينما لاحظت تمييزًا بالهواء الذي كان مليئا بالمحادثات ... بعضها تتساءل و الأخرى تتجاوب الهواء الذي كانت تتخلله رائحة مغايرة رائحة المدينة الذي كانت السّماء بها تثلج هواء من شدّة برودته تحسبه نقيًّا عن الرغم انه ملوّث
 ... كانت احذية الجميع مبللة بالثلوج ... بيضاء لا يزال الثلج ملتسقًا بها يأبه ان يذوب عنها ... من شدّة البرد الذي كان يحفزه على عدم الذوابان .
ركبت بالقطار بعد انتظاره مطوّلاً ... كنت وحيدًا قلقًا بعض الشيء و كان قد تأخّر من قبل .
.. روحي اصبحت غير صبورة ... لا انفكّ عن مقاومتها ... تريد النزول عن المركبة الرجوع الى تلك المصيبة التي قمت بها ... اقاومها ... حتى اجدها قد هدأت قليلاً ... لأن القطار قد تحرّك و غادر المحطّة ... فجأة بعدما غادرت المحطّة بدأت المنازل تتناقص و تصبح نادرة بالمنظر الذي يظهر لي .
كلّ محطة يقف عندها القطار كانت بالنسبة لي جِدّ بعيدة عن الاخرى... حيث كان يقف القطار ... لمدة شبه ابديّة... .
عندما اتأمل المناظر التّي تقابلني من نافذة المركبة ... اراها جزئيًّا مظلمة عن الرغم ان الثلج ابيض و يغمر كل الأماكن و لكن لا ... كان الظلام سائدًا ... ضلام قلبي و شدّة حزني اثّرت على رؤيتي ...
 منظر لم ارى مثله من قبل في حياتي ...
الزمن كان يسابقني ...ووضع نفسه ضدّي.. لم يكن يتحرك ... فقط توقف عن الحراك ... كان الزمن يشعرني بكل لحظة تمر....كل لحظة تمرّ كانت بشدة المرارة ... كانت تمرّ ببطء شديد ...
 توقف الزمن ...
 راودني وجع ببطني من الجوع.. .
كلّ هذا زاد من وِسَع الوحدة التي اشعر بها .
ربما ... أمل قد قلقت عليّا بسبب مغادرتي المفاجئة ... هذا إذْ تذكرتني حتّى... و لكنني سوف انتظرها الى الأبد حتى تسترجعني ..
ذاك اليوم ... اليوم الذي كلمتني فيه و حادثتني بالمكالمة الهاتفية ... لم اشعرها بالأمان و لكني ذهبت اليها راكِضًا طامعًا لرؤيتها ... كل ما كان عليّ فعله هو اللّحاق بالمحطة التي ذكرتها لها.
لم اشعرها انها كانت اكثر من غير محضوضة ... أكثر منّي...
منذ  اليوم لن اراها ... و لن اسمع صوتها حتّى ... طبعًا كلّ هذا من اجل صحتها ... و سلامتها ... من اجل حبّنا و حياتها ...
... الآن القطار لا يزال واقفًا لثلاث ساعات اخرى ... بوسط الخلاء ... كان المنظر الذي يقابلني بنافذة القطار بعد مجاراة 5 كلومترات عن المنظر السّابق مخيفًا ... يترجم كل جزء بقلبي حاليّا ...
كلّ دقيقة كانت تظهر بالنسبة لي ... ابديّة ...
شددت على اسناني ببعضها البعض ... لم اتحمل ما فعلت بها او حتى ما جرى ... الذكريات تسترجع بعضها و لم اتحمّل كل هذا ...
كنت احاول جاهدًا مجاراة كل هذا و مقاومته ... بدون ان انفجر بكاءًا ....
اتمنّى فقط انكي رجعتِ آمنة يا أمل الى المنزل ...
سوف" انتظرك "

My words - كلماتي Where stories live. Discover now