بنطاله الجينز و الذي لا يفارق جيبه أبدا .... ثم أخذ نفسا عميقا و فتح الباب ....


في وقفتها التي لا غيرها يسلي و حدتها و حجزها الانفرادي .... وقفت حنين مكتفة ذراعيها وهي تستند بكتفها الى إطار الشرفة المفتوحة ... و تميل برأسها لترتاح بها على الإطار الخشبي , تناجي البحر أمامها و تحاول أن تتعرف اليه و تخبره عن بحرها الذي تربت فوق رماله .... تحاول أن تملأ تلك الساعات المرعبة الباردة التي تعيشها ... و تحاول الا تفكر في الخطوة التالية ....سمعت الصوت المعتاد للمفتاح ... و قفز قلبها و انتفض مع الصوت الذي حفظته جيدا , فالتفتت سريعا لتكون مستعدة للمواجهة ....لكنها لم تكن مستعدة لمنظره وهو يقف أمامها .. بنطاله الجينز القديم .. حافي القدمين ... عاري الصدر تماما و قد بدت عضلاته قوية بشكلٍ مخيف .... بينما وجهه غامض و عيناه غاضبتانِ من شيءٍ ما .....انكمشت على نفسها وهي تتراجع حتى ارتطمت بزجاج نافذة الشرفة من خلفها ....ثم أبعدت نظراتها عنه بخجلٍ وخوف ....اقترب جاسر منها ببطءٍ كفهدٍ يقترب بحذر استعدادا لاقتناص فريسته .... توقف للحظاتٍ وهو ينظر الى صينية الطعام الموضوعة على الطاولة و التي لم تمس .....ثم نظر اليها وهو يعاود الاقتراب منها بخفةٍ ... وهو يقول بصوتٍ عميقٍ غريب ....( لماذا لم تأكلي ؟ ..... هل ستضربين عن الطعام ؟ ....... )لم تنظر اليه و التزمت النظر بعيدا عن منظره المخيف .... بينما قلبها يدق بخوفٍ كل مرةٍ دخل غرفتهاكانت كالمحكومِ عليه بالإعدام ... تنتظر ساعة بعد ساعة مصيرها المظلم معه .... لكن حتى الآن كل مرةٍ كان يجلب لها شيئا و يقف لتكلم معها قليلا و ربما مع نفسه ... فهي تجيبه بتقتير ...و دائما ما ترفض النظر اليه بطريقةٍ تثير جنونه ... وكأنها تلتزم معه السلبية التي فرضها عليها يوما تجاه كل حياتها منذ أن عرفته ......وصل اليها ,و توقف قليلا ..قبل أن يرفع أصابعه و يمررها على وجنتها بخفةٍ وهو يقول بصوتٍ أجشٍ خافت ..... غامض .... غامض ......( لقد شحب وجهك للغاية ......... )أبعدت وجهها عن أصابعه بقوةٍ .... ثم همستٍ بعنفٍ مكبوت( و ياليتني أموت ......... )أمسك بذقنها بين قبضته القوية و هو يشدد عليها ليقول بصوتٍ خافت أرسل رعشة في أوصالها( لا تجلبي سيرة الموت مرة أخرى .......... )أبعدت عينيها الرافضتين عنه ... لكنها شعرت به يقترب أكثر و أكثر ... الى أن لامسها بهيكله الضخم ....حينها اخذ صدرها يعلو يهبط بسرعةٍ خرافية جعلت من عملية بسيطة كالتنفس أمرا مهلكا و مؤلما للغاية .....ترك ذقنها الا أنه لم يمهلها لتشعر بالراحة .... بل أمسك بوجنتيها الاثنتين بين أصابعه وهو يرفع وجهها اليه ,,, فأسبلت جفنيها عن مرأى وجهه .... فقال بصوته المبحوح الخشن الغريب( افتحي عينيكِ ......... )و كان ردها هو أن أطبقتهما أكثر و قلبها يخفق برعب .... فقال جاسر بخبثٍ خفي( كما تريدين ..... لا تنظري اذن و أنا ........ )فتحت عينيها بسرعة و خوف وهي تتأهب لأي حركةٍ غادرةٍ منه ...... فضحك جاسر عاليا و هو ينظر الي خضرة عينيها السرية .... التي لا يدركها الا من اقترب منها كاقترابه منها حاليا لتلك الدرجة ....لذا .. أخذ وقته في تأمل لونهما أخيرا ....وهو يكبل وجهها ليتمكن من رؤيتهما كما يحب ..... قال أخيرا بصوتٍ خافتٍ أجش( عينيكِ ...... لونهما زيتي داكن , لا يراهما الا من يمتلكك )ارتجفت شفتيها و ارتعشتا بقوةٍ دون أن تستطيع السيطرة عليهما ..... لكنها تمكنت من الهمس اخيرا بخوف و بقليلٍ من الرفض( لا أحد يمتلكني ....... )ابتسم ... بما يشبه الابتسامة لكنها كانت قاسية ملتوية ثم قال( بلى ..... أنا أمتلكك )هزت رأسها نفيا بقدر شعرياتٍ سمحت بهما يديه القويتين .... وهمست بصوتٍ مرتجفٍ أجش( لا ....... )لمعت عيناه الغاضبتين منذ دخوله ... و لفحتها انفاسه الساخنة وهو يميل برأسه اليها ليقول بصوتٍ عميق ... عميق جدا , كالبحر لا قرار له ...و فيه أمواج الخطورة تزأر مهددة ...( بلى حنين ......و لم أعد أقوى على الانتظار )صرخت حنين الا أن صوتها لم يتمكن من الخروج وهي تراه يقبل وجنتها دون وعيٍ منه تقريبا ....و على الرغم من رعبها القاتل ... الا أن نفس السؤالا بزغ من بين سحابات الرعب .... " وماذا ينتظر ؟ ...... حتى هذه اللحظة بعد أن أراها الويل الى أن أتى بها الي هنا ..... هل هو مريض للدرجة التي تجعله يتلذذ بمجرد تعذيبها نفسيا "و لو كان فقد نجح تماما ... فقد شلها الرعب وهي تتلوى بين أحضانه الخشنة .. وهمست باختناق من حلقٍ متشنج و كأنه مصابا بالشلل ....( أرجوك ..... أتوسل اليك .... أنت انسان غريب عني تماما )حينها توقف ليرفع عينيه الى عينيها المتسعتين رعبا ... لكن في عينيه , كانتا في قمة جمالهما ..... كم تنضح جاذبية .... ليست خارقة الجمال ... لكن جاذبيتها لا تضاهى ..... جذبته لها منذ طفولتها .....همس بصوتٍ مختنقٍ من مشاعره الهائجة( أنا أقرب لكِ من أي شخصٍ قد عرفتهِ في حياتك الصغيرة ........ )ضمها بذراعيه الحديديتين الى صدره أقوى ... وأقوى .... حتى سمعت بأذنها صوت قرقعة بعض عظامها الهشة بينما كان هو من تأوه و ليست هي ..... لدرجة أنها شكت في سلامة مسامعها .... قرقع عظامها ثم تأوه !!.....لكنها لم تطل التفكير في غمرة رعبها وهو يتابع هامسا بقوةٍ مزلزلة(آآه .... كم اريد أن اسحقك على صدري لتتلاشين بداخله ..... لم أعد أطيق الانتظار حنيني )كانت تستمع الى كلماته الغريبة ووجهها مدفونا في كتفه ... وعينيها متسعتين بذهول وهي لا تجرأ على التنفس من شدة الخوف ..... فهي الآن بصحبة شخص مختل و مجنون ......همست اخيرا رغما عنها و الا كانت ستختنق بها( أنت مهووس ........... )ضحك باختناقٍ اجش وهو يميل برأسه الى عنقها ... ثم همس( نعم أنا مهووس ..... كنت أظن قبل أن أعود الى هنا أنني أريد استعادتك فقط .... لكن منذ أن عدت و رأيتك ...... و أنا لا يشغلني شيء سوى التسرب لكل ذرةٍ من حياتك .... )رفع رأسه لينظر الي عينيها المرتعبتين للحظات ... قبل أن يهبط برأسه مفجرا أشواقه المحرقة و التي احرقتها من قبل مرارا ... ...أصابها تشنج تام وهي ترى و تستشعر جنونه ..... " يا الهي ..... الأمر مستحيل ......مستحيل ..... انه مجرم و ليس زوجي ..... ولا أعرفه "ارتجفت بقوةٍ و أنت و هي تهمس باسترحام و هي على شفير البكاء ككل مرةٍ يدخل اليها( أرجوك ....... أرجوك ...... لن أستطيع )مرت لحظاتٍ لم يرد عليها وهو تائها في عالمٍ من أشواقه ..... حتى ظنت أنه لم يسمعها او سمعها و لم يبالي ..... الى أن قال أخيرا بصوتٍ عميق( منذ أن عدت اليك ....لم يصدمك قربي منكِ كما كنت أتوقع .... مراتٍ و مرات كنت أبثكِ من شوقي , و كنتِ ترفضين ......لكن جسدك كان يعرفني , ..... كان قابلا بحكمي .... فلما لا تستسلمين أنتِ لحكمه ...... ربما وقتها ستدركين الى من تنتمين منذ أن كنتِ طفلة )صدمها كلامه بقوة ..... بقوةٍ عنيفة ...." لا .... ليست هي ..... لم تكن كما يقول ...... الا يشعر بالرعب الذي يدب في أعماقها في تلك اللحظة و الذي يسري في كل عضلةٍ من عضلاتها فيسبب ارتجافها لتنتقل اليه "رفعها فجأة بين ذراعيه بقوةٍ جعلتها تصرخ وهو يقول با نفعال( كنت أظن أن بمقدرتي الإنتظار أكثر ..... لكن لن أستطيع يا حنين , أنتِ ملكي ...... و أنا أنوى استردادك )أخذت تتلوى بين ذراعيه بقوةٍ وهي تبكي و تئن برعبٍ دون جدوى حيث اتجه بها الى السرير العريض ......ثم ألقاها اليه باهمال ......استقامت جالسة ما أن حطت عليه و هي تنتحب ناوية الهرب الا أنه كان قد انضم لها وهو يعصرها بين أحضانه ليعيدها اليه من جديد ....الى أحضانه حيث انعدمت الرؤية لديها تماما وهو يذيقها أنواعا من الشوق لم تعرفها سوى على يديه هو ....و مرت عليها اللحظات طويلة ... طويلة .... وهي تبكي بين ذراعيه بينما هو كان غافلا تماما في دوامةِ أشواقه مسيطرا على كل حركةٍ و همسة و نفسٍ لها ..... لا يسمح لها بالتنفس الا حين يقرر هو تحريرها من ثورةٍ انفعاله ....و كان يهمس ضاحكا بخشونةٍ في أذنها..... تشوه ضحكته أنفاسه المعذبة بمشاعره الثائرة كالطوفان الغير قابل للسيطرة عليه ....( هيا الآن حنين .... تساهلي معي قليلا , فأنا ذاهبٌ للحرب من أجل عينيك السريتين )لم تفهم .... و لم تحاول أن تفهم هذيانه ..... كل ما كانت تحاوله في تلك اللحظة هو أن تنجو بنفسها منه ..... لكنها و بعد فترةٍ طويلة أدركت أنها قد وصلت للنهاية .... و أن لا مهرب لديها من قيد المجنون ..... فتشبثت أصابعها الصغيرة بكتفيه تهديه سلبيتها التي علمها إياها من جديد ....تلهث برعبٍ ليضرب صدرها الخافق ضربات قلبه المجنونة العنيفة..... بينما ثبتت عينيها بعيدا على الستائر المتطايرة المتلصصة ..... وجملة واحدة تتردد في ذهنا المشوش المرتعب .... " انه القدر ....... و قدرك أن تعيشي القهر المرسوم لكِ ".................................................. .................................................. ........................................بعد فترة كان ينظر الي حلمه الذي تحقق .... حيث كانت ترقد بجواره نائمة و ملامحها تبدو كطفلٍ يعاني من رؤية كابوس .... لا يظهر منها سوى كتفيها المرمريتين ... حيث كانت متشبثة بالغطاء بقوةٍ حتى في نومها و كأنها تستمد منه الحماية في لحظاتِ غفلتها عن العالم .....كان شكلها كامرأةٍ حزينة , عشقها رجل كما تستحق .... و ليس كما تتمنى ......تأوه بضحكةٍ خشنةٍ مذهولة و خافتة ......أي شعورٍ بالإكتمال ذلك الذي يشعر به في تلك اللحظة ..... كان يعلم أن مساره نهايته في نقطةٍ تملكها هي بين أصابعها .....لم يعكر صفو الإكتمال الذي يشعر به سوى عقلها الذي كان يقاومه ... و هو يريدها خاضعة عقلا و جسدا و روحا له ....

بأمر الحبWhere stories live. Discover now