18

78.8K 1.8K 115
                                    


( إن ألقيت علي يمين الطلاق أمام شاهدين .. دون أن يعلم أحد.. فسأوافق عليك و أحارب ما أن تتقدم لطلب يدي من عاصم )للحظاتٍ لم تسمع الرد على على مجازفتها التي ألقت بها الي طاولة الرهان ......طال الصمت و التوت مفاصلها وهي تفكر بعد فوات الأوان هل ما فعلته يعد حماقة ....صوت نفسه الأجش كان الشيء الوحيد الذي يقطع الصمت بينهما .....ثم فجأة صدرت عنه ضحكة خشنة قصيرة ضربت اذنها .... وقال بعدها بصوتٍ خافت يحمل نبرة ثقة( وأي شيءٍ على وجه الأرض قد يجعلني حتى أفكر في الأمر ؟ ..........)أخذ صدر حنين يعلو و يهبط بعنف إزاء نبرته الخطيرة ... بصوته المخيف الذي أصبح يهمس في كوابيسها كل ليلة .....لكنها همست بضعف بعد عدة لحظات ....( إن اردتني , ستفعل ذلك ..... لتحصل علي بإرادتي و ليس رغما عني .......)قال جاسر بلا تعبير جعله أكثر قسوة( وما الفارق ؟ ............ )اهتزت عينا حنين و اشتدت قبضة يدها على الهاتف بقوة ... نعم .... وما الفارق بالنسبة اليه ؟ ......حنين ملكه في كل الأحوال ومنذ أن رموها اليه قديما ... ليرمها اليهم و يغادر بكل استهانة ..... وها هوعاد ليطالب بها دون أن تشكل إرادتها أي فارق في الأمرهمست بفتور رغم روحها المصابة( أعتقد أن ذلك يشكل فارقا ضخما لدي ...........)لحظة صمت أخرى .... ثم قال جاسر بقسوة( وأي حماقة تجعلني أثق بكلمتك ؟ ..............)سكتت حنين وهي تغمض عينيها ثم همست بتصلب( و كيف تريدني و أنت لا تثق بي ؟ ...... هل ستربطني في الفراش مثلا , كل يوم و أنت تغادر البيت ....هذا إن حصلت علي دون إرادتي ........ )قال بقسوةٍ نهشت الموجات بينهما( و كيف أثق بكِ بعد الإعتراف الذي سمعته منكِ ...... )صرخت حنين بجنون و قلبها يئن من الألم( لا تذكر ذلك الموضوع أبدا ..... أبدا ..... أبدا ..... أنت السبب في كل شيء ..... و أنا أكرهك و حتى وإن تزوجتك سأبقى أكرهك )اتجهت صبا لتقف أمامها بعينين مرتعبتين و هي تشير لها بأن تخفض صوتها .... ثم حاولت انتزاع الهاتف من يدها لتضع ذلك الحقير عند حده الا أن حنين استدارت بقوةٍ عنها وهي تتشبث بالهاتف لتقول بهمسٍ شرس( اسمع ..... هذا آخر كلام لدي , ....... لقد علم عاصم و مالك بمعظم الأمر لذا لن يضرني معرفة الباقي .... لكن حينها لن تجرؤ على الاقتراب مني لأنهما سيمحوانك من على سطح الأرض ..... فكر جيدا و اخبرني بقرارك )ثم أغلقت الهاتف دون أن تسمع رده ....وقفت حنين بشعرٍ مشعث متناثر من حولها مع نسيم الهواء .... تلهث بعنفٍ و بوجهٍ أحمر و عينينِ لا يعرف الناظر اليهما إن كانتا مجروحتين... منكسرتين ...... منتقمتين ....أم ... أم ميتتين ........واجهتها صبا لتقول بغضبٍ هائل( هل يمكنك الآن أن تشرحين لي سبب تصرفك الأحمق ذلك ؟ ..... هل تنوين اللعب معه ؟ .... هل تظنين أنكِ تستطيعين خداعه ؟؟ .... إن أمثاله نشأو على اللعب بالبشر و قد رأيت مثله الكثير خلال عملي ..... ممن يلعبون بالبيضة و الحجر )نظرت اليها حنين من بين ستار خصلاتِ شعرها المشعث , بعينيها الزجاجيتين المتجمدتين .... ثم قالت بفتور( لا زلت لم أحدد بعد إن كنت العب به أم لا ........ )هتفت صبا همسا بكل جنون و غضب( اذن أنتِ تلعبين بالنار يا حنين .... و ستحرق أول من ستحرقه هو أنتِ )قالت حنين ببرود وهي تهز كتفيها بلامبالاة( اذن فلتحرقني ...... ليس لدي شيئا لأخسره )أمسكت صبا بذراعها وهي تشدد على كلماتها غضبا( حنين ..... وضحي كلامك , على ماذا تنوين ؟ .... ولماذا تؤخرين الإنفصال عن ذلك المجنون ؟ )قالت حنين بحرارةٍ و غضبٍ هي الأخرى( أتعرفين معنى الإنفصال عنه رغما عنه ؟؟ ..... معناها قضية خلع و محاكم .... أي فرصةٍ سأنالها بعد قضية خلع ؟ ..... أنتِ تريدين أن أرفض مالك فرصتي الأخيرة ... و أنفصل عن جاسر بفضيحةٍ مدوية .... الا ترين أنني بهذا الشكل لن يكون لدي أي شيء )اتسعت عينا صبا بذهول ... وكأنها تستمع لإنسانةٍ تهذي , لكنها تحاملت و قالت بهدوء مصطنع( حسنا ..... خذيني على قدر عقلي و اقنعيني ..... ماذا تريدين ؟؟ .... ماذا تريدين حقا ؟؟ )أخفضت حنين عينيها قليلا ثم عادت لترفعهما لعيني صبا وهي تقول بهدوء حازم رغم ما يحويه من مرارة( أريد أن أرحل من هنا ...... أو ....... أو أن أرسخ قدمي فلا أصبح صفرا على اليسار في هذه العائلة )عقدت صبا حاجبيها وهي تستوعب اخيرا مقارنة حنين بين جاسر و مالك .... و تسائلت بينها و بين نفسها ...إن كانت تلك القسوة المقترنة بالغباء هي نتيجة كل ما مرت به حنين .... أم أنها لم تشعر يوما بأنها ذات أية قيمة تذكر ...قالت صبا بهدوء قاسٍ( ومالك ..... ما ذنبه ؟ ..... أتريدنه أم لا ؟؟ ..... كيف تقارنين بينه و بين ذلك المجنون الذي رأيته ؟...... ماذا إن تعلق بكِ ثم تركته و اخترت الآخر ؟؟ )نزعت حنين ذراعها من يد صبا لتستدير بعيدا عنها ..... وأغمضت عينيها ثم همست( اريد أن أبقى بمفردي قليلا يا صبا ....... عن إذنك )ثم ابتعدت دون أن تنتظر كلمة أخرى من صبا التى وقفت متسمرة مكانها تنظر الى حنين المنصرفة بغضبٍ منها و عليها .... ومنهم جميعا ...................................................... .................................................. ........................................دخلت حنين غرفتها ..... أمانها و مكانها .... أغلقت الباب من خلفها لتتجه الى ملاذها الوحيد , ذلك الفراش الذي ضمها منذ أن كانت طفلة .... لا بل شابة .... بل زوجة .....منذ أن انتقلو جميعا الى هذا البيت بعد ترك جاسر لها ..... منذ كانت في الرابعة عشر .....جلست حنين على حافة سريرها وهي تمد يدها بشرود لتتلمس اغطيته .... كم أحبت غرفتها تلك أكثر من باقي البيت ... كانت دائما منطقتها الخاصة و ملجأها .....أسندت رأسها الى ظهر السرير و أغمضت عينيها ... كانت تكذب حين قالت إنها تريد مغادرة هذا البيت و تلك الغرفة ....لكن بقائها يعني الزواج من مالك ... أخاها الحبيب ....وما ذنبه ؟؟ ......ترددت كلمة صبا في اذن حنين طويلا , على الرغم من أن زواجها بمالك يعني أن تبقى هنا دون الشعور بالضآلة و الحرج... زواجها من مالك يعني الحماية من جاسر للأبد .... و يعني الزواج من أفضل من عرفتهم يوما .....لكن ما ذنبه ؟ ..... شخصا كمالك يستحق زهرة صغيرة لتتفتح على يديه , أما هي .... و تهجمات جاسر عليها مرة بعد مرة ...... كيف لرجلٍ أن يقبل بكل هذا , على من سيمنحها اسمه .....و كيف من الممكن أن تبدأ حياتها معه وهي تعلم بداخلها أن هناك من استباحها له مرة بعد مرة ... وما الفارق إن كان لم يصل بعد لغايته و هي تشعر بأنه انتهك روحها قبل جسدها ....وهل يستحق مالك ذلك منها ؟ ......أفلتت تنهيدة مرتجفة من بين شفتيها و انحدرت على وجنتيها دمعتان حزينتان .......شيئا واحدا تعرفه وهو أن أحد الخيارين سيكون لها ...... الإختيار بين مجنونٍ تكرهه و يريدها .... و بين شهمٍ يشفق عليها و لا تستحقه ...................................................... .................................................. ........................................فتح عمر الباب تلك الليلة وهو يتسائل باستياءٍ عن هوية ذلك الذي يطرق بابه في آخر وقت يحب أن يرى فيه أحدا ......نظر بجمودٍ و برود الي زائره الهمجي .... ثم قال بنبرةٍ جدية لا تحمل أي نوع من أنواع الترحيب( ماذا تريد ؟ ..............)مد جاسر يده ودفع عمر في كتفه ليبعده عن طريقه ثم دخل البيت بكلِ وقاحةٍ وكأنه يملكه ..... فظل عمر واقفا مكانه قليلا وهو ينظر الى الخارج هامسا بإستياء( تفضل ,......... )صفق عمر الباب بدفعةٍ واحدةٍ ليتجه بتكاسل لأقرب أريكةٍ فارتمى عليها واضعا ساقا فوق الأخرى وهو ينظر ببرود الى جاسر الذي كان يذرع المكان و هو يخرج إحدى سجائره و يشعلها .....قال عمر بلهجةٍ فاترة( لماذا جئت يا جاسر ؟ ...... من المؤكد أنك تعرف بأنك لم يعد مرحبا بك هنا بعد الذي تحامقت و فعلته ...... )توقف جاسر مكانه أمام عمر للحظةٍ وهو ينفخ دخان سيجارته عاليا ... ثم فجأة رفع قدمه ليركل ساق عمر من فوق الأخرى وهو يقول بامتعاض( أنزل ساقك تلك ........ )كتف عمر ذراعيه وهو ينظر اليه ببرود ... بينما تأفف جاسر و ابتعد عنه وهو يعاود رحلته في الذهاب و المجيءثم قال فجأة دون مقدمات ...( حنين قبلت العودة الي .........)ارتفع حاجبي عمر اندهاشا ... لكنه لم يعلق و هو ينتظر كلمة ...." لكن ".... و بالفعل جائت التتمة حين قال جاسر بتقزز و شراسة؛( لكن .... بشرط ,, ..... حنين التي كنت أشبهها بالبطة الضائعة من أمها ......, تشترط على جاسر رشيد للقبولِ بالعودةِ اليه ..... هل رأيت مهزلة أكبر من تلك ...... )صمت عمر قليلا دون أي تعبير ... ثم قال بهدوء( إن أردت الحق ..... كان يجب عليها أن تضربك بال ..... لكن لا داعي , .... أخبرني , ما هو شرطها ؟ )أخذ جاسر نفسا عميقا غاضبا من سيجارته .... ثم نفثه بقوةٍ ليقول بعد فترةٍ , باذلا أكبر قدر من السيطرة على غضبه( تريدني أن ....ألقي عليها اليمين دون علم أهلها , ..... ثم أتقدم لها من جديد و يا دار ما دخلكِ شر )التوت زاويتي شفتي عمر ترتفعانِ ببطءٍ حتى ظهرت ابتسامته إعجابا بالبطة الصغيرة ..... لكن جاسر رأى ابتسامته فازدادت ملامحه شراسة وهتف بتهديد مشيرا اليه بسيجارته( انزع ابتسامتك الحمقاء تلك حتى لا أغير لك معالم خريطة وجهك ........... )لكن عمر لم يغير ملامحه ... ثم قال بمنتهى الهدوء( ولماذا أنت غاضب ؟ ..... بإمكانك الرفض بمنتهى البساطة )نفث جاسر دخان السيجارة بعنفٍ بالغ وهو يقول بحنق( ومن قال أنني غاضب ؟ ......... )ابتسم عمر بتشفٍ .. ثم قال بهدوء( سأخبرك أنا لما أنت غاضب ...... لأنك ببساطة اكتشفت أن لا تمسك بين قبضتيك سوى السراب .... وما أن عرف أبناء عم بوجودك حتى انهار معظم القيد الذي كنت تقيدها به بسبب خوفها منهما ....... و الآن أنت موقن بداخلك أنه ليس هناك أسهل من فصلها عنك و بالقانون ....... )توحشت عينا جاسر وهو يلتفت اليه ليقول بحدة( على جثتي ..... إنها زوجتي .... زوجوها و طلقوها .... مني و رغما عني ..... و الآن حين أقرر أن أستعيدها لن يتمكن أحد من منعي ...... )هز عمر كتفه وهو يقول بهدوء( أرني مهارتك ...... )أخذ صدر جاسر يعلو و يهبط بحنقٍ حتى كادت أزرار قميصه أن تُنتزع من مكانها ...... ثم نظر الي عمرعابسا وهو يقاوم نفسه ...الى أن أرغمها في النهاية على النطقِ بمضض( ماذا تقترح ؟؟ .......)لم تتبدل ملامح عمر من الهدوء وهو يتظاهر بالتفكير ثم قال بالمنطق( أرى أن حنين الآن اصبحت في طريقها للتسرب من بين يديك بكل الأحوال ..... لذا لما لا تنتهج طريق صنيع المعروف و تنفذ شرطها .... و لن تخسر أكثر مما ستخسره أصلا )قال جاسر بعنف و تهور( على جثتي ........... )فقال عمر بهدوء( اذن أغلق الباب خلفك و أنت تغادر لأن لدي عملا من الصباح الباكر ........... )قال جاسر بغضبٍ أحمق وتهديدٍ شرس( لا تستفزني أكثر مما أنا مُستفزٍ ...... حتى لا أتغابى عليك )نهض عمر من مكانه و اقترب من جاسر ليضع يده على كتف جاسر وهو يقول بهدوء

بأمر الحبWhere stories live. Discover now