21

73.4K 1.7K 73
                                    


وقف ينظر الي صورته في المرآة أمامه بإحساسٍ جديد ... ارتعاشة الإنتصار تمر عبر أوردته لتجعل صدره يرتفع بنفسٍ عالٍ يحمل الإرتياح و بهجة الفوز ....الفوز بما يخصه ... بما يخصه منذ زمنٍ بعيد , و قد حانت اللحظة التي أصبح في قبضة يده بعد رحلة تلك السنين الطويلة ....ماهذا الشعور بالتملك ؟؟ ..... وكأنه ألم ضئيل عذب... يبهج و لا يمنح الرضا الكامل ....احساس أن ما يمتلكه ..., قابعا في الغرفة المجاورة مغلقا عليه بمفتاح في جيبه هو وحده يغذي احساسه بالتملك و يمنحه نشوى لم يعرفها سابقا .....نظر الي عينيه البراقتين في المرآة وكأنه يهنئها بكل تبجح .....و في لحظةٍ انتفخ صدره وهو يرفع قبضتيه المضمومتين ليضرب بهما صدره بقوةٍ وكأنه يستعيد قوته .... وهو يضحك ضحكة خشنة ......ثم فجأة تخللت ضحكته بعض الذكرى ... فخفتت الضحكة و هبطت قبضتيه وهو ينظر الى مرآته وكأنها شاشة سنيمائية يرى بها ذكرياتٍ ليست ببعيدة جدا .....تحولت ضحكته الى ابتسامةٍ شاردة وهو يستمع الى الصوت المبتهج الصغير يناديه مرحبا بقدومه ..( جاسر ..... جاسر .... جاسر )اتسعت ابتسامته الشاردة وهو يتذكر دخوله من الباب الخشبي المتهالك .... لينحني كعادته و يرفعها على كتفه وهو يصدر صوت رافع الأثقال ..... بينما هي تضحك بقوةٍ و في نفس الوقت تتلوى وهي تعقد حاجبيها وتهتف بغضب( انزلني يا جاسر .... لم أعد طفلة لتحملني على كتفك )الا أنه ثبت ساقيها الملوحتين وهو يقول بخشونة( ولو حتى شاب شعرك ..... سأظل أحملك على كتفي ما أن أراكِ )أخذت تضرب كتفيه بقبضتيها الصغيرتين وهي تقول بحنقٍ على الرغم من ضحكها الذي لم تستطع السيطرة عليه( حينها ستكون أنت تسير بالكاد .... متكئا على عصا غليظة وظهرك محنى )في لحظةٍ انخفض بها جاسر وكأنه ينوي رميها أرضا ..... لكن صراخها المرعوب جعله يستقيم بها مرة أخرى ليتجه الى الأريكة القديمة و يلقيها عليها بعشوائية وهو يضحك بقوةنظر اليها بسعادةٍ وهي تستقيم لتجلس باعتدال بسرعةٍ وهي تغطي ساقيها اللتين كشف عنهما الثوب الخفيف .....بينما احمر وجهها بقوةٍ وهي تصرخ بغضب( لن أكلمك مرة أخرى .......... )ضحك وهو يتجه الى المرآة المذهبة المعلقة على الحائط .... لينظر الي نفسه كعادته , معدلا من قميصه المفتوح تقريبا الى خصره , مظهرا صدره قوي العضلات .... و سلسالٍ فضي معلق برقبته ....مطت الصغيرة شفتيها وهي تقول بتذمر( ارحمنا يا سيدي ...... فهمنا أنك سيد الرجال )رفع حاجبا واحدا وهو يتامل صورته من اليمين الي اليسار قائلا دون أن ينظر اليها( سيد الرجال رغما عنكِ يا زيتونة .......... )تأففت مرة أخرى وهي تقول بغضب( توقف عن دعوتي بزيتونة تلك ....... أنت أصبحت تنطقها و نحن أمام الناس بعد أن كنت تقولها بمفردنا , لقد كبرت يا جاسر )التفت اليها مبتسما باستهزاء و تسلية ليقول بمرح( والله وكبرت يا زيتونة و أصبحت تخجلين من اسمك ......... )هتفت بغيظ( هذا ليس اسمي ..... أنا اسمي نوااااار ..... نوااااار ... نواااااااار )عاد الي واقعه وهو ينظر الى المرآة مبتسما بشرود ..... ينظر لعينيه , ليضحك بخفوت وهو يعود لذكرى أخرى ..واقفا في شرفة أحلام الحجرية .... يغمر بعينه .... يرفع أصابعه وهو يتخلل خصلات شعره اللامع بتأنق .... وابتسامته مائلة على جانب واحد بجاذبية ....و طابع الحسن بذقنه يزيده جاذبية . على الرغم من قوة و ضخامه مظهره ...لم يشعر بالخطوات الصغيرة الحافية القدمين من خلفه .... و لم يرى الصغيرة التي وقفت وراءه , تضع يدا في خصرها بينما تشير بإصبعها على رقبتها علامة القتل .......الى الفتاة المتمايعة على سطح البيت المجاور , و التى تجهمت رافعة حاجبيها و اشارت لجاسر أن ينظر خلفه .....فالتفت وهو عاقدا حاجبيه بحيرة .... ليضبطها متلبسة في وضعية التهديد ..... فارتسمت الشراسة على وجهه وهو يجذبها من ذيل حصانها ليجرها خلفه الى الداخل ثم دفعها بعيدا وهو يقول مهددا( ماهذا الذي تفعلينه ؟؟ ............ )وضعت يديها في خصرها وهي تنظر اليه مرتفعة الرأس وهي ترد بشجاعة؛( وما تلك الأشكال التي تعرفها ؟؟ ........ )رفع حاجبيه بدهشةٍ وهو ينظر الي تلك القزمة ليقول بغضب( وما أدراكِ أنت بمثل تلك الأمور ؟؟ ......... )قالت بقوة و تحدي( أخبرتك ألف مرة أنني لم أعد طفلة ...... و تلك التصرفات لا تليق بابن الحاج رشيد )ارتفع حاجبيه أكثر حتى بدا مذهولا .... ثم أرجع رأسه للخلف و هو يضحك عاليا ....وما أن انتهى أخيرا حتى أقترب منها ليرفعها من ذيل حصانها وهو يهزها كالأرنب( كبرت يا زيتونة و أصبحتِ تعلمينني ما يليق وما لا يليق ؟؟ ..........)قالت بشجاعة أكبر وهي تنظر اليه وهو تقريبا يحملها من ذيل حصانها( و يا ليته يأتي بفائدة ........ كل يومين فتاة و ستفضحا يوما ما في الحي )كان هو يستمع اليها وهو مذهولا ثم هزها مرة أخرى من شعرها ليقول بتهديد( من أين أتيتِ بتلك الوقاحة ؟؟!!! ..... لم تكوني هكذا , حتى أنه ليس كلامك ابدا ..... كل ذلك من تحت مصادقتك للمتشردة الصغيرة ابنة أخ رشوان ..... ألم أمنعك من رؤيتها أو رؤية أيا منهم ؟ ..... إياك أن أعلم بذهابك لبيتهم من جديد و الا سأخبر والدك وهو من سيقلقنك الأمر بحزامه ..... مفهوم ؟؟ )وضعت نوار يديها الصغيرتين في خصرها وهي تنظر الي بتحدٍ أكبر لتقول( سأذهب ......... )هزها جاسر بقوةٍ اكبر وهو يقول بغضبٍ حقيقي( اسمعي الأمر يا نوار و الا آذيتك ..... ذهاب اليهم ممنوع , تلك الأسرة علاقتنا بها انتهت للأبد ....ام تريدين أن اذهب بأصدقائي لنكسر البيت فوق رؤسهم ؟؟ ....... )هتفت نوار بترجي و بقوةٍ في آنٍ واحد( ليس لنا دخل بمشاكلكم معا ...... نحن اصدقاء )جذبها جاسر اليه وهو ينحنى اليها حتى اقترب وجهه من وجهها وهو يهمس بهسيس خطير( أنتم ؟؟ ........ من أنتم ؟؟؟ )ابتلعت نوار ريقها و تلعثمت وهي تقول بخفوت( أنا .... وحنين ..... وحور ..........)ظل ينظر بعينين شريرتين الي عينيها اللتين ظهر فيهما الخوف أخيرا .... ثم تركها أخيرا وهو يستدير عنها قائلا بتهديد( لقد أنذرتك يا نوار ..... لا تجعليني أريك غضبي , ولا علاقة لكِ أنتِ أو المتشردة الأخرى بفتياتي )امتعضت نوار وهي تمط شفتيها بتقزز من كلمة فتياته ..... ثم قالت بوعيٍ طفولي( لما لا تنتظر قليلا , فربما يكون لك نصيبا بفتاة طيبة من أسرة طيبة كذلك .....قد تكون صغيرة الآن , لكن من يدري )التفت اليها رافعا حاجبا مستهزئا من طفولتها وهي تنصحه بينما لا تكاد تصل بطولها الى مرفقه ...... ثم قال بهدوء يستدرجها( آآآه ..... ومن تكون سعيدة الحظ ؟؟ .... هل سمعتِ أمك تتحدث في الأمر مع إحدى الجارات ؟؟ .....أخبريني زيتونة ,فأنتِ لا تخفين عني شيئا )عضت على شفتيها وهي تنظر أرضا بينما أحمر وجهها ارتباكا الا أنها لم تجد بدا من أن تعترف( لم أسمع أمي .... بل سمعت أمك ....... كانت تتحدث الى الخالة روحية , وهي ترشح لك منال ابنة الحاج توفيق ,و رشا ابنة الحاج عطية الجزار ...... )رفع جاسر حاجبه أكثر وهو يشرد بعينيه العابثتين وهو يفكر " رشا ..." ذات التغذية السليمة .... السليمة جدا في الواقع ...الا أن نوار تابعت كلامها بسرعة حتى لا يذهب بتفكيره بعيدا( لكن أنا لم أقصد هاتين أبدا .... و قررت أن انبهك قبل أن تقع في الفخ و تجد نفسك مرتبطا بخطبة دون أن تدري )التوت شفتي جاسر بتسليةٍ عابثة وهو يجلس على ذراع أحد المقاعد ليقول باستمتاع( ومن تقصدين اذن يا زيتونة ؟؟ .......... )عضت على شفتيها مرة أخرى ..... و انتظر هو رغبة منه في معرفة صاحبة كل هذا الارتباك المرتسم على وجه زيتونته الصغيرة .... الى أن همست أخيرا بارتباك( حنين ............ )للحظاتٍ لم يستوعب الكلمة التى خرجت من شفتيها ...... الي أن اخذ الاسم مجراه في اذنيه متخللا خلايا عقله ببطء , فنهض واقفا فجأة ..... فارتعبت نوار وركضت الى خلف الأريكة لتجعل منها حاجزا بينهما استعدادا للهرب منه ....الا أن جاسر تسمر مكانه و فجأة انفجر بضحكةٍ عاليةٍ حتى اهتزت عضلات صدره الضخمة بفعل قيادة شاحنات والده .....وما أن انتهى أخيرا حتى نظر بعدم تصديق الى نوار التي بالكاد يظهر منها رأسها و كتفيها من خلف الأريكة القديمة المذهبة الضخمة ......وهي تتمسك بظهرها بيديها الصغيرتين و تنظر اليه عابسة بشدةثم اقترب منها في هجمةٍ واحدة فجرت صارخة من حول الأريكة بينما هو يهدر بتهديد( أنا !! .... أنا أتزوج من المتشردة الصغيرة حافية القدمين و التي أمرتك منذ لحظات أن تقطعي كل صلةٍ بها ؟ ....... إنها تشبه عود الثقاب ..... منذ متى أصلا و أنتما تفكران بتلك الأمور وأنتما لم تخرجا من البيضة بعد ؟ .....)شدت نوار كتفيها بشجاعة ووقفت تقول بتحدي( أخبرتك أننا قد كبرنا .... ومن في مثل سننا تقرأ فاتحتها لحين أن تتزوج , ..... و أنت ستتزوج حنين , حتى ولو رغما عنك ....... )ثم صرخت وهو يهجم عليها ليطاردها بشكله المرعب الضخم في كل أنحاء البيت .........ضحك جاسر بخفوت وهو يعود من سيل الذكريات .....ناظرا الي عينيه و كأنه يقطع وعدا ..... ثم همس أخيرا

بأمر الحبWhere stories live. Discover now