|| 20 || الأخير

21K 2.4K 523
                                    


بعد هالشابتر بتنزل ملاحظة مهمة ف بليز أقروها :( ❤ بعدين الرواية الجديدة تنزل

________________________________________

*بعد مرور سنة*

"أرآكم غداً." قلتُ مبتسمة لمكتب الأطباء الصغير ثم حملتُ معطفي لأخرج.
"رايجن، لا تنسي التقرير غداً." قال أحد الأطباء ضاحكاً بينما جلس فوق كرسيه ورفع كلتا قدميه فوق المكتب.
"لن أفعل، وإنزل قدميكَ عن المكتب." قلتُ مازحة.
"حسناً أمي." قال ثم ضحك الجميع وخرجت.

منزلي لا يبعُد كثيراً عن هذه المستشفى فهي قريبة مني جداً، لقد بدأتُ العمل فيها منذ فترة ليس بالقصيرة، والكل هنا لطيفٌ جداً.
لقد تخليتُ عن حياتي السابقة.. لأني وببساطة أعلمُ جيداً بأنها لن تنجح.
ولكن حياتي الحالية لا بأس بها..

ورغم مرور سنة كاملة على ماحصل إلا أني أحيان أتذكرُ هاري وأتساءل ما الذي يفعلهُ الآن..
وأحياناً أخرى أذهبُ للمركز وأقف في الخارج وأرى ضوء غرفتهِ مناراً، حتى يُطفئهُ واطمئن بأنه خلد للنوم ثم أعود لمنزلي.
وفي بعض الأيام أذهبُ للمكان الذي كان هاري يراقب الطيور منه، حتى أصبحتُ معلّقة بهذهِ الهواية الغريبة..
ثم اشتريتُ عدداً من موسوعات الطيور..

كم أنا مثيرة للشفقة..

عدتُ لمنزلي ثم بدلتُ ثيابي وارتحتُ قليلاً، ثم فكرتُ بما أني لا أملكُ شيئاً لأفعله، لما لا أذهب لمراقبة الطيور؟

جهزّتُ حقيبتي ومنظاري ودفتري الذي أدوّن فيه المعلومات.
أحد الطيور في المرة السابقة وضعت بيضاً ولا أستطيع الإنتظاة حتى أرى الصغار، عليّ أن أقرأ عن المدّة الذي يستغرقها البيض ليفقس.

صعدتُ لسيارتي وتوجهتُ نحو المكان، بينما هممُتُ مع الأغنية في المذياع، رغم أني لا أعرفُ إسمها ولكنها جيدة.

وصلتُ للمكان ولكني وجدتُ البابَ مفتوحاً..

هل يُعقل أن صاحب المنزل عاد؟ لقد ظننتهُ ميت؟ لربما هو كان مسافراً ثم عاد؟..
على الأرجح هو سيفقد صوابه إن رأى إستحواذي على ذلك المكان بالكامل فقد نظفتهُ ورتبته واشتريتُ بضعة أشياء للتزيين.

"مرحباً، المعذرة لقد.." دخلتُ قائلة لولا أن إلتفت ذلك الشخص للتسع عيناي..

هاري..

"راي؟" سأل مستغرباً وقد بدا اسمي المختصر من فمهِ جميلاً جداً.

يؤسفني القول أني لم أعرفه..

لقد قصّ شعرهِ، كان يرتدي بنطالاً ضيقاً وقميصاً مشجراً وقبّعة فيدورا، وقد بدا جيداً جداً في هذه الثياب.

فقدتُ قدرتي على الحديث، هنالك الكثير من الكلمات والعواطف إندفعت بداخلي دفعة واحدة ولكن هاري وفرّ عليّ العناء وتقدّم فجأة ليضمنّي نحوه.

"إشتقتُ لكِ." همس.
"ماذا حصل؟" سألتهُ مستغربة ولم أستطع منع نفسي من إستنشاق رائحة ثيابه.

"لقد خرجت، إنتهت فترة علاجي." قال وقد قطع العناق ليبتسم لي إبتسامة سعيدة.
"منذُ متى؟" سألتهُ منصدمة.
"يومين." أجاب.
"هاري أنا حقاً سعيدة لأجلك." قلتُ مبتهجة وقد عانقتهُ مجدداً.

"ما الذي تفعلينهُ هنا؟" سألني وقد بدا كلانا وكأننا لا نعرف ماذا نقول لصدفة القدر الجميلة التي جمعتنا هنا.
"لقد.. لقد أصبح هذا المكان جزء من روتيني." قلتُ مبتسمة.
رفعَ هاري حاجباً ثم ضحكَ بخفة.

لقد تغير هاري فعلاً، أصبحَ واثقاً أكثر، وإجتماعياً أكثر.

صمتَ هاري عن الضحك فجأة وقد تحولت ملامحه جدية.

"لقد قرأتِ ماكتبته، صحيح؟" سأل وقد بدا متردداً.
"هاري كان ذلك في الماضي، إنسى الأمر، أنت الآن شخصاً جديداً." قلتُ مبتسمة لأحاول تهدئته.
"لا تعامليني كالمريض فأنا لم أعد كذلك، ولكني فكرتُ بأنهُ لكِ الحق في معرفة كلّ شيء." قال بهدوء.
"إذا أردتَ الحديث فأنا مصغية." قلتُ مبتسمة.

"عندما كنتُ في التاسعة عشر أخذتُ والدتي وأختي في نزهة، وقد كنتُ أستخدم هاتفي أثناء القيادة، كانت ثقتي في مهارتي كبيرة إلى حدٍ ما، كانت والدتي حانقي وتخبرني بأن أضعهُ جانباً ولكني في كلّ مرة كنتُ أخبرها بأن تصمت فأنا أعرفُ ما الذي أفعله حتى.." بدأ يقول ثم صمت قليلاً ليستجمع صوته وأنفاسه.

"حتى إنجرفت شاحنة من الطريق الجانبي نحونا لستُ أعلم من أين أتت، في ذلكَ الحادث فقدتُ كلتاهما، وقد ظلّ والدي يلومني على ماحصل ويقول بأنهُ خطئي بالكامل وكأن معاناتي في ذلك الوقت لم تكن تكفي ليزيدها هو.." كان هاري يحكي لي ولم أستطع منع دموع بكائي الصامت.

"والدتي وأختي كانتا أقربُ الناس لي، اللتان يحثانني على مواصلة الحياة وتحمّل كلّ شيء، لذا لم أملك شيئاً آخر أعيشُ لأجله وقد كان الشعور بالذنب يأكلني حياً، حتى مات والدي قبل فترة قريبة بسبب نوبة قلبية.. أدركتُ بأني لم أعد أملكُ شيئاً آخر في هذه الحياة.." تحدث هاري بكل أريحية معي وأخبرني بمكنون صدره.

"حتى أتيتِ أنتِ، كنتِ الوحيدة التي تهتم، وتخبريني بمدى فخركِ بي كلّما فعلتُ شيئاً صائباً، وقد أعطيتني إحساساً فقدتهُ منذُ زمن.. إحساس بالأُلفة والتشوق ليوم غد، أن أعيش وأستيقظ في اليوم الآخر لأني أعلمُ بأني سأرآكِ.." اعترفَ لي وقد وخزني قلبي عندما تذكرتُ إستقالتي.

"أنت تعرف سبب إستقالتي لـ.." بدأتُ أقول له.
"كارل أخبرني." قاطعني بهدوء.

"وقد كانت تضحية كبيرة منكِ.." قال مجدداً وقد رفع رأسي بيده لأنظر في عينيه.. لقد إفتقدتهما.

"لم تُجيبي على سؤالي." قال مبتسماً.
"أيّ سؤال؟" سألتهُ مستغربة.
"أتذكرينه؟" سأل في المقابل.
أومأتُ لهُ برأسي نفياً.
"دعيني أُذكركِ إذاً." قال وقد إعتدل في جلستهِ وأمسكَ بيديّ.

"هل تودّين الخوض في علاقة معي؟" سأل بينما حدّق في عينيّ.
كانت نبرات صوتهِ الذي افتقدته تكادُ تقودني للجنون.

"أجل، أجل أودّ ذلك." قلتُ مبتهجة وقد رميتُ بكلّ جسدي نحوهُ ليضمني هاري بين ذراعيه، أستطيع سماع نبضات قلبهِ المتسارعة.
نبضاتُ قلبهِ التي أتمنى أن تستمر في النبض للأبد.

إعادة تدوير الإنتحار | h.sWhere stories live. Discover now