|| 12 ||

14.6K 1.9K 201
                                    

طرقتُ بأظافري فوق خشب المكتب في فُقدان صبر وملل بينما تحوّل كوب الشاي خاصتي لقالباً ثلجياً.

كيف كان يومي؟ سيئاً، بتلك البساطة.. هو سيء وحسب.

رفعتُ سمّاعة الهاتف في حركة غاضبة قليلاً ووضعتها على أُذني اليُسرى وضغطتُ مطولاً على الرّقم 3.

"ميردث؟ هل يمكنكِ مناداة كاميليا حالاً؟" طلبتُ سريعاً ثم أقفلتُ الخط ورحتُ أُراقب عقرب الثواني وهو يتحرك في الساعة الدائرية على الحائط.

رنّ الهاتف مجدداً لأخطف سماعتهُ على عجل.

"ماذا ياميردث؟" سألتُ بفُقدان صبر.
"آسفة ولكن كاميليا لم تأتي بعد." قالت لي ميردث من على الطرف الآخر بقلق.
"ماذا؟!" سألتُ متفاجئة ومنغاظة قليلاً.

الساعة الآن السابعة فجراً، أين ذهبوا؟ إنها مجرد نزهة!

"أنا لا أعلم، ولكني سأقوم بإرسالها لكِ فوراً حالما تصل." قالت لي ميردث محاولة تهدئتي ثم أقفلت الهاتف.

نهضتُ من مكتبي وقررتُ الذهاب لجلب المزيد من القهوة أو الشاي أو أيّ شيء يحتوي على الكافيين لم أعد أهتم.

دخلتُ للمقهى الصغير لأجد كريستوفر جلس بجانب النافذة ويحتضنُ كوباً بين كفّيه.

أخذتُ كوب الشاي الساخن وتوجهتُ نحوه.

"هل يمكنني الجلوس؟" سألتهُ.
أومأ لي برأسه نعم فجلستُ مقابله.

"ما الذي يجلبكِ هُنا؟" سألني.
رفعتُ كوب الشاي في وجهه لأخبره عن سبب مجيئي.
ابتسم كريستوفر وقد بدت شفتاه جافتان جداً.

"هل أنتَ بخير؟" سألته.
"كلاّ، لستُ كذلك." صارحني.
"أنا أستمع." قلتُ له لأحثهُ على الحديث.
رفعَ كريستوفر بنظرهِ نحوي وابتسم مجدداً.

"أتعلمين، لقد كان موت ناتالي متوقعاً ورغم هذا أشعر بالحُزن، موتها كان جرساً أيقظني لكثيرٍ من الأمور.." بدأ يقول لي وهو ينظر من النافذة.
"أمور كماذا؟" سألتهُ بفضول.
"كأنّ بإمكاننا خسارة من نُحب في غمضة عين، دون أن نخبرهم عمّا نشعُر، دون أن نخبرهم عن كلّ مايدور بداخلنا تجاههم." إخبرني بنبرة غير مفهومة.

"رايجن..؟" نادى بهدوء.
رفعتُ نظري من كوب الشاي الذي بين يديّ لعينيه.
"هل يمكننا إصلاح مابيننا؟" سأل بصدق.

صمتُ للحظة.. أُفكر..

"كريس أنا.. " بدأتُ أقول له لولا أن لمحتُ من النافذة سيّارة كاميليا تدخل من البوابة.

"إعذرني قليلاً." قلتُ سريعاً وقد نهضتُ على عجل وهرولتُ نحو السلالم لأهبط للدور الأرضيّ سريعاً.

وجدتُ كاميليا تضحك على شيء قالهُ هاري بينما كان هو يبتسمُ لها.

سعلتُ لألفت إنتباههما، فالتفتا لي.

"هل لي أن أعرف أين كنتم طوال هذه المدة؟" سألت.
"آسفة رايجن، هاري قام بأخذي لمنزلٍ صغير كان يُراقب منهُ الطيور." قالت مبتسمة.

شعرتُ وكأن أحدهم قد انتشل قلبي من مكانه.

المنزل.. الذي حدثني هاري بشأنه، الذي لم يعرف به سوا نحن، أنا وهو..
أخبر كاميليا عنه، وذهبا سوياً..
لابدّ أنهما راقبا الطيور معاً وتشاركا أطراف الحديث، ولربما هو قام بأخذ الطعام ليقوم بتعليم كاميليا كيفية اطعام الطيور كما علمّني أنا.

كلّ تلك الصور لهما في مخيلتي كادت تقتلني حية ولستُ أعلم لماذا.

"كاميليا، اتوقع رؤيتك في مكتبي حالما تُغيرين ثيابك." قلتُ بهدوء دون النظر لهاري الذي طلبَ المصعد وصعد لغرفته.

أخذتُ السلالم وصعدتُ لمكتبي كذلك، وقد كان الغضب قد أعمى بصائري فخطفتُ هاتفي وطلبتُ رقم مكتب كريستوفر.

"أهلاً رايجن." أجابني بتعب.
"كريس، أودّ إصلاح ماكان بيننا.. " أخبرته.
ساد الصمتُ لفترة.
"أراكِ غداً بعد إنتهاء العمل؟" سألني واستطيع سماع الإبتسامة في صوته.
"حسناً." أجبتهُ ثم أغلقتُ الهاتف.

طُرِقَ الباب ودخلت كاميليا.

"اجلسي." أخبرتها وقد أشرتُ للكرسيّ المقابل لمكتبي.

"رايجن دعيني أحكـ.." بدأت تقولُ لي.
"كلاّ، كاميليا إسمعيني أنتِ." قاطعتها.

"لم أستأذن كريس بخصوص علاج هاري فهو منهار نفسياً هذه الفترة، ولن أسأله فعلاج هاري ليس من واجبات عملي كإستشارية، ولا تهمني نزهاتكم الصغيرة كل يوم، فقط اخبري كارلوس طبيب هاري الحالي بكلّ مايحدث. " قلتُ لها وقد فركتُ جبيني في حركة إرهاق.

"رايجن، قبل إتخاذ أي قرار تندمين عليه يجدرُ بكِ الحديثُ مع هاري." اقترحت كاميليا.
"ولماذا؟ هو مجرد مريض قمتُ بإعطائهِ أكثر مما يستحق! وليسَ له الحق في معرفة قراراتي أو التدخل فيها." قلتُ لها غاضبة.

لا أعني أياً مما قلته.. ولكني كنتُ مجروحة ومتألمه فقط..

إعادة تدوير الإنتحار | h.sWhere stories live. Discover now