|| 16 ||

14.4K 1.9K 124
                                    

"هل تودين الخوض في علاقة؟.. معي؟" سألني.

عضضتُ شفتي السُفلى في تفكيرٍ عميق.

"الساعة الحادية عشر! أطفئوا الأضواء!" صاحت إحدى مراقبات الطابق لتُقاطع تفكيري.

"هاري، يجب أن أرحل، أراكَ غداً." قلتُ على عجل وخرجتُ من غُرفته دون إعطاءِه فرصة لإيقافي وطرح المزيد من الأسئلة.

علاقة؟ نحن؟

فكرتُ مليّا فيما قالهُ هاري أثناء طريق العودة للمنزل.

هذا حتماً خاطيء ودون تفكير!
قد يؤثر هذا الأمر على وظيفتي ومستقبلي وعلاج هاري، وهذا سيكون سيئاً بالنسبة لكلينا.
لو علم أحدهم، ستكون كارثة! قد أُطرد من عملي ويقومون بإرسال تقرير لكل المستشفيات بأني طبيبة غير مسؤولة، وسأقضي حياتي عاطلة عن العمل.

لربما كريس كان محقاً..
لم يجدر بي أبداً التعامل مع هاري..

عُدت لمنزلي، بجسدٍ مُتعب، وبرأسٍ يوشك على الإنفجار لكثرة التفكير.
ولكني احتاجُ لبعض الراحة بشدة، لذا قررتُ وضع كلّ مايجول ببالي جانباً والإستلقاء فوق سريري المُريح.

عبثاً أُحاول إخراج هاري من ساحة أفكاري، أظلّ آسمعُ صوته يتردد في أذني بنبرتهِ ذاتها، وصيغة سؤالهِ ذاته.
أكادُ أُجنّ.

إنتهى بي المطافُ نائمة في ساعة متأخرة جداً، وجهي سيبدو شاحباً في الغد.

نهضتُ متأخرة بشكلٍ ملحوظ عن كلّ يوم، بطريقة فوضوية رتبتُ نفسي سريعاً وحملتُ معطفي وملفاتي وخرجت.

رنّ جرسُ هاتفي فقمتُ بوضع سمّاعاتي اللاسلكية حتى أقود بكلتا يديّ.

"رايجن، أين أنتِ؟" سأل كريستوفر وقد بدا غاضباً لسببٍ ما.
"في الطريق، أحدهم استيقظ على الجانب الخاطيء هذا الصباح." قلتُ مازحة رغم أني لستُ في المزاج.
"تعالي لمكتبي فور وصولك." قال بحزم ثم أغلق الخط.

للحظة، بدأتُ أتذكر مافعلتهُ خلال الأيام الماضية، ولكني لم أفعل شيء سوى الإلتزام بأوامره.
فلنأمل أنهُ يريد محادثتي عن إستقبال السيدة ماتيلدا.

ركنتُ سيارتي ثم توجهتُ نحو البوابة الخلفية وصعدتُ مباشرةً نحو مكتب كريستوفر.

طرقتُ الباب ثم دخلت عندما أَذِن لي.

"مرحباً، كريس." قلتُ مبتسمة.
"أتعرفين كيف تحسبين الأرقام؟" سأل فجأة، وقد كان سؤاله غبي جداً لا أقصد الإهانة.
ولكني أومأتُ برأسي نعم رغم أني أردتُ أن أُمازحه ولكن يبدو بأن مزاجهُ سيء.

"كمّ من مرةٍ أخبرتكِ أن تبتعدي عن هاري؟" سأل.
"لقد فعلت." أجبتهُ بهدوء، وثقة، لدرجة أني كدتُ أُصدق كذبتي.
"لم تفعلي!" صاح فجأة وقد ضربَ الطاولة بيده.
انتفضتُ على صوت إصطدام يده بخشب المكتب الصلب.

"لقد حاولتُ جهدي لإبعادك! هل من الصعب جداً تنفيذ أوامر بسيطة كهذهِ؟" سألني حانقاً.
"كريس، لقد نفذتُ ماطلبته مني، لدرجة أني بقيتُ لساعاتٍ متأخرة أقوم بالتجهيز لإستقبال السيدة ماتيلدا!" قلتُ مدافعة عن نفسي.

"كيف تغسرين هذا؟" سأل وقد أمسك بجهاز التحكم وأشار نحو التلفاز الصغير المعلّق على الحائط.

رأيتُ شريطاً مسجل، كشريط مراقبة.
كنتُ أنا أتسللُ خلسةً لغرفة هاري.. بالأمس عندما كانت الأضواء منارة.

صمت، وشعرتُ بحنجرتي جافة..

كيف أبرر هذا؟
لم أذكر أننا كنا نملك أجهزة مراقبة؟ كيف لم ألاحظها من قبل؟ لابد أنها وُضعت حديثاً..

"رايجن، اسمعيني جيداً.." قال وهو يحاول كبح غضبه وقد أشار لي بالجلوس.
"قدّمي طلب إستقالة اليوم." قال بهدوء.
"ماذا؟" سألتهُ منصدمة.
"قدّمي طلب إستقالة اليوم، رايجن، لو رأت السيدة ماتيلدا هذهِ التسجيلات ستقوم بطردك وتقديم تقرير بخصوصك لكل المستشفيات ولن تستطيعي إيجاد وظيفة أخرى، فأفعلي ما أقوله لمصلحتك.." قال بهدوء وقد بدا جاداً.

كان كلامه منطقياً، فلو قدمتُ إستقالتي أستطيع إيجاد وظيفة مماثلة أما أن قامت السيدة ماتيلدا بطردي، لن أستطيع إيجاد وظيفة أخرى..

ولكن.. هذا المكان كالمنزل الثاني بالنسبة لي، لقد تعلقتُ به وبالناس هُنا..
ماذا سأقول لهم؟ والأهمُ من هذا.. ماذا سأقول لهاري؟



إعادة تدوير الإنتحار | h.sحيث تعيش القصص. اكتشف الآن