الواحد والعشرون

35 9 3
                                    

أَستند علىٰ الحَائط دون قوةٍ
لَقد نفذت كُل طاقتي اليَوم
لا أشعرُ سوىٰ بثقل العالم على عَاتِقي
أَنظر من حولي إلى المكان
المصحةُ العقليةُ البائسهَ
الجَميع هنا ليسوا مرضىٰ
، هم فقط ضحايا
لمرضىٰ حُريين في هذا العالم
أنزل رأسي ليواجهَ الأَرض من شدة خيبةِ
بسبب مايَحصل
أنظر إلىٰ ساعتي الثانيهَ صباحاً ، لَقد حان موعدي
مع أَصعب مريض .
أتوجه نحو غرفتهِ التي تكون في آخر المَمر
أدخل ، وأراه كالعادهَ مُقيداً من يداه
بسبب سلوكهِ المُعادي حتىٰ تجاه طبيبهُ
ويسكن في غرفة بيضاء ساطعهَ
أَنظر لهُ وهو يرتجف بأكملهِ
كان وجههُ شاحباً ، وأظافرهُ بيضاء اللون
وكان جسدهُ نحيلاً ، وسواد عيناه
يطغىٰ على البياض الساطع الذي يحيطهُ
نَظر تِجاهي.
جَلست لكي أستمع لهُ كالعادهَ
ولكن كالعاده هذهِ كانت صَامتهَ
فَـ هو لايتحدث شيئاً رُغمَ إلحاحي عليه
ولكن بالفترةِ الأَخيرهَ ، أنا أيضاً أصبحتُ
صامتاً 
كُنت أَنظرُ له مطولاً عسىٰ ولعلَ أن يَفتح فمهُ
بكلمةٍ واحدهَ ، وبَعد أَن إِنتهىٰ الوَقت
مرة ساعةُ بالفعل
حَزمت حَقيبتي ، وقلتُ لهُ : في المرةِ القادمهَ
أُريدُ حديثاً .
خَرجت من غرفتهِ ، أَسير في الممر
وكان الظلام حَالك
فقط ضوء واحد في بداية الممر
وعِندما وصلت إِلى نهايةِ الممر
أخذت نظرةٍ خاطفهَ تتبعني إلى غرفتهِ
وهممت بالرحيل
إلا أن سمعتُ صراخٍ ، قادم من غرفتهِ
رَميتُ حقيبتي وأتجهتُ مُسرعاً لهُ
فتحت البَاب ، ورأَيتهُ يَرتجف بشكل
غير طَبيعي ، إِقتربت مِنهُ ، وأحتضنتهُ
رُغم سلوكهِ المُعادي
فَـ لم أشعر سوىٰ بإيدي تَحتضنني
ولكنها كانت صعبهَ بالنسبة لقيودهِ
وكان يبكي
لم أَقُل شيء فقط كان يبكي
وأنا أستمع لبكائهِ ، كان يمسح
أَدمعهُ بردائي الأبيض
مُحتضنني بقوةٍ
وبَعد مرور ثلاثون دقيقهَ
إِنقطع صوت البُكاء
وشَعرتُ بثقلِ رأَسهِ علي
فَ لاحضتُ إنهُ قَد نام .
نَهضتُ ، وتركتهُ ينام
خرجت من الغرفةِ

وفي اليَومِ الآخر ،
ذَهبتِ إلىٰ المصحةِ
لِكي أُباشر إِلي عَملي
ولَكن عِندما وَصلتُ إلى المصحهَ
كان الجميع ينظرُ لي بإستغرابٍ
أستغربت من نظراتهم ، ولكنني
تجاهلتها ، وبدأَت عملي كالعادهَ
وفي ذات الوَقت
ذهبتُ الممرضةِ وسئلتها
هَل جُهزَ المَريض ؟
أستغربت وقَالت لي : أيٌ مريضٍ؟
لقد أنتهىٰ الدوام .
أستغربت ولكني لم أَسئلها شيئاً .
وجهُ هذهِ الممرضهَ كان جديداً
أَيُعقَلُ إنني أَتخيل؟
لا لا أعتقد ذالك
كُنت أقف في نهاية الممر
ولكن لم يَكُن هنالك باباً .
سئلت نَفسي مُرتبعاً :
مَاذا يَحدثُ معي؟
هَل أَنا أَتخيل كل هذا؟
ولكن لا يُعقل فَ لقد كانت
هنا غرفةٌ ، ف سئلت ذات الممرضهَ
ألم يكن هنالك غرفة في النهاية المَمر؟
فَ أَجابت بِنعم ولكنها أُغلقت
الأَن مَريضها مَات مُنذ أعوامٍ طويلهَ
وبَقيت روحهُ معلقةٍ هناكَ .
وعِندما أغمضتُ عَيناي
وعِدتُ لِفتحها ،
لم أَرىٰ شيئاً ، وأَتضح لي
أنهُ أنا ذات المَريض الذي مَات .

هَذا مَاحدثَ مع الطبيب الذي تَحول إلىٰ مريضاً نفسي وتَم تشخصيهُ بِمرض الوسواس القَهري والقَلق قَبل وفاتهِ .

زهراء محمد

...Where stories live. Discover now