القصة الثالثة

99 12 8
                                    

أحد الأهداف والأمنيات
كانت هيَّ دخولي مشفّى للمصح العقليّ
سمعت الكثير من الكلام عن المرضى
ولكِن كنت أمرّ بتناقضات
مرةٍ أصدقهم وتارةً لا
ولأني اليَقيّن اود كُل شيءٍ
مثل أسمي ، ثابت ومطابق
وعند ممارستي هذهِ المهنة
رأيت مرضاي يختلفون
من شخصاً إلى أخر
ولكِن لم يؤثر بيَّ أحداً مثّل مريضتي التي تسكن الغرفة ملونة جميعها باللون الأبيض لانها تخشى الظلام ولا تحب اللون الاسود يذكّرها بالحادث الذي حصّل معها
قالت لي : "هل تسمحين لي بأن اقرأ لكِ قُصة ؟"
ونظراتها كأنها تتوسل بيَّ
بالطبع لمّ أرفض
فأني هنا لأستمع لهم في جميع الأوقآت
بعد ان نظرت للنافذة المطلة على حديقة المشفى
قالت لي :
" فِي البداية
ذِكْريَات
عِنْدمَا كُنْت صَغِيرَة
وأجْلس وَحدِي فِي غُرفَة
يَدخُلها اَلقلِيل مِن الضَّوْء
مِنَ اَلغُرفة المجاورة
كُنْت أَتخَيل أنَّ هُنَاك اِمرأَة
كَبِيرَة فِي السِّنِّ
تَجلِس الى جَانبِي
ذات شِعْر مُجعَّد وطويل
ملامحهَا مُخيفَة
-تُشْبِه أَفلَام الرُّعْب-
بِثياب تُشْبِه رِدَاء المرْضى كُنْت أَشعُر
بِالْخَوْف اَلشدِيد ولَا أَستطِيع
أن أُدير رَأسِي لِوجْهة
أُخرَى بِسَبب خَوفِي المبالغ
بِه وَبِسبَب أوْهامي وتفْكيري السَّوْداويُّ
أَمَّا عن الآن اِنتهَت الذِّكْرى
وَأَصبحَت أنَا هَذِه المرْأة اَلمسِنة
كمَا وَصفَت شِعْرهَا  مُجعَّد وطويل
عُيناًن يَأكُلها السَّوَاد
وَلكِن هُنَاك فرْقًا بيْننَا
أنَا لََا أَجلِس بِجانب الأطْفال
وأخيفهم لِأَني لَسْت شبحًا أنَا مُصَابَة
بِالْجنون وَهذَا لََا يَعنِي أَنهُم
يخافون مِنِّي أنَا اَلتِي تخافهم هُم الَّذين يأْخذونني يُدْخلونني
فِي غُرفَة بَيْضاء
لََا أَعلَم مَاذَا يَضعُون فَوْق رَأسِي
وَلكِن أَشعُر بِصعْقة كهْربائيَّة
تسير فِي جَسدِي
وَأُخرَى تَحصُل فِي دِماغيٍّ
وَكُل يَوْم بَعْد مُنتَصَف اللَّيْل
يَدخُل لِغرْفَتي أحد الممرِّضين
يَقُوم بِاغْتصابي وَيضَع لَاصقًا على فَمِي
لِمنْعي مِن الصُّرَاخ
ويناديني بِالْمجْنونة
وَيقُول لِي هَا قد تَخلَّى اَلجمِيع
عَنْك وَأنَا فقط مِن بَقيَّت معك
لََا يَعلَم أَنَّه هُو اَلمرِيض ولسْتُ أنَا
وَأنَّه المجْنون
اَلذِي يَجِب مُعالجته
بِأسْرع وقْتًا مُمْكِنا
حَملَت مِنْه وَبُعد مُرُور عن حَملِي
ثَلاثَة أَسابِيع
فِي اللَّيْلة اَلتِي عَلِم بِهَا عن الحمْل
أخْبرَتْه طَبِيبَة بَكْماء
عن اَلحَق وعمْيَاء عَمَّا يَحصُل هُنَا
بِسَبب كُمِّ قِرْشًا تَستلِمه مِنْهم
أتى مُسْرِعا فِي مُنتَصَف اليل
واسْتَمرَّ فِي اِغْتصابيٍّ
حَتَّى الصَّبَاح إِلى أنَّ مات طِفْلِي
كَانَت تأْتيني رَغبَة عَارِمة
فِي قَتلِه فَا أنَا مَجنُونة
كمَا يقولون
ولَا على المجْنون
حَرِج قتلتْه
سَجنَت فِي دَاخِل المسْتشْفى
لََا أحد يسْألني
عن سبب قَتلِي
لَه فقط الخوْف مُنِي وَعيُونا تلومني
أليْس هذَا الشَّخْص اَلذِي يُعالِجك؟
لََا يعْلمون أَنَّه تَسبَّب فِي قَتلَى
سَلْب رُوحيٍّ مِنِّي وفقدتْ
عَقلِي تَأكدَت بعْدهَا
إِنِّي أُصبْتَ ولَا شَيء سَ يُعالجني
وهَا أنَا اقرأ لكِ  فِي سِجْنيْ
تَحْت غُرفَة مُعْتِمة
بِجدْرَان قَدِيمَة
على وَشْك السُّقوط
مِثْلِي يَسكُن فِيهَا جميع الحشرات
آه أَعتَذر
جميع أصْدقائي
لَانَ الحشرات أصْبحوا أصْدقائي
أَصبَحت أَتحدُث مَعهُم
لَيْلا وَنَهار
بعد ان قالت لي هذهِ القصة
قلت لِها بعد شعوري بالخوف البسيط
قصة من هذهِ ؟
قالت : "قصتي"
كانت مريضتي تعاني من (
اضْطِرابُ الكَرْبِ التَّالي للرَّضْح)
بِسبب وفاة أعز الناس لديها "طفلها".
              -يَقيَّن حَسيب.

...Where stories live. Discover now