القصة السابعة عشر

26 7 0
                                    

دَخلَت بِتوجُّس أَترَقب حالته ، أَنتَظر أيُّ رَدَّة فِعْل مِنْه ، حَتَّى أُقيم فِي أيِّ مِزَاج الآن هُو فِي التَّحْديد ، تَقربَت مِنْه رُوَيْدا رُوَيْدا ، كان يَجلِس على كُرْسِيه ، قُبَال لَوْحاته الفنِّيَّة ، يَرسُم بِشَغف ، لَكِن لَم نَجِد بَعْد تَفسِير إِبْداعيٍّ لِفَنه اَلغرِيب كمَا يُطْلِق عليْهَا أيُّ شَخْص قد يراهَا لِلْوهْلة اَلأُولى ، لَم يَلْق بالا لِوجودي ، بَقِي يُكْمِل لَوْحته

كَانَت الرَّسْمة عِبارة عن وَجْه يَملَأ اللَّوْحة ، وَبدَل الملامح كان هُنَاك وَجْه آخر أَصغَر ، دَعونِي أوْضحَهَا لَكُم أَكثَر ، كأن هُنَاك شخْصًا يَقِف أمامَكم ، وبدلا مِن أُذنيْه تخيُّلا هُنَاك وجْهًا ، وبدلا مِن فَمِه هُنَاك وجْهيْنِ يشْتركان فِي الحنك ، وبدلا مِن أَنفِه هُنَاك وجْهيْنِ يشْتركان فِي قَفَّى الرَّأْس ، وبدلا مِن عيْنيْنِ هُنَاك وجْهًا يُقَابِل وجْهًا آخر ، لََا أَعلَم لَكِن أَتمَنى أن فِكْرَة اللَّوْحة قد وَصلَت لِأذْهانكم

جَلسَت بِجانِبه ، أُحَاوِل أن أُجسِّد شخْصيَّته مِن خِلَال تِلْك الألْوان اَلتِي ستشكِّل لَوْحته ، اِلتفَت نَحوِي ، وَهُو يَرمُقني ، بِعيْنَيْه السَّوْداويْنِ

حسام: هيا اطرحي أسئلتك ثم انصرفي، فأنت تشوشين علي ملامح تلك اللوحة

تَهللَت أوْصالي ، هذَا يَعنِي أَنَّه اليوْم فِي حَالَتِه الطَّبيعيَّة ، تَشجعَت لِأطْرح كُلَّ تِلْك الأسْئلة اَلتِي تَدُور فِي خَلدِي

مُطيعَة : أنَا اِسْمِي مُطيعَة ، وَكمَا ترى أنَا طَبِيبَة أَعمَل هُنَا ، لَكِن بِالتَّأْكيد نَحْن مُجرَّد أَصدِقاء ، أَقصِد بِنَحن أنَا وأنْتَ ، طبْعًا أن أَحبَبت ذَلِك
رَمقَنِي بِازْدراء
حُسَام : وأنَّ لَن أَقبَل هل ستتَّرْكينْني وَشأنِي !
نَقلَت بَصرِي نَحْو وَجهِه ، ثُمَّ مَثلَت بِأنَّني أُفكِّر
مُطيعَة : أَتمَنى حقًّا أنَّ أُلبِّي طَلبِك هذَا ، لَكِن فِي حَقِيقَة الأمْر اليوْم أنَا بِحاجَتك وليْس العكْس ، إِنَّ لَم أَستَطع أن أَكتُب تقْريرًا عَنْك نِهاية هذَا الأسْبوع سأطْرد مِن عَملِي ، ولَا أَظُن أنَّ شخْصًا بَارِع مِثْلِك سيرْضى أن يَفقِد أَحدُهم وظيفَته مِن أَجْل بَعْض الكلمات اَلتِي سيتفَوَّه بِهَا
حسام: لا تبدأي بتلك الدرامة الخاصة بكِ، في بداية كل اسبوع، أطرحي اسألتك الخرقاء، ثم انصرفي، هيا
مُطيعَة : حسنًا ، حسنًا ، كمَا تَشَاء أَيهَا الفنَّان إِذَا مَا هُو شُعورك فِي هذَا الوقْتِ !
حُسَام : لََا شَيْء ، لََا شَيْء مُهِم يُذكَر ، يوْمًا رُوتينيًّا ، تَنَاولَت طَعامِي ، تمشَّيْتُ فِي حَدِيقَة السِّجْن اَلْخاص بِكم
مُطيعَة : أَنَّه مُسْتشْفَى وليْس سِجْنًا
حُسَام : نَحْن نَرَاه سِجْنًا ، سِجْن يُقيِّد بِه مشاعرنَا ، أفْكارنَا ، أحْلامنَا ، يُحَاوِل أن يُسيْطِر على تِلْك المشاعر اَلتِي نَشعُر بِهَا ، تُحاولون أنَّ تكْبتونَا فِي حَالَة مِزَاج مُعَينَة ، تُريدون اَلحُصول على اللَّوْن الرَّماديِّ فِي كُلِّ شَيْء ، وَهذَا لََا يُمْكِن أن يَحدُث ، فِي عَالمِنا أَمَّا أن يَكُون أَبيَض نَاصِع ، أو سوْداويٍّ حَالِك ، أَمَّا الرَّماديُّ تُمثِّل حَالَتِي الخرْقاء هَذِه ، أَعتَذر مِنْك ، لَكِن هل تَسمحِين لِي أن أَكمَل لَوحَتِي

...Where stories live. Discover now