القصة الثالثة عشَر

27 8 1
                                    

في ذاك الصباح المزدحم بالمهام البيتية والشخصية قبل الخروج إلى مهمتي المهنية والانسانية
خرجت من منزلي بعد أن تصارعت كثيرًا مع نفسي هل اذهب اليوم ام إنني استحق الاستراحة وانتصرت نفسي النشطة
قررت أن أذهب سيرًا على الأقدام لاعطي نفسي استراحة من الراحة وقلقت ان اكره هذا في منتصف الطريق
وصلت إلى المصح ارتديت ردائي الابيض وفي طريقي إلى مكتبي رأيت بعضًا من الممرضين يجرون إلى الطوارئ
سألت احدى الممرضات : ماذا يحدث
قالت : حاولت الانتحار ثانيةً
شعرت بالاحباط لعدم تقدم العلاج بشيء
بعد ان خرجت المريضة من الطوارئ
ذهبت إليها بدت متعبة جدًا منكوشة الشعر قليلًا تبدو في سن الثلاثين تمتلك ملامح جميلة وهادئة لم يستطع المرض من اخفاء حسنها
يدها مربوطة بالمصل
و هي مربوطة بالكثير من الأجهزة المنقذة انتظرتها حتى استيقظت بعد يوم
سألتها : ماذا حدث ثانيةً؟ لِم قررتِ إنهاء حياتك؟
ريناد : لانقاذ ابنتي الصغيرة ، لقد عانت كثيرًا
إنها فشلت في هذا الاختبار ايضًا وخَسِرت سنة أُخرى .
قلت لها : لكنك تؤذيها برحيلك إنها فقط تريدك على قيد الحياة ، لا تجعلي محاولاتها في إنقاذك تبوء بالفشل
ثم بدأت بالهلوسة
ريناد : لكل شي زمان
لكل شيء تحت السماوات وقت
للولادة وقت
للموت وقت
للزرع وقت
وللحصاد وقت

وبدأت تكرر بتلك الجملة المعتادة
ارادت الممرضة ان تحقنها ابرة مهدئة
ف بدأت بالصراخ
لِم تريدون قتلي
دعوني اموت دون قتل ، اكره طريقة الموت تلك ، لا تقتلوني
خرجت من غرفتها وذهبت الى ذويها
قلت لابنتها : إنها بخير ، لقد نجت لا تقلقي
سارة : إنه ذنبي ، لقد قال ابي مِرارًا انه توجب علينا نقلها المصح
كنت اظن انني استطيع حمايتها وحدي
حتى تفاقمت حالتها
قلت لها : لا عليكِ ، لقد اعتنيت بها كثيرًا ولم تهمليها قط
إن مرضى الانفصام يحتاجون إلى علاج مدى الحياة حتى وإن تحسنت حالتها فهي بحاجة لرعايتك ومراجعتنا ويجب أن نتصالح مع هذا الأمر أليس كذلك؟
وها هي هنا في المصح ونحن نعتني بها
تنهدت سارة ومسحت دموعها
سارة : حسناً ، شكرًا
بعد فترة من الوقت وبعد ان تحسنت ريناد كانت لدينا جلسة
جلستُ امامها
_ كيف حالُكِ ريناد
ريناد : منفصمة الشخصية ، بخير ولست جيدة
ارغب في الحياة الطويلة مع ابنتي ولا اريد ان أكمل مشوار حياتي
أشك في الجميع ، حتى في ابنتي
الجميع يريد قتلي
انا عبئ عليهم
_ لا تقولي هذا لا احد يريد قتلكِ ، الجميع يحبكِ وابنتك تريد ان تشهد امها نجاحاتها
ريناد : اي أم؟ أنا ام الأخرى المجنونة؟
ام انا هي المجنونة والأخرى هي امها؟
_ هي تحبكِ أنتِ دون مسمى وتريدك انتِ
ريناد : أليس هذا ظلم
_ ما هو؟
ريناد : اليس الجميع يملك شخصتان او اكثر؟
كأن يشتهي شيئان في الوقت ذاته
او يحب شيء ويكرهه بنفس الوقت
ان لا يعرف أن يقرر أبسط الامور ، كعشائه مثلًا
لأنه احتار أي نفس فيه يُرضي
اليس هذا انفصام أيضا
لِمَ انا هنا
لِمَ تُعد حيرتي مرض مؤذي
اما أن أُحبس في قفص في بيتي منعزلة عن باقي ارجاء المنزل كالعصفور
او كـ وحش هائج
أعطى طعامي من فتحة صغيرة
أستطيع احتضان ابنتي مرة واحدة في اليوم
او أن أُزجُ هنا في المصح
بعيداً عن بيتي وعن ابنتي
حتى اصبحت اشتاق لذلك القفص الأبيض
_ لأنكِ مشوشة ، هم لا يريدون عزلك عن الحياة ، هُم فقط يعزلوك عن اي شي من الممكن ان تؤذي نفسك فيه هُم ينتظرون ان تكونين بخير وتعودين إلى سابق عهدك
ثم ينتهي كُل هذا ، فقط اجمعي شتات نفسك وكوني قوية لتخطي هذه الفترة

مسكت ريناد رأسها وبدأت تهلوس
ريناد : لكل شي زمان
لكل شيء تحت السماوات وقت
للولادة وقت
للموت وقت
للزرع وقت
وللحصاد وقت

_ فِضّة

...Where stories live. Discover now