القصة الثانية

117 16 4
                                    

"مريضة ترفض الواقع  "

في ساعة الثانية مساء في مشفى قديم يفتقر الى الخدمات كلها ،
كان قد انتهى تواجدي في المشفى كطبيب نفسي ، لكن سمعت صراخُ عالِ من احد الغرف فاستوقفني ما قاله " لستُ وحيدة لستُ وحيدة !" ،فذهبت مسرعاً لمريضتي وقلت لها :
- ما بكِ لماذا خائفة انا هنا لا تقلقي ! .
احتضنتها فأنا اعامل مرضاي كأنهم أطفالي لكن ليس كل من يداوي الجرح خال منهُ ،قالت لي وهي غاضبة :
-أين كنت لقد خُفت وحدي ! .
فضحكت وقلت :
-أنا هنا ، لا تقلقي ، اهدائي واخبريني ما حصل ؟ .
أخذت تتنفس ، وتقول :
-لقد جاء زوج أمي وقال لي " لا أحد معك أنت وحيدة" وكان ابي يدافع عني ويقول له " لا أنا هنا قربها ، إياك ان تزعج ابنتي" لكنهم رحلوا حينما أتيت.
وللأسف والدها ميت منذ مدة وهو سبب تواجدها هنا ، فقلت لها :
-لا تقلقي لستِ وحدكِ أنا هنا .
حاولت الوقوف والذهاب من على السرير فقُلت لها :
-اين أنت ذاهبة ؟ ، تمالكِ نفسكِ انا سوف احملكِ .
حملتها ،وقالت وهي مبتسمة :
-اريد أن التقي بصديقتي المريضة في هذا المشفى ،والممرضة التي كانت تحبني ، اشتقت لهم .
لم اعرف ما اقول فكل منهمُ ماتَ ، ولماذا هي تشتاقُ للموتى فقط ؟ ، فقلت لها :
-سوف نلتقيهم لقد انتقلوا الى مشفى آخر .
قالت لي وهي حزينة :
-يا ايها الطبيب ، هل انا قبيحة ؟ ، وهل أنا تعيسة ؟ ،لماذا يقولون لي دائما هذا الكلام ؟
فأجبتها :
-لكن أنا لا اشعر انكِ كذلك ، لديك وجهُ جميل و عينان سوداويتان جميلتان ،الا يكفيكِ ذلك ؟، حتى وأنا طبيب اُطيب بهما ، ومن قال هذا الكلام ؟.
قالت لي :
-امي .
ولكن امها ميته حتى قبل موت والدها ، وهي لم تتزوج رجلاً اخر غير والدها ، فأرتبكت ولم اعرف ما اقول لكن اخرجتها على كرسي المتحرك بكلام عشوائياً وقلت :
-هيا لنخرج نأخذ بعض الهواء النقي ، فأنا سأكون لكِ الجميع لستِ بحاجة الى أحد .
حين خروجنا قالت :
-شكراً لك ،
هذه النتائج عندما تُعطى المهنة لمن يستحقها ، لكن يا ايها الطبيب انا اشعر انني عجوز رغم لم أشيب ،ما فائدة شعري الاسود ، حيث ان قلبي قد شابَ .
يبدو انها اصبحت تحب البقاء في هذا المشفى اكثر من خروج منه ، فما زالت تجهل ما يوجد خارج المشفى ، فقلت لها :
-أن الكان الديار غير آمن ، فيمكنك البقاء هنا الى أن أموت . فنامت وحملتها الى سريرها المريح والتعب زال من ملامحها كأنها طفلة ذات العشرون عام ، فقلت بيني وبين نفسي ، " كيفَ لمريضُ ان يكونَ دوائكم ؟" .

-رقيم لؤي .

...Where stories live. Discover now