......................................................................
فى الشقة المقابلة كانت "الست فاطمة "تعد طعام الإفطار قبل أن تتجه للعمل، دلفت لغرفة ابنتها بعدما شعرت بتأخر الوقت كثيرًا و فات موعد استيقاظها منذ مدة
اتجهت بهدوء و قالت بينما كانت تمسد على رأسها بحنان :
مش هتقومى تروحى الشغل يا بنتى ؟!
حركت"ديما" رأسها نفيًا و قالت بينما مازالت عيناها مغلقة :
لا، لسه جايلى message أن فى عطل فى الأجهزة الرئيسية فى الشركة و الشغل هيبقي online حاليًا، فمش هروح غير الجامعة حسب أيام السكاشن بتاعتى و خلاص
أومأت برأسها بتفهم ،ثم قالت و هى تهم بالخروج من غرفتها :
تمام يا حبيبتى ،أنا هنزل الشغل ،"منى" هتتأخر شوية فهروح أخذ إذن ليها و أخلص كام حاجه كدا
و الفطار جاهز براحملت حقيبتها و هبطت للشارع مُتجهة لمكان عملها ، لكن أوقفها حديثه ما أن مرت بجانب المحل الخاص به :
و أنتِ مروحه عدى عليا، جبت مربى العنب اللى "ديما "بتحبها
توقف عن الحديث للحظات ما أن ركز فى ملامحها ، لقد اشتاق لتلك الفتاة التى عشقها قبل أن يعبث الزمن بحياتهم استطرد فى قوله بشاعرية مؤلمة :
و اللى أنتِ كمان بتحبيها يا "فاطمة"
طالعته بأعين حزينة تميل للبكاء رغم القوة التى تتظاهر بها و الزمن الجائر بشكل صريح على كليهما و ما بين ذلك التخبط هتفت باستنكار:
لسه فاكر ؟! بعد العمر دا كله يا "جمال"ابتسامة جانبية و زفرت خائنة تنم عن حسرته على ما حدث و مع ذلك هتف بما يكنه فى صدره منذ قرابة الربع قرنِ:
كنت بجبهالك من محل أبويا كل ما تيجى تزورى أختك، و نتقابل فى الشارع اللى ورا البيت عشان أديهالك من غير ما حد يشوفنا
ابتسمت بهدوء حين تذكرت تلك الأيام الخوالى و لكن نغزة ثقيلة اجتاحت فؤادها و تمتمت بقلة حيلة :
كنا لسه عيال صغيرة، مش عارفين الدنيا مخبيالنا ايه ؟!
لكنه لم يتركها تلوذ بالفرار و هتف متعمدًا بضيق و غضب :
قصدك قبل ما تتجوزى و تضيعى منى
شعرت بناقوس الخطرِ يدق فوق رأسها و التفت يمينًا و يسارًا خائفةً من أن يسترق أحدهم السمع و يدرك حقيقتم، و أدرك هو ما تشعر به، فالتفت يعود لدكانه و هو خائب الرجاء، مكسور النفسِ، لكنها أسرعت له و هى تقول كى تضع حد لنفسها قبله حتى :
الكلام فى القديم ملوش لازمه يا "جمال" ،اتجوز و عيش حياتك و......
قاطعها قبل أن تكمل حديثها، فلا يريد سماع أى حرف زائد و أندفع هو يقول بنبرة عتاب ظهرت بوضوح:
بقالك أربعة و عشرين سنة بتقولى الكلمتين دول بعنيكى و كنت كاتمها فى قلبى و ساكت، جايه النهاردة تقوليها بلسانك يا "فاطمة"، مكفيكش كل جرحك ليا ؟!"لسه عايزه تدوسى عليا"
صدح صوته بتلك الجملة فى النهاية بينما كانت عيناه تطالع خاصتها بألم
و أخفضت هى رأسها تشعر بالخجل و تستشعر ألمه و هذا ما يزيد معاناتها لتتمتم رغم رفض قلبها لما ستقوله :
عشان تعبت، تعبت من تأنيب الضمير، و أنى السبب......
اعترض باقى الكلمات مانعًا إياها من الهتاف حيث قال هو بنبرة لا تقبل النقاش :
حياتى موقفتش عشانك يا "فاطمة"، أنا اللى وقفتها بمزاجى، وعدتك من زمان مفيش واحدة هتاخد مكانك فى قلبى و ملوش لازمه الجواز طول ما الواحدة دى مش أنتِ
YOU ARE READING
مريض نفسى بالفطرة
Actionمريض حُكِمَ عليه بعيش الازدواجية فى كل شىء ، إلى أن قابلها، منحته قلبها رغم معاناتها السابقة ولكنه رفض البوح بماضيه، عانت معه الى أن أعترف بحبه وهنا كانت المشكلة، حين بدأ الحب يتلاعب مع مرضه، ولكن هل الماضى له رأى آخر؟ من منا سليم؟ الكل يصارع فى يوم...
_٣٦_(الغضب الساطع آت)
Start from the beginning