_٣٦_(الغضب الساطع آت)

Start from the beginning
                                    

......................................................................

فى الشقة المقابلة كانت "الست فاطمة "تعد طعام الإفطار قبل أن تتجه للعمل، دلفت لغرفة ابنتها بعدما شعرت بتأخر الوقت كثيرًا و فات موعد استيقاظها منذ مدة
اتجهت بهدوء و قالت بينما كانت تمسد على رأسها بحنان :
مش هتقومى تروحى الشغل يا بنتى ؟!
حركت"ديما" رأسها نفيًا و قالت بينما مازالت عيناها مغلقة :
لا، لسه جايلى message أن فى عطل فى الأجهزة الرئيسية فى الشركة و الشغل هيبقي online حاليًا، فمش هروح غير الجامعة حسب أيام السكاشن بتاعتى و خلاص
أومأت برأسها بتفهم ،ثم قالت و هى تهم بالخروج من غرفتها :
تمام يا حبيبتى ،أنا هنزل الشغل ،"منى" هتتأخر شوية فهروح أخذ إذن ليها و أخلص كام حاجه كدا
و الفطار جاهز برا

حملت حقيبتها و هبطت للشارع مُتجهة لمكان عملها ، لكن أوقفها حديثه ما أن مرت بجانب المحل الخاص به :
و أنتِ مروحه عدى عليا، جبت مربى العنب اللى "ديما "بتحبها
توقف عن الحديث للحظات ما أن ركز فى ملامحها ، لقد اشتاق لتلك الفتاة التى عشقها قبل أن يعبث الزمن بحياتهم استطرد فى قوله بشاعرية مؤلمة :
و اللى أنتِ كمان بتحبيها يا "فاطمة"
طالعته بأعين حزينة تميل للبكاء رغم القوة التى تتظاهر بها و الزمن الجائر بشكل صريح على كليهما و ما بين ذلك التخبط هتفت باستنكار:
لسه فاكر ؟! بعد العمر دا كله يا "جمال"

ابتسامة جانبية و زفرت خائنة تنم عن حسرته على ما حدث و مع ذلك هتف بما يكنه فى صدره منذ قرابة الربع قرنِ:
كنت بجبهالك من محل أبويا كل ما تيجى تزورى أختك، و نتقابل فى الشارع اللى ورا البيت عشان أديهالك من غير ما حد يشوفنا
ابتسمت بهدوء حين تذكرت تلك الأيام الخوالى و لكن نغزة ثقيلة اجتاحت فؤادها و تمتمت بقلة حيلة :
كنا لسه عيال صغيرة، مش عارفين الدنيا مخبيالنا ايه ؟!
لكنه لم يتركها تلوذ بالفرار و هتف متعمدًا بضيق و غضب :
قصدك قبل ما تتجوزى و تضيعى منى
شعرت بناقوس الخطرِ يدق فوق رأسها و التفت يمينًا و يسارًا خائفةً من أن يسترق أحدهم السمع و يدرك حقيقتم، و أدرك هو ما تشعر به، فالتفت يعود لدكانه و هو خائب الرجاء، مكسور النفسِ، لكنها أسرعت له و هى تقول كى تضع حد لنفسها قبله حتى :
الكلام فى القديم ملوش لازمه يا "جمال" ،اتجوز و عيش حياتك و......
قاطعها قبل أن تكمل حديثها، فلا يريد سماع أى حرف زائد و أندفع هو يقول بنبرة عتاب ظهرت بوضوح:
بقالك أربعة و عشرين سنة بتقولى الكلمتين دول بعنيكى و كنت كاتمها فى قلبى و ساكت، جايه النهاردة تقوليها بلسانك يا "فاطمة"، مكفيكش كل جرحك ليا ؟!

"لسه عايزه تدوسى عليا"
صدح صوته بتلك الجملة فى النهاية بينما كانت عيناه تطالع خاصتها بألم
و أخفضت هى رأسها تشعر بالخجل و تستشعر ألمه و هذا ما يزيد معاناتها لتتمتم رغم رفض قلبها لما ستقوله :
عشان تعبت، تعبت من تأنيب الضمير، و أنى السبب......
اعترض باقى الكلمات مانعًا إياها من الهتاف حيث قال هو بنبرة لا تقبل النقاش :
حياتى موقفتش عشانك يا "فاطمة"، أنا اللى وقفتها بمزاجى، وعدتك من زمان مفيش واحدة هتاخد مكانك فى قلبى و ملوش لازمه الجواز طول ما الواحدة دى مش أنتِ

مريض نفسى بالفطرةWhere stories live. Discover now