_١١_ (نوبة غضب)

7.3K 417 26
                                    

عن جابر ـ رضي الله عنه ـ قال:
(( كنا إذا صعدنا كبرنا، وإذا نزلنا سبحنا ))
[رواه البخاري] .
______________________________________

٠١/٠١/٢٠٢٣
(نوبة غضب)

ضلعى الثابت
أيمكن للمرء التأقلم على الوحدة بعدما ألف الرفقة بشدة؟ اعتاد على الاستيقاظ بجانب تلك الأصوات
الصراخ و الأحذية المتطايرة و تلك الألفاظ
كل شىء تبخر فى لمح البصر.
و ماذا بعد الوحدة ؟ ألم و دموع، صراخ مستمر أم مجددًا مقابلة؟
نقابل فى يومنا العديد من الأشخاص، البعض جيد والبعض لا دخل له و الأغلب سىء، فلم كل من نقابله فى حياتنا من النوع الثالث ؟
لما لا نُجرح إلا من الأشخاص المقربين؟ من نحبهم بصدق يتفنون فى أذيتنا بأبشع الطرق الممكنة و كأن هناك سباق خفى على الأكثر شرًا من بين الجميع
أحقًا لا حب بدون غدر و جرح ؟
وعن أى حب نتحدث، إنه حب الأم لابنتها

"أريدك بكل ما أوتيت من قوة
أريد وجودك حتى و إن كان بدون إرادتك، رغمًا عنك
لم يعد يشكل أى فرق، فقط وجودك هو المهم
عودى يا أمى
أرغب باحتضان ذراعك و البكاء على كتفك "

______________________________________

سقطت"رنا أرضًا من هول الصدمة، مجددًا هنا، لجحيم قاسته سابقًا، بنفس الرقعة التى زرفت الدماء فوقها.
نظر جدها لها بأعين مليئة بالسخرية كأنه يخبرها بوحدتها، لا أحد لها حتى والدتها التى كانت تتغنى منذ لحظات بحبها القوى رحلت.
و كأن نظراته تتحدث و تقول
"لم يبق بجانبك سواى فكونى مطيعة يا فتاة، أنا من ستعيشين بماله، فتأدبى و أطيعينى"

ابتسم"الحاج راشد " بفخر شديد حتى بانت نواجذه و قال :
قولتلك ملكيش حد غيرنا
ادخلى أوضتك دلوقتى و الأكل هبعتهولك بس متاخديش على كدا، لازم تتعودى على نظام حياتنا هنا، أنتِ خلاص ملكيش مكان تانى، هنا مكانك و دى عيلتك حتى لو رافضة دا
بكره تعرفى أن اللى حصل دا هو الصح و اللى كان لازم يحصل من زمان أوى

تلقت كلماته بهدوء لم تنبس ببنت شفة، سارت فى الطريق المشار لها دون الإعتراض   مرت بجانب تلك الأفعى و كأنها لا شىء مجرد جماد
لم يكن بمقدورها حتى الرد على سخريتها و كلماتها المتشفية، فقط تنظر بأعين خالية، جسدها لا يصدق بأن والدتها تركتها هنا بمفردها تواجه كل ذلك
لكن أيمكن للأفعى ألا تبخ سُمها حين تضعف فريستها؟ فالفرصة سائغة أمامها و ما هى إلا شخصية مقتنصة للفرص ببراعة شديدة
اقتربت"سهير" منها هاسمة بالقرب من أذنها لكى لايسمعها أحد :
عشان تعرفى أن ملكيش حد، محدش هيحب يتعامل مع مجنونة زيك، آخرك هنا خدامة زيك زى أمك و جدتك قبلكم أنتم الاتنين، بس دا حتى أمك سابتك مقدرتش تتحمل مرضك دا، ياحرام تصدقى صعبتى عليا بجد و الدمعة هتفر من عينى
ابتلعت"رنا" تلك الجمل دون أى ردة فعل و أكملت الطريق للغرفة التى استيقظت بها لا يمكنها أن تطلق عليها غرفتها، لا شىء ملكها هنا، لا تملك سوى غرفة واحده تقع فى بيت والدها و والدتها و لا شىء آخر
لاتريد أصلًا أن تمتلك سواها .

مريض نفسى بالفطرةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن