_٦_ (لا أريدك يا أمى )

8.5K 450 36
                                    

عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال:
(( لولا أنْ أشق على أمتي، لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة ))
[متفق عليه] .
______________________________________
١٤/١٢/٢٠٢٢
(لا أريدك يا أمى)

"مازال قلبى يحدثني بأن هناك أمل"

"أَكْرِهُكِ وَ أَتَلْهَّفُ بِشِدَّةٍ لِوَصَلَكِ
أُنَاقِضُ نَفْسِى وَ أَهْفُو دَائِمًا لِقُرْبِكِ
لِمَ؟! لِمَ يَا أُمِّى ؟!"
_غيث الحديدى
______________________________________

كانت تقف مذهولة ،لم تتوقع تلك الصدمة ،كيف عرف؟ ومنذ متى؟ و الأكثر رعبًا بالنسبة لها ماذا سيحدث بعد معرفته؟ كانت تشبه الشخص المدمن فى ترنحه و عدم إتزانه فى تلك اللحظة السوداء، أردات الصراخ بوجهه و تعنيفه كما تفعل دائمًا كلما ضعف موقفها فى أى نقاش ،و لكن صوتها لم يسعفها الآن ،هى فقط تقف فى منتصف الصالة لا تريد أن تدير وجهها له ،تقف بأعين متسعة و عقل يعمل فى كل الإتجاهات ،تريد أن تخرج من هذا المأزق بأقل الخسائر الممكنة و لكن صدقًا هى الخاسرة منذ مدة بعيدة ،حين ضحت بتلك الروح البريئة التى لاذنب لها ،و ستعانى فيما بعد حين تصبح وحيدة لا أحد لها
حتى من تربطه به علاقة وثيقة سيكون أول الراحلين .

لكنها عوضًا عن الإعتذار و محاولة إصلاح ما أفسدته ،هتفت متسائلةً بحدة :
عرفت منين؟مين اللى قالك يا سامح ؟ ساره اللى قالتلك صح ؟
ابتسم بسخرية و قال بعدما عقد ذارعيه أمام جسده :
هو دا كل اللى يهمك ، عرفت منين ؟ لكن تسألينى ، تكلمينى ، تعرفينى أى حاجة طبيعية الأزواج بيعملوها لا ، دا مش ابنك لوحدك على فكرة لو المعلومة دى كانت ضايعة عن بالك مثلًا
أخفضت رأسها سريعًا كى تتحاشى النظر له و قالت بعدم اكتراث :
لو سألتك كنت هترفض ، و أنا تعبت
لكن زوجها لم يعد يتحمل ،حيث صاح بحدة بعدما اقترب منها و أمسك بساعدها الأيمن بعنف :
أنتِ بجحه ازاى كدا ؟ دا ابننا اللى قتلتيه ،أنا ممكن أسجنك فى اللحظة دى و مش هيهمنى أى حاجة
لوت ثغرها بسخط و قالت:
و أنا معنديش مشكلة ،المهم انى خلصت من حاجة كانت تعبانى و مبوظة عليا حياتى
صمتت للحظات ،كأنها تحاول ضبط وتيرة تنفسها ثم قالت بألم و حزن :
أنا مكنتش بعرف أنام من الخوف و الرعب ،أنا حياتى اتحولت لجحيم من وقت ما عرفت إنى حامل ،أنت مش حاسس بيا ،أنا بخسر حياتى ياسامح ، بخسر نفسى ،شغلى سبته ،عيادتى قفلتها ،بقيت شبه الكورة، مبقتش أحب أبص لنفس فى المراية،باكل بشكل بشع ،بقيت عصبية أكتر من الأول،أنا خايفة ، خايفة يبقى زى ليث
لم يقتنع بحديثها خاصة آخر ما هتفت به ،لذلك رد عليها قائلًابغضب:
ماله ليث يعنى ؟ انسان طبيعى ربنا اختبرنا فيه و سبحانه و تعالى قادر على شفاءه ،متحطيهاش حجة يا منال ،أنتِ نزلتيه عشان مش عايزة تكملى ،و شكلك بقى مش عاجبك و لا عشان المعجبين اختفوا ؟و لا هو معجب واحد اللى فارق معاكى أصلًا
لكنها تحولت من الضعف و الإذعان إلى الغضب و الصوارم ،و صاحت بعنف و هى تشهر بإحدى أصابع يدها فى وجهه:
سامح أنا مسمحكلش تشك فيا ،دا كان حوار قديم قبل حتى ما أعرفك و انتهى ،أنا تعبت و قرفت من الحياة دى ،مش عايزاك ،مش قادرة أكمل معاك هو بالعافية؟ أنا بكرهك و بكره حياتى معاك أفهم بقى
لكنه أمسك بيدها تلك و قال بعنف :
مالها حياتك ؟ مليون واحدة غيرك تتمنى العيشة دى
دفعته بعيدًا عنها و اندفعت تضربه فى صدرة و هى تقول بألم :
هى الخيانة بقت عيشه تتمناها مليون واحده ياسامح ؟
سبع سنين روحى بتموت بالبطىء فيها ،كل يوم قلبى بيوجعنى يا سامح ، خلاص مش هقدر
كل يوم بحارب مع نفسى عشان أنسى ، لكن مش قادرة ، أنا عايزة أطلق ،و أنت زمان معتذرتش عشانى ،لا أنت عملت كدا عشان كنت محتاجنى وقتها ، فلوسى هى اللى بنتك ياسامح
لكنه لم يتحمل اهانتها تلك و أمسك بكلتا يديها و قال بحدة :
رجعتلك كل قرش صرفتيه ،رصيدك فى البنك بقي الصغف ،عربيتك بتغيريها كل سنة ،مجوهراتك اللى من كترهم مش بتفتكريهم ،كل دا و لسه بتفكرينى بالفلوس اللى دفعتيها زمان ،مرحلة فى حياتى و كانت صعبه و عدينها سوا و عوضتك ،ليه مصرة تحسسينى أنى اقل منك ؟ ليه يا منال ؟
كان جسدها يعلو و يهبط من فرط غضبها و حزنها و لكنها صاحت فى النهاية بثبات:
الموضوع مش فلوس و خيانتك و بس ، أنا مشاعرى ناحيتك اتحولت مبقتش حب ياسامح
شعر "سامح" أنها متمسكة بموقفها ،لذلك هتف بآخر ورقة أمامه :
طب غيث و ليث ، هتسبيهم يا منال ، هتسبيهم و تكملى حياتك من غيرهم عادى مش دا اللى أنتِ عيزاه
حركت "منال"رأسها رافضةً و صاحت بعشوائية:
لا مش هسيب ولادى ،مش من حقك تاخدهم و لا تحرمنى منهم
طلقنى يا سامح ،حياتنا سوا بقت مستحيلة ،خلينا ننفصل بتفاهم و احترام عشان خاطرهم و أوعدك مش هحرمك منهم ، تقدر تشوفهم فى أى وقت يا سامح ،بس سبنا يا سامح ،سبنا نعيش
و عند هذا الحد اندفع"سامح" يصرخ بغضب و حدة :
طلاق مش هطلق دا اخر كلام عندى
فلم تجد أمامها سوى تلك الجملة التى تحفظها فى قلبها و تؤلمها بشدة ،فصاحت بها غير مدركة لأبعاد الموقف :
روحلها ياسامح، روح لهمسة و سبنى ،روح للوحيدة اللى سكنت قلبك

مريض نفسى بالفطرةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن