الفصل الخامس والثلاثون

Start from the beginning
                                    

بداخل سيارتهم التي كانت تقطع الطريق ذهابًا الى الشركة، يدها بيده وكأنه يستجدي منها القوة بصمت عبر رجاء نظراته لها، وهي لا تبخل عليه بمؤازرته، وقد قضت ليلتها كاملة بالدعاء المستمر وغمره بفيض حنانها الذي كان في أشد حاجته إليه بالأمس، والان اقتربت ساعة الحسم التي سيترتب عليها أحداث القادم، وصلت السيارة اَخيرًا لمقر الشركة، لتترجل منها معه ويدها مازالت بيده، لافتين انظار الجميع حولهم وكأنه يتحدى بها العالم، غير أبه بما يقال أو يحدث ، دلف بها لداخل غرفة مكتبه فتفاجأت بوالده عامر الريان شخصيًا على كرسي الإدارة الذي احتله جاسر سابقًا ويبدوا عليه الإنهماك في عمله على بعض الأوراق أمامه، تباطئت خطواتها حتى تشبثت بالأرض غير قادرة على مواصلة التقدم، نظر لها جاسر عاقدًا حاجبيه باستفسار، فرمقته بنظرة مترددة قبل أن تجفل على هتاف عامر المرح:
- إيه ياعرايس، هاتفضلوا واقفين كدة مكانكم كتير؟
رفعت ايه أنظارها برهبة جعلتها تستسلم لسحب جاسر لها اَليًا حتى وصل بها إليه، يقدمها:
- عامر باشا، احب اعرفك على عروستي.
توسعت عيناها وزاد قلبها في خفقانه وهي ترى عامر الذي نهض عن مقعده تركزت عيناه عليها، فقال لها بلهجته المداعبة:
- ومالها بقى مكسوفة كدة ليه؟ هو انا غريب؟ ولا انتِ مش عايزة تسلمي عليا؟
ذهب بعض التوتر عنها ولكن حل محله الخجل الشديد وهي تسبل أهدابها عنه ولم تقوى على الرد عليه، فضحك الرجل من قلبه وهو يخاطب ابنه:
- لا طلعت صياد بابن الريان وعرفت تنقي، بس مش كدة بقى، انا لازم اسلم عليها واتعرف عليها كويس .
سحبها جاسر وهو يردد لوالده بابتسامة تفضح بهجته من الداخل:
- براحة ع البنت يا عامر ياباشا، شوية شوية عليها عشان تاخد عليك .
تناول عامر كفها يصافحها بحرارة مشبعة بمشاعر تُضَخ بداخله الاَن، نحو هذه الفتاة التي أعادت ابتسامة سعيدة لوجد ابنه، حتى تخلى عن وقاره وعنجهيته المعتادة وهو يقدمها اليه وكأنه طفل صغير وقد حصل على جائزته.
- الف مبروك يابنتي، وسامحيني إن يكون اول لقاء مابينا هنا في المكتب.
قالها مخاطبًا لها، فخرج صوتها بهمس خجول:
- مما تقولش كدة ياعمي، انا عارفة من الأول بظروف تعبك وسفرك، ربنا يخليك ويبارك فيك يارب.
ربت براحته على ظهر كفها قائلها بحنان:
- ربنا يبارك فيكِ انتِ يازهرة، وعلى العموم انا مش ناسي وهاعوضك انتِ وجاسر، بس نخلص الأول من المشاكل اللي احنا فيها دلوقت
اكتنفها الإرتياح على الفور بقوله، فكلماته المطمئنة وصلت اليها بصدق إحساسه، اما جاسر والذي اسعده قول أبيه، وترحيبه بزهرة، لم يسعفه الظرف السئ بالتعبير عن امتنانه فقال لوالده بتوتر:
- ماقولتش ياولدي، الإجتماع النهاردة هايتم بحضور فهمي ولا هايبعت مندوب عنه؟
رد عامر بعدم اكتراث:
- يجي أو يبعت أي حد من عنده، في الحالتين مش فارقة، المهم ان الإجتماع خلاص يدوبك نص ساعة ويبدأ، يالا بقى جهز نفسك يابطل، انا هاسبقك.
قالها وتحرك على الفور مغادرًا، تشبثت زهرة بكف جاسر توقفه قبل اللحاق بوالده:
- هو انا هاحضر معاكم الإجتماع ؟
نفى برأسه قبل أن يقبلها على أعلى رأسها وقال :
- كارم هو اللي هايتولى المسؤلية النهاردة، ريحي نفسك انتِ وادعيلنا بالتوفيق.
.....................................

نعيمي وجحيمهاWhere stories live. Discover now