الفصل التاسع والعشرون

55.2K 1.4K 58
                                    

- بنت عمتي زهرة!
هتفت بالعبارة مندهشة قبل أن تجيبها مصححة:
- زهرة ماتبقاش بنت عمتي، دي تبقى بنت خالي، انا اللي ابقى بنت عمتها
لوت مرفت ثغرها بامتعاض قبل أن تتصنع الإبتسام لترد عليها :
- اه اه فهمت، المهم يعني ان انتوا قرايب ياغادة.
أومأت لها برأسها بتفهم، وتابعت الأخرى:
- مجاتش ليه بقى النهاردة؟ هي تعبانة ولا في حاجة منعتها؟
التفتت إليها غادة تجيبها باضطراب:
- ااا بصراحة مش عارفة، اصلها متجوزة في مكان بعيد عننا وانا نسيت اتصل واسألها.
رمقتها مرفت بنظرة متشككة، فالتوتر الذي بدا من كلماتها لايخفى على واحدة مثلها، أردفت غادة لتغير دفة الحديث للجهة التي تريدها:
- هو الأستاذ ماهر أخو حضرتك شغال إيه بالظبط؟
التفتت تجيبها مرفت كابحة حنقها :
- أخويا ماهر يبقى راجل أعمال زي جاسر بالظبط على فكرة بس هو شغله موزع بين مصر واروبا .
بدا على وجه غادة الإشراق فقالت مرفت :
- انا ارتحتلك أوي ياغادة وارتحت للكلام معاكِ ، اصل شكلك طيبة أوي وغلبانة.
شددت على كلماتها الاَخيرة والأخرى أصابها الفرح ببلاهة وهو تقول لها :
- وانا كمان والله، ارتحتلك اوي أوي .
ردت بابتسامتها الناعمة:
- خلاص بقى ناخد نمر بعض عشان نوطد صداقتنا اكتر من كدة .
شهقت غادة بلهفة وهي تخرج هاتفها على الفور تسألها :
- نمرتك كمام بقى؟
..............................

عادت مساءًا إلى منزلها بخطواتٍ مثقلة، ونفس مكسورة حزينة ، وقد توسعت الهوة بينها وبينه كبعد السنوات الضوئيه بين المجرات، تود بداخلها العودة الى منزل جدتها وخالها، المكان الأنسب لها، تحمل هم لقاءها به وقد تجاهلت اتصالاته المتكررة بها طوال اليوم .
- زهرة .
سمعت ندائه خلفها بعد أن غفلت عن تحيته متعمدة وقد لمحت طيفه بمجرد ولوجها لداخل المنزل، تابع بندائه مرة أخرى بصوتٍ أوضح حتى توقفت محلها، وصل أليها بخطواته وهو يقول لها :
- ميت مرة اتصل بيكِ النهاردة وماتروديش....
توقفت كلماته حينما وجدها أمامه مطرقة رأسها بهيئة اَلمت قلبه، رفع ذقنه إليه لتواجه عيناه عيناها التي أسبلت أهدابها تتهرب بمقلتيها منه، شدد على ذقنها يأمرها بحزم:
- بتهربي بعيونك عن عيوني ليه؟ انا مش منبه عليكِ قبل كدة انك ترفعي راسك دايمًا وقصاد أي حد .
سالت دمعه حارقة من عيناها المكسورة وهي تواجه جحيم عيناه فقالت بضعف:
- الكلام سهل، لكن التنفيذ صعب، صعب قوي ياجاسر، خصوصًا لما يكون الحد دا هو انت!
حط بكفيه على كتفيها يمسكها بقوة تؤلمها وهو يقول لها بغضب:
- مافيش حاجة اسمها صعب، انتِ مراتي وانا ما يخصنيش أي حد في الدنيا دي كلها غيرك، يعني لايهمني انتِ بنت مين ولا أهلك يبقوا إيه؟
تطلعت في عيناه ثم قالت :
- حتى لو حصل واتسرب خبر جواز جاسر الريان من سكرتيرته اللي ابوها مسج*ون في قضية مخد*رات ؟
صعقه سؤالها المباغت فصمت يتطلع بها قليلًا لايدري بما يجيبها، وفعلة أباها قد دمرت كل خططه لكشف زواجه بها للعلن، حتى لو تحدى بها العالم، فمتى كان الفقر عيبًا بالنسبة إليه؟ اما الاَن فقد تصعبت الأمور ، فلو نفذ وتحدى الجميع كيف يواجه والدته واباه وهذا الأمر اصبح يخص سمعتهم أيضًا.
قطعت شروده قائلة بلهجة واثقة.
- سكت يعني، عشان عارف ان معايا حق.
زاد من ضغطه يهزهزها وكأنه يفيقها :
- لأ يازهرة مش هايحصل، انا هاعمل المستحيل واخرج ابوكي من ورطته، عشان لما يتسرب الخبر او اعلنه انا بنفسي، تبقي محسوبة انك مراتي، وابوكي راجل عادي ولا فقير مش مهم، المهم انك معايا ومحدش يجرؤ يجيب سيرتك ولا حد يقولك حاجة تجرحك، فاهمة ولا لأ .
اومأت برأسها تدعي التفهم والإستكانه ليتلقفها بأحضانه متأوهًا باسمها وكأنها الترياق لكل جروحه، أما هي فكان عقلها يسبح في القادم وماذا سيكون رد فعلها حينما يعود جاسر لعقله ويُطلقها؟
...........................................

نعيمي وجحيمهاحيث تعيش القصص. اكتشف الآن