الفصل الثالث والعشرون

65.8K 1.5K 82
                                    

على مكتبه بداخل الشركة التي تولى إدراتها خلفًا لرئيسه الغائب كان يمارس نشاطه اليومي في العمل الدئوب بكل همة وجدية كعادته حتى تفاجأ بالأتصال على هاتفه ، ضيق عينيه قليلًا وهو ينظر للرقم الغريب ، قبل أن يجيب وقد بدأ يخمن هوية المتصل من الرقم المميز :
- الوو....... مين معايا ؟
- الوو ياكارم دا أنا ولا يكونش كمان نسيت صوتي؟
استغرب قليلًا من نبرتها الحادة ثم تدارك يرد بدلوماسية كعادته :
- ازاي الكلام دا يافندم وهل يخفى القمر؟ اهلًا بيكِ ياميري هانم .
- ياأهلًا .
قالتها بعنجهية وتابعت .
- بقولك ايه انا عايزة اسألك دلوقت حالًا وتجاوبني على طول، جاسر فين ؟
أجابها على الفور بنبرة عادية وكأنها كان على استعداد تام لها :
- جاسر باشا ياهانم سافر بلاروسيا يوقع عقد الشراكة لمصنعه الجديد.
صمتت قليلًا ثم سألته بتصميم :
- إنت متأكد من كلامك دا ياكارم ؟ عشان عارف لو كنت بتكدب هاتشوف اللي يحصلك بجد ، وافتكر كويس ان منصب والدي يمكني اتأكد بمتهى السهولة من المطار ، ان كان سافر ولا دي لعبة.
رد بهدوئه المعتاد:
- طبعًا متأكد ياهانم ، هو انا أجرؤ برضوا للكدب عليكِ ، وعلى العموم هو سافر بالطيارة الخاصة بوالده ، يعني مسافرش بالمطار
استمع قليلًا لصوت انفاسها الحانقة قبل أن تقول:
- ماشي ياكارم سيبنا من جاسر دلوقتِ ، انا كنت عايزة أسألك بقى على البنت السكرتيرة بتاعته دي كمان ، هي مش قاعدة على مكتبها ليه تراعي مصالح جاسر في غيابه؟
أجابها عن سؤالها الاَخر أيضًا بحنكة قائلًا :
- تقصدي زهرة السكرتيرة ؟ البنت حصل معاها ظرف طارق ياهانم واضطرت تاخد أجازة كام يوم، ما انتِ عارفة نظام الشركات في المجموعة، معندناش تعسف ولا تضيق على الموظفين.
.................................

انهت المكالمة لترمي الهاتف بطول ذراعها على التخت أمامها قبل أن تلتف للناحية الأخرى وتجلس مقابل صديقتها بجوار الشرفة ، تتناول سيجارة من العلبة وتشعلها بالقداحة قبل أن ترميها هي الأخرى على المنضدة بعصبية
قالت مرفت والتي كانت تراقب صامتة:
- شكله هو كمان ماريحكيش .
نفثت ميري دخانً كثيفًا قبل أن ترد عليها :
- قال نفس الكلام اللي قالوا عامر ، بس برضوا انا مش مطمنة وحاسة ان فيه حاجة .
سألتها مرفت :
- قالك ايه طيب عن البنت السكرتيرة ؟
أجابتها ميري بتهكم :
- بيقولي قال ان حصل عندها ظرف طارق، وقال ايه الشركة بتاعتهم شركة محترمة مابتضيقش على الموظفين ولا تتعسف معاهم .
مطت مرفت بشفتيها ولم تعقب فهتفت عليها ميريهان :
- سكتي ليه ياانتِ كمان ؟ ماتقولي ايه رأيك في الكلام اللي اتقال ده؟
ردت مرفت بلهجة هادئة :
- يعني عايزاني اقولك ايه يعني؟ مش يمكن يكون كلامه صح والبنت فعلًا عندها ظرف طارق.
- في نفس الوقت اللي مسافر فيه جاسر؟
قالت ميري بتشكك فردت مرفت بمكر :
- حد عارف بقى يمكن صدفة
صاحت الأخرى بانفعال :
- هي ايه اللي صدفة يابت انتِ ؟ هو انت عايزة تحرقي دمي بكلامك وبعدها تقولي يمكن ومش يمكن .
ردت مرفت حانقة :
- الله ياميري ، هي دي جازاتي يعني ان بقولك على
اللي بشوفه عشان تاخدي بالك وتحرسي .
هتفت ميري بعدم سيطرة:
- احرس فين ولا اَخد بالي من إيه ؟ هو مديني فرصة لأي حاجة ، جاسر بايع واتوقع منه أي فعل .
.................................

نعيمي وجحيمهاحيث تعيش القصص. اكتشف الآن