«أيّ الألمين أَهوَنُ؟» الفصل التاسع والعشرين.

3.6K 174 54
                                    

فَلتَترُكُونِي أَتُوه فِي أَسعَد أَيَامِي وَلَو حُلمًا..
لَم يَعد لِي مَقدُور للمُوَاجَهَة!
----

نُورْسِينْ:

"همم..."

همهمت بانزعاج بسبب الشيء الرقيق الذي أحسسته يلامس بشرتي كالريشة الناعمة. فتحت عيناي بروية لكي لا تباغتني خيوط الشمس المتسللة من فتحات النافذة.

"أختي الكثولة.. ماما تقول تعالي لتأكلي مع ثْكَايْ الثغير"

ابتسمت من تلك الكلمات التي تغلغلت إلى اذناي فقمت من الفراش بخفة وحملت صاحب اليدين الرقيقة بين يداي كي أضعه في حجري. عبس وجهه الصغير ليجعل من خديه فريسة طيبة بالنسبة لي.
"اذا سْكَاي.. أيها الصغير ذو الخدود الوردية، هل كانت يداك من أيقضني؟" أخذت يده الصغيرة التي اختفت بين أصابعي ثم أكملت بتهديد ممازح: "إذا سآكلها كانتقام منها"

أطلق ضحكته العالية نوعا ما ما جعل من أسنانه الحليبية تشع متلألئة... بدأت أدغدغه برقة لعلي سأرتوي من ضحكته الطفولية، لكن لا يمكن الارتواء من هذا المخلوق الذي يشاركني دمي في عروقه.

طلبت منه أن يسبقني لقاعة الطعام ريثما أجهز نفسي، فهمّ بالخروج وهو يمشي بتعال طفولي بينما يقول: "حثنا، لكن لا تتأخري. ليث لدي اليوم بطوله لك"

ضحكت من منظره وهو يحاول تقمص عمرا ليس بعمره. نهضت بخفة و توجهت نحو النافذة ما ان خرج، فتحتها كليا ما جعل من نسمات الصباح الباردة تتسارع كي تضرب بشرتي وكأنها في سباق.. أخذت نفسا عميقا لعلي أحفظ طيب هذه الرائحة الصباحية التي ما كفت تبعث فيني إحساسا بالأمل والراحة.

غيرت ملابسي إلى ثياب أكثر رسمية فالجامعة تنتظرني على أي حال. نزلت نحو قاعة الطعام وانا أحمل حقيبتي، لأجد كلا من والداي و سْكَاي الصغير على الطاولة.
"صباح الخير" قلت بابتسامة متجهة إلى مكاني المعتاد بجانب سكاي. همست في أذنه وانا أجلس على الكرسي: "صباح الخير صغيري"
"ثباح الخير، لكني لثت بثغير!" قال عابسا لوجهه، وكلمة 'صغير' تلعب على أعصابه.

كان صباحي روتينيا بحق.. لكن أحبه على كل حال. لا أجد مشكلة في قضاء كل أيامي هكذا طالما أن من لم أغصبهم على حبي إلى جانبي. مجرد معرفتي أنهم يحبونني فقط لأنني أنا، نورسين، يجعل من كل صباح ذو طعم ألذ على قلبي..

كان طعام اليوم مثاليا كعادة طعام والدتي... رغم وجود مدبرات المنزل لكنها تفضل إبقاء المطبخ تحت يدها.. وذاك خير ما فعلت.
"سلمت يداك أمي" قلت وانا أمسح فمي بروية.
"ثلمت يداك ماما" أعاد الصغير ما قلته على طريقته الطفولية المغرورة وهو يمسح فمه على طريقتي.

𝚂𝚊𝚟𝚎 𝙼𝚎 | أنقذونيWhere stories live. Discover now