الفصل الاول

96.6K 2.5K 250
                                    

ابتسامه حالمه ارتسمت علي شفتيها تزامنت مع انطلاق تنهيده خافته من ثنايا صدرها وهي تنظر إلي جانب وجهه المنحوت .... لقد تبددت كل مخاوفها عن الزواج ...؟! التفت جاسر إليها حينما شعر بعيناها تتطلع له ليبتسم لها بحب وسرعان ما كان يمسك بيدها يحتويها بين يديه بينما يسألها بحنان : خايفه
هزت راسها بابتسامه بينما تجيب بثقه : مش خايفه وانت جنبي
رفع يدها الي شفتيه يقلبها برقه قائلا : وانا جنبك علي طول يا ماستي
ابتسمت له بحب واحتضنت ذراعه واغمضت عيناها للحظات بينما بدأت تلك الطائرة بالاقلاع ومع انطلاق الطائرة كانت تنطلق سيول من الذكريات الي عقلها ......
تلك الذكريات التي شكلت ماضيهم سويا
ثلاث سنوات .... !!
ثلاث سنوات حملت الكثير من كل شيء...
الكثير من الحب والكثير من المشاكل والكثير من الغيرة والكثير من الخوف وايضا الكثير من السعاده .....سعاده لم تكن لتشعر بها مع رجل سواه ....
نعم تعترف بهذا كما اعترف بأن مخاوفها كانت دوما تقف عائق بينهما ....
نعم ربما لم تكن واثقه من أنها ستتجاوز مخاوفها من الحياه برفقه طباعه الصعبه ولكنها كانت واثقه من أنها ستكون سعيده معه ..... فبالرغم من كل ما مضي عليهم إلا أنها لم تحب سواه ولم تشعر بسعاده الا معه .....
عقلانيه لتعرف أن ليس كل الحب باللون الوردي ...
وان هناك لابد من وجود عقبات ومشاكل فتلك طبيعه النفس البشريه باختلاف الطباع والشخصيات وعدم قبول كل شخص مايقبله الاخر ومتعايشه مع ذلك ولكن جاسر هو من لا يصل لتلك القناعه فهو يري اختلافهم بسبب عنادها معه ولايدري أنه فقط اختلاق شخصيتها والتي إن لم تكن هكذا لما احبها
غرقت في تلك الذكريات طوال رحله عودتهم من شهر عسلهم والذي لم تكن لتحلم أن يكون أفضل بينما اغرقها حب ودلال ....ثلاث اسابيع اختفت خلالها المشاكل والعصبيه والغيرة وبقي الحب والسعاده وكأنها ثلاث سنوات ....اختفت كل تلك المخاوف حينما قررت أن تقاومها وان تخطو الي القفص الذهبي برفقته .....
كل هذا حدث حينما راودت تلك الابتسامه الخجوله شفتيها بينما تعترف له (أيوة بحبك ومقدرش ابعد عنك )
كان هذا جوابها بعد أن أقسمت بذلك اليوم أنها نهايه طريقهم معا .......
ولكن قبل أن تصل الي تلك النهايه اسرع عقلها بشريط ذكرياتها الي البدايه....
تلك البدايه التي مازالت تفاصيلها محفورة بذاكرتها وتتذكرها وكأنها بالأمس
لاتستطيع ان تنسي نظراتها له ماان رأته لأول مرة..... كان كبطل من أبطال تلك الروايات التي تقرأها في مراهقتها ....وكأنه خرج للتو متجسدا في صورة رجل وسيم ذو هيبه وطله أثره وشخصيه واضح قوتها من نظراته الواثقه ...
كانت في الثامنه عشر... صغيرة مراهقه بشعر اسود متناثر حول وجهها البريء والبري بنفس الوقت .....
كان أخيها مالك يتقدم لطلب يد اخته مي وكان أول لقاء عائلي بينهم لتجتذب نظره ليس بجمالها الفائق فهي ليست هكذا ولكنها تحمل كاريزما جذابه تلمع بعيونها
ابتسم وهو يصافح مالك وعائلته مرحبا ليقدمه لأبيه : جاسر زيدان الريدي... زميل وهنبقي اهل ان شاء الله
ابتسم ابيها ورحب به بينما نظرت اليه ماس لتنخطف دقات قلبها من اول وهله ...فقد دخلت للتو عامها الأول الجامعي لتكون كأي فتاه بسنها يأثرها رجل مكتمل الرجوله بينما الشباب في مثل سنها لم تنجذب لأحدهما بشخيصه سطحيه...
وكأن هناك شرارة لامست كلاهما ....مرت عليه الكثيرات ولكن تلك الفتاه جذبته بعفويتها و جمالها البري بينما ذلك المرح يقفز من عيونها وهي تشاكس بكلمه هنا وكلمه هناك
لم تعد تدري بأي ارض تقف بينما تراه للمرة الثانيه... تلك المرة سيتوقف قلبها حينما لحظت الإعجاب بعيناه في حفل زفاف أخيها فهاهي جميله بفستان أنيق يلائمها عكس ما اعتادها فقد كانت انثويه للغايه...ولكن قبل أن يندفع للمزيد كان يبعد هذا الإعجاب عن عيناه فهي صغيرة....!!
وقف معتدا بقامته المديده متألق ببدلته السوداء التي عززت من بياض قميصه المشدود فوق عضلات جذعه القوي بينما يحدث نفسه وهو يختطف النظر إليها ....
صغيرة للغايه ليحدث نفسه انها في الخامسه عشر بالنسبه له حتي وان كانت بالثامنه عشر الا انه يراها اصغر كثيرا بشخصيتها المليئة بالحماس .... حماس وبرائه وعفويه فتاه صغيرة تقول ولا تهتم .....
كل مرة يراها بها يقنع نفسه أنها صغيرة لتجتذبه
ولكن ماذا يفعل فقد امر الحب والقلب اطاع ليقع بحبها بينما لم يجد سبب لأن يقاوم تلك المشاعر خاصه وهو يري مقابل لها في نظراتها ..... لم تفارق تفكيره بكل مرة يراها كزهرة بريه وسط عائلتها .....مثلت حلم جميل لم يكن يحلم بفتاه سواها ......
وقع بحبها بكل ماتحمله الكلمه من معني فهاهو لايتوقف ساعات عن الحديث معها ... يسرع اليها ماان ينهي مهمته لرؤيتها ... عشقها بكل تفاصيلها ..شخصيتها وجمالها كل شيء بها ولم تكن بأقل منه فكيف لا تعشقه وهو يتحلي بكل صفات الرجوله .....
ابتسم برقه وهو يصافحها لأول مرة لتضيع يداها الصغيرة بين يداه الكبيرة ليسرق دقه اخري من دقات قلبها وهي تلامس يده....
ايام وهي لا تتوقف عن الحديث عنه مع صديقتها المقربة ريم ....كيف أنه شخص جذاب يصعب عدم الوقوع في حبه ....ولكنه من لم يكن يتحدث مع أحد عن تلك المشاعر التي أخذت في قلبه يوم بعد يوم ... ولا حتي مع نفسه التي قد تتهمه بالجنون ايقع في حب فتاه في الثامنه عشر....!
وها هو اليوم عيد ميلادها التاسع عشر وكم يهتم ابيها وكل عائلتها من أجلها بتلك المناسبه اليوم ....أنها بالنسبه للجميع مزعجه ولكنها الصغيرة المميزة بينهم فهي المدلله بين اثنين أشقاء رجال ....مالك ومحمود .... ابيهم شريف بدران لواء شرطة متقاعد بالرغم من حزمه الا ان حزمه لا يطالها بكثير من الأمور .....
رفعت ماس عيناها بعد اطفاء الشموع فتقابلت عيونها بعيناه و هنا سلمت قلبها بالكامل له.... تمهل طوال تلك الاشهى وحاول الا يسير خلف قات قلبه التي تبعثرها تلك الفتاه ولكن الي اين الهروب ...ليكون عيد ميلادها هو أول يوم يعترف لها بحبه ....وتتوالي الايام ...
اول يوم جامعه بالعام الجديد وضعت تلك السلسله الرقيقه التي أهداها لها بعيد ميلادها حول عنقها بينما كلماته تتردد في أذنها ... كان نفسي تكون دبله
رفعت عيناها إليه بدهشة ...هل بتلك السرعه ....
دبله..؟!
اوما جاسر بينما سبق اعترافه لنفسه بحبها قراره بطلبها للزواج ...:
ااه ياماس .... انا بتمني اليوم اللي الناس كلها تعرف بعلاقتنا ....ولا مش عاوزة تتجوزيني
داهمت الحمرة وجهها بينما تبعد خصلات شعرها المموجه خلف أذنها : ااه...بس ...بس يعني بالسرعه دي
هز كتفه : ونستني ليه ....؟! انا بحبك
توترت دون ارداتها لتقول بتعلثم بينما باغتها طلبه :
بس بابا... يعني مش....هيوافق اتجوز دلوقتي خالص
تغيرت ملامح وجهه فقد ظنها ستوافق علي الفور : عارف أن لسه قدامك تخلصي دراستك بس ... نتخطب علي الاقل
هزت راسها بتوتر : بس انا خايفه
عقد حاجبيه بتساؤل: خايفه ؟؟
اخفت خوفها الحقيقي بينما طالما فكرت بمصير تلك الخطط التي وضعتها لمستقبلها أن تزوجت : لو اتكلمت مع بابا ومالك هيعرفوا أن في بينا حاجة ولو بابا رفض وقتها مش هعرف اشوفك تاني
لم يبدو الاقتناع واضحا علي ملامحه : وهو احنا هنفضل نعرف بعض في السر
اندفعت الدماء لوجهها لتفرك يدها بتعلثم : مش سر ....بس يعني مؤقتا لغايه ما تخلص الدراسه
وبعدين احنا بنشوف بعض في نطاق العيله وكده
رفع حاجبه هاتفا : وفيها ايه لما نكون مع بعض بصورة رسميه
هزت راسها بهروب : مفيهاش...بس زي ما قولتلك بابا هيرفض ارتبط قبل ما اخلص دراستي
علي مضض قبل عام بعد عام ولكنها كانت تخفي ان خوفها الاكبر هو ذاك الشعور بداخلها ان الاقتراب منه خطير... متملك غيور متهور
يتشاجر معها لاتفهه الأسباب..... تحب رومانسبته ولكنها تخاف كثيرا من عصبيته التي بأقل موقف تظهر ...حتي وان كان اعتراض علي ملابسها ....اليوم ترتدي بنطال من الجينز مع تيشيرت ابيض وحذاء رياضي وتترك لشعرها المموج العنان.. بسيطة ولكنها لاتدري انها جميله للغايه بعيناه لذا كان يعترض ولم يكن مجرد اعتراض بل مشاجرة .... هو يري كيف يبدي ذلك التيشيري منحنيات جسدها بينما هي تراه لبس بسيط مناسب لفتاه بسنها ليهتف بامتعاض.... ميتلبش تاني ...!!!
وتتوالي الاعتراضات... ككل فتاه بالبدايه كانت تحب الغيرة ولكن بكل موقف ومناسبه تتكرر لتري وجهه اخر عصبي مندفع جعلها تضيع وسط تحكمات لا نهائية ....
وقد كان حفل تخرجها كارثة
فستان.....!!!
سيقتلها.... كما انها تقف برفقه أصدقائها وتضحك
...... ابتسامتها وضحكتها كل شيء يراه ملك له وحده ولايريد لأي شيء أو شخص يشاركه بها .... يالله ماذا يحدث...
شد وجذب بينهما وبالنهاية يغلب حبها له فسرعان ما تغفر وتنسي وتغدو في طريقهما وسرعان ما تأتي عاصفه أخري ....عاصفه تدرك أن سببها ليس سفرها مع عائلتها وانما إصرارها أن تعمل .....وكيف يطلب منها بالأساس الا تعمل ...هل درست لتمكث بالمنزل ...لا
واين هي وحياتها ومستقبلها الذي تخطط له منذ أن كانت بالجامعه ....قبلت بوظيفه بأحد البنوك ولكنها بدايه الطريق ....أما بالنسبه له فقد كان أول صدام حقيقي بينهم برفض تام وهيمنه رجل شرقي لايريدها أن تعمل كما رأي والدته وكما فعلت أخته ولكنها أصرت بعناد ليرضخ لها بعدم اقتناع ...

قيد من ذهب حيث تعيش القصص. اكتشف الآن