البارت العشرون

ابدأ من البداية
                                    

بالخارج كان رحيم كمن يقف على مراجل مشتعلة، يخشى فقدانها، يشعر بنيران تجتاح جسده وتتأكله، الوجل قد تملكه، يرجمه بخاطرة انهُ قد حانت النهاية، ليمسي كالمجنون وهو يتخيل فراقها عنه،...

كانت عيناه ترتسم بها خيوط حمراء، ملامحه تموج بالألم والقلق السافر، شعور كبير بالخواء العقلي والارهاق البدني غير مسبق يصيبه، مع شعور بالخدر في كل جسده يسيطر عليه وهو يقف مصوب بصرة على غرفة الجراحة منتظرًا، وما اصعب الانتظار الذي يفتك بك ويبدو الوقت حينها عدوًا لك غير راغب بالانتهاء ...

حتى صدر صوت انفراج باب غرفة الجراحة، فقطع شروده وتجوله في طرقات عقله، لينتبه وينتفض جسده متقدمًا بخطوات وئيده اتجاه الطبيب، بينما تهتز حدقتيه توترًا وهو يتفحص ملامحه المرهقة وتعابيره الجامدة بخشية مما سوف يخبره بها..

تقدم نحوه ركان مسرعًا، يرفع ذراعه ويضعه على أحد منكبيه بمؤازرة، وهو يسأل الطبيب ما لم يتمكن رحيم من نطقه، فقد توقفت الكلمات بحلقة، خشيه من خبر سوف يهشمه الى شظايا متناثرة تتدحرج بعيدًا وتسقط بالهاوية

فقد تيبس يحدق فيه بمقلتين مرتعشتين وانفاس متلاحقة
ليأردف الطبيب أخيرًا قائلًا:-
-الحمد لله العملية تمت بنجاح وهيتم نقلها لغرفة العناية المشددة ولو مر الاربعة وعشرين ساعه الجاين على خير،  هنقدر نقول انها عدت مرحلة الخطر...
انهى حديثه وتركه وذهب، بينما رحيم أطلق أهه ملتاعة متبوعة بنحيب شديد،  يجهش بالبكاء كطفل صغير وهو يشكر الرحمن، يظهر ضعفه أمام رفيقه لأول مره فتلك اللحظات التي مر بها من وجل وقلق وتوتر، كانت كفيلة بتحطيم قواه..
استمر على تلك الحالة للحظات، قبل أن يتمالك ذاته ويستعيد بعضًا من قوته الواهية، وينهض مسرعًا يراقبها من خلف الزجاج وهي ممدده بلا حول لها ولا قوة، تحيط بها
كل تلك الاسلاك والاجهزة...

مر الوقت عليه وهو موضعه، حتى انتبه لذاته ول ركان بجانبه، فأستدار بوجهه له قائلًا:-
- روح أنت يا ركان لمراتك والولاد وأنا هفضل هنا معاها..
أماء له ركان بالرفض قائلًا:-
-ما تقلقش أنا أطمنت عليهم من شوية..
  إلا أن رحيم اصر عليه قائلًا:-
-روح يا ركان،  انا مفيش حال للمناهدة معاك،  انا هكون مطمن أكثر وأنت هناك معاهم،  وانا هنا معاها مش محتاج حاجه،  اصلًا شوية وهدخل لها ابقى معاها،  من دلوقت مفيش حاجه هتفرقنا، يلا روح من هنا..
وافق ركان مضطرًا أمام أصراره عليه وهتف قائلًا:-
-تمام بس لو عوزت اي حاجه او جد جديد تكلمني..
  أماء له،  فتحرك ركان مغادرًا المشفى،  مستقلًا سيارته، عائدًا الى منزله.. 
**
بعد عدة دقائق كان ركان يقف أمام باب الشقة،  يبحث عن مفتاحها الا ان وحده فقام بفتح بابها ببطيء ودخل بخطوات بطيئة غير عابئ بالعتمة المنتشرة من حوله، حتى لا يقوم بإيقاظهم، فقد أخبرته حين محادثته لها عن نوم الصغار، فطلب منها أن تغفو هي الأخرى...

"حدث بالخطأ "سلسلة "حينما يتمرد القدر"  بقلم دينا العدويحيث تعيش القصص. اكتشف الآن