البارت الثاني عشر

15.5K 702 109
                                    

بسم الله الرحمن الرحيم
حدث بالخطأ
سلسلة "حينما يتمرد القدر"
بقلم "دينا العدوي
البارت الثاني عشر
🌺🌺🌺
في قانون حبه كل شيء مباح
لا من مبادئ ولا من اخلاق
فالحب يحرقها ويحولها إلى رماد
هو احبها وأرادها وافتعل ما يجب لتكون له حتى ظفر بها، لم يرى أنه مخطئ يومًا، بل يرى ذاته عاشق سعى لنيل قرب من نبض لها القلب، حتى لو بأقذر الأفعال، لم يخطر بباله يومًا يأتي محمل بخفايا الماضي الذي ظن أنه دفن بالأعماق، متناسي أن الحقيقة لابد أن تأتي يومًا وتكشف ولينال المذنب عاقبة أفعاله الدنيئة وها هو آتى يومه..
ـــــــــــــــــــــــــــــــ

تغلفت روحه بالوجل ما أن وقع بصره على شبح ماضيه القذر متجسد أمامه كـ رحيم، ارتعدت أوصاله وتهدجت أنفاسه من رؤيته هنا أمامه، خشية من انكشاف ماضيه، اجتاحت تساؤلات وجوده أفكاره نافيًا خاطرة مجيئه من أجله، بل متيقن من ذلك، لذا تماسك ظاهريًا  حتى يتأكد له نقيض ذلك وهتف قائلًا بنبرة مهزوزة رغم محاولته جعلها طبيعية:-
  - رحيم باشا انت بتعمل إيه هنا، ومراتي فين!

لحظات مضت والصمت السحيق هو السائد بينهما وعيناه مثبت نظرها عليه بأجيج نيران تستعر بقلب رحيم وغضبه كدخان يتبخر من كل انشًا به كلما يتذكر خطايا ماضيه معها وظلم حاضره لها، متوعد بالقصاص منه لها وانتشالها من ظلماته فأردف قائلًا بكلمات مبهمة تختصر ما يجول بأعماقه:-
  -جاي أرجع اللي يخصني  !..

ثم تركه وتحرك اتجاه الزنزانة الحديدية مشيرًا له ان يتبعه، بينما عمرو ارتعد جسده بعنفوان وصدى كلماته تتردد بداخله، للحظات تيبس جسده موضعًا رافضّا مقصدها، حتى استعاد السيطرة على وجله و تحرك خلفه..

شمر رحيم عن ساعديه ما ان توقف أمام باب الزنزانة التي يقبع بداخلها الشاب الاسمر، مشير للعسكري أن يفرج عن بابها له، ليشرع بتنفيذ مطلبه ويقوم بفتحها،  ببنما هو حرك عنقه يمينًا ويسارًا ثم توجه الى الداخل  ..
انتفض الشاب الاسمر واقفًا من موضعه رغم أنات جسده متقهقر بعيدًا عنه منكمشًا على ذاته بوجلًا منه، إلا ان رحيم لم يرحمه، وقبض عليه من ياقة قميصه وتحرك به
حيث الخارج قاذفًا اياه ارضًا، ليسقط امام قدمي عمر،  حاول الشاب الاعتدال ولف جسده حتى يطالع رحيم  رامقًا اياه بنظرات ذعر..
أشار رحيم للعسكر بالخروج، فخنعوا له، وعيناه الصقرية ترمق كليهما بغل وكره، فكلاهما أذياها،  عيناه كانت تشع بريق غاضب متناثر على ملامحه المتجهمة ولسانه يتحدث قائلًا  :-
- قولي بقا بحياة امك انتم عملتوا فيها إيه.!.

ارتعد الشاب الاسمر  وشرع بالزحف للخلف مرتعدًا ما أن انتبه لتقدمه، كل هذا وعمر يطالعه بعدم استيعاب ووجل يتسرب بين حناياه، الا أن اقترب رحيم من الشاب الاسمر وانحنى يجذبه ليقابله وهو يفح من بين شفتيه:-
  - عملت فيها ايه انطق!..
  نفى الشاب الاسمر برأسه سريعًا قائلًا:-
  --والله ما عملنا فيها حاجه يا باشا،  هي اغمي عليها من الجن اللي كان لبسها.. احتدت نظرات رحيم وقضم شفتيه بغل وبلحظه كان يركله بركبتيه بمعدته بقسوة قائلًا:-
  - انت هتستهبل ياض جن إيه!، اوعى تكون فاكر اننا مش كشفين عميلكم المهببه والقذرة،  بتعديك على الستات وحملهم منك،  دا انت مطلوب يا روح امك انت وهي ومعمولكم كذا قضية...
  ثم شرع بلكمه مره اخرى متابعًا:ـ
  - فأخلص كده وجيب من الآخر وارحم نفسك مني..
  انحنى الشاب يحاوط بكلتا يديه معدته متألمًا،  حتى استمع لهدر رحيم فرفع رأسه متلعثمًا:-
  - لا انا ما اعتدش على حد يا باشا والله الموضوع مش زي ما انت فاهم، انا ما بلمسهمش انا بس مهمتي تتلخص في اني اديها نطفتي وهي بتتولى زراعتها فيهم بالصوفة أما أنا ما لمستش ولا وحده..
صاح رحيم به قائلًا:-
  - آه يا ولاد الكلب يا اوسا* يا انجا* بتنكر لمسك ليهم وعادي تدمر شرفهم وتحملهم منك، أهو حساب كل الستات  كوم وهي كوم تاني وحقها مش هسيبه من أي كلب آذاها..
 
كانت كلماته ذات مغزى التقطه عمر بهلع وأدراك لاكتشاف أمره، بينما تضاعف ارتعاد جسد الشاب وهو يطالع ظلام عيناه الغاضب وتهدج قائلًا:-
- احنا والله ما عملنا لها حاجه ما لحقنا،  يدوبك كنا بنمددها على الكنبة وحضرتك دخلت، والله ما لمسناها يا باشا...
لمح الصدق بعين الشاب، صدق اطفئ نيران غضب وأشعل نيران اخرى بصدره وفكره يقوده مباشرة الي غريمه الذي اتجه بصره تلقائيا له ينثر به رياح غضبه، و تلك التخيلات تعاود اجتياح رأسه، تخيلات تطيح به وبتعقله، تشق قلبه وتؤلمه، حتى علقت كلمات بحلقه، كلمات حروفها من سجيل، ثقيلة على لسانه تحرقه،  لكن وجب نطقها والتأكد منها، فأندفع بخطوات وئيده نحوه بعدما رفث الشاب الأسمر بقدمه وتوجه نحو عمر مباغتًا اياه بلكمه تهدئ من اعاصير قلبه وعقله وهو يهتف قائلًا قاذًفا تلك الكلمات المندلعة كحمم بركانيه من فاهه قائلًا:-
  - حصل بينكم حاجه قبل ما تروح للمكان دا!. 
صدم عمر من لكمة رحيم له،  وانحنى بجزعه متألمًا واضعًا كفه على موضع لكمته، وسرعان ما تصلب ما أن وصل صدى كلماته لمسمعه، ولم ينبث بحرف وهو يطالعه بمقلتين متسعه مستنكر سؤاله، بينما رحيم طالعه وشرار الحنق يتناثر من فاه وعيناه كالسيال يهدر به قائلًا:-
  - ما تنطق
  ارتعد جسد عمرو من نبرة صوته وأماء له مؤكدًا، اهتاج النبض بصدره، تعالى وهبط من شدة ثورانه نقيض لذاك الصمت السائد بينهما لوهله، فتلك الأماءه كانت كالنصل يغرس بقلبه لتعيد احياء تلك التخيلات برأسه وذاك البغض نحوه يتضاعف ويتناثر بذرات الهواء من حوله يحثه على الانتقام من كل لحظه كان بها معها ولم يحظى هو بها، حتى استسلم لذاك الشعور الذي يغمره وانساق خلفه ملبيًا لتلك الرغبة التي اشتعلت بجسده تحثه على الانتقام منه مما اصابها ومما اوشك ان يصيبها،  حتى بات اسير غضبه، وخطى تلك الخطوة الفاصلة بينهما، ويداه عرفت طريقها، لينهال عليه باللكمات وهو يهتف قائلًا:-
  - كنت هتضيعها مرة تانية يا حيوان، ما كفاك اللي عملته فيها زمان يا قذر أنت، عشان تبعتها لمكان زي دا، عارف لولا  أن لحقتها بالصدفة كان حصلها أيه!، بس لا مش هسمحلك تدمرها مره تانيه، هتطلقها يا عمر فاهم، انا سبق وقولتك اني جاي ارجع اللي يخصني وهي كل اللي يخصني..

"حدث بالخطأ "سلسلة "حينما يتمرد القدر"  بقلم دينا العدويWhere stories live. Discover now