البارت الثاني عشر

Start from the beginning
                                    

اهتاج عمرو ما أن انصت لأخر كلماته، وقام بصد لكمته بل وبادله بأخرى وهو يجهر:-
- قول كده بقى!، ان مراتي حليت في عينيك وعايزها،  انسى يا رحيم باشا، سارة مراتي ملكي ومستحيل أطلقها..

رجمه بسيل كلماته والتي بدت كجمر احرقه، وتعاظم غضبه وتناثر كدخان يتبخر من كل انشا به وهو يصد تلك اللكمة التي عاجله بها، وقبض على ذراعه بعنف وأداره خلفه بقوة ألمته، وهو يزداد من ضغطه عليها مستنكرًا إعلان تملكه لها وجهر به قائلًا:-
  - مش ملكك ولا هتكون ملكك، سارة تخصني أنا، من حقي أنا، ومكانها معايا أنا وابنها مش مع حقير زيك،  هتطلقها غصب عنك وإلا قسمًا بربي البسك تهمه وارميك في السجن تقضي باقي عمرك فيه ومش هكون ندمان يا عمر..

ألقى كلماته وهو يشدد بقسوة عاصرًا ذراعه بين قبضة يده، وعيناه قد تشبعت بالغضب وارتسمت به، متجاهلًا محاولة عمر في التملص منه، كل هذا جعل الشاب الاسمر الملقي ارضًا يرتعد بوجل من هيئته تلك،  بينما رحيم كان غضبه قد تملكه، حتى تهشم عظمها بين قبضته،  ليأن عمر بألم لم يُهدئ من حنق رحيم وغضبه عليه،  بل انه جذبه بقسوة خلفه وألقى به في تلك الزنزانة المنفرجة وأغلق بابها عليه،

صدمة اعترت عمرو من فعلته تلك وصاح به ليتركه،  إلا ان رحيم فح من شفتيه وهو يتجه اتجاه الشاب الاسمر ويلقى به في الزنزانة المجاورة قائلًا:-
  - مش هتطلع من هنا إلا وأنت مطلقها وإلا وربي لهلبسك قضية...

جن عمر تمامًا من فعلة رحيم وما تفوه به،  واخذ يطرق على القضبان الحديدية مهددًا له، ويطالبه بأن يعتقه إلا إن رحيم تجاوزه ولم يهتم له وخرج،  فقد حان وقت استيقاظ سارة وعليه التواجد حينها حتى لا تهلع...

  ما ان خرج حتى أمر العساكر بالولوج وتحدث للضابط الاخر الاقل منه رتبه قائلًا:-
  - الو** اللي انا حبسته في الزنزانة دا  تسيبه فيها يا احمد وعاوز العساكر يروقوا..
  ثم صمت قليلًا وتابع:-
  - ولا اقولك سيبوا لي أنا
  - ثم صمتت قليلًا وتابع قائلًا
  أنا هروح دلوقت والصبح ننقل الاوس** من هنا ونعرضهم للنيابة...
  أماء له الضابط، معلنًا تقبله، فذاك الشاب لم يعجبه منذ أن رأه ويستحق، فيبدو ان هناك أمر جلّ بينهما  جبر ضابط مثل رحيم باقتراف فعلته تلك، بينما خرج رحيم من المركز واستقل سيارته عائدًا الى المنزل، عازمًا على بلوغه قبل افاقتها...
*****
تسلل عمران من غرفته بعدما اجبرته المرأة التي تعتني به على النوم حتى ترحل، متوجه ألي غرفة والده، راغبًا برؤية سارة  شاعرًا بالسعادة التي امتلكته ما أن اتضح له انها والدته، راغبًا بالتقرب منها واستشعار الدفيء بقربها الذي حرم منه منذ فراقه عن نرمين والدته وهو يشعر بالظمأ للحب والحنان والاحتواء، لذا وصل الى الغرفة وتسلل الى الفراش حاول رفع ذراعها قليلًا واندس بجسده الصغير في احضانها، تململت هي من نومتها وبدأت في استعادت وعيها، بينما هو كان يطالعها بنظرات أعين مترقبه وابتسامه ترتسم على محياه تعكس فرحته الغامرة، رفع انامله ومررها على وجنتيها وطبع قبله بها، قائلًا:-
  - مامي يلا أصحي عشان تلعبي معايا..
  بينما هي كانت بدنيا اخرى تلك اللمسات الصغيرة وتلك القبلة وهمسه بلقب ماما  انتشى لها قلبها ورفرف وكأنها بحلم جميل تاقت له، حتى بدأت الجفون بأطلاق سراح مقلتيها، بتشوش جالت حدقتيها بالأنحاء حتى اتضحت لها الرؤية، حينما وقعت عيناه على الصغير المبتسم، فانتفضت جالسه على الفراش تطالعه بعدم استيعاب، وبصرها يدور بالأنحاء بتشتت عن مغزى وجودها هنا، حتى اتسعت بسمة الصغير واردف بحماس قائلًا:-
  - اخيرًا صحيتي يا مامي، أنا فرحان اوي إنك وأخيرًا جيتي..
  انهى كلماته وقام بألقاء ذاته بأحضانها..
  بدت ضائعة حينها،  تطالع ما حولها بذهول وتيه،  أين هي!، وكيف جاءت ألي هنا، حتى انطلقت كلمات الصغير من فاهه تزامنًا مع ارتماءه بأحضانها والتي ضاعفت من حيرتها وتشتتها خاصةٍ مع تلك المشاعر التي داهمتها حينها، وكل هذا كان يشعرها بأنها غارقة بأحد احلامها مؤكدًا، لكن ذاك الدفيء الذي بدأت بالشعور به، وتلك النبضات التي تعالت من خفاقها تؤكد لها انها لا تحلم، اخذ عقلها ينبها بأخر ذكرياتها عند تلك الشيخة وآخر ما رأته كان وجهها، أنتابها الذعر فجأه وحاولت النهوض لكن الطفل يقيدها، لتعاود الانتباه له وتحدثت  اخيرًا بما يدور من صخب بدواخلها، في محاولة لإزالة طلاء الحيرة من فوق جدار روحها:-
  - عمران حبيبي أنا فين!، ومين جابني هنا!.

"حدث بالخطأ "سلسلة "حينما يتمرد القدر"  بقلم دينا العدويWhere stories live. Discover now